مقدمة:-
كان لطلاب مصر عبر التاريخ دورا مهما في حركة النضال الوطني الديموقراطي فمن نضال طلاب الأزهر الشريف ضد الحملة الفرنسية , وكفاحهم – الطلاب - المدني والمسلح ضد الإحتلال الإنحليزي , وانخراطهم في أحداث ثورة 1919 , وتشكيل اللجنة الوطنية للطلبة والعمال في 1946 ، والمشاركة الفعالة في حركة الكفاح المسلح في منطقة القناة ، وشارك الطلاب بعد الثورة في كافة التحركات الشعبية التي شهدتها مصر فمن انتفاضة 1968 و1972 مرورا بانتفاضة الخبز عام1977 وكافة التحركات المناهضة للتطبيع مع العدو الصهيوني ومقاومة تهج التسوية الغير عادلة للقضية الفلسطينية وشارك الطلاب في لجان دعم الإنتفاضة ولجان الدفاع عن الديموقراطية ولجان دعم صمود الشعب العراقي ضد الحصار الظالم وشارك طلاب مصر مع الملايين من كافة أنحاء العالم في تظاهرات تعلن رفضها للعولمة والإنفراد الأمريكي بالعالم وضرب العراق وغيرها من مظاهر العربدة الأمريكية
الجامعة الآن كيف ؟
تحولت الجامعة الآن من قلاع للتنوير إلي معاقل للظلام ومن منارات للتقدم إلي حجلات للتخلف وشـــواهد ذلك:- 1- إنهيار القيم وتدني العلاقات بين الأساتذة بعضهم البعض وبينهم وبين الطلاب وانتشرت المنافسة علي الدروس الخصوصية وتلقي الرشاوي والهدايا وبيع الكتب والمذكرات
2- تدهور مستوي الدراسات العليا وانتشار فضائح السرقات العلمية وسرقة رسائل الماجستير والدكتوراه
3- إتحادات طلابية ضعيفة وتابعة للإدارة ولاتعبر عن جموع الطلاب
4- تفشي الظواهر السلبية بين الطلاب من التطرف إلي الإدمان مرورا بالأشكال غير الصحية والصحيحة للعلاقة مع الجنس الآخر
5- صراعات دائمة داخل نوادي أعضاء هيئة التدريس تدور أغلبها حول المصايف وعمولات الإنشاءات وغيرها مما أضعف هذه النوادي
من يقود الجامعة الآن ؟
تلعب الأجهزه الأمنية دورا كبيرا في قيادة الجامعة الآن فتولي المناصب القيادية من رؤساء الأقسام إلى وكلاء الكليات وعمدائها ونواب رئيس الجامعة ورئيسها خاضعة تماما للتقلرير الأمنية ويظل الأمر بأيدي الأجهزة حتي بعد تولي المنصب فالإستمرار والتجديد يقتضيان رضاء هذه الأجهزة أيضا ولايقتصر الأمر على ذلك بل أن مجرد التعيين كمعيد في إحدى الكليات يتطلب موافقة أجهزة الأمن ولقد أدت هذه السيطرة الأمنية إلى تراجع القيمة العلمية والفكرية لمن يتقلدون هذه المناصب وأصبح شغلهم الشاغل هو النفاق والمداهنة وعدم الإختلاف الذى هو لازمة من لوازم العلم والفكر والتقدم , وامتدت سيطرة الأجهزة الأمنية إلى الأنشطة الطلابية فأفسدتها وأفرغتها من مضمونها وتدخلت في تشكيل الإتحادات الطلابية بدءا من الترشيح ومرورا بالتصعيد وانتهاءا بمراقبة أنشطة هذه الإتحادات المشوهة والملفقة .
وتأتي البيروقراطية في المرتبة الثانية من حيث الدور الذي تلعبه داخل الجامعة ويتربع علي رأس الجهاز البيروقراطي موظفون فاسدون مرتشون بأيديهم كافة المصالح الحيوية داخل الجامعة من التسجيل إلي شئون الطلاب والدراسات العليا ورعاية الشباب والمخازن وأعمال المناقصات والعطاءات والإسناد والمحاسبات والأعمال المالية والإدارية وتوزيع المكافئات والمعونات للطلاب والتسكين في المدن الجامعية للمغتربين والمشروعات الإنتاجية التابعة للجامعات من مزارع للإنتاج الزراعي أو الحيواني ومن مكاتب استشارية وغيرها وهذه البيروقراطية لم يعد يشغلها غير البقاء في مواقعها لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية وتشغيل أبنائها في ذات الجامعات حيث أعطت لنفسها الحق بأخذ ميزة غير دستورية ولكنها حولتها إلي عرف يقضي بأولوية تعيين أبناء العاملين يذات الجهة .
وتأتي التيارات السلفية في المرتبة الثالثة من حيث القوة والتأثير داخل الجامعة حيث استطاعت التغلل في صفوف الطلاب بالتواطئ مع الأجهزة الأمنية وتغلغلت داخل الجهاز الإداري كنتيجة لإنتشارها في المجتمع , وهناك العديد من الوقائع التي تقضح التواطئ بين طلاب التيار الإسلام السياسي وحرس الجامعة وخاصة في التحركات الطلابية المناهضة للممارسات الغير إنسانية التي ترتكبها سلطات الإحتلال الصهيوني في فلسطين العربية المحتلة وكذلك في التحركات الطلابية المناهضة للبربرية الأمريكية , حيث كان التنسيق بين القيادات الأمنية وقيادات الطلاب من الإخوان المسلمين على مستوي غير مسبوق فلم يكن يسمح بالتظاهرة إلا بعد أن تتأكد الأجهزة الأمنية من القيادة الفعلية للتظاهرة بأن المشاركين هم من التيار الإسلامي وأنهم ملتزمون بقمع غيرهم من الطلاب ومنع الطلاب من الخروج عن الشعارات المتفق عليها وكذلك المسارات المتفق عليها ، وبعد ذلك تبدأ التظاهرة في حراسة وكلاء الأجهزة الأمنية من المتأسلمين ويجلس الضباط يتناولون الشاي والكوكاكولا ويمتعون البصر بالفاتنات من الطالبات تاركين التظاهرة في أيد أمينة غير قلقين وغير متوجسين من حدوث مايعكر الصفو العام !!!!!
علي من تقع المسئولية ؟
تقع مسئولية مايحدث داخل الجامعة على عاتق سياسات الحكم القائمة علي الإستبداد ورفض التعددية , وتقع أيضا على عاتق كل القوي والأحزاب السياسية المصرية التي تسيطر عليها نزعة انتهازية في تعاملها مع الطلاب حيث ظل الطلاب دائما في نظر هذه الأحزاب والقوى مجرد وقود للحركة السياسية يبدأ دورهم مع اشتعال المعارك وينتهي فور انتهاء المعركة ولم يكن الطلاب أبدا جزء رئيسي من البنية التنظيمية الأساسية لهذه الأحزاب بل أن تاريخ العلاقة بين الحركة الطلابية والمؤسسات السياسية حافل بالمواقف الصدامية والنهايات الدرامية خاصة في منظمات اليسار المصري
من هم الطلاب ؟
الطلاب ليسوا طبقة اجتماعية من طبقات المجتمع لأن الموقع الطبقي يتحدد بالموقع من عملية الإنتاج والعلاقة بأدوات الإنتاج، والطلاب ليسوا من مالكي أدوات الإنتاج وليسوا من بائعي قوة عملهم مقابل أجر ، وبهذا المعنى فالطلاب لايشكلون طبقة ولاهم شريحة طبقية حيث تنقسم كل طبقة من طبقات المجتمع إلى عدة شرائح ، الطلبة هم مجرد قطاع إجتماعي يتمدد جغرافيا باتساع الوطن ويتمدد اجتماعيا مخترقا كل الطبقات ويتنوع باختلاف مناحي العلم وباختلاف المكان الجغرافي وباختلاف الأصول الطبقية التي ينحدر منها وهم أيضا قطاع إجتماعي ليس له صفة الدوام ولكنه مؤقت وانتقالي , وهم قطاع يشمل تجمع واسع وكبير من البشر الذين لهم من الصفات مايجمعهم ومن الظروف مايوحدهم رغم كل عوامل الإختلاف الأخري بينهم ، فالطلاب جميعهم :-
1- في عمر الشباب :- تبدأ مرحلة الشباب عند اكتمال النضج الجنسي أي بلوغ القدرة علي التناسل وتيقظ الحاجة الجنسية وتنتهي عند بلوغ الشاب مرحلة الرشد أي بنزوله معترك الحياة والتحاقه بمؤسسات المجتمع أي تحققه واستقلاله اقتصاديا واجتماعيا ، والشباب ليسوا جماعة متجانسة يتفق أعضاؤها في كل الصفات ولكن من الممكن تمييزهم كجماعة عن كل من جماعتي ( الأطفال و الراشدين ) فالشباب لاهم تحت المسئولية الكاملة للأسرة ومحيط علاقاتهم يتعدى حدود الأقارب وأفكارهم لم تعد محدودة وأصبح لديهم القدرة على التفكير المركب والممتد وهم أيضا لم يصبحوا مستقلين استقلالا كاملا ولم يصبحوا متكيفين أجتماعيا وثقافيا وليس لهم وظيفة أو مسئولية اجتماعية محددة ، ويجتمعون جميعا في أنهم يمرون بتحولات فسيولوجية تشمل وظائف الأعضاء والهرمونات ، وقدراتهم العقلية تقترب من الإكتمال مع ظهور القدرات والهوايات والميول الخاصة ، ويعانون من تقلب الحالة المزاجية فمن حزن وانقباض إلى فرح وابتهاج ، وهم جميعا مهمشون اجتماعيا حيث يرفضون استمرار انتمائهم لجماعة الأطفال في الوقت الذي ترفض فيه جماعة الراشدين منحهم جواز الإنتساب إليها, وهم جميعا تقدميون ومستقبليون بطبيعتهم فهم لم يعيشوا الماضى ولايربطهم به أي حنين والحاضر ليس من صنعهم وليسوا أصحاب القرار فيه ولايشاركون في إدارته فلماذا يتمسكون به أو يدافعون عنه ، أما المستقبل فهو لهم وبهم وهو قدرهم رضوا أم لم يرضوا وهو مجال خصب لأحلامهم وتصور لهم طاقتهم المتدفقة غير المجهدة أنهم قادرون على أن يصنعوا المستحيل في هذا المستقبل ، وهم جميعا في حالة صراع بين الحاجات والمشكلات needs & proplems فلديهم العديد من الحاجات التي تحتاج إلي إشباع ويواجهون مشكلات عدم القدرة علي إشباع هذه الحاجات وينتج عن ذلك احباط هذه الحاجات أو اشباعها بطرق غير مشروعة اجتماعيا مما يؤثر سلبيا على البنية النفسية للشاب
2- يسعون جميعا للتقدم والمعرفة
3- يميلون نحو الرومانسية والقيم العليا
4- جميعهم في مرحلة اكتشاف الذات وتنمية المواهب
5- جميعهم لديهم حرية أكبر في الإختيار
6- لديهم حماس للفكرة وحيوية في الحركة
7- ليس لديهم مسئولية اجتماعية
8- لم يدركهم التكيف مع الواقع ويميلون للتمرد عليه
9- يميلون للتحرك بشكل جماعي أي يميلون للجماعة ( الفريق – الشلة - الأسرة الطلابية) .
10- جميعهم لديهم وقت فراغ
11- يميلون للتقليد فتظهر بينهم موجات متتالية ترتبط بما يعتقدون أنه غريب أو فريد ( المظهر – الملبس – قصات الشعر – طريقة الكلام – السماع لأغاني معينة أو موسيقي معينة – اتباع أفكار تتسم بالغرابة سلفية كانت أو شيطانية )
12- يطمحون في الرقي الإجتماعي من واقع طبقي إلى واقع طبقي أكثر تقدما ومن شريحة طبقية إلى أخرى أكثر رقيا .
إن هذه السمات المشتركة تقتضي منا ضرورة الوعي بها ونحن بصدد الحديث عن عمل لابد من القيام به في الأوساط الطلابية من أجل استعادة الحركة الطلابية إلى معسكر القوي الوطنية والديموقراطية المدعوة لإقامة التحالف الوطني الديموقراطي الذي هو أمل مصر والبديل المرتجى للخروج من المأزق الراهن ( مأزق الوقوع بين مطرقة الحكم القائم وسندان الإخوان المسلمين ) ذلك المأزق الذي تحاول كل الدوائر المعادية للتقدم طرحه باعتبار أن لابديل آخر وأن على المصريين أن يختاروا بين هذا وذاك .
د/ أحمد نصـــــــــــــار