|
دولة عندها مخابرات أم مخابرات عندها دولة؟!
سالم جبران
الحوار المتمدن-العدد: 1876 - 2007 / 4 / 5 - 11:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت جريدة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية واسعة الانتشار بتاريخ 21/3/2007 تقريراً نادراً ما نُشِر شبيه له في الإعلام الإسرائيلي. التقرير يتحدث أن سفراء أجانب كثيرين اشتكوا واحتجوا رسمياً على التفتيش المهين والمذل أحياناً، الذي يتعرض له مواطنون من الدول الأجنبية يزورون إسرائيل. من هؤلاء تانيا هيرش، وهي ألمانية، طالبة في كلية الطب عمرها 24 سنة. جاءت إلى إسرائيل للدراسة والتطبيق خلال أربعة أشهر في قسم المجاري البولية في مستشفى بيلنسون في تل أبيب."لن أنسى مدى حياتي الاهانة التي مررت بها في مطار اللد" تقول. لم يكتفوا بفتح حقائبها مع أن مرور الحقائب في الجهاز يكشف أية أمور مشبوهة. ولكنها أُمرت أن تخلع ملابسها والمحققات أدخلن أيديهن تحت الصدرية وتحت الملابس الداخلية كما طلبوا منها أن تنحني إلى الأمام للفحص إذا لم تخبيء شيئاً في ملابسها الداخلية من الوراء . وتقول هذه الطالبة الألمانية، الأوروبية: "وبعد كل هذا لم يجدوا كلمة اعتذار واحدة يقولونها". وتقول الصحيفة إن شكوى تانيا هيرش هي واحدة من شكاوى عديدة قدمها العديد من السفراء الأجانب في إسرائيل إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية. هناك أيضاً شكوى من مدرب جاء مع مجموعة من الطلاب إلى إسرائيل وعوملوا جميعاً، بشكل مهين جداً. وقال أحد السفراء بغضب إن مواطني بلادهم يقولون: التفتيش الأمني الحقيقي مطلوب في كل العالم، ولكن الإهانة المهينة والمعاملة الفظة غير مقبولة ولا صلة بينها وبين اليقظة الأمنية! وتقول وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها تلقت شكاوى من سفارات الولايات المتحدة، إسبانيا، بريطانيا، وتشيلي، عن معاملات غير لائقة مع أكثر من مواطن وأكثر من عشرة من مواطني هذه الدول. وقال أحد السفراء إن شعور مواطنيه عندما يقدمون إلى إسرائيل أن الفاحصين في المطار يتعاملون معهم كما لو كانوا "إرهابيين خطيرين" أو كذابين. وقال السفراء إن التفتيش الأمني مقبول في كل مكان "ولكن مواطنينا لا يقبلون إطلاقاً المعاملة المهينة". وقالوا إن الفاحصين يتعاملون مع المسافرين بلا احترام وبفظاظة. يبدو أن هذا السيل من الشكاوى جعل وزارة الخارجية أيضاً تضج وتنتقد. وقال مسؤولون في وزارة الخارجية إن وزير الداخلية ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشباك) يجب أن يتدخلا فوراً لتفسير التعامل الذي يسيء إساءة حادة لسمعة إسرائيل في الخارج. وقال أحد المسؤولين في وزارة الخارجية (لم تذكر الصحيفة اسمه): مع كل الاحترام، نحن دولة عندها مخابرات ولسنا مخابرات عندها دولة!!" . بطبيعة الحال تدافع الجهات الأمنية عن نفسها وعن أسلوبها في التعامل وتقول إن تسعة ملايين يدخلون إسرائيل من مطار بن غوريون (في اللد) وهناك فقط عدة مئات من الشكاوى "فقط"، سنوياً. بالمقابل تقول جهات كثيرة إن كل مطارات العالم تقوم بالتفتيش "الأمني"، ولكن أغلب هذا التفتيش هو بواسطة أجهزة الكترونية، وفقط إذا زمرت الأجهزة الالكترونية، تؤخر الحقائب للفحص الإضافي. نريد أن نقول هنا، إن المشكلة، ليست فقط مع المواطنين الأجانب في المطار الإسرائيلي، بل هي مشكلة حادة أكثر ومهينة أكثر في التعامل مع العرب الفلسطينيين المواطنين في دولة إسرائيل. وقبل شهرين دخلت المطار عضوة الكنيست نادية حلو ومعها زوجها وبناتها، ولم تقل إنها عضوة في البرلمان الإسرائيلي فمرت في جحيم من التفتيش والإهانة قبل أن تصل إلى الطائرة، وأثارت القضية لدى وزير الداخلية. كل مواطن عربي أو مواطنة عربية مشبوهان اوتوماتيكياً، فعندما يقرأ المحقق في جواز السفر الاسم ذا الرنين العربي، ويقرأ مكان السكن، يبدأ التحقيق والتفتيش الاستفزازي المختلف عن تفتيش بقية المسافرين. وعادة يُحشر العرب في زاوية خاصة، "أمنية للغاية" ومع فحص الحقائب والملابس، هناك عادة "أسئلة كثيرة منها استفزازية وسخيفة معاً مثل السؤال: لماذا أنت مسافر؟ وهل الرحلة ضرورية؟ ولماذا اخترت اليونان بالذات أو مصر بالذات؟ وهل بعث أحد معك مادة ما لشخص ثالث؟! إن العربي في إسرائيل، حتى لو كان عضواً في الحزب الحاكم، وحتى لو كان عميلاً للشرطة، فإنه في المطار "عربي" يجب تنشيف دمه في التحقيق والتفتيش. أما الفلسطينيون القادمون من مناطق السلطة الوطنية من الضفة الغربية للسفر من مطار بن غوريون فيعانون أضعاف ما يعانيه العرب الفلسطينيون المواطنون داخل إسرائيل. والمواطنون الفلسطينيون يسمون مطار اللد عادة "المسلخ" و"الزنزانة" و"جهنم". وكثيرون يكرهون السفر إلى الخارج، فقط للتخلص من الكابوس في المطار. لقد أثيرت هذه المسألة مراراً برلمانياً وشعبياً، ومؤخراً التقت مجموعة مثقفين عرب مع مدير المطار( وهو جنرال سابق). بحث الموضوع، وقيل كلام كثير من المشاركين حول "المعاناة" وحاول المدير أن "يدافع" كما وعد بالفحص الجدي لتحسين الوضع وتسهيل المعاملات. ولكن كل الدلائل تقول إن المعاملة لم تتغير تغييراً جذرياً، والعربي الفلسطيني متهم ما لم يثبت العكس، وليس مواطناً ككل مواطن له الحق أن يسافر إلى الخارج، مثل كل مواطن بلا إهانة وبلا استفزاز وبلا حرق أعصاب. على ما يبدو ، أن هناك فعلاً مخابرات عندها دولة لا دولة فيها مخابرات، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالعربي الفلسطيني، وحتى لو كان موطناً في الدولة العبرية.
#سالم_جبران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام العربي المهتريء والفاسد لن يسقط من تلقاء نفس
-
طلاب كلية الطب
-
أية دولة يريد شعبنا الفلسطيني
-
-وادي الصليب-في حيفا-الحاضر.. والغائب الحاضر
-
قضية المرأة قضية المجتمع كله
-
طاعون الفساد والرشوات يأكل جسد النظام الإسرائيلي!
-
نوال السعداوي-مناضلة
-
المواطنون العرب داخل إسرائيل
-
- -دولة ضحايا النازية- تُمجِّد- اليهودي النازي- مئير كهاناّ
-
نتنياهو وبراك- قديمان.. جديدان؟
-
روسيا تقود المجهود العالمي لإسقاط نظام القطب الواحد الأمريكي
-
أسئلة صريحة للغاية موجهة للسيد حسن نصرالله
-
بدل أن تضحكوا على فضائح إسرائيل –إبكوا على حالة الشعوب العرب
...
-
الآخرون يندفعون إلى التقدم ونحن نندفع إلى الانتحار!
-
مؤرخ يهودي يكتب عن:التطهير العِرقي في فلسطين
-
ممارسة الإرهاب
-
مؤشرات التطور الاقتصادي والاجتماعي في إسرائيل
-
من أين لك أربعة مليارات دولار، يا سماحة الشيخ؟!
-
كيف يفكر الفلسطينيون داخل إسرائيل
-
فيلم وثائقي إسرائيلي..أثار عاصفة -يوسف نحماني..وسقوط طبريا!:
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|