أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - حماس ما بين التكتيك والاستراتيج















المزيد.....

حماس ما بين التكتيك والاستراتيج


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1876 - 2007 / 4 / 5 - 09:09
المحور: القضية الفلسطينية
    


الناظر للأمور بعمومية ودون تدقيق وتعمق بطبيعة المرحلة الراهنة ومقتضياتها في الساحة الفلسطينية وعموم المنطقة ، ربما يتبادر إلى ذهنه: إلى أن حركة المقاومة الإسلامية حماس تمر في مأزق غير طبيعي،لاتحسد عليه على الإطلاق. هكذا هي الصورة الظاهرة للمعاين لها في سياق النظر الطبيعي المجرد من كل تفحص واسبار علميين يراعى فيهما الموضوعية والملابسات ،وطبيعة الحالة والمرحلة .

على أية حال ، منذ دخولها وفوزها في الانتخابات المنصرمة في بداية العام الماضي ، لا أظن أن حركة حماس كانت تجهل أو لم تتضح لها صورة المعطيات والظروف الموجودة على الساحة المحلية أو الإقليمية أو الدولية ، بل إنني لا أظن أنها كانت تظن في دخائل نفوس قيادتها بأنها لن تحقق ذلك الفوز الكاسح في تلك الانتخابات ، بل هي كانت تدرك ذلك في سياق المعطى الأخلاقي والسياسي الذي اتصف به الطرف الآخر الرئيس في المعادلة الفلسطينية الداخلية ، لكنها كانت تقول غير ذلك تصريحا من باب التكتيك الذي يتطلبه الظرف الذي تدرك وتعرف حماس كنهه وطبيعته في هذه المرحلة ، ومن باب إشراك الجميع في تحمل مسؤولية الهم الوطني العام ، وهو ما حرصت عليه في كل الأحوال، لان الهم والعبء جدا جسيم .

وضعت حركة حماس منذ دخولها العملية السياسية إستراتيجية ثابتة تقوم على الصراع الفكري ما بين مشروع المقاومة الذي تتبناه كخيار استراتيجي ومشروع التفاوض بمعناه السياسي والدبلوماسي المجرد، والذي يصفه عرابوه بالخيار التاريخي والاستراتيجي ، وحماس من خلال هذه الإستراتيجية الثابتة مرحليا تريد أن تثبت للشعب الفلسطيني وعلى الأرض مدى عدم فائدة ومردود هذا الخيار على الشعب الفلسطيني،من خلال الوصول إلى استنفاد هذا الخيار على ارض الواقع بأقصى حدوده ومراحله ، رغم أن الحقيقة والتجارب السابقة أثبتت فشل هذا الخيار كإستراتيجية بالاستناد إلى فهم طبيعة الصراع القائم مع الكيان الصهيوني ، والذي لايمكن من الناحية العلمية الموضوعية أن يسمح للفلسطينيين بإقامة دولتهم وعودة لاجئيهم في سياق الحد الأدنى من حقوقهم الأصيلة والمشروعة، وتدرك هذا الشريحة الكبيرة التي تمثلها حماس وغيرها وخاصة حركة الجهاد الإسلامي ، لكن حماس في الوقت ذاته تدرك أن هناك شريحة أيضا لا باس بها لازالت مشدودة إلى خيار الفريق الاوسلوي المتمثل بالسلام والحلول المرحلية على أمل الوصول إلى الدولة وبعضا من الحقوق ، من اجل ذلك دخلت حماس اللعبة الديمقراطية ،لان الضرورة باتت تفرض نفسها في ذلك الحين ، بين ما سبق وبين أن هناك فريق يقول بأنه يمثل الشريحة الأغلب في الشعب الفلسطيني ويريد بالتالي أن يطبق خياره التفاوضي الذي هو يقتنع أصلا بان أقصى ما يحققه فقط ما ترغب به إسرائيل وأمريكا ، وان كانت هناك زيادة عليه فهي وهمية وبلا شك ، قد كان فريق أوسلو ولا يزال لديه الاستعداد بدولة بالشروط الأمريكية والإسرائيلية ومع شطب لحق العودة ، وإلا فلماذا لم يبرحوا الحديث يوما عن خارطة الطريق وعن رؤية بوش ، وان كانت قد خفت وتيرة الحديث عنها بمناسبة تذكر المبادرة العربية وإعادة تبنيها بطريقة تؤدي إلى الشك ، لكونها تتزامن مع الترحيب الأمريكي والإسرائيلي بها جزئيا ، بعد أن كانت غير مقبولة لذكر القرار 194 في احد بنودها والمتعلق بحق العودة.

ولذلك ، كان لابد من التدخل من حركة بحجم حماس لتصحيح بل التخلص من الخطايا والأخطاء الكبيرة التي فرضت على الشعب الفلسطيني وحولته من شعب يعيش تحت الاحتلال وقد سلبت حقوقه وبالتالي هو غير متكافئ مع الجهة التي تحتل أرضه وتغتصب حقوقه إلى شعب وكأن له كيان سياسي وربما دولة مكافئة ومساوية لإسرائيل ، وبالتالي عليه من الالتزامات ما عليه وعلى رأسها محاربة المقاومة التي أصبح المجتمع الدولي يسميها إرهابا ، بمعنى قلبت الحقائق المتعلقة بالشعب الفلسطيني رأسا على عقب بفعل ونتيجة تلكم الخطايا والأخطاء التي جاء بها أصحاب خيار التفاوض ، هذا التدخل من حماس كان لابد له من ثمن تكتيكي تدفعه حماس نفسها من شعبيتها ومن بعض مواقفها في سياق المتغير لا الفكر والايدولوجيا الثابتة المتعلقة بالثوابت والحقوق التي تؤسس لها وترسخ مرجعية حماس الدينية والقائمة على الإسلام كعقيدة ومنهج . إذ لابد حين يقوم المرء بجهد التنظيف التقليدي لمكان ما أن يشعر بالتعب في مرحلة العمل وما بعده بقليل ، لكن على المستوى الأبعد والمطلوب يتحقق الغرض المراد ، وبتحققه تثبت مصداقية العامل وبالتالي تزداد شعبيته .

وحماس الآن، وفي خضم التحديات التي واجهتها وصمدت أمامها ، واستطاعت التغلب عليها بجهودها على المستوى الفلسطيني وبالتقاء جهود أخرى مقاومة وممانعة على المستوى الإقليمي ، هي ربما تدفع ثمنا تكتيكيا كما يدفع الآخرون من أمريكا وإسرائيل وغيرهما أثمانا تكتيكية بانتظار التعويل على الهدف الاستراتيجي المرتبط بتحولات وتغيرات على المستوى الإقليمي والدولي ليس ابتداء من حزب الله ولا انتهاء أيضا بإيران ، أنا لا استغرب جدا على سبيل المثال إذا ما خسرت حماس أو تراجعت في الانتخابات التي سيجري عقدها في جامعة بيرزيت ، وكذلك ما حصل معها في النجاح وفي الأمريكية من تراجع ، فالأمر طبيعي في سياق التحول والتغيير المرهق جدا لحماس ، والذي يعني حملا وعبئا كبيرا من تراكمات الخطايا والأخطاء الكبيرة التي جلبت إلى الساحة الفلسطينية سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا .

الكل في هذه المرحلة يتكتك على المستوى الإقليمي في المنطقة ، فمحور المقاومة والممانعة له تكتيكه الذي يستطيع قراءته أي متابع أو مراقب ، وكذلك الحال بالنسبة لأمريكا وإسرائيل وحلفائها وعملائها من العرب الاعتداليين ، فمثلا لايستطيع عاقل أن يفهم أن التحرك العربي الأخير بقيادة السعودية وما تمخض عنه من اتفاق مكة وما بدر منهم من تمسك بمبادرة هي دون مستوى الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية ، على انه تحرك نظيف وأخلاقي من اجل الشعب الذي ساهموا في تجويعه وحصاره ، ولا على انه نوع من الخروج على الإرادة الأمريكية والإسرائيلية ، فللخروج عن طاعة الأسياد منافذ وأبواب يعرفها كثيرون ، ولكن هذا التحرك من باب التكتيك الذي تعمل عليه الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني ، للوصول إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في تحقيق مواجهة إيران ومن معها من قوى ممانعة إذا لزم الأمر ، ليكون في خضم تلك المواجهة نوع من رصيد مصطنع للأنظمة التي سيكون انطلاق الهجوم منها مبررا أمام شعوبها المضطهدة والمكبوتة ، كل ذلك خشية الانفجار ، وبالإضافة إلى ذلك فالتعثر الذي تلاقيه أمريكا وإسرائيل واسوداد الوجه الذي توصم به الأنظمة أمام شعوبها ، تطلب مزيدا من التخدير والتسكين لمشاعر الشعوب العربية وأحاسيسها.

ومع شعور حماس بان المتغير الإقليمي قادم في حالة المواجهة مع إيران وربما مع قوى المقاومة والممانعة مجتمعة بفعل حالة الترابط والاستراتيجيا التي تجمعهم ، إلا أنها مع ذلك أرادت أن تجعل الآخرين يستنفدون ما في جعبتهم من أوهام حول خيار التفاوض والسلام، وكذلك لكشف أوهام وتعلق البعض الكثير بهكذا خيار ، ذلك كله حينما أعطت لفريق أوسلو الفرصة و الصلاحية بالتفاوض بالاستناد إلى مرجعية الحد الأدنى المتعلق بالدولة الكاملة السيادة وضمان حق العودة ، وتدرك حماس الفشل المسبق لهكذا خيار ، ليكون على المدى الاستراتيجي الالتفاف حول خيار المقاومة وأهلها .

ما هو مرشح للحدوث مستقبلا من الحرب على إيران قد لايترك مجالا لاستنفاد خرافة التفاوض والسلام ، ففي حينها سينكشف كل شي من خيانة الأنظمة "الاعتدالية" بتعاونها بل ربما بمشاركتها ضد إيران وقوى المقاومة والممانعة في المنطقة ، وسيكون الوقع شديدا على المعتدين والمتآمرين حين يتفاجئون بالرد الإيراني وتحالفاته في المنطقة الذي سينتهي إلى تحقيق نصر استراتيجي ، ربما هو بداية النهاية لغروب شمس أمريكا في المنطقة وأفول نجم الكيان الصهيوني الذي كان يتغذى على مؤامرات الأنظمة الإقطاعية في منطقتنا العربية ، ومع هذا وذاك سيكون التحرك الشعبي والجماهيري ضد تلك الأنظمة التي سيكشف زيفها وادعاءاتها الباطلة، حينما ترى في قوى الممانعة والمقاومة القدرة الحقيقية على التحدي والمواجهة وتحقيق الحقوق التي سلبت بالقوة والغصب والإكراه ،أظن أن حماس في إستراتيجيتها تعرف مع من تقف وأين ومتى تقف ، ولن تنطلي عليها هكذا مؤامرة ،ولن تقبل بالركوب في سفينة الأعداء ، لتكون الأداة كما غيرها من أدوات الجهل والخيانة .

1- 4 -2007



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يشجع من على السلام؟؟
- المهم جدا .....موقف سياسي فلسطيني موحد!
- وإذ اشفق عليك ياطيرمن لباس السوء!!
- الهامش المرسوم للتحرك الرسمي العربي
- المطلوبون اذ يتحصنون بجهاز الاستخبارات في رام الله!!!
- حق العودة واستحالة شطبه
- تموت امريكا واسرائيل فزعا من حق العودة!!
- وإذ- يقرفونك- بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان!!
- لماذا كل هذه الهرولة باتجاه اي تفاوض؟؟
- حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!
- الفرق بين الالتزام والاحترام في خطاب التكليف الرئاسي؟؟
- تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
- ما أخشاه من لقاء مكة!!
- هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
- المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
- اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
- الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
- جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
- المناورة الاخيرة
- فيم الاختلاف مع حماس؟


المزيد.....




- بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن ...
- مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية ...
- انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
- أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ ...
- الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو ...
- -يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2 ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
- عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم ...
- فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ ...
- لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عماد صلاح الدين - حماس ما بين التكتيك والاستراتيج