أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - مناحة من أجل حكامنا














المزيد.....

مناحة من أجل حكامنا


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1875 - 2007 / 4 / 4 - 11:27
المحور: كتابات ساخرة
    


الإلهامُ حليفي دوماً . ربما لهذا السبب ، دعاني الأصدقاءُ " أبا ملهم " . جُعلتُ فداءهم وفداءكم ، فأنا أقدّس الصداقة والأخوة والجامعة العربية . لو كنتم ، مثلي ، تحيون في الغربة ، لعلمتم معنى الوطن .... إنه يعني ، في واقع الحال ، هكذا . نعم وبكل صدق ! مضى عمر كامل في هذه البلاد الغريبة ، اللعينة ، وكأنه يوم واحد لا غير . كأنني وصلتُ إلى المطار البارحة ، وبيدي جواز سفر مزوّر . قالوا لي ، إجلس وإنتظر المترجم ، بليز . فجلستُ وإنتظرت . شّرف أخونا ، أخيراً . كان كردياً سورياً ، كما عرّفني بنفسه . " يا حبيبي ! هل سيكلمني بلغة كاني ماني ، أيضاً !؟ " ، فكرتُ بقلق . ولكن الرجل ، للحقيقة ، طلع شهماً . كان المحقق يسألني ، عن سبب إختياري للسويد كمكان إلتجاء . فأجيبه : إنه إلهام ! لم يفهم ، للوهلة الأولى ، ما أعنيه . وقامَ المترجمُ يشرح له الكلمة ، إنما ليسَ بدون عناء . يسألني المحقق بعد ذلك ، لماذا قدمت بجواز سفر يوناني . فأقول له : إلهام ! كل أجوبتي ، كانت تكرر المفردة نفسها : إلهام .. إلهام يا ناس ! كان الوقت يمضي على هذا المنوال ، ساعة بساعة . فجأة ، غادر المحقق الحجرة لبرهة ، ثمّ ما عتم أن عاد وبيده أوراق سلمها لي : " إنها بالعربية ، وفيها حقوقك كلاجيء سياسي " ، قال أخيراً ، وهوَ ينفخ متضجراً . إلتفتُ بدوري إلى المترجم ، فشكرته على المساعدة . قال لي الرجل : " بل أشكرْ الإلهام ، لأنه هوَ من ساعدكَ ! " .

أنا في الغربة ، إذاً . ولكنني لستُ بعيداً عن هموم الأمّة ، شاركت بوجداني وضميري في معاركها كافة . غيابياً ، يعني . إنما مع وصول أطباق الفضائيات إلينا هنا ، لماذا لا تقول أنكَ في قلب المعركة ! يا أخي ، كل شيء تغيّر منذ تلك اللحظة . حتى مناسبة الموت ، صار لها طعم آخر . فيما مضى كنا نذمّ الحكام العرب ، جميعاً ؛ فنصرخ بشماتة ما أن نسمع بموت هذا الملك : رجعي ! .. أو بإغتيال ذاك الرئيس : خائن ! إنما مع دخولنا عالم الفضائيات ، أضحينا أكثر رقة وموجدة وعطفا ، على أولي الأمر منا . لن أعيد فتح الجراح . لكنكم تدرون أنه منذ نهاية التسعينات ، فقد أخذ عدد حكامنا بالتناقص بصورة مريعة . ذلك الملك ، مثلاً ، وكنتُ قبلاً أمقته بشدة ، كونه فعل ما فعله بأمتنا العربية . فما أن مرضَ وأعلنوا أنّ كازه خلص ، حتى وجدتني أصلُ الليلَ بالنهار متابعاً أخباره أرقا قلقا ، وأنا أدعو له : " نجّه يا ربّ ، خذ عمري وخلصه .. يا رب ! " . حتى بعد مضي شهر كامل على وفاته ، كانت قدمايَ على أرض الدرب ما فتئتا تسيران بمشية عسكرية ، وأذناي تطنان بأنغام موسيقى جنازته الملكية ، المهيبة . ما أن كفكفنا دموعنا وكدنا ننسى مصابنا ، وإذا بملك آخر يترحّم في الطرف الثاني للوطن العربيّ ، ولم يكن أقل رجعية وو . رثيناه هوَ أيضاً بعبارات من نار ، وندبناه بعبرات من دم . ثمّ شاءَ الرحمن أن يأخذ بيد رئيسنا القائد ، المحبوب ، وكان في قمة عطائه وأمجاده . كيف لا ، وهوَ بطل التشرينيْن . وكان في نيته ، كما علمتُ ، أن يغيّر إسمَ كانون الأول إلى تشرين الثالث . لكنه مات قبل أن يحقق أمنيته ، وكسر قلوبنا . بكيته كأبٍ لي ، والله . مهما يفعل الأبُ القائد بكَ ، بأمكَ .. يبقى أباً . أليسَ كذلك ؟

جنازة رسمية بإثر أختها ، ودمعٌ لا يكفكف يا أخي . لماذا لا تقول ، أنّ في الأمر ما يريب . ولقد تناهى إلى علمي ، أنّ شعبنا العربي أضحى كحفار القبور ، الذي يحمل بيده مسبحة مردداً ليلاً نهاراً : " اللهم إرزقني ميتاً ! " . الكل يريد أن يبكي ويندب ويشق ملابسه ، حزناً على قائده المفدى . وفي بلد عربيّ ، مغاربيّ ، إستجاب المولى لدعاء شعبها . ولكن الرئيس السابق ، الموغل بالكهولة ، هوَ من قبضتْ روحه . إستاءَ الناسُ هناك ، بطبيعة الحال . كانوا ينتظرون خبراً عن رئيسهم الحالي ، ليفرحوا به .. أعني ، ليحزنوا له ! ولكنهم لم يعبأوا للأمر . فخرجوا جميعاً للشوارع نائحين نادبين ، كيلا يشمت بهم العربُ الآخرون . مع الغزو الأمريكي الغاشم للعراق ، تنفسنا جميعاً الصعداء . مصيبة وتهون ، ولكن مناحتنا لا يبدو أنها ستتوقف بعد ذلك ، أبداً . كل يوم عرسٌ لهذا الشهيد وذاك . إبنا حارس بوابتنا الشرقية ، سقطا اولاً شهيدين . خيم عزاء وقهوة مرة وبقلاوة وتمر ، حتى في أوروبة . ثمّ أسروا بطلنا نفسه ، في تلك الحفرة المجيدة ، وسحبوه إلى المحكمة صحبة أخوه ورفاقه . يا سلام على المشنقة ، التي ترفع الرأس فعلاً : إعدامات متتالية ومناحات متجددة ! صدقوني ، حرمَ عليّ النوم من كثرة متابعتي للأخبار . تضاعفَ عددُ المعلقين والمعقبين على المعلقين إلى عشرة أمثاله ، والكل يصرخ معاً في الفضائيات والأرضيات . ما أن دبّ الفتور في وجبات الإعدام تلك ، وكاد الناس أن ينشغلوا بأشغالهم وتعتيرهم ، إلا ويظهر علينا خبيرٌ مصريّ بشؤون النصب .. أعني ، النصر ! يا الله ، إنه يؤكد في كتابه " الزعيمُ حَيْ " ، أنّ بطلنا ما زال على قيد الحياة وأن شبيهه هوَ من سُحب ذليلاً مهاناً من تلك الحفرة ، الحقيرة ! لم أتمالك نفسي ، حينما بثوا الخبر في التلفزيون ، أن أجهشت بالبكاء هاتفا بفرح غامر : " يا ربّ ، أنصره على أعدائه .. يا رب ! " . لا أخفيكم سراً ، أنّ فرحتي كان سببها ما سيتجدد لنا من مناحة ، فيما لو عاد الأمريكان وأسروا بطلنا ، حقيقة هذه المرة ، ليحاكموه ويعدموه ويطوّبوه لنا شهيداً في صباح اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك ! بهذه الحالة ، سنشغل وقتنا كله بالأخبار والمعلقين والمعقبين وو..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حليم والسينما
- كنتُ رئيساً للكتاب العرب
- السينما المصريّة وصناعة الأوهام
- شاعر الملايين : ثلاثة مرشحين للجائزة
- كمال جنبلاط والتراجيديا الكردية
- من معالم السينما المصرية : نهر الحب
- نائبان ومجزرتان
- نائبان وجزرتان
- ثلاثة أيام بصحبة الحسناوي
- العائشتان : شاعرتان صوفيّتان بين دمشق والقاهرة 2 / 2
- حكايتي مع الحجاب
- صورة وبقرة وقمر
- كلمتان أمامَ ضريح الحريري
- أمّ كلثوم ، مُطهَّرة أمْ مَحظيّة ؟
- العائشتان : شاعرتان صوفيّتان بين دمشق والقاهرة 1 / 2
- دايلُ القاريء إلى القتلة / 1
- دليلُ القاريء إلى القتلة / 1
- الكوكبُ والشّهاب : أمّ كلثوم في حكايَة كرديّة
- النغمُ والمشهَد : زمنُ السينما الرومانسيّة
- تاريخٌ تركيّ ، بلا عِبْرة


المزيد.....




- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - دلور ميقري - مناحة من أجل حكامنا