|
ملاحظات شاهد عيان للاستفتاء الحزين
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1877 - 2007 / 4 / 6 - 11:42
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
بعد حسابات معقدة، ومشاورات مع الأصدقاء والزملاء وأهل البيت، حزمت أمرى وقررت التوجه إلى "موطنى الانتخابى" بمصر الجديدة للمشاركة فى الاستفتاء على تعديل 34 مادة من الدستور يوم الاثنين الماضى. فقد استقر رأيى على أن "المشاركة" والتصويت بـ "لا" على التعديلات المقترحة أفضل من المقاطعة رغم أن المقاطعة ليست مجرد موقف سلبى كما يتردد. لكن المقاطعة – فى رأيى – لها شروط لكى تكون فعالة ومؤثرة. وهذه الشروط ليست متوافرة حالياً على النحو الذى سنتناوله فى مقال لاحق. المهم .. أنى وجدت "موطنى الانتخابى" – الذى هو مدرسة حكومية – هادئاً وشبه خالٍ اللهم إلا من عدد لا بأس به من الشباب والشابات الذين يرتدون أوشحة خضراء مكتوباً عليها إسم الحزب الوطنى الديموقراطى. وهؤلاء يقومون باستقبال الناخبين الذين هم كاتب هذه السطور وعدد لا يزيد على أصابع اليد الواحدة – وقت تواجدى بالمقر الانتخابى – كما يقومون بالبحث عن أسمائهم فى القوائم المطبوعة وإرشادهم إلى اللجان التى يتبعونها. وفى اللجنة التى يسودها هدوء أقرب إلى الصمت كان هناك ثلاثة أشخاص يقومون بالإجراءات المعروفة : البحث عن الاسم فى القوائم ، والتحقق من مطابقة الاسم لبيانات البطاقة الشخصية والبطاقة الانتخابية، وتسليم بطاقة الاستفتاء والاشراف على وضعها فى الصندوق بعد تعامل الناخب معها، ثم غمس إصبع الناخب فى الحبر الفسفورى. لم يكن الصندوق زجاجياً، وعندما سألت الأشخاص الثلاثة عن وظائفهم قالوا إنهم موظفون بأحد أحياء شرق القاهرة. سألتهم عما إذ كان هناك اى قضاة فى هذا المقر الانتخابى فأجابوا بالنفى. سألتهم كذلك عن أسلوب الفرز والجهة التى ستقوم به .. قالوا إنهم لا يعرفون أى شئ عن ذلك. سألتهم إذا كانوا سيتقاضون مكافأة عن إشرافهم على الاستفتاء .. قالوا إنهم يتوقعون ذلك .. لكن لا يعرفون المبلغ الذى سيحصلون عليه أو الجهة التى ستمنحه لهم. لكن التهذيب الشديد لموظفى وزارة الحكم المحلى لا يكفى لتبديد التساؤلات عن سر اختفاء الاشراف القضائى حتى لو لم يكن وجوبياً فى الاستفتاء حسب رأى البعض .. لكن يبدو أن الحكومة تصرفت فى استفتاء يوم الاثنين بحكمة ما سيكون بعد إقرار تعديل المادة 88 التى أحالت الإشراف القضائى إلى التقاعد . أى أنه تطبيق "استباقى" للتعديل الدستورى، فى إحدى غرائب الاختراعات المصرية !! الملحوظة الأخرى هى أنى لم ألاحظ اى أثر لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدنى لمراقبة عملية الاستفتاء، فلم يكن لها وجود فى المقر الانتخابى وقت وجودى به، كما أن ناشطى الحزب الوطنى قالوا لى إنهم لم يصادفوا أياً من ممثلى هذه المنظمات، او من ممثلى أحزاب المعارضة المحظورة أو غير المحظورة. وأثناء انتقالى من المقر الانتخابى فى مصر الجديدة إلى مقر الجريدة فى الدقى لاحظت سيولة حركة المرور وقلة عدد المارة والسيارات بالشوارع الرئيسية. كما لاحظت لافتات الجهات المؤيدة للمشاركة فى الاستفتاء. لكن العجيب فى اللافتات التى تم تعليقها على مدخل جامعة عين شمس تأكيدها أن المشاركة فى الاستفتاء "واجب وطنى وواجب دينى"، رغم أن الرئيس حسنى مبارك حذر قبل 24 ساعة فقط من خطورة خلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين، قائلاً إن التعديلات الدستورية سوف تقطع الطريق على المتاجرة بالدين. ورغم تصريحات الرئيس مبارك فان دوائر فى الحزب الوطنى أصرت على هذا الخلط، ليس فقط من خلال مثل هذه اللافتات، وإنما أيضاً من خلال الاحتفاء بتصريحات "قيادة كنسية كبيرة بالكاتدرائية المرقسية عن قرار للكنيسة الارثوذكسية بقيادة البابا شنوده فى الاستفتاء ودعوة الشعب القبطى للمشاركة رغم بعض التحفظات الخاصة بعدم شمول التعديلات المادة الثانية من الدستور". ونقلت "المصرى اليوم" عن المصدر الذى وصفته بانه "قيادة كنسية كبيرة" قوله ان "قانون مكافحة الإرهاب المنتظر صدوره والذى نصت عليه التعديلات الدستورية افضل ما كانت تتمناه الكنيسة ، مشيرا إلى ان هذا القانون سيحمى الأقباط من المتطرفين ومثيرى الشغب واللاعبين على وتر الفتنة الطائفية . ولفت القيادى الى ان الكنيسة اعتبرت تعديل الفقرة الثالثة من المادة الخامسة الخاصة بمنع قيام الأحزاب على أساس دينى – فى إشارة إلى الاخوان المسلمين – هو من أروع التعديلات لأنه سيمنع تأسيس احزاب دينية .. وكشف القيادى عن ان البابا شنودة سيقوم برسالة شكر الى الرئيس مبارك بعد الاستفتاء على التعديلات.. لافتا الى ان جميع رجال الدين سيذهبون الى الاستفتاء فى جميع المحافظات وسيكون على رأسهم البابا شنودة". وفى نفس الوقت احتفت دوائر الحزب الوطنى بتصريحات فضيلة شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوى التى حث فيها المصريين على المشاركة فى الاستفتاء بناء على فتوى بان المشاركة فى الاستفتاء " شهادة" لا يجب كتمانها . وان من يتخلف عن ادائها سيكون " آثم قلبه". فاذا لم يكن ما سبق كله اقحاماً للدين فى السياسة . فماذا عساه ان يكون ؟! علماً بان هذا الإقحام يجرى على يد الحزب الوطنى ، الأمر الذى يثير التساؤلات حول جدية تناقضاته مع جماعة الاخوان المسلمين . هذه ملاحظات وتساؤلات شاهد عيان.. وليس تحليلا او تقييماً ليوم الاستفتاء الذى مضى بمره ومره، لأنه ليس فيه " حلو " للآسف الشديد. وليس المهم الآن لطم الخدود وشق الجيوب والبكاء على اللبن المسكوب . الأهم .. هم تبنى مبادرات إيجابية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. وللحديث بقية ..
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رغم كل شئ :مصر مازالت بخير
-
هل نستعيد أمجاد النقل البحري لعصر محمد علي؟!
-
ميلودراما مصطفى البليدى
-
فلتكن نهاية حياتنا بكرامة!
-
عرب من أجل إسرائيل!
-
كل استفتاء وأنتم بخير!
-
ملف استحقاقات الدولة المدنية سيظل مفتوحاً
-
دبرنا يا وزير التضامن الاجتماعى
-
بروتوكولات حكماء الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات .. وأزمة الث
...
-
المادة الثانية .. وإرهاب فهمى هويدى
-
فتحى عبدالفتاح .. عاشق الحياة والوطن
-
جوزف سماحه
-
-حبيبة- .. و-إيمان-: تعددت الأسباب والكرب واحد
-
المادة الثانية.. ليست مقدسة
-
حرية العقيدة.. يا ناس!
-
ماجدة شاهين.. الدبلوماسية الأكاديمية
-
صدق أولا تصدق: نقد رئيس مصر مباح .. وعتاب أمير عربى ممنوع!
-
»الوفاق« الوطني و»النفاق الحزبي«
-
ما رأيك يا وزير التنمية الإدارية
-
هل يتمتع كلاب الأمراء العرب ب -الحصانة- فى مصر؟
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|