|
الفلسطينيون يحققون أهداف اسرائيل
محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب
(Mohammad Abdelmaguid)
الحوار المتمدن-العدد: 1875 - 2007 / 4 / 4 - 11:29
المحور:
القضية الفلسطينية
يدهشني أنْ أشاهد على شاشة التلفاز اجتماعا للقيادات الفلسطينية وقد ارتسمت الابتسامات على وجوه القياديين، وربما تمازحوا، وألقوا نكاتا، وتباروا في اظهار السعادة. وعلى مبعدة دقائق تكون مشرحة المستشفى في استقبال جثث الشهداء، وبين جنبات جدرانها تسمع صراخ وعويل الأمهات والأخوات الصغيرات فالاسرائيليون مرّوا من هنا، وأعداء الإنسانية اختبئوا في مصفحاتهم ليطاردوا سكان البلد كما كان البيض يفعلون مع الهنود الحمر في العالم الجديد .. أمريكا. سبعون بالمئة هي نسبة البطالة، وتسعون بالمئة يعيشون تحت خط الفقر، وأطفال الانتفاضة الطاهرة يبحثون في صناديق القمامة في غزة على ما لم تعثر عليه القطط والكلاب الضالة. ومع ذلك فالصراع على السلطة بلغ وقاحته عندما تُصَرّح كلُّ الاطراف أنها تتحدث باسم الشعب الفلسطيني تماما كما يفعل زعماؤنا العرب في كل مرة يفتح السجنُ أبوابه لاستقبال مزيد، تأتي كلمة فلسطين والدفاع عن حقوقها حشرا سخيفا في خطاب مُمِلّ لزعيم عربي. هل هناك شك في أن الاقتتال الفلسطيني تثبيت للاحتلال، وهديا مجانية لجيش البغي الصهيوني؟ أليس هناك عاقل واحد يقدم لشعبه مشروعا متزنا عاقلا وواقعيا يلتقط خلاله أبناءُ الشعب أنفاسَهم ليواصلوا النضال؟ سيقول قائل بأن الشعب اختار حماس، ويقول آخر بأن أبا مازن يمثل المنظمة الأم، والشرعية الفلسطينية، والاتفاق الدولي والغربي على دعم الفلسطينيين. الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الفلسطينيون هو تحويل مشاعرهم إلى مزاد وطني، وتحديات للعدو الصهيوني. لو كان الفلسطينيون يفهمون ألف باء السياسة لاختاروا عَلَناً مَنْ يُمثلهم دوليا، وتعاطفوا سرا مع حركة حماس. لكنهم وهم محاصَرون داخل أرضهم، ويعرفون أن الصراع دهاء وذكاء وعمل سري وتخطيط تحت الأرض، يقررون المجازفة بالانحياز والانقسام، ثم الخروج في منتهى البلاهة لاطلاق آلاف من الرصاصات العمياء في الهواء كأنهم لا يُعدّونها للدفاع عن أنفسهم أو يحصلون عليها مجانا من سوق السلاح في تل أبيب. ثلاثون أو أربعون عاما من التجارب التي تجعل أُميّي السياسة محللين عباقرة لم تؤثر في الفلسطينيين، بل ازدادوا سذاجة في التعامل مع أنفسهم وقياداتهم وعدوهم وأصدقاء أعدائهم والمجتمع الدولي. طابور خامس يعمل بهمة ونشاط داخل الأراضي المحتلة، ويكشف ظهورهم لقوى الاغتيال القذرة ، وتقوم بتصفية عناصر المقاومة كما يقوم صياد ماهر باصطياد فريسة تترنح أمامه. الوضع الفلسطيني يبكي الحجر، والمأساة تستدر الدموع من أكثر قلوب قسوة، والآباء يجلسون في بيوتهم مع أطفال يحتاجون للطعام والشراب والعلاج والملابس ومصروفات المدرسة، لكن لا عمل ولا أمان، بل اختطاف يقوم به الاسرائيليون والفلسطينيون ضد الفلسطينيين. كوميديا درامية، وألغاز غير مفهومة، ومزاد علني على وطن أرهقته عقود الذل والهوان والاحتلال، وعشرة آلاف معتقل في سجون الكيان الصهيوني المغتصب، وقوى دولية وعربية وصديقة تلعب بالفلسطينيين كما يلعب الطفل باليويو، وخطب حماسية، وعدة صواريخ (قَسّام) تسقط فوق مناطق غير مأهولة، أو تصيب واحدا أو اثنين، وانتفاضة لا يدري المرء إن كانت توقفت أو هي تلتقط أنفاسها. المجتمع الدولي يرفض حماس، والفلسطينيون يختارون الجوع وحماس، والضعفاء يدفعون الثمن، ومجنزرات العدو الصهيوني تدخل كأنها في نزهة، وتختطف المناضلين كما يفعل اللصوص، أو تتخلص منهم أمام الرأي العالمي. حدود هادئة على الجبهة الشمالية، ومهانة فلسطينية على الحدود المصرية لئلا يُغضب مبارك أصدقاءه في تل أبيب، أما الأردن فالهاشميون انحازوا منذ نصف قرن للجانب الاسرائيلي.
خشيتي أن يغضب من أدعوه للتعقل ويظن أنها دعوة لوقف الانتفاضة ( كأنها لم تتوقف بعد )، أما من ندعوه للاستمرار فعلينا أن نقنع الأمهات أن الجنة بها مكان لكل أولادهن إنْ قتلهم الجوعُ والعطش والذل والفقر. أتفهم من يرفض حماس، وأتفهم من يتمسك بها كخيار نضالي أخير. كلما أرسل مبارك وسيطا بين الاسرائيليين والفلسطينيين، تحدث مذبحة صهيونية ضد الأبرياء، وتجتاح قوى العنصرية الصهيونية القرى الآمنة. حتى لدى استقبال مبارك لأولمرت جاءت توجيهات رئيس الوزراء الاسرائيلي: كَسّروا عظام الفلسطينيين، فأنا في ضيافة صديقنا .. الرئيس المصري! هل يحتاج هنية ومحمود عباس إلى وساطة بينهما لمصلحة الشعب الفلسطيني؟ إذا لم يجتمعا على كلمة سواء تنقذ شعبنا الفلسطيني فتلك كارثة، وإذا احتاجا إلى من يقنعهما أو يتوسط للمصالحة فالكارثة أشد هولا ورعبا. هل الخيار الفلسطيني لمنظمة حماس قائم على الثقة بتحرير الأرض المحتلة أم هو انحياز ديني كما ينحاز المواطن البسيط عندما يرفع أحد تجار وكالة البلح شعار الاسلام هو الحل؟ اغتيال اسماعيل هنية من قوى التصفية الصهيونية القذرة وعملائها وطابورها الخامس ليس أكثر من مسألة وقت، بل سيسلمه المتعاونون في الداخل كما سلم يهوذا سيده. والذاكرة العربية يتم مسحها بانتظام كما تمسح الهارديسك، ولن يبقى مكان لأحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، ولن تمر على الذهن صورة مروان البرغوثي وهو في سجنه، ومسح فيروس النسيان من هارديسك العقل الفلسطيني آلافا من الذين دفعوا ثمن الغطرسة الصهيونية والخلافات الفلسطينية والتآمر الدولي والعمى العربي والضعف الاسلامي. حكومة وحدة وطنية؟ مزحة سخيفة، أليس الفلسطينيون وطنيين بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والطائفية، فتحاويين أو حماسيين أو شيوعيين أو يساريين أو مستقلين؟ أليس لهم عدو مشترك، أم أن بعضهم يعتبر اسرائيل نصف عدو ونصف صديق؟ لست متفائلا، وأرى أن جيل الهزائم القادم من تونس غير مؤهل لقيادة الشعب الفلسطيني. الاقتتال الفلسطيني / الفلسطيني كان جريمة قذرة وليس لأي طرف فيها أي عذر إلا إذا استطاع أن يعيد الأرواح للقتلى والشهداء الأبرياء.كأن الفلسطينيين لا يعرفون حجم المؤامرة ضدهم، لكنهم يقيمون حفل تأبين لطاغية العراق. أيتها السياسة العربية كم أنت حمقاء!
#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)
Mohammad_Abdelmaguid#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القول السديد في بلاهة العقيد
-
لماذا يخاف السوريون من السوريين؟
-
دماء على أنياب الرئيس التونسي
-
حوار بين كلب الشارع و ... كلب السلطة
-
هل المصريون سعداء بالذل أم تعساء بالخوف؟
-
العراق ... هزيمة كل المتصارعين
-
متى يغضب السوريون على الرئيس بشار الأسد؟
-
عانس سعودية تبث أوجاعها لقساة قومها
-
محاولات مضنية للبحث عن الرئيس حسني مبارك
-
البيان والتبيين في أوجاع مصر وأحزان المصريين
-
المؤسسة الدينية السعودية تدعو لاغتصاب الأطفال
-
مبارك يصنع المرشدين من صعاليك الإنترنيت
-
طز في الشرفاء والأحرار و ... الوطنيين
-
الإنترنيت .. الخطر القادم على البشرية
-
السعوديون ينحازون للملك، فمتى ينحاز الملك للسعوديين؟
-
آلة موسيقية تتحدث إلى مسلم متشدد
-
لماذا لا يغضب المصريون؟
-
كلنا خائفون، فكيف تتحرر مصر؟
-
هذه الفتوى باطلة .. باطلة .. باطلة
-
فتاوى الرأي السديد للشيخ محمد عبد المجيد
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|