|
سينوغرافيا...تشكيل ألصورة ألمسرحية
عامر موسى ألربيعي
الحوار المتمدن-العدد: 1874 - 2007 / 4 / 3 - 07:55
المحور:
الادب والفن
يمكن القول ان المسرح فن شامل و جامع للفنون الأخرى ، كالتشكيل والموسيقى و الازياء ، والفنون ابتكارات انسانية سعت لتفسير الفلسفة و المجهول ، تفسيراُ منطقياً ، والمسرح من اهم تلك الفنون التي تعتمد على عدد من الفعاليات ليكتمل خطابه من نص و اداء و اخراج وسينوغرافيا وهي التي نحاول ان نعرف بها ، فهي تحمل معنى المسرحية و مكملة لفكرتها ومعبرة عن احداثها ورؤيتها ، بعد ان كان يقتصر على ( ديكور وازياء وماكياج و اضاءة ) ، فالسينوغرافيا احتلت دور متميز في العمق التفسيري للافعال ، فالانسان يمارس سيونوغرافيا خاصة في حياته اليومية بوسائل بسيطة تتفاوت من فرد لاخر ، كالديكورات والاكسسوارات المنزلية واختيار الملابس والوانها ، فهو ات من تصور ذهني وتدخل الوعي المباشر ، وهو بذلك ينحو الى رغبة او حاجة الى تجميل محيطه ليعبر بذلك عن اشباع حاجة وجدانية.
السينوغرافيا على مستوى التخصص المسرحي ، تعد اهم العناصر الفاعلة في العرض المسرحي ، وهو كمفهوم حديث الاكتشاف على صعيد المسرح عريق الوجود كمصطلح فمفردة ( saenograhile ) تعني فن الزخرفة و التزيين وتكنيك الرسم في عصر النهضة ، والسينوغرافيا بمفهومها الحديث هي اكتشاف وليس اختراع ، وذلك لامتداد رحلة تصميم المناظر واعداد الخلفيات ، والتطور المتسارع ادخل تأثيرات حركية ، وبقي هذا المصطلح صار ملتبساً ، بسبب اتساع استخدام اداواتها التعبيرية وتداخل الحدود العملية والنظرية ، لكن رغم كل ذلك يعاني مسرحنا من بقاء السينوغرافيا كمصطلح فقط.
البحوث والدراسات المعنية بالسينوغرافيا الحديثة على مستوى التداول والممارسة قليلة جداً ، ان لم نقل نادرة واعطى ذلك عذراً بان تكون السينوغرافيا موضع غموض وبحث لدى الاوساط المعنية بها الفن ، وان وجدت المصادر فهي تبقى اجتهادات و مقالات لبعض المهتمين بالسينوغرافيا في الوسط المسرحي وسط غياب التخصص ، رغم وجود القليل النادر جدا منهم من ذوي الاختصاص الحقيقي. البحث العربي في السينوغرافيا غير مستمر ، اذا ما قيس بالتجارب العالمية ، فالعمر القصير المقرون بظهور هذا المصطلح الحديث ، اسس اشكاليات في الفهم والعمل ، ولانغفل قلة المصادر العربية و المترجمة الباحثة في هذا المجال ، وفي اوربا ظهرت الكثير من المجلات المختصة بعلم وفن السينوغرافيا والمصطلح شاع في نهاية الخمسينات فن القرن الماضي ، حيث بدأت السينوغرافيا الحديثة تظهر كفن من خلال المسرح الاوربي ، حيث اشير اليه وتعامل به كفن مستقل ، وظلت السنوغرافيا من ضمن الاختصاصات المسرحية المستحدثة ، ومن اوائل من تعامل بها ( جوزيف شاينا ) و ( غروتفسكي ) ، اما عربيا فقلة من مسرحيّ المغرب و الجزائر وتونس لقربهم و احتكاكهم بالثقافة الغربية خاصة الفرنسية منها ، ونظر بعض المسرحيين العرب للسينوغرافيا ، انها نوع من التقنية الحديثة التي تدخل ضمن التغريب في العمل المسرحي ن او لنقل تقليعة جديدة ، ان دخول السينوغرافيا ضمن الممارسة المسرحية العربية او العراقية ، عملة نادرة وقليلة التداول ، ووصل هذا المصطلح لنا مع منتصف الثمانينات من القرن العشرين ضمن الادبيات المسرحية العربية ، وتم تناوله بدلالات مختلفة ( غموضاً ولبساً ) ، شأنه شأن المصطلحات الادبية والفكرية والفنية الوافدة ، التي غالباً ما تصل متأخرة 30 عاماً على اقل تقدير ، واحتل هذا المصطلح مكانة مهمة ، فمن المؤكد ان العرض المسرحي لا يتكامل خطابه بالدلالة اللغوية فقط ، بل اصبح هناك تفاعل مع بقية العناصر المسرحية ، وبين المتلقي الذي يتفاعل مع الحركية البصرية واللغوية ، واي حمل مسرحي يحتاج الى حركة مسرحية تنسجم وتتفاعل مع الالوان والخطوط الى جانب خيط ايقاع تنامي الحبكة. وتبرز اهمية الادراك البصري في تحليل الابداعات التشكيلية وبناء الصورة المرئية ، فقواعد المنظور المسرحي تعطي لتكوين الايحاء بالمكان المتسع داخل فراغ المسرح ).
ان العين البشرية وبلا شك هي من الحواس الاساسية لدى الانسان ، فالادراك البصري يعتمده المتلقي كدالة ، والبعض يتسائل ان السينوغرافيا هي وسيلة تعبير مرئية وليست سمعية ؟ والاجابة ان السينوغرافيا تبنت عدة عناصر داخلها ، وهي عملية تطويع لحركة فنون العمارة والمناظر و الازياء ، الماكياج والاضاءة و الالوان والسمعيات ، حتى ذهبت السينوغرافيا لتدخل على تشكيلات جسد الممثل ، كما استخدم في مسرح ( غروتفسكي ) ، أي اصبحت الاكسسوارات من مجرد تأثير بصري بحت الى تأثير سمعي و فلسفي ، ليكون العمل المسرحي فعالاً ومؤثراً. ليكون السينوغرافي يعتمد على العمق المنهجي والتنظير الفلسفي بجانب تعدد العلامات في سياق التطبيق والممارسة ، فالسينوغرافيا تجاوزت عنصر الديكور او عناصر ايحائية او مناظر جاثمة على صدر المسرح ، بل جعلت احد عناصرها ، والمسرح الحديث تخلى عن الديكور التزييني الثابت ، نتيجة لتجارب ومهارات وممارسات لوسائل تعبير اكثر تواصل مع المتلقي ، يقول د. جواد الاسدي ( لاتنبع فكرة السينوغرافيا من ثرثرة الموبيليا ، و لا من بهرجة الالوان والاضواء ، ولا من الاشكال الهندسية التي تشكل الفراغ تشكيلاً عضوياً ).
السينوغرافي شخص يهتم ويعنى بدرامية الصورة المسرحية ، ليحتل مكانة تشكيلية درامية جمالية ، ليخلق قطع حيوية تثير الابهار و الاسمتاع ، لا يشترط ان يكون مصمم الديكور سينوغرافياً ، لكن يشترط بالسنوغرافي ان يلم بتصميم الديكور والفن التشكيلي ، حتى اصبح السينوغرافي مساهماً في العملية الاخراجية ، خاصة المخرج لا يستوعبها او يعمل بدكتاتورية.
السينوغرافيا تعمل بالمقام الاول على فن التنسيق التشكيلي وهارمونية العلاقات السمعية والمرئية بين مفردات العمل المسرحي ، ولعل هذا العمل ينافي مبدأ ( المسرح يبدا وينتهي الى الممثل ) ، وان العرض المسرحي منتج بشري ابداعي ، يتأثر ويؤثر في الفرد والمجتمع والفنون وتحركها وتفعلها الروح الانسانية ، ان ظهور فن وعلم السينوغرافيا كمفهوم جديد مستحدث في الانظمة المسرحية جعل منه موضع لبس بين اوساط المهتمين لاسيما في مسرحنا وقد طرحت مواضيعه مع شيء من الاستحياء ، والغموض لهذا المصطلح دخل في الخطاب المسرحي ، واتمنى ان يفعل العمل في هذا المصطلح بين المسرحيين و التشكيليين.
المصادر: 1- المدخل للفنون المسرحية ، فرانك هوا ينتج. 2- سينوغرافيا المسرح عبر العصور ، د. كمال عيد. 3- التصميم عناصره واسسه في الفن التشكيلي . د. اسماعيل شوقي
#عامر_موسى_ألربيعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألمسرح و ألمسرحيون في ألبصرة
-
منظمات ألمجتمع ألمدني في ألبصرة - واقع و تساؤلات
المزيد.....
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|