( من مجموعة من خزان الذاكرة)
"أولاد الحارة والطائرة"
*
نشعل السيجارة
من حرائق تشعلُ بيوتنا..
نسحبُ خيوط سراويلنا
ونخيط بها جراحنا..
فتختلط آهاتنا بمواويلنا.
تصرخ الجارة:
يا أولاد !
يا أطفال !
ألى الملاجئ
ألى الطوابق السفلى،
ما من أحد يسمع هدير الطائرة
تتعالى أصوات الإنفجارات
تتعالى سفارات الإنذار
ونداءات نسوة الحارة
يخسأ الأشرار..
يلعن الله الكفار..
ويصرخ طفل شاهد الغارة،
لقد غار السفلة،
فلنطفأ السيجارة
ولنسرع للطوابق السفلى
قبل أن تشاهدنا الطائرة..
---
2
يطفئون سجائرهم على أجسادنا
لكنا برماد تلك السجائر
نداوي جراحنا..
لا الشمس بأشعتها تحرقنا
ولا القمر يكشف مسارنا
تلك هي عين الآلهة
تحرس دمع أعيننا
من شتاء الضمائر
وتسكن آلامنا..
تلك هي سجائرهم المستوردة
للتعذيب وللتهريب وللتجارة
تلك هي سجونهم
معتقلات أشقائنا
لأجلهم إخواننا
ندفع دمنا ثمن انتماءنا
---
3
لا تشد على أياديهم
لا تترك البيت يحترق بنارهم
عندما يمتلئ قلبك بحبهم
سترى عينك،شظايا حبك
قربك،
وستراهم يشدون على يدك
ويقولون :
تابع خطاك
ولا تخف من شياطينهم..
---
4
هي الطفولة،هي الصداقة
لم يبنها التجار بالعملة الصعبة
أو بالسرقة المباحة..
هي العلاقة
بين دمي ودمك
بين مخيمنا وصلاة العودة
هي الأزقة
زواريب عين الحلوة
مدرستنا، تلة سيروب
كرم الزيتون
وادي الثعالب
جبل الحليب
مغاور الطفولة
هي الصداقة
هي العلاقة
أدت بنا لشق خيوط الشمس الحارقة
ونسج حياتنا بطرق خاصة..
لم يكن وائل من اليسار
ولا هو من اليمين
إختار الوسط
ولم يكن خياره بالغلط..
فكل الفصائل تعمل لفلسطين
كان وائل مع لقمة العيش
وحياة هانئة للعائلة
لم يكن من التجار
كان زميل طفولة
رفيق صبا وشباب
تبخر يوم تبخرت
أحلام الصغار
ويوم قتلت..
ويوم تاه الكبار
عن الدربِ
وضيعوا
المسار
مثلما ضيع الشرق الغرب..
وائل فتى عشق الحساب
لكنه لم يحسب موته بالأيام
ولم يعد الليالي بأصابع الذئاب
وائل قتل
وائل استشهد
وائل رحل
وائل ابتعد
وائل حاضر
رغم أنه غاب
بعد أن اغتيل
القمر
وسلب النور
من شمس الأصيل..
هو ضوء الليل
نشيد الذين ماتوا ليعيشوا
صهيل الخيول العربية..
ألم أقل لكم ،أن العروبة مهر
والخيل، في بلادنا حارة الدماء
أما القادة !
بلا دماء
بأقنعة
وبلا ماء
وجوه..
*
كتبت في بولندا 1986
نضال حمد
أوسلو
يونيو 2003-08-14