|
بموريتانيا...ديمقراطية بلبوس العسكر!!!
محمد الحرش
الحوار المتمدن-العدد: 1870 - 2007 / 3 / 30 - 12:23
المحور:
كتابات ساخرة
شهدت موريتانيا يوم 25 مارس 2007 م نهاية الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية برعاية و تنظيم المجلس العسكري الذي وضع حدا لحكم معاوية ولد الطايع إثر انقلاب عسكري أبيض، قبل أكثر من عام، بزعامة صديقه ومدير أمنه العقيد علي ولد محمد فال، الذي خاطب الموريتانيين مبررا الانقلاب علي ولد الطايع بكون نظامه من الأنظمة التي تسلك طرقا مسدودة، ولا يمكن إزاحتها إلا بانقلاب.
ترى هل يقتفي ولد فال أثر" سوار الذهب" السوداني الذي سلم الحكم للمدنيين ، عام 1985، بعد تخليص شعبه من حكم النميري إثر انقلاب عسكري مشابه؟ أم أن قدر الشعوب العربية أن تعيش انقلابات دورية؟ أم أن الديمقراطية لا تأتينا إلا على ظهور الدبابات؟ أم أن الأمر كله تمثيلية ديمقراطية بإخراج غربي؟
عرس ديمقراطي !!! تعددت المسميات و المدائح التي كيلت للانتخابات الموريتانية فمن العرس الديمقراطي إلى التجربة المميزة إلى المرحلة الفاصلة إلى بداية عصر الحريات و التعددية...إلخ جدير بالذكر أن العقيد ولد فال، بحكم الضغوط الخارجية، قد أوفي بتعهده للشعب الموريتاني والعرب والعالم، فقد رفض بشكل قاطع أن يرشح نفسه لأي منصب، شأنه في ذلك شأن بقية أعضاء المجلس العسكري الحاكم. و بعد هذه الانتخابات لم يبق إلا أن ينصب الرئيس الجديد يوم 19/04/2007 م.
نعم، فبحكم الاستبداد القروني الذي تعيشه الأمة و انسداد آفاق الإصلاح و التغيير بعالمنا العربي، و بشهادة جيش من المراقبين على نسبة عالية من النزاهة في انتخابات عرفت مشاركة 19 مرشحا من مختلف التوجهات تقريبا، يبدو أن انتخابات موريتانيا قد شكلت الاستثناء و قطعت مع شعارات الزعيم الأوحد و القائد التاريخي و الأخ العقيد العظيم... !!!
لكن ألا يمكن أن تكون الصورة خادعة و المشاهد مصطنعة؟ و هل يرضى العسكري المتمرس ولد فال ومن معه بالرجوع للثكنة أو أخذ تقاعد مريح و الزهد بهذه البساطة في سلطة تتعارك حولها الإرادات و تقام من أجلها الانقلابات؟
ولد الشيخ دمية بيد الجيش!!!.
أعلنت وزارة الداخلية الموريتانية فوز المرشح ولد الشيخ عبد الله( 69 سنة) ب 52.85% من الأصوات مقابل 47.15% للمعارض السابق أحمد ولد داداه رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية.
يرى معارضو هذه النتيجة أنها كانت منتظرة، في ظل دعم أعضاء من المجلس العسكري لولد الشيخ عبد الله و خصوصا رئيسه ولد فال و رئيس حرسه ولد عبد العزيز بعد الضغط الذي مارساه على زعماء القبائل و العشائر و الحلفاء السابقين للرئيس المخلوع ولد الطايع.
كما يشير هؤلاء إلى أن الرئيس الجديد بدون خبرة سياسية، فهو لم يتول منصبا ببلده منذ عقدين من الزمن، واشتغاله مستشارا بالكويت و النيجر غير كافي للتصدي لمشاكل موريتانيا التي تمتد من الفقر إلى الوحدة الترابية إلى محاربة الفساد...إلى علاقة الجمهورية الإسلامية بدولة العدوان الصهيوني.
كل هذا، بحسب المعارضين، سيجعل ولد الشيخ عبد الله دمية بيد الجيش و رجله القوي ولد فال و لنا في أنظمة مغاربية النموذج الصارخ في هذا الصدد: تواري الجيش للوراء و إمساكه بكل خيوط اللعبة السياسية و اتخاذ رئيس مدني ديكورا ديمقراطيا.
و يبقى الفارق مهما.
بالتأكيد يبقى الفارق بين التجربة الموريتانية و تجارب باقي الدول العربية في تداول السلطة مهما، لأننا هنا بصدد المفاضلة بين السيئ و الأسوأ. فقد شهدنا ببلاد العرب و لا زلنا نماذج لطرق تغيير رؤوس الحكم تصلح لدخول دفتر" كينس " للأرقام القياسية في الضحك على الشعوب و احتقارها، هاكم بعض النماذج: • أمير دولة بترولية يسافر في زيارة خارجية، فيجتمع ولده الشيخ الثخين مع العائلة و يقرروا أن لا عودة للأمير، طبعا بعد أن وزعت المناصب و أخذ كل حقه... و الشعب....لا علم له. • حاكم يمني شعبه بالتغيير و الانتقال لجنة الديمقراطية و الرفاهية، فيسيل لعاب الشعب المسكين لينام و يستيقظ فيجد نفسه في آخر سلم البشرية، و أن الذي تغير: ساكن البلاط. أما الشعب ففي" دار غفلون" !!! • رئيس يلوي عنق دستوره الممنوح لشعبه الوفي، ليصبح متماشيا مع سن ولده الشاب حتى يخلفه في الحكم، هذا طبعا مع التصفيقات الحارة للمناضلين التقدميين ببلاده... و الشعب... متيم بحب الاشتراكية العظيمة!!! • و رئيس يصلح للعب دور البطولة في مسلسل انتخابي، يعلن زهده في الحكم فيخرج " الشعب " للشوارع محتجا...حتى يرجع سيادته عن رأيه...فيرجع فخامته...و يرجعون أكثر بؤسا و تخلفا، و كأن نسائهم بذاك البلد عقمت عن إنجاب مستبد أكثر!!! • أمير محمية أمريكية يموت فيقوم ولده المحبوب ليخلفه، فيعترض وزير بإيعاز خارجي...فيصبح أميرا...لا عيب فقد عمر بالوزارة عقودا من الزمن...و الشعب...متخوم بأموال البترول...لا في الأمير و لا في العير و لا النفير !!! • رؤساء يصبغون شعرهم و لحاهم و شواربهم بالأسود حتى يبدون دائما في عز الشباب...و الشعوب...شابت من أجل تحصيل لقمة العيش و مواجهة المرض و الفقر و العوز!!!. • عقيد ليبيا العظيمة سخر من الانتخابات الموريتانية، و هو و أمثاله ممن يحرصون على التسعات الأربع، و يأمرون أجهزة مخابراتهم بتتبع أصحاب ال 1 % من معارضي الثورة العظيمة، جعلونا أضحوكة العالم. اللهم لا شماتة.
#محمد_الحرش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النضال الحنجري- عند النخبة السياسية المغربية – ذ. إدريس لشكر
...
المزيد.....
-
تضارب الروايات.. هل أعطت حماس -الضوء الأخضر- لاتفاق غزة؟
-
-فلسطين.. شعب لا يريد الموت-.. كتاب جديد لآلان غريش
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 177 مترجمة للعربية معارك نارية وال
...
-
الأزمة المالية في كردستان تؤدي إلى تراجع النشاطات الثقافية و
...
-
جمال سليمان من دمشق: المصلحة الوطنية السورية فوق كل اعتبار (
...
-
جمال سليمان يوجه رسالة بعد عودته لدمشق عن جعل سوريا بلدا عظي
...
-
إبراهيم اليازجي.. الشخصية التي مثّلت اللغة في شكلها الإبداعي
...
-
-ملحمة المطاريد- .. ثلاثية روائية عن خمسمائة عام من ريف مصر
-
تشيلي تروي قصة أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات خارج العالم العربي
...
-
حرائق كاليفورنيا تلتهم منازل أعضاء لجنة الأوسكار وتتسبب في ت
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|