|
حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية والبيئية والموروث الديني
آداب عبد الهادي
الحوار المتمدن-العدد: 1869 - 2007 / 3 / 29 - 11:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المرأة والإسلام *يعتبر الدين الإسلامي أكثر الأديان السماوية التي ناصرت المرأة ومنحتها حقوقها و ساوتها بالرجل تماماً وخير دليل على ذلك المرادفات التالية التي وردت في الكثير من سور القرآن الكريم: (المسلمون والمسلمات-المؤمنون والمؤمنات-الكافرون والكافرات- المنافقون والمنافقات-المجاهدون والمجاهدات-الصابرون والصابرات....الخ)كما أنه خص المراة بسورة لم ترد مثلها لرجل وهي سورة النساء . الإسلام كرم المرأة وعزها ورفع من شأنها وساواها بالرجل وجعلها محصنة وأمر بتعليمها ومشاركتها في الحياة العامة وحتى بالجهاد ولا يخفى على أحد دور المرأة المجاهدة في صدر الإسلام ووقوف المرأة إلى جانب الرجل في كل المعارك والفتوحات والغزوات حتى برعت النساء كما الرجال في الفروسية والنضال ولم تكن خولة بنت الأزور إلا نموذجاً لتلك المرأة . إضافة إلى ذلك فقد كرم الرسول العربي محمد عليه صلوات الله النساء لدرجة أنه كان يجمعهن في يوم من كل أسبوع ليعلمهن مما علمه إياه الله،وكانت المرأة بالنسبة له المشاركة له في نشر الدعوة والمؤازرة له في بداية حياته فأحبها واحترمها ودافع عنها وطالب بمنحها حقوقها ومساواتها بالرجل تماماً من حيث الثواب والعقاب، وكل رجال الدين والمسلمون يعلمون علم اليقين أن الله ورسوله محمد صلوات الله عليه لم يقلل من شأن المرأة ولم يضطهد أياً من حقوقها بل حرم قتلها كما جاء في القرآن(وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت) وحرم معاملتها بقسوة ووصى أولياء أمرها بمعاملتها بالحسنى لأنها هي مربية الرجل وهي أمه وأخته وزوجته وبيت سره فحظيت المرأة في عهد الرسول والخلفاء الراشدين بكامل حقوقها وبكل إنسانيتها وجاء أيضاً: (نساءكم حرم عليكم) والحرم هنا من الصون والمحافظة وليس من باب التحقير ، وأيضاً(الرجال قوامون على النساء)بمعنى أن على الرجل أن يقوم بخدمة المرأة والإنفاق عليها إذ1 لم تستطع أن تنفق على نفسها كما أنه مكلف بالإنفاق والرعاية والحماية أينما كان وفي كل الظروف ومكلف بخدمتها وتلبية حاجاتها كلما طلبت أو أرادت ولا تعني أن يحمل الرجل السوط ويبدأ بلسعها وضربها بحجة أنه قوام عليها هذا كفر وشرك بالله .لكن مع الأسف ما حصل عبر السنين هو أن بعض رجال الدين والمفسرون الذين فسروا القرآن بما يتناسب مع أهوائهم فحرفوا الكلم عن موضعه وشوهوا صورة المرأة في الإسلام وخالفوا شرع الله في كل ما يخصها وليس أكبر مثال على ذلك من فهمهم الخاطىء للآية الكريمة التي تنص على حصة المرأة في الإرث حيث جاء في الآية الكريمة (أن للرجل مثل حظ الأنثيين) فكان تفسير بعض المفسرين المغرضين أن المرأة نصف الرجل فلا تستحق إلا نصف حصته في الإرث وأما المقصود من هذه الآية هو أن المرأة عندما تتزوج تأخذ مهراً من زوجها وهذا المهر حق من حقوقها وواجب على الرجل دفعه لها وبهذا تكون قد أخذت حصة من إرث والده، وحقها في إرث والدها واجب، وعلى الوالد أن يعطيها إياه، وهو من حقها في حياته ومماته، وبهذا تكون قد حصلت على حصة ثانية من إرث والدها وتكون قد تعادلت مع الرجل في الحصص وهذا قمة العدل الإلهي ولو أن الآية جاءت بمساواة الحصص بين المرأة والرجل لكان في هذا إجحاف بحق الرجل ومع الأسف لم يبين المفسرون و بعض رجال الدين هذا الأمر بقصد الإنقاص من شأن المرأة في الدين، والآية الثانية التي تقول فيما يخص الشهادة(فاستشهدوا رجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء) وفي هذه الآية اعتبر الرجال أن المرأة بنصف عقل واتهموها اتهامات خالية من كل حس إنساني نبيل فقيل عنها إنها ناقصة عقل ودين واعتبرت أنها لا تمللك من العقل ما يؤهلها للشهادة وأن كل امرأتان تعادل رجلاً واحدا ولم يتمموا باقي الآية الكريمة التي تقول (عسى أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) وهذا أيضاً تكريم من الله ورسوله للمرأة واعتراف بكثرة مشاغلها البيتية وعملها من أجل رفعة بيتها وزوجها وبأنها ليست فاضية الأشغال كما الرجل لتتذكر كل الترهات الموجودة في الحياة. مع الأسف الشديد عمد بعض رجال الدين عبر العصور وبكل الأديان على تشويه الرسائل السماوية وتحريفها لتتلاءم مع غاياتهم السياسية وهم بهذا الأمر يتجنون على دين الله وعلى رسوله بهدف تفصيل الدين على مقاساتهم فبحثوا عن الآيات التي لها أكثر من وجه للتفسير واعتمدوا أكثرها خطأ وقسوة واضطهادا للمرأة بهدف إبعادها عن المشاركة في الحياة العامة واستعبادها باسم الدين فشددوا في طريقة لباسها وفرضوا عليها الحجاب النفسي والروحي والمادي وجعلوها آلة متحركة دون أي فعل أو رد فعل، وجعلوها عورة من رأسها إلى أخمص قدميها وحرموا عليها العمل والعلم والظهور بأي مظهر في المجتمع لدرجة أنهم حجبوا عنها حتى نور الشمس فأصبحت تسير مرتدية الجلباب خافية حتى وجهها التي ستتقرب به إلى الله وتتال اضطهاد الرجل وتحديدا رجل الدين للمرأة وبالطبع ليس من باب التدين بقدر ما هو من باب إخفاء عيوبه وإشباع عقد النقص لديه ووصلت الحالة إلى العصر الحديث عصر الذرة والانترنيت والتقدم العلمي والتكنولوجي و المرأة ما تزال قابعة تحت برقعها تخشى مخالفة الرجل ومطالبته حتى بأبسط حقوقها. ورجال الدين قبل غيرهم يعلمون أن العلم بالقرآن والتقدم العلمي والثورة العلمية انطلقت من القرآن والذرة أول ما ذكرت في القرآن ، وكثيرا من العلوم جاءت في القرآن كعلم الفلك (إذ قال يوسف لأبيه يا أبتي إني رأيت الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً رأيتهم لي ساجدين)والحساب والرياضيات والجيولوجية والبيولوجية وعلم الأحياء وتشكل الجنين (إنا خلقناه من نطفة) ..إلى آخر مما جاء وهو كثير كثير ولا مجال لذكره كله في مقال واحد. *بعض رجال الدين بلا ضمير بعض رجال الدين ومنهم من يمتهن السياسة بل معظمهم يعلمون علم اليقين أنهم بلا ضمير لأنهم لو كانوا يملكون أبسط نسبة من الضمير لكانوا عاملوا المرأة كما أوصى الرسول في سنته الشريفة وكما أوصى الله في كتابه المقدس لكنهم يعلمون أيضاً لو أنهم تركوا المرأة تعبر عن نفسها وتقول ما تريد سيخسرون وسيهزمون كما هزم الرسول والمجاهدين والمجاهدات معهم الكفار والمشركين لكنهم ليكثروا من بسط نفوذهم وسيطرتهم وهم يعلمون أن المرأة نصف المجتمع وهذا النصف قادر على التأثر والتأثير خوفوها من الدين ومن الله ومن الجنة وجهنم وتلاعبوا في ملكاتها العقلية لتعمل على التأثير بالرجال الموجودين لديها من آباء وأبناء وأزواج ليكونوا صفاً واحدا في المعترك السياسي الذي يخوضونه. الإسلام بريء من بعض رجال الدين الذين يجبرون المرأة على أي لباس لا ترضاه وعلى القيام بأي عمل لا ترضاه لأن الإسلام دين يسر وليس دين عسر . وما الحجاب الذي ترتديه المرأة إلا إجحافا بحقها واضطهادا لها إذا أجبرت عليه أما إذا ارتدته من تلقاء نفسها فهي حرة في ذلك ولا يلام الرجل عليه أما أن تجبر على ارتدائه وبطريقة خالية من أي إحساس إنساني فهي جريمة عقوبتها في الآخرة عند الله ورسوله وإن كان بعض رجال الدين يقصدون من هذا الأمر التمسك بالإسلام وتعاليم الله فهذا التمسك خاطىء لأن المرأة لو ارتدت الملابس الواسعة الفضفاضة فلا عيب ولا حرام بل إن الأخلاق ليست لا في الحجاب ولا في ترك العمل والمشاركة في الحياة لأن الله ورسوله حض على العمل لكل أبناء الأمة ولأن العمل شرف وقيمة للإنسان رجلا كان أو امرأة لذا فإن ما يريده الرجل من المرأة التي هي نصف المجتمع هو استخدامها بشكل دنيء لصالح أهدافه السياسية ومن يعتبر أن المرأة في مكان عملها أو التي تسير في الشارع وهي سافرة (دون غطاء للرأس)و مرتديه للبنطال والقميص أنها محط شبهه وإثارة للرجل فهذا هو الكافر والذي لا يعرف الله وإن كانت المرأة ستعامل على هذا الأساس فالأجدر بالرجل الذي ينظر إليها أن يحتجب ويجلس في البيت حفاظاً على دينه من التلوث ولأن الرجل أيضاً مثير للمرأة كما المرأة مثيرة للرجل ،المرأة تثير الرجل بأنوثتها لكن ليس في الشارع ومكان العمل والرجل يثير المرأة برجولته وأيضاً ليس في الشارع ومكان العمل وإن كان هو أو هي سينظر إلى الآخر من هذا المنطلق فهما أشبه بالحيوانات منهما للإنسان الذي كرمه الله بالعقل وفي هذه الحالة على الاثنان أن يعتكفا في البيت ولا يخرجا للحياة حفاظاً على دينهما وهكذا لن نرى في الشارع وفي العمل لا امرأة تثير الرجل ولا رجل يثير المرأة وتتوقف الحياة ويموت الاثنان من الجوع ونرى إن كانت هذه الإثارة ستبقيهم أحياءً هذا المنطلق منطق حيواني وليس إنساني ومن يأخذ به هم أعداء الدين والله ومن يتعامل مع المرأة على هذا الأساس يستحسن به ألا يخرج من البيت ويرتدي هو الحجاب ويستر عورته عن المرأة. لأن إذا كان وجه المرأة مثير فوجه الرجل أيضاً مثير وإن كان شعر المرأة مثير فشعر الرجل أيضاً مثير وإن كانت أكف المرأة مثيرة فأكف الرجل أيضاً مثيرة لكن عند من ..عند المصابين بأمراض نفسية و فيزيولوجية والمصابين بعطب في أدمغتهم،ومن يحجبون المرأة على هذا الأساس فهم بدون أدنى شك مصابون بأمراض فيزيولوجية أكثر منها أمراض نفسية وهم بهذه الحالة لا ينتمون إلى الجنس البشري بل إنهم أشبه بالحيوانات ولا فرق في ذلك وأما الإنسان السوي نفسياً وجسدياً ينظر إلى المرأة كمخلوق إنساني له ما لها وعليه ما عليها أما إذا كانت المرأة تعيش في بيئة أو منطقة تعتبر الحجاب جزءاً من اللباس ويرتدى على هذا الأساس فلا غبار على هذا الكلام لأن لكل بيئة ومنطقة عادات وتقاليد خاصة بها ،أما أن تكون المرأة في العاصمة أو في مدينة حضارية أو خرجت من البيت بغرض طلب العلم والعمل وأصبح الحجاب عبئاً عليها وضغطاً لا تستطيع أن تتحمله أثناء مزاولتها لعملها أو طلبها للعلم فلا غضاضة في أن تخلعه وتمارس حياتها بشكل طبيعي،لان الحجاب واللباس بشكل عام له تأثير كبير على شخصية الفرد بل ويعكس شخصيته من خلال ملبسه وكثيراً ما يكون الحجاب وخاصة حجاب الرأس وبحالة لا شعورية ضاغطاً على الرأس وحتى تشعر المرأة وكأن حملاً على رأسها مما يعيق آلية التفكير عندها بشكل جيد وخاصة إذا كانت تمتلك الملكة العلمية والإبداعية ولديها من العلم والمعرفة ما يفيد المجتمع وما ينتفع منه أبناء الأمة وبقاء الحجاب عليها في هذه الحالة مخالف لشرع الله الذي قال إن من يمتلك علماً ويمنع علمه عن الأمة والرعية فهو كافر لأن العلم والمعرفة عند العلماء ملك الأمة وعلى الأمة أن تنتفع به ومن الكفر أن يحتفظ صاحب العلم بعلمه دون الناس أجمعين؟ وأخيرا لا نستطيع أن نعتبر المجتمعات التي يكثر فيها الحجاب مجتمعات متدينة لأن الكثيرات ممن يرتدين الحجاب يتبعن الموضة في ارتدائه ويتفنن في عقده وعقصه وطريقة وضعه للرأس وهذا أكبر دليل على عدم قناعتهن به لأنهن لو كن حقاً مقتنعات لكانت طريقة ارتدائه مختلفة عما هي عليه والتفسير لهذه الحالة هو أنهن مجبرات عليه سواء بضغط ديني سياسي أو بضغط بيئي اجتماعي متخلف.
#آداب_عبد_الهادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرعون رغماً عن أنفك
-
الأبله يوبخ خزعلانة
-
لحظة ألم
-
وكان سراباً
-
صرخة من الطلاب في سوريا
-
أنا الدولة والدولة أنا !!
-
ضرورة الرؤية المستقبلية للعرب
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|