|
المنطقة على شفا حرب امبريالية جديدة . . . . .أمريكا الامبريالية أم إيران «الصفوية»؟!
حسين خليفة
الحوار المتمدن-العدد: 1869 - 2007 / 3 / 29 - 04:25
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أمريكا تعد العدة لمهاجمة إيران بحشود عسكرية ضخمة في الخليج والدول المجاورة لإيران، وبالحلف «السني» السباعي الذي أنشأته لمحاربة إيران « الشيعية» وتمددها في مناطق نفوذ السنة،هذا ما يردده الكثيرون، بل أن بعض الأنباء تقول أن الضربة ستكون في بداية نيسان وأنها سميت بـ«اللسعة» على عادة الأمريكان وحلفائهم الإسرائيليين في إطلاق الأسماء الرنانة على حروبهم العدوانية. لا لن تهاجم ـ يرى آخرون ـ لأن إيران ليست العراق، فلديها أوراق قوة لم تكن في متناول المقبور صدام حسين، فعلى المستوى الداخلي مهما قلنا عن نظام الملالي وقمعه للقوى الوطنية الديمقراطية وأحاديته واضطهاده للقوميات التي تشكل نسيج المجتمع الإيراني فهو لا يعيش عزلة صدام، إضافة إلى اقتصاد قوي لا يعتمد على النفط وحده، اقتصاد متكامل مرن متعدد المصادر بما فيه صناعة متطورة نسبيا ومنها الصناعة العسكرية (صواريخ، بوارج،غواصات . .. )، أما خارجيا فلديه القوى «الشيعية» المتحالفة مع أمريكا في العراق وهي تشكل حجر الرحا في حكومة الدمى التي نصبها الاحتلال، لكنها مرتبطة إلى حد بعيد بالسياسة الإيرانية، ولن تبقى على وضعها الحالي بالنسبة لأمريكا في حال ضربت الأخيرة إيران. هناك أيضا الحلف الإيراني السوري، وهو حلف عميق الجذور ومتين لما بينهما من مصالح اقتصادية وجيوسياسية كثيرة مشتركة، فسورية تعادي إسرائيل لأنها ـ أولا ـ تحتل الجولان السوري منذ عام 1967،ناهيك عن «العقيدة القومية» السورية في رؤية القضية الفلسطينية، وتعادي أمريكا لأنها تدعم العدو الإسرائيلي، بل أنها أكثر شراسة منه في محاولة زعزعة الوضع في سورية وإبعادها عن ملاعب الحدث السياسي الفاعل (فلسطين، لبنان، العراق) وتحاصرها، تشترك إيران مع سورية في هذا بسبب عداء النظام الإيراني المطلق لإسرائيل وللشيطان الأكبر أمريكا انطلاقا من الشعارات التي قامت عليها الثورة بمحاربة الاستكبار العالمي (كان المقصود حينها قطبا الحرب الباردة أما الآن فلا مستكبر سوى أمريكا) أي أن عداء إيران لأمريكا عقيدي في ظاهره لكنه في جوهره صراع على أن تأخذ إيران حصتها من نفطها وأن يكون لها مجالها الحيوي إقليميا (وهذه من اهم مفردات السيادة الوطنية)، بينما أمريكا لا تريد نفوذا أو سيادة أو حتى حياة طبيعية سوى لها ولإسرائيل طبعا.
مفارقات . . . إنها من مفارقات السياسة والتاريخ أن يلتقي نظام شبه علماني مع آخر ديني ـ لكنه يتمتع بمرونة كبيرة في التعامل مع النص الديني المغلق ـ ضد إمبريالية تعلن أن من مهامها تقويض الأنظمة القروسطية، لكنها ترعى وتحتضن أنظمة الخليج التي لا تزال المرأة في كثير منها محرومة من حق الانتخاب والترشيح بل حتى قيادة السيارة بينما الوضع في إيران مختلف نسبياً. إذاً التحالف السوري الإيراني «مبدئي» وأقوى من الضغوط، وهو مرشح للاستمرار والتعزز في ظل توسيع التعاون الاقتصادي المتزايد بين البلدين وفي مشاريع ذات طابع استراتيجي (صوامع حبوب، مطاحن، معامل سيارات، أسواق مفتوحة على بعضها، . . . . ). بقي أن نشير إلى حزب الله الذي كان أول بند على جدول أعمال الحلف الأمريكي الإسرائيلي العربي(ما يسمونه اليوم عرب الاعتدال) اللبناني (14 آذار)، وذلك لتصفيته عسكريا بعدوان 12 تموز الخائب، ليتم نزع إحدى الأذرع الضاربة للحلف الرافض للمشروع الأمريكي، فيما يتم إشغال سورية بجبهة لبنانية تشكلت عقب مقتل الحريري، تمهيدا للضربة المتوقعة ضد إيران، لكن مخططهم اصطدم بجدار من الصمود الأسطوري لمقاتلي الحزب وللشعب اللبناني فكان مآله الفشل الذريع. ونقاط ضعف أيضاً بعد أن استعرضنا نقاط قوة النظام الإيراني داخليا وخارجيا لا بد من السؤال: أين نقاط ضعفه؟ داخليا بنى النظام ديمقراطية خاصة به، هناك برلمان وتداول للسلطة ضمن تيارات واتجاهات المؤسسة الدينية (محافظين وراديكاليين أو براغماتيين مثل تيار الأخوين خاتمي)، وهناك انتخابات حقيقية لرئاسة الجمهورية ضمن نفس المؤسسة، وقد تغير أكثر من رئيس منذ الثورة الإسلامية عام 1979، ولم يكن عزرائيل هو القائم بالفعل ولا كان التغيير بانقلاب عسكري بل بانتخابات رئاسية، لكن إبعاد جميع القوى السياسية الأخرى عن ساحة الفعل السياسي بل تصفيتها (حزب تودة الشيوعي ومجاهدي خلق) والتنكر للقوى التي تمثل القوميات غير الفارسية (الأكراد والعرب والبلوش والأذريين . . .. ) وقمعها وتصفية قادتها هو نقطة ضعف لا تبدو فاعلة في المدى المنظور لكنها يمكن أن تكون كعب أخيل النظام الإيراني إذا توفر لها المناخ المناسب. أما خارجيا فلا يمكن الاستهانة بحلفاء أمريكا ـ بل خدمها ـ في المنطقة، وهم أقطاب الحلف السباعي (باكستان، مصر، تركيا، دول الخليج، ومملكة «الهاشمي» عبدالله الأردنية) مع وجود أمريكي مباشر في بلدين مجاورين لإيران (العراق وأفغانستان) مع قواعد ضخمة في الخليج والقاعدة العدوانية الأكبر إسرائيل، هؤلاء إذا اتحدوا في خطة للحرب على إيران فستكون المعركة صعبة على النظام الإيراني الذي يعي تماما خطورة الوضع، فبدأ بالتزامن مع إصراره على إكمال عدة بناء سلاح الرعب النووي محاولات اختراق الجبهة الأمريكية عبر فتح الخطوط مع السعودية على خلفية الاستقطاب المذهبي الحاد في العراق ولبنان، وذلك لتفادي حرب طائفية بدأت نذورها تلوح في الأفق.
المواجهة القادمة. . . .الطريق الى النصر يقول نعوم تشومسكي في «الغارديان»: (مجدداً، يصبح الصقر أكثر خطورة وأقلّ قابلية للتوقّع عندما يُصاب. يمكن أن تُسبِّب الإدارة الأميركية، مدفوعةً بيأسها لإنقاذ شيء ما، كوارث أكبر). ويضيف: (لقد سبّبت إدارة بوش كارثة لا يمكن تخيّلها في العراق. لم تتمكّن من إنشاء دولة موثوقة تدور في فلكها، ولا يمكنها الانسحاب من دون أن تواجه احتمال خسارة السيطرة على موارد الطاقة في الشرق الأوسط). في مواجهة الصقر الأمريكي الجريح الذي يمكن أن يلحق كوارث جديدة بالمنطقة وشعوبها أين هي جبهة الشعوب؟ حتى الآن تبدو اللوحة قاتمة في أكثر من جهة، الشعوب العربية منفعلة ومأخوذة في جزء كبير منها بالسعار المذهبي والطائفي الذي تشعله أمريكا وحلفها، و بعض القوى الوطنية العربية منكفئة على نفسها ومشاكلها، لكن هناك في مواقع أخرى لا تزال قوى التحرر تخوض معركتها بنجاح، ففي لبنان لم ينجح عدوان تموز في تحييد المقاومة اللبنانية وتدمير قدرات حزب الله بل انعكست النتائج على العدو أزمات داخلية وصراعات على خلفية الهزيمة في لبنان، كما لم ينجح حلف أمريكا اللبناني في تمرير مشروعها السياسي بعد أن فشل عسكريا. وفي فلسطين لا يبدو الطريق معبداً أمام أنصار نهج التسوية الأمريكية لإزاحة حماس من الحكومة أو إبعادها عن النهج المقاوم، رغم سياسات العصا والجزرة التي يتم إتباعها مع حماس منذ نجاحها في الانتخابات البرلمانية، وتستمر فصائل المقاومة الجذرية (الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي بشكل أساسي) بما فيها الجسم الأساسي الوطني من «فتح» في التمسك بالمقاومة حتى تحرير الأرض المحتلة. أما في العراق فما زالت المقاومة الوطنية العراقية تزيد في مأزق أمريكا العراقي رغم كل محاولات تشويه هذه المقاومة بممارسات عملاء أمريكا وجواسيسها والقوى المتأسلمة المتخلفة التي تريد تغيير اتجاه الصراع الرئيسي ضد الاحتلال إلى صراعات مذهبية (سنية ـ شيعية) ودينية (مسيحية ـ إسلامية ـ يزيدية) وقومية (عرب، أكراد، تركمان،.....). و تستمر سورية في موقفها الوطني رغم الضغوط ورغم التراجعات الكبيرة في الداخل أمام ممثلي الكومبرادور والبرجوازية الجديدة، حيث تصب معظم القوانين التي صدرت والإجراءات الاقتصادية التي تنفذ في صالح الأغنياء ليزدادوا غنى، فيما يزداد إملاق قطاعات أوسع من فئات الشعب، ولا بد لهذا الاتجاه الاقتصادي إن استمر أن يعكس في النهاية نفسه على السياسة، فالجيوش تحارب ببطونها كما قال نابليون، والشعوب المجوَّعة والمقموعة لا يعوّل عليها، وحينها ستختلف الكثير من الأمور على خارطة السياستين الداخلية والخارجية. الحرب التي يبدو أن الإعلام الامبريالي يسوق مسوغاتها بتركيزه المشوِّه على بعض تصريحات الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد و الدوائر العسكرية الغربية بدأت تضع سيناريوهاتها، هذه الحرب لا تتحمل أنصاف المواقف أو أنصاف الاصطفافات، كما غزو العراق تماما، والعزف على الوتر الطائفي من قبل فرق الأمريكان وأعوانهم لاصطناع عداوة تاريخية مع «الفرس الصفويين»، أو إثارة الغبار حول مد صفوي وأطماع إيرانية (هي نفس ما كان يكرره صدام حسين لتبرير حربه الأمريكية ضد إيران الخميني) يجب أن لا يكون سوى موضع احتقار شعوبنا وقواها السياسية الوطنية، وأي انجرار خلف هذه الأضاليل مهما كانت التأويلات والحجج هو خدمة للمخطط العدواني الأمريكي الذي لا يوفر أي شعب وأي بلد من بلدان المنطقة، وإن كان البعض يظن نفسه بمنأى عن هذه العاصفة السوداء، فالإمبريالية قادمة مرة أخرى لإشعال المنطقة من أجل مشاريعها وأطماعها، وعلى كل الوطنيين توحيد صفوفهم وتنقيتها من الانتهازيين وراكبي الموجات ليكون مشروع التصدي والمقاومة مجدياً وحازماً. إن إمكانات انتصار الحلف المعادي للامبريالية متوفرة إذا أُحسِنَت إدارة المعركة سياسيا وحُسِمَت القضايا الداخلية لصالح السواد الأكبر من الشعب عدة المواجهة ورافعة الموقف الوطني. عندها سيكون النصر لإيران الوطنية لا الصفوية بحلفها الممتد من طهران إلى كاراكاس مرورا بسورية ولبنان وفلسطين على أمريكا الامبريالية وحليفها الصهيوني وعملائهم الصغار
#حسين_خليفة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أخبار و . . . أخ . . بار
-
«شمس» وبوش و . . . . مثقفو الزمن البائس
-
الجديد فلسطينيا في جولة رايس العربية . . . . دولة مؤقتة و. .
...
-
العوجة . . . من قرية لقادة الدم الى مقبرة لهم . . . . أين خر
...
-
ممدوح عدوان في «حيونة الانسان» . .. سيرة الوجع الانساني
-
الشعب المرن
-
اقتصاد الجوع الاجتماعي
-
أربعة وأربعون عاماً على مأساة أجانب الجزيرة
-
أبتمرقوش
-
الرئيس الزاهد
-
كارل ماركس وابن لادن ونظرية المؤامرة
-
المفاضلة العامة للجامعات السورية . . . . التكرار الذي يعلم ا
...
-
السنيورة يبكي . . . . أي دمعة حزن؟!!
-
يوسا في دمشق:أليست الرواية فعلا سياسيا بامتياز؟
-
من مسرح العبث تخفيضات خليوية
-
شاكيرا والملك والبابا
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|