|
ورطة المحافظين الجدد.
أمياي عبد المجيد
الحوار المتمدن-العدد: 1868 - 2007 / 3 / 28 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قد يتساءل البعض للوهلة الأولى ممن يفتقرون للثقافة السياسية خاصة الدولية عن الميزة التي يتميز بها المحافظون الجدد في الإدارة الأمريكية الحالية ، ولكن أنا أرى أن أي تحليل منطقي للأحداث الجارية في مناطق متعددة من العالم يحيلنا على ميزة واحدة تتعاظم مع تقدم سيطرتهم المستمرة على القرار الأمريكي . ولا جدال أن المحافظون الجدد لديهم عقدة القوة والسيطرة أو ما يعبرون عنه " بعظمة أمريكا" وهذه العقدة بحد ذاتها ميزة تجعلهم في كامل القوة النفسية لاتخاذ قرارات نسميها نحن بالقرارات المصيرية ، في حين أن المحافظين الجدد يعتبرونها من املاءات الوقت والمصلحة . إن تاريخ المحافظين الجدد القريب يؤرخ لتطلع هذه الفئة بشكل مستمر إلى السيطرة على مواقع مهمة في العالم ، وهذه النزعة الغريبة ترجع بالتحديد إلى فترة الحرب الباردة ، هذه الحرب التي تزامن اندلاعها مع تكون الفكر" المحافظ الجديد " الداعي إلى السيطرة كشكل من أشكال إخضاع العالم لسلطة وقوة واحدة ، وعمل المحافظون الجدد على إعطاء مشروعية ومصداقية أكثر لتطلعاتهم فأعلنوا على ما سموه "مشروع القرن الأمريكي الجديد" . ويمكن فهم هذا المشروع بشكل واضح في الاستراتيجية التي رسمت لتنفيذه ، والأسس التي يعتمد عليها و التي ناد بها الحافظون لإنجاح مشروعهم تتجلى أساسا في زيادة الإنفاق العسكري لتعزيز الوجود الخارجي ، الذي في المقابل حسب تصورهم يضمن لهم استمرارية تدفق الطاقة وأيضا إجبار الأنظمة التي لا حول لها ولا قوة على دخول اقتصاد السوق وإن كان دخول هذه الدول على حساب فقرائها الذين بالتأكيد سيزدادون فقرا أمام ترسانة الدول المصنعة الاستهلاكية المتبنية للرأسمالية المتوحشة . كل هذا من اجل تثبيت صورة أمريكا لدى العالمين بأن أمريكا الحرب الباردة تزداد قوة كل يوم . وليس اكبر دليل على التطلع إلى الإخضاع ما أقدمت عليه إدارة بوش من غزو لأفغانستان بعد هجمات 11 من سبتمبر ، فقبل هذا التاريخ وبالضبط في 1997 تقدم مجموعة من المحافظين الجدد من بينهم رامسفيلد، وزير الدفاع السابق و زلماي خليل زاد السفير الأمريكي الحالي ... وغيرهم بطلب لإدارة كلينتون يطالبونه بصياغة خطة لشن هجوم على العراق لضمان الأمن والظروف الكافية لاستمرار مشرع القرن . ولكن يجب التاريخ بان اكبر تحول تم خلال الغزو لأفغانستان أو ما سموه " بالحرب على الإرهاب" . وقد تتبعنا أن الإدارة الأمريكية خلال هذه الحرب اتخذت قرارها في اقل من 72 ساعة ما بين أن الخطة كانت جاهزة في الأجندة وتنتظر التنفيذ ، وأود أن أقول بان أكثر الإشارات كانت تدل قبل غزو افغنستان بان العراق أول المستهدفين ، ولكن الظروف أرغمت الإدارة الأمريكية إلى توجيه آلتها العسكرية باتجاه افغنستان وتحولت هذه الأخيرة إلى كبش فداء وفر الجو الملائم للشروع في تنفيذ مشروع القرن . بذات التراتبية تم إخضاع العراق وإسقاط نظام صدام . ومفتاح سياسة المحافظين الجدد يوجد في أيدي العراق والسيطرة على مصادر الطاقة بالقوة كان أول خيار لهؤلاء لان القوة هي من الأيديولوجية المرسخة في فكرهم ، وهكذا فالعراق اخضع بالقوة ليزحزعوا العقبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، أما العقبة الثانية المتجلية في كيفية السيطرة على الأنظمة الأخرى فهنا برز ذكاؤهم ومكرهم في نفس الوقت وتعاملوا مع الأنظمة التي تشكل فيها الحساسية الدينية درجة كبيرة بمراوغة وسياسة فريدة حتى أن اليوم ابرز حلفاء أمريكا في منطقة الشرق الأوسط هي الدول النفطية التي تصدر نفطها بدون شروط . لكن مع مرور الوقت لاحت في الأفق ورطة لم تكن في الحسبان ، فالحرب على العراق بعد استنفاذها لأربع سنوات لم تحقق الأهداف التي رسمت من اجلها ، وبدأ الشعب الأمريكي يكتشف أن انخراطه في هذه الحرب كان عبثا ، واستغلالا لا يغتفر من قبل إدارة بوش التي عمدت إلى استغلال مشاعر الامريكين إبان هجمات 11 من سبتمبر عبر ترسانتها الإعلامية لتحشد جيوشها لتستعيد هيبتها حسب الزعم . وتراجع مشروع المحافظين الجدد يبدوا واضحا في الانقلاب السياسي المسجل لصالح الديمقراطيين خلال الانتخابات الأخيرة، والشعبية المتردية لبوش . ولاشك أننا ندرك أن هذه الإدارة لكي تستمر في حربها على الإرهاب تحتاج إلى أموال ضخمة وهذا ما يفسر أن هذه الإدارة لجأت مؤخرا إلى تقليص ميزانية التعليم وهذا أمر خطير يراه الأمريكيون تراجع عن المكاسب الوطنية ، وما التحركات التي تشهدها الولايات الأمريكية حاليا لثني أي حماقة جديدة ضد إيران إلا دليل قاطع على ورطة حقيقية للمحافظين الجدد . * كاتب مغربي
#أمياي_عبد_المجيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشارع ومهمّة التغيير.
-
مستقبل حرية التعبير ؟؟
-
الإرهاب كسلوك فكري.
-
المثقف وإشكالية التعبير العلمي والمعرفي
-
شباب المغرب - المقرقب-
-
الاستغلال الجنسي للأطفال أو انهيار منظومة الأخلاق الاجتماعية
...
-
بوش : جولة الطاقة من أجل الحرب .
-
استعارة المفاهيم : الارهاب نموذجا .
-
هل نحن بحاجة إلى رابطة شبابية مغربية ؟
-
موجة الأمس
-
أهمية العدالة الاجتماعية
-
حرية التعبير والالتزام بالمسؤولية
-
الواقعية في معالجة الظواهر الآنية.
-
إيران : العتاب قبل العقاب
-
دولة الحق والقانون
-
الفدرالية كمدخل لتقسيم العراق .
-
مستقبل العلاقات الخليجية – الإيرانية
-
حلم النجومية ..
-
التغيير الدستوري وترسيم الامازيغية.
-
القطار
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|