|
تانيا رينهارت).. إسرائيلية بقلب عربي
محمد فاروق عجم
الحوار المتمدن-العدد: 1869 - 2007 / 3 / 29 - 04:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الصراع العربي الإسرائيلي.. طريق طويل ملئ بالظلام.. قلما يظهر فيه بصيص من الضوء..
على الطريق ظهرت "تانيا رينهارت".. الكاتبة اليهودية الإسرائيلية، وأستاذة اللغات في جامعة تل أبيب، لتكرّس حياتها لخدمة القضية الفلسطينية.
فقلمها عربيً يسطر كلمات بروح عربية، يُناصر السلام في الشرق الأوسط من جهة، ويُسلط على تصرفات قادة إسرائيل من جهة أخرى... ولم لا؟ فهي تلميذة "نعوم تشومسكي"، عالم اللغة الأميركي، وأهم نقّاد السياستين الإسرائيلية والأميركية على مدار العقود الثلاثة الماضية.
منذ أيام قليلة وفي مدينة نيويورك الأمريكية رحلت "تانيا" عن الحياة ليسكت قلمها، لكن تظل كتاباتها، التي سجلتها في المقالات والكتب والمواقف، حية في أذهان قرائها خاصة الفلسطينيين. تانيا.. ترسم الحقيقة خاضت الكاتبة الراحلة العديد من المعارك في مواجهة احتلال فلسطين، وكانت من أبرع المحللين للسياسة الإجرامية التي تنتهجها حكومات إسرائيل المتعاقبة، ظهر تأييدها لقضية فلسطين عندما تم التوقيع على اتفاقيات أوسلو، وأيدتها معظم النخب الأكاديمية والثقافية في إسرائيل، لكن تانيا لم تنضم إلى الآخرين، بل اختارت الانضمام إلى أقلية رأت في الاتفاقيات إجحافا بحق الفلسطينيين، وخديعة للإيقاع بهم، وتصفية قضيتهم العادلة.
أدانت "تانيا" كل الممارسات الإجرامية من خلال المقالات التي كانت تنشرها في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، وكذلك في العديد من الكتب التي أصدرتها ومن بينها "تدمير فلسطين"، المنشور في باريس عام 2002، و"ميراث شارون" حيث قامت برسم صورة حقيقية للوضع الرهيب في فلسطين.
كانت "تانيا" من بين المؤيدين القلائل لسياسة مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية، حتى أنها لم تتردد في تأييدها لجامعة "باريس 6" حينما بادرت بقطع العلاقات المتميزة بينها وبين الجامعات الإسرائيلية، وهو الموقف الذي رأى فيه معظم أصدقاؤها نوعا من التطرّف غير المقبول.
وعندما تزايد القمع وازدادت الضغوط ضد سياستها في إسرائيل، قررت الرحيل إلي الولايات المتحدة لتستقر في مدينة نيويورك وتدرس في جامعتها حتى صعدت روحها. مواقفها الجريئة ولنقرأ معا بعضاً من مواقفها التي خاضتها بشجاعة أخلاقية واضحة، ومجازفة شخصية..
عندما ذهب "شارون" إلى ساحة المسجد الأقصى ومعه ألفا شرطي، مُشعلاً بذلك الانتفاضة الثانية عام2000، كتبت تقول: "لا يتحمل شارون وحده مسؤولية المذبحة التي اشتعلت في المنطقة، بل يشاركهم باراك وبن عامي و(معسكر السلام) الإسرائيلي أيضاً، الذي أيد حكومة الجنرالات على طول الطريق، لقد دخل شارون إلى الحرم بموافقة باراك والحكومة، وزيارته خطط لها بحرس وقام بحراستها مئات الجنود وأفراد الشرطة، باراك هو الذي أمر بإطلاق النار لغرض القتل، مع كل مظهر من مظاهر الاحتجاج، مع علمه أن هذا سيشعل المناطق".
وعندما شرعت إسرائيل في بناء الجدار العازل، كتبت منتقدة: "الفلسطينيون سيجدون أنفسهم في سجن كبير ومعزولين عن العالم من كل الجهات، إلا من خلال إسرائيل، وسوف تحتفظ الدولة العبرية بالحق في العمل عسكريا داخل قطاع غزة".
وعند اغتيال الشيخ أحمد ياسين كتبت تحت عنوان "إسرائيل تجاوزت بتصفيتها الشيخ ياسين كل المواثيق الدولية"، قائله: "باغتياله الباغي زعيما ورمزا مع خروجه من المسجد، أوجد موجة جديدة من العنف والإرهاب.. رأى احمد ياسين في نفسه من يقاتل الاحتلال، كان ياسين مستعدا للهدنة، ولكنه آمن أيضا أن إسرائيل لن تُنهي الاحتلال راغبة.. العدو يفهم لغة الحرب فقط، والقنابل والمتفجرات".
كانت تانيا تؤيد وجود الناشطين في فلسطين أو من يطلق عليهم "المتطوعون الأجانب"، الذين يصطفون في الخندق الفلسطيني في مواجهة مخالب البلدوزرات الصهيونية التي تنهش في الجسم الفلسطيني، خاصة حركة "التضامن العالمية مع فلسطين" ، فكتبت في يديعوت احرونوت مؤكدة : "لقد أخذت تنشأ على طول مسار الجدار في الضفة ثقافة جديدة ..فمن جهة الجيش والجرافات... وفي المقابل يلتصقون معا- أي الفلسطينيون والمتضامنون- بالأرض والأشجار يحاولون إنقاذها" قصف غزة في منتصف يوليو 2006 وأثناء الحرب الإسرائيلية على لبنان، والقصف المتواصل لغزة بسبب الجنديين الأسيرين، كتبت مقالا بعنوان (جيش الدفاع جائع للحروب: من أجل ماذا يقاتلون؟)، ذاكرة أن:"الهجوم على غزة كان معدا منذ وقت طويل مع إعطاء الضوء الأخضر من الولايات المتحدة بالهجوم على غزة، وكان حرص الجيش متمركزا حول نقطة واحدة وهي صورته لدى الرأي العام، فالجيش يخشى أن تذهب الجهود الحربية والدبلوماسية هباء نتيجة التقارير التي تكشف عن أزمة إنسانية في غزة، ولذلك فعلى الجيش منذ الآن الحرص على ترك بعض الطعام، فإذا فهمنا تماما فانه من الضروري إطعام سكان غزة لكي يصبح من الممكن الاستمرار في قتلهم دون التعرض لمتاعب".
وتشير تانيا أن الهدف النهائي من القصف أن يفهم الشعب الفلسطيني أنه لا أمل له من المقاومة وأن عليه قبول سلطة المستعمر واعتباره قدرا!
وفي آخر مؤتمر عقدته في ديسمبر الماضي في فرنسا، أدانت تانيا بلهجة شديدة قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، مشيرة إلي أن الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا لا تمتلك حق قطع المساعدات، لأنها ليست هبة ممنوحة من أحد وإنما حق لهم، حيث يستلزم علي الدول الأوروبية أن تحل محل المحتل الإسرائيلي وفقا للقانون الدولي الذي ينص علي ضرورة توفير سبل العيش للشعوب المحتلة.
هكذا صاغت "تانيا رينهارت" رؤيتها باستقلالية وتميز..قد لا يستطيع الكثير منا – نحن العرب- أن يمتلكها !
#محمد_فاروق_عجم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجولة المرأة جبهة إنقاذ للأسرة
المزيد.....
-
مصدران لـCNN: إسرائيل تتوقع التوصل إلى اتفاق بشأن غزة في غضو
...
-
عودة محفوفة بالمخاطر: الألغام تهدد أرواح المدنيين في سوريا
-
مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون يرجحون التوصل إلى اتفاق وقف إط
...
-
الرئيس الإيراني ينفي وجود أي مخطط لاغتيال ترامب
-
مؤتمر حزب البديل من أجل ألمانيا: -تسقط عنفات الرياح!-
-
الانتخابات الألمانية 2025: سارة فاغنكنيشت أمام تحدي مفصلي
-
وزيرة التنمية الألمانية شولتسه تزور دمشق لعرض المساعدة
-
التوقيع هذه الليلة.. اتفاق الهدنة بين إسرائيل و-حماس- يبصر ا
...
-
زيلينسكي يوقع على قانون يخص الشباب الأوكرانيين البالغين من ا
...
-
مقتل 6 أشخاص بقصف إسرائيلي على جنين
المزيد.....
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
المزيد.....
|