أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد جبر - هندسة الذات والتجرد لله تعالى















المزيد.....


هندسة الذات والتجرد لله تعالى


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1867 - 2007 / 3 / 27 - 12:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تتشكل السعادة الأيمانية ، من خلال تأصل قيمة الحب لله تعالى ، في قلب المؤمن ، وذلك بان يبيع وقته وجهده واختصاصه ومكانتة ومعرفته لله تعالى ، ويقصد بكل حركة وسكنة مرضاة الله تعالى ، فالمرء إذا باع لله كل ما عنده ، اعطاه الله كل شئ ، واتته الدنيا راغمة ، وهكذا فإن انشغلت بذكر الله تعالى ، في قيامك وعملك وسائر شؤونك ، وقصدت به وجه الله تعالى ، ذلل الله لك الدنيا ، وان اهلكت نفسك في طلب الدنيا ومتاعها ، تعالت عليك الدنيا ، ولم ينالك منها الا ما كتبه الله لك ، وهكذا كان كبار اعلام القيادة الروحية للبشرية ، يضعون الدنيا في جيوبهم ، حيث محال ان تكون في قلوبهم ، وربما سيرة النبي صلى الله عليه وسلم واصحابة الكرام ، وسير ال البيت الأطهار وفي مقدمتهم الأمام علي رضي الله عنه ، خير سفرً مشرقً في لغة التجرد لله تعالى ، اوما يعرف بمحبة الله تعالى ، وهكذا كانوا في مساجدهم وكان الله في حوائجهم ، حيث كانوا منارات نور للخلائق في اليقين والرضي ، وهكذا كن لله كما يريد ، يأتيك ما تريد ، وكن محباً لله تعالى يحبك الله ، وانزل همك به ، يزول ، ولاتنزل همك بالعباد ، يدوم ، وتحلى بلغة المعاناة والحركة في العلم الشرعي ، يكن له اشراقات النور والتعلق بمحبة الله ، وقصد الأخرة في اعمالك الصغير منها والكبير .
وهنا لغة المعاناة والحركة ، من اهم ابجديات علم هندسة الذات ، وتحصيله في استقامة الذات ، واحداث ثورات التغيير في اعماقها ، عبر طاقة الأرادة الواعية اللامحدودة .
وهكذا إذا بعت الله وقتك وجهدك ومعرفتك ، نلت كل شئ ، وهنا يصدق بحقك ، قول اوائل علماء الحكمة الأيمانية الذين قالوا " ماذا فقد من وجد الله تعالى " " وماذا وجد من فقد الله تعالى " .
وما ذكر سابقاً يتحقق عبر معاناة الحب ، والخوض في تجاربه في الحياة ، في العمل والحرك ، لا القراءة والمطالعة ، فليس محباً لله تعالى ، من ادّعى المحبة ، ولم يتبع امر الله تعالى ، وهناك علامات للمحبين ، منها :
- انه يشعر بالأمن والسكينة ، بمعية الله تعالى ، فلا يعد محبا لله تعالى ، من يدعي المحبة وهو قلق ، تائه ، ممزق المشاعر، خائف ، مرتكب ، يخشى الخلائق ولايخشى الله تعالى ، ويعظم الناس ولايعظم الله ، والله تعالى في اخر اولوياته ، وهو يدّ عي محبة الله تعالى ، وهنا توجد اشارة مهمة في علم هندسة الذات ومفادها ، ان هناك ارتباط موجب بين ارتفاع الحالة الأيمانية ، من خلال تأصل قيمة محبة الله تعالي في نفوس الناس ، وبين ارتفاع مستوى الحالة النفسية الأيجابية ، لأنه بذلك يسكن مشاعره الأمن والرحمة والهداية ، والقدة على اتخاذ القرار ، والعكس ينشأ عنه الخلل النفسي ، والأفات النفسية وفي مقدمتها القلق والأكتئاب ، وربما اودت في بعض الأحيان إلى حالات الأنتحار المتفشية الأن في مجتمعاتنا ، وهكذا إذا انطوت نفسك على قلب مفعم بالحب لله تعالى ، فأنت في حالة ايجابية في ضوء علم هندسة الذات ، ومطمئنة .
وهنا اقدم فائدة مضمونها ان مفردة الحب تنطوي على معان عدة لغوياً ، وهي الصفاء والعلو والظهور ولباب الشئ واللزوم والثبات والحفظ والأمساك ، وهنا نوجه المسترشد ، في علم هندسة الذات ، نحو لزوم تلك المعاني الجميلة في علاقته مع الله تعالى ، التي تنعكس ايجابياً في تعامله مع الأخرين ، بحيث يكون مبدئياً منضبطا ، يحمل درجة التحمل العالية ، تجاه الصدمات ، لأن معياره محبة الله تعالى ، التي تكيفه للتعامل تحت قيمة الرضى عن الله تعالى في ميدان النعم والنقم .
فمحبة الله تعالى تمنح المسترشد بالصفاء ، ونبادر نحن عبر مجهودات علم هندسة الذات في ترسيخ تلك القيمة الطيبة فيه عبر تمارين الطاقة والتأمل والأسترخاء ، ومحبة الله هي موطن العزة الأيمانية ، وارتفاع مفهوم الذات بالتالي في وحي الوجدانيات ، وهي الركن الأساس في صفاء ونقاء التوجه لله تعالى ، وهي مصدر تثبيت المرء على دينه ، ومنحه طاقات الصبر على المعاناة والتحمل في الحياة ، التي هي محض ابتلاء ، وهو مصدر حفظ الذات في كافة الأبعاد وفي مقدمتها البعد السيكولوجي .
- ومن علامات المحب لله تعالى ، انه يبادر دوما إلى ذكره تعالى ، في كل موطن ،لأن من احب شيئاً ، داوم على ذكره ، في سائر احواله ، واثره على جميع ما لديه .
- ومن علامات المحب لله تعالى ، انه على الدوام يوافق امر حبيبه في المشهد والمغيب ، ولايعصيه سراً ، وعبادته له ليس فيها فرق وتفاوت ، بين سره وعلانيته بين الناس ، وان كان هناك فرق ، فهناك خلل في تعبده لله تعالى ، فالمحب لله تعالى ، معه ورع يمنعه من المعصية سراً .
- ومن علامات المحب لله تعالى ، انه يستكثر القليل من ذنبه ، ويستقلل الكثير من طاعته ، وتلك السمة الأيمانية نابعة من خوفه من الله تعالى ، وبالتالي هو لا يملأ الأرض صخبا وضجيجاً بعبادته ، خوفاً من الله تعالى ، لأنه يخشى ان لاتقبل بين يدي الله تعالى ، بينما المنافق هو على العكس تماماً ، فهو يستعرض ذاته ، من خلال الحديث عن عبادته ، والرياء بها بين الخلائق ، وهكذا يرى المؤمن ذنبه ، كأنه جبل قائة على قلبه ، ويشعر العاصي ان ذنبه مثل ذبابة مرت من بين عينية ، وذهبت .
- مقاربة الطاعات ، ومجانبة المعاصي ، حيث لايكون الا فيما امر الله ويرضي الله ، وحاله في قوله تعالى " وعجلت اليك ربي لترضى " ، ويصدق عليه انه من اولياء الله تعالى ، الذين سئل الجنيد رحمه الله تعالى عنهم ، فأجاب بما معناه ، بأنك تجدهم عند الحلال ، وبعيداً عن الحرام ، وهو ذاهب عن نفسه ، متصل بربه ، مؤدٍ لحقوقه تعالى ، فإن تكلم ففي الله تعالى ، وان نطق فعن الله تعالى ، وان تحرك تحرك بالله تعالى، وان سكن سكن مع الله ، فأحواله كلها في الله ولله وعن الله ومع الله .
وحدد حكماء الأيمانيات ، طرائق الوصول إلى محبة الله تعالى ، من خلال الأتي :
- ان يكون محبوباً عند الله تعالى .
- ان تقرأ القرآن في تدبر عميق لمعانيه ، وهكذا قال حكماء الأيمانيات ، خذ معاني القرأن ممن يعانيه ، وخذ الفاظه من حفاظه .
- التقرب إلى الله تعالى بالنوافل ، من خلال العبادات والأعمال الصالحة وخدمة الخلق ,
- مشاهدة ايات الله في كونه وتدبرها ، وتأمل النعم والعطايا ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ، كان يعظم النعمة ، وان قلت ، وهكذا تنظر للكون والحياة في عين النعمة والرضى ، وهذه من ابجديات علم هندسة الذات ، التي تعينك على الرؤية الأيجابية للحياة ، واهم وقودها ، هو رؤية الكون والحياة والخلائق في عين النعمة والرضى ، والتدبر في ايات الله .
- انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى ، فكلما ازداد حبك لله تعالى ، كلما ازداد انكسارك بين يديه .
- مجالسة الصالحين المحبين لله تعالى ، حيث تلتقط اطايب الكلم الطيب والحكمة ، التي تقربك من الله تعالى ، وتستخلص منها نتائج معاناتك في الحياة وثمراتها ، فضلا على ان ذلك يعد من ابجديات علم هندسة الذات ، ويدخل في ضوء قانون التجاذب ، أي طاقات الجذب بين المؤمنين ، من خلال توافق ترددات هالاتهم الكهرومغناطيسية ، التي ينشأ من خلالها المحبة والتوافق ، وتنبعث من خلالها طاقات اللمس ، وما فيها من دفئ ومحبة عبر تصافح المؤمنين ، ورص صفوفهم في صلاة الجماعة ، فضلا عن تجمع الطاقة النورانية ، عند اجتماع المؤمنين في صلاة الجماعة ، وبالأخص في تجمعهم في الحج ، في منطقة جغرافية ، لها ايضا انعكاساتها الأشعاعية في الطاقة ، وهذا يحدث وفق علم هندسة الذات ، حالة ايمانية مرتفعة من جهة ، وتوافق في الطاقة ومستوى تردادتها ، وحالة من الجذب الأيماني .
واختم محطتي هنا ، بالأشارة إلى ان محبة الله تعالى، تقتضي المجاهدة والمكابدة والمعاناة ، وهذه من متطلبات علم هندسة الذات ، واؤكد هنا إلى ان من احترقت بدايته ، اشرقت نهايته .



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجية الواقع العراقي في ضوء متطلبات المجتمع المدني
- ثقافة الحوار في مواجهة الفتنة المذهبية والاقتتال الداخلي – ا ...
- نهايات السياسة في خريف اللحظات
- الصراعات العربية العربية في استراتيجيات السياسة الأمريكية
- هندسة الذات (11) :سيكولوجية الأتصال مع الأخرين
- المعرفة والمستقبل
- الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع
- هندسة الذات 10: سيكولوجية الألوان والتواقيع الشخصية
- سيكولوجية الحب في ثقافات الشعوب
- محمود نجاد بين السيكولوجيا والسياسة
- مستقبل النهوض المدني في المجتمع العراقي
- رؤية سيكولوجية في ثلاثية ( رايس ، ليفني ، معوض ) السياسية
- رؤية سيكولوجية في الجندي الصهيوني والمقاوم اللبناني
- استراتيجيات النصر ( السيكولوجية ) في الحروب
- منظومة التناقضات في الحرب على لبنان
- مقولات سيكولوجية في ضوء مجزرة قانا / مقاربات نقدية
- كونداليزا رايس بين نص السياسة ونص (انهم يقتلون الأطفال) مقار ...
- هندسة الذات (9) : سيكولوجية الحرب الدائرة على لبنان
- متطلبات الإدارة الإبداعية للحركة العمالية في العالم العربي
- ثنائية ( العشق ، الرفض ) للمجتمع في المشهد الأدبي


المزيد.....




- -أسوأ معاملة إنسانية-.. قائد شرطة يتحدث عن رجل زُعم أنه كان ...
- مباشر: كييف تبدأ بتشكيل فريق لمراقبة هدنة محتملة وويتكوف ينق ...
- حماس توافق على الإفراج عن جندي إسرائيلي-أميركي وجثامين 4 من ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير 29 بلدة في كورسك و4 بلدات في دونيت ...
- مهرجان الألوان الهندوسي يجذب الملايين
- مصر.. الأمن يلقي القبض على مسن بتهمة التحرش بطفلة
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- -حماس- تعلن موافقتها على مقترح تسلمته من الوسطاء لاستئناف ال ...
- حاسوب أمريكي يحل مشكلة معقدة أسرع بمليون سنة من الحواسيب الع ...
- سوريا.. أهالي السويداء يرفعون علم الموحدين الدروز في ساحة تش ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعاد جبر - هندسة الذات والتجرد لله تعالى