أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريد زهران - قراءة في نتائج انتخابات نقابة الصحفيين















المزيد.....

قراءة في نتائج انتخابات نقابة الصحفيين


فريد زهران

الحوار المتمدن-العدد: 562 - 2003 / 8 / 13 - 02:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


 

في خضم المشاعر المتضاربة حول نتائج انتخابات نقابة الصحفيين يجدر بنا أن نحاول تأمل هذه النتائج بشكل هادئ وعميق حتى ندرك ما تخفيه من دلالات وما توحى به من احتمالات لا تتعلق بمستقبل نقابة الصحفيين او حتى النقابات المهنية فحسب، ولكن تتعلق بمستقبل الوطن ككل، وأول هذه الدلالات وابرزها هو ما كشفت عنه النتائج – وتحديداً مايتعلق بنجاح جلال عارف "مرشح  المعارضة" وسقوط صلاح منتصر "مرشح الحكومة"- من أن الصحفيين قد ارسلوا إلى من يعنيهم الامر رسالة واضحة تعلن ان الكيل قد طفح وأنه لم يعد من الممكن للدولة أن تفرض ارادتها ، وان الناس – وبالذات الصحفيين المحسوبيين على النخبة المثقفة – قادرين على ان يلحقوا بالدولة المتسلطة والاهرام - الذي يوصف فى دوائر الصحفيين بأنه المؤسسة المهيمنة - هزيمة نكراء حتى لو لوحت الدولة بـ " ذهب المعز" ووعدت بزيادة المعاشات، أما الدلالة الثانية لنتائج الانتخابات فتتعلق بما آل اليه حال معسكر الدولة نفسه من تفتت وانقسام، ذلك انه ليس خافياً على احد أن سقوط مرشح الحكومة لم يكن بسبب جهود المعارضة وحدها ، حيث قام عدد من ابرز رجالات الدولة فى عالم الصحافة بدور لا يستهان به فى هذا الصدد وذلك فى اطار المنافسة المحترمة بينهم وبين "المؤسسة المهيمنة" على اقتسام النفوذ والثروة، وإذا كان البعض يرى ان الصراع داخل النخب الحاكم هو اشارة الى ما انتهى اليه حال الدولة من تصدع قد يشى بأنهيار وشيك، فأن البعض الآخر يعزى تأجج هذه الصراعات داخل دوائر النخب الحاكمة إلى غياب المعارضة كطرف مؤثر فى الصراع من ناحية، وإلى رغبة من يعنيهم الامر فى ادارة امور الوطن من خلال تغذية مثل هذه الصراعات بين رجالات الدولة واقطابها من ناحية اخرى .

       الدلالة الثالثة لنتائج الانتخابات تشير إلى استمرار ظاهرة انتقال الصراعات السياسية الى ساحة النقابات المهنية ، وفى هذا الصدد يجدر بنا ان نلاحظ ان مصر - بكل اسف – لا تعرف ظاهرة تعدد المراكز النقابية ، ومن ثم فأن نقابة الصحفيين – كما هو مفترض – نقابة لكل الصحفيين كما وأن نقابة المحامين من المفروض أن تكون لكل المحامين، ولكن البعض يخوض غمار العمل النقابى بهدف تحويل نقابة الصحفيين – او المحامين – الى نقابة تقتصر عضويتها على ابناء تيار واحد، ، ونحن لا نتجنى البتة عندما نؤكد أن من بدأ هذه الطريق الشائك كان الدولة التى ارادت ان تحول النقايات الى مجرد مؤسسات حكومية او شبه حكومية تستطيع من خلالها ان تسيطر على ابناء المهنة او الصنعة الواحدة ، وفى هذا الاتجاه الغت الحق فى تكوين النقابات وهو ما كان من الممكن ان يؤدي الى وجود اكثر من مركز نقابى تحت مظلة تنسيقية تتيح الوصول إلى شروط موحدة فيما تيعلق بإجازة او ترخيص ممارسة المهنة وما يتعلق بذلك من ميثاق شرف أو قواعد، وفى هذا الاتجاه ايضاً – اتجاه مصادرة وتأميم العمل النقابى وتحويله إلى اداة مساعدة فى العمل الحكومة - لم تحرص الدولة على السيطرة بالكامل على النقابات المهنية والعمالية ، وانما حرصت أيضاً على استخدامها فى العمل السياسى المباشر لدعم مواقفها وتوجهاتها واصبح من المألوف ان نرى لافتات تعلن أن "كذا الف معلم – أو مهندس أو محامى .. الخ... يبايعون أو يؤيدون أو يشجبون ... الخ" ولم يكن من المهم فى هذه الاعلانات السياسية أن يراعى أن هناك من لا يبايع أو لا يؤيد أو لا يشجب ، فما دام رجالات الدولة قد حصلوا على 99% من الاصوات – بالتزوير أو حتى عن جدارة ، فأن من حقهم التحدث بأسم كل الصحفيين أو المهندسين او المحامين ... الخ وليس للمعترض إلا أن يكظم  استياءه وغضبه جراء التحدث بأسمه عن غير وجه حق ، ذلك أن النقابة المهنية لم تعلن أن من بين شروطها مبايعة فلان أو تأيييد الموقف الفلانى ، ولو أنها اعلنت منذ البدء انها نقابة الصحفيين المؤييدين للسلام مع اسرائيل – مثلاً – أو نقابة الصحفيين الرافضيين للسلام  مع اسرائيل لإصبح الامر واضحاً أمام من يريد الانضمام أو من يرفضه وذلك طبعا بشرط تعديل القانون بحيث يسمح بوجود النقابتين او الثلاث أو الاربع ومن ثم يصبح من الممكن لـ زيد ان يدخل نقابة الصحفيين الرافضين للسلام مع اسرائيل بينما ينضم عبيد الى نقابة الصحفيين المؤييدين للسلام مع اسرائيل، أما مع وجود نقابة واحدة لكل الصحفيين تجيز عضويتها مزاولة المهنة فالامر فى حاجة إلى ان نبتعد بالسياسة عن ساحة العمل النقابى، وما بدأته الدولة - بكل اسف - ورفضته المعارضة مراراً وتكراراً وقعت فيه، وابرز مثال على ذلك هو ما قام به الاخوان فى النقابات المهنية عندما نجحوا فى السيطرة على عدد من النقابات المهنية ، حيث تكشف أنهم لم ينتقدوا ما هو "غير عادل" لأنه "غير عادل" وأنما انتقدوا "الظلم" لأنهم الطرف "المظلوم" أما عندما اتاحت لهم الظروف أن يكونوا في موقع الظالم فأنم لم يتورعوا عن القيام بهذا الدور على النحو الاكمل !! والاخوان لم يكتفوا بأتخاذ النقابات المهنية لإعلان مواقفهم السياسية، بل لقد وصل بهم الامر إلى اتخاذ النقابات المهنية منبرا اسلاميا ينفق على مشاريع اسلامية متجاهلين أن النقابات المهنية لكل المصريين مسلمين ومسحيين وأن ما لا يقل عن 50% من شهداء مصر من الاطباء فى المواجهات مع العدو الصهيونى هم من الاطباء المسيحيين كما تعلن ذلك اللوحة التذكارية التى تضئ مدخل دار الحكمة .

       الدولة لم تبدأ وتمارس لعبة السيطرة على النقابات وتحويلها الى تابع يعلن وينفذ سياستها فحسب، وأنما الدولة هى المسئولة ايضا عن تصفية العمل السياسى بحيث لا يصبح امام الناس سوى محاولة ممارسة السياسة من خلال منابر مثل النقابات أو الجمعيات أو حتى النوادى الرياضة وهو الامر الذى اضر ويضر العمل النقابى والاهلى والرياضى مثلما يضر العمل السياسى نفسه.

نحن نرى أن للعمل النقابى دور هام لا يقل عن العمل السياسى ونحن نرى بالطبع أن وجود مرشحين للاحزاب والقوى السياسية المختلفة فى ساحة العمل النقابى هو امر طبيعى ولكن من المفترض ان يكون لهولاء المرشحين فى ساحة العمل النقابى برامج نقابية بالاساس ما دام هناك مركز نقابى واحد ، فلا ينبغى لإحد ان يتخذ من فوزه النقابى ب 99% أو 51% تكئة أو مبرر للحديث بأسم كل اعضاء النقابة فى الامور السياسية وذلك احتراماً لأقلية لم تختاره فى اطار سياسى وانما من المفترض انها اختارته لإسباب نقابية فى اطار نقابى .

       غوغائية الدولة اممت وصادرت كل اشكال العمل الجماعى السياسى والنقابى والاهلى واعتبرته فى خدمة "المعركة" التى لا يعلو صوت فوقها ، وهى المعركة التى خسرناها على الدوام بفضل هذا المنطق نفسه ، وعلى المثقفين ـ اللذين خان بعضهم امانة الكلمة من قبل وكبدوا الوطن ثمن فادح – ان يتماسكوا اليوم فى مواجهة اى غوغائية اخرى .

                                                                      

 

 



#فريد_زهران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة للحوار حول مبادرة تجديد المشروع الوطني - مصر
- لا للحرب . والاستبداد . والهيمنة . نعم للسلم . والديموقراطية ...
- مسيحى ما علاقتك بالانتفاضة


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فريد زهران - قراءة في نتائج انتخابات نقابة الصحفيين