سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 1864 - 2007 / 3 / 24 - 09:51
المحور:
كتابات ساخرة
في موروثنا من السرد الشفوي ثمة حكاية طريفة عن جحا مؤداها أن جحا خرج ذات يوم هو وابنه وحماره إلى السوق، وكان هو راكباً الحمار فسمع بعضهم يقول؛ انظروا إلى هذا الرجل الذي لا يستحي، يمتطي الحمار ويدع ولداً صغيراً يمشي على قدميه، فنزل جحا وأركب ابنه الحمار، فسمع آخرين يقولون؛ انظروا إلى هذا الشاب العاق الذي يجعل شيخاً مسناً يمشي على قدميه. فركب هو مع ابنه على ظهر الحمار، فقال بعضهم؛ انظروا إلى هذين الذين لا يخافان الله كيف يعذبان الحمار بثقلهما. فنزل كلاهما من فوق الحمار وتركا الحمار يدب معهما. فقال بعض آخر؛ انظروا إلى هذين الأحمقين يملكان حماراً ويسيران على أقدامهما.
حيرة والله!!
تذكرت هذه الحكاية وأنا أفكر بجوانب من المشهد السياسي في بلدنا، حيث يكاد الجميع أن يكون ضد الجميع، ولا شيء يعجب هذا في سلوك ذاك، ولا شيء يعجب ذاك فيما يقول هذا.
سيقولون لك؛ وماذا في ذلك، إنه زمن الديمقراطية.
حسناً، وهل تعني الديمقراطية أن تكون معارضاً لكل ما يطرحه أو يفعله خصمك حتى وإن كان على صواب؟. وطبعاً أن هذا الأمر لا يقتصر على المجتمع السياسي المحترف عندنا، وإنما يتعداه إلى قطاع واسع من مريدي ومؤيدي هذا الفريق أو ذاك، حيث تهيمن آليات نظرية المؤامرة على الأذهان وتشتغل سواء عبر الوعي أو اللاوعي.
أعتقد أن لهذه المشكلة وجهين أو احتمالين على الأقل. الأول هو ضعف الوعي السياسي عند كثر من سياسيينا والهائمين بالسجال السياسي وعدم فهمهم لروح الديمقراطية التي لا بد أن تعني الوصول إلى الحقائق والطرق والخيارات الصحيحة في الأداء من خلال الحوار والمنافسة الشرعية حيث المخالفة والمعارضة تقوّي الجسم السياسي وتمنحه حصانة عالية ضد الخطأ والانحراف والفساد.
أما الوجه أو الاحتمال الثاني فهو أن ما يجري حقاً لا يتعدى كونه صراعاً أنانياً على السلطة والثروة والنفوذ بشتى الوسائل المتاحة وبحسب التفسير الأكثر تطرفاً وسوءاً لمنطق ميكافيللي ( الغاية تبرر الوسيلة ).
لا يمكن إرضاء الناس جميعهم بأية طريقة، وفي أي زمان ومكان، وهذا من طبيعة البشر. لكن هناك، لا شك، أسساً ومعايير وأخلاقيات منطقية ومعقولة نستطيع من خلالها تقويم القول والفعل لنصل إلى الحدود الدنيا الضرورية من الاتفاق المنتج، بشرط توفر الثقة وحسن النية أولاً.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟