أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - نشيد طفولي على طريق الذاكرة...














المزيد.....

نشيد طفولي على طريق الذاكرة...


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 1863 - 2007 / 3 / 23 - 11:32
المحور: الادب والفن
    



في حياته..
تغطرس ابي بفقره..
ذات عشية،قزقزها المطر بعنف،حتى نبتت في حديقة دارنا الأمامية وردة لم اعرف كنهها،اذ كانت لا تنتمي لفصيلة الورود النابتة او تلك التي نعرفها، في تلك العشية ظننته،ولكثرة تغطرسه،طاووسا يمسّد الوان ريشه ليزيدها القا..
.....

ذات ظهيرة مشمسة...
دققت فأسي في الأرض،حفرت بورع ساقية مدورة صغيرة يمتد منها ذراع ملتو الى الرصيف الترابي،فقد ادركت تلك الوردة،غير المنتمية،حانية تستغيث من وفرة الماء، كونها نبتت في بقعة منخفضة عصية التصريف..
..خذي هذه المنشفة المبللة بماء بارد،جففي تعرقك..هكذا باغتني ابي حينها واضعا قبعة كبيرة من الخوص فوق رأسي المشتعل، مذكرا اياي بأن البساط الأخضر قد مدّ لإستقبال صحون الغداء، وإن الإسراع الى الداخل مسؤولية اسرية واجبة، لم يبد لي منشرحا بما فعلت، لكنه تجاوز برفق،كما اعتقدت، احباطي بعدم الرضى...
......

على حافة الرصيف،وفوق كيس القمامة،وجدت جذورها،
كنت عائدة من الجامعة في اليوم التالي على غير عادتي، فقد استبدت بجسدي النحيل حرقة شمس اليوم المنصرم،أحكمت قبضتي على الجذور وسحبتها ،بإعياء شديد، من فوهة الكيس المغلق،كانت الوردة اكثر نضارة مني..
كيف نلقي بشيء نضر في كيس قمامة..هذا ما سألته لنفسي،ولوالدي، حينها..
.. يا ابنتي..
هذه الأرض ستنبت الكثير مما لا نعرف كنهه،علينا بخلعه قبل ان ينالنا المرض..هكذا جاء جواب والدي فصدقته..او هكذا تراءى لي ساعتها..

......

كلما انهمر المطر،وبغزارة تلك العشية،كنت امط رأسي الصغير في اركان الحديقة ابحث عنها،عن وردة نابتة لا اعرف كنهها،كنت دؤوبة البحث عنها في حدائق الجيران الأمامية، اذ لا حدائق خلفية في حارتنا، فقد زحفت مؤخراتنا الى الوراء لتصيبه بالبوار، كنت آملة أن اجدها في ركن امامي اقل تغطرسا وفقرا،لا يقسو على نماء مختلف...

.....

ذات مساء مرتعش،تلقفت دمعة نفرت من عين ابي،لم اتح لها فرصة التغلغل بين ما تبقى من شعيرات لحيته البيضاء،تلقفتها بنبض متسارع،لا لشيء اطلاقا ،فقط لأن، دمعة تختبىء، او تحاول ان تندس بين بصيلات ذقون الرجال،تتعبني...
اقسم أو اكاد، انه سمع نبضي المتصارخ، فانفرجت اساريره بابتسامة تلغو بالكثير مما ادركه ولا أدركه..
.. بعد ان رفع يده اليمنى،متحسسا اياها بيده اليسرى، تباطأ نبضي اذ رأيت بوصتين من الجلد المجعد يتدلى هاربا من هشاشة عظامه،نافرا من بقايا وسائد العضل واللحم المغتربة في جسده،تلك التي كانت تدفىء اعضاءه وتمنحها وقار الإقتدار وفيزيائية الألق، قالي لي..
يا ابنتي مشوار دربي يدق ناقوس نهايته،ها انا راقد على شفير...
..قاطعته..كان لا بد لي من مقاطعته، اذ ان الشعرات الثلاث ،اللائي ينبتن مجددا وعادة في اسفل ذقني، لم يكن كافيات لتخبئة كرات الماء المتأهب للفرار من توتر انحباسه....
قلت له برجاء يقظ..
ابتي..قم ..قم معي لنطل سوية على باحتنا الخلفية،
شتلات السوسن والياسمبن ما زالت تنتظر الشتل
بذور الريحان والنعناع نائمة في جوف اكياسها،
الأسمدة يا ابتي.. لنلحقها فقد بدأت بالتصخر،
وشجرة الكروم التي نحبها لن نجني منها شيئا هذا الصيف مالم تباركها يداك..
قم،لنقلع العشب والحرش،نحرث ونشذب الأرض لتبتهج ..
ابتي.. لا بد ان نستعيد خصوبتها..

....

ما زال فأس ابي نابتا في الأرض،في رقعة منخفضة،آثار ساقية مدورة تحتضنه،اطلال ذراع مهلهل انحسرطوله فأضاع الإتجاه،تشاغل الفأس..
كان ابي قد خلع جسد شيخوخته يومها.. قال لي اذ انبت فأسه وكأنه يشق بطن حوت..
ذات عشية غزيرة المطر..هنا يا ابنتي حيث الفأس،لا بد ان تنبت،من جديد او تعود، وردة نضرة من صنف مختلف.. ابقي على الفأس وانتظري الهطول..
اخفقت هذه المرة بتلقف دمعة اخرى من عين ابي، كانت قد هاجرت برفق على هامش قوله.. لم تخفق الأرض كعادتها،تلقفت هجرة الملح من عين أبي بحبور،وبرنين ما زلت اسمعه..
هكذا رحل ابي متغطرسا بنضارة فقره..

....

على الطريق السريع،الذي يربط مدينتي بمدينة سانت لويس،غالبا ما يشتد بي الظمأ...
لا املك حينها إلا ان ابلل ريقي بنشيد طفولي يمرح في الذاكرة، كنت، في يوم بعيد قريب، قد اختلقته عند موقد ظننته سينطفىء...

ايه ..أمي..
عودي له...عودي...
من جديد انجبيني
على خاصرة الخصب أشمها
بجلدة لا تحترق..
ومشيمة،حورية بيضاء ملساء
تمشط اذيال السحب النائمة
بقرني ثور....

07/03/22



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشكيلات.. جسد الطعنة..
- المرأة..مومياء مكانتها الفطرية المقدسة ..
- المرأة.. مومياء العروبة والإسلام المقدسة!..
- طفرة نوعية على سلم التفخيخ...
- الشعائر الحسينية : فلسفة إستحضارالألم والتفريط بقيمته...
- بين جاهليتين..قراءة من فوهة الجرح...
- يا أولاد (....) العراق نبراس حضارتكم فلماذا ادخلتم...
- فراغات مبعثرة.. لا تمتلىء
- التسلط العمائمي والشعب العراقي يدفع الثمن مرتين..
- خلوة وتعرّق.. وضيف..
- ما تفعله انثى الانسان لصغارها.. تربية ام رعاية؟
- ادعية رمضانية للسلاطين والأرهابيين...
- حول الفيدرالية ومشروع تجفيف المستنقع العراقي…
- أبو رنا.. ومفخخاتي رئيس مجلس النواب...
- حوافر..برأس دبوس
- هاتوني بزنجيل وقامة والف خرافة كي أمسي عراقية!!
- بغاء في حلم...
- أرواح العراقيين في ذمة المرجعيات الدينية....
- آه أيتها الحقيقة.. يا أكبر كذبة في التاريخ...
- الخطة الأمنية امتدت من بغداد والى ما بعد بعد بغداد!


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - نشيد طفولي على طريق الذاكرة...