|
برُوفيسورَاتُ تُوتِي!
كمال الجزولي
الحوار المتمدن-العدد: 1862 - 2007 / 3 / 22 - 12:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لولا أن يوم المرأة الذي احتفل به العالم بأسره في الثامن من مارس الجاري قد صادف لدينا دُهيماءَ غطغطت على صفحة أجندتنا ، فشغلتنا ، مُكرهين لا أبطال ، عن كلِّ ما عداها ، لما كان فاتني أن أزفَّ من التهاني أطيبها ، ومن الأمنيات أعذبها ، إلى جميع نساء بلادنا ، وبالأخصِّ هاتيك الكريمات ، المكافحات ، الصابرات ، في بوادي دارفور ، على عتمة ليل مخيِّم مثل رُخٍّ خرافىٍّ ، وقسوة أذىً منهمر كمطر من الجمر ، يتطلعن إلى فرج عاجل وفجر قريب بإذن الله ، فليتقبلن أجمعهنَّ تحيَّتي المتأخرة هذه ، وأنا أخلع (طاقيَّتي) تصاغراً ، وأحني رأسي إكباراً ، لهنَّ في عيدهنَّ ، متمنياً أن يعود عليهنَّ ، وعلينا ، وعلى الوطن كله بحال غير الحال ، وبأمر فيه تجديدُ! وكنت هاتفت ، قبل ذلك ، الأستاذة الموقرة بلقيس بدري أدعوها لتشريفنا بالحديث في الاحتفاليَّة التي أقامها اتحاد الكتاب بهذه المناسبة في مركز عبد الكريم ميرغني بأم درمان. حاولت بلقيس أن تعتذر ، في تواضع دمِثٍ ، بأنها لا تستطيع أن تدَّعي لنفسها نضالاً في هذا الشأن. قلت لها: النضال (خشم بيوت) يا بلقيس ، وبذل بيتكم في سبيل تعليم المرأة لا يقلُّ ، بحال ، عن بذل أعرق المؤسَّسات النسويَّة المدنيَّة في بلادنا ، إن لم يكن قد فاقه لجهة التنفيذ والبيان بالعمل. قالت: أتفق معك ، ولكن هذه الأسرة التي حظيت باستنارة حبا الله بها راعيها الأكبر ، نشَّأتني ، في المستوى الشخصي ، على سلاسة في نيل أكثر حقوق المرأة ، دون أن تحوجني ، ابتداءً ، لخوض صراع السودانيات المعتاد من أجل هذه الحقوق في جبهة الأقربين ، وهو صراع ، كما تعلم ، أمرُّ وأقسى من الصراع في جبهة المجتمع. إلتقطت هذه الفكرة بالذات ، ورجوتها أن تأتي لتقدِّم إفادتها الشخصيَّة عن تجربة امرأة سودانيَّة حظيت بألا تكبِّدها أسرتها ، مقارنة بالكثيرات غيرها ، شطط الصراع الابتدائيِّ معها في هذا الشأن ، بل يسَّرت لها أن تناضل من أجل حقوقها وحقوق نساء بلادها جميعاً في التعليم من نقطة أكثر تقدُّماً. ولكم أسعدني أن راقت الفكرة لبلقيس ، حيث جاءت ، وتحدَّثت ، فكفت ووفت بشهادة الحضور. وإذا تفضل القارئ الكريم وسمح لي بلمسة شخصيَّة خفيفة أطبعها ، في هذا المقام ، على جبين هذه البطاقة ، فإنني ، وبعد أن أخصَّ بالتهنئة والأمنيات زوجتي وإبنتي وشقيقاتي ، أحبُّ أن أذكر بالخير كله والدتي وجدَّتي الغاليتين ، النعمة بنت الأنصاري ونفيسة بنت شوش ، إن لم يكن بحصر أعمالهما الصالحات التي تستعصِي ، بالفعل ، على الحصر ، فليكن ، على الأقل ، بالإيماء لذكرى إبقائهما رأسنا مرفوعاً في سجون النميري ، وهما تخوضان في وسط شارع الجامعة ، ذات نهار قائظ ، وضِمن أسَر المعتقلين كافة ، معركة الحريات والمطالبة بإطلاق سراحنا جميعاً ، مِمَّا عرَّضهما لاعتقال مُرٍّ ، هما أيضاً ، برغم العِلل وتقدُّم السِّن ، في زنازين أمن مايو! رحمة الله ورضوانه عليهما ، وعلى زميلنا الأستاذ الكبير مبارك أحمد صالح المحامي الذي تصدَّى للدفاع عن (أمِّي نعمة) حين قدِّمت للمحاكمة ، في نفس الواقعة ، بموجب قانون أمن الدولة!
* * * لصديقي المفكر الكبير كريم مُروَّة عقل فيلسوف وقلب فنان. يخوض بك ، ساعة ، في مشكلات العصر والعرب ولبنان فيشدُّك ، شدَّاً ، إلى قوَّة المنطق وتماسك الحُجَّة وسلاسة التحليل ، حتى لتظنَّ أنك في رحاب قبيلة بأسرها من سلالة الحكمة القديمة ، ثمَّ ما يلبث أن يحلق بك ، ساعة أخرى ، في آفاق الشعر والأدب والموسيقى حتى لتنسى أنك في حضرة رمز مرموق من الرموز التاريخيَّة لحركة اليسار الماركسىِّ العربي! ما زلت أحفظ لكريم فضله عليَّ ، فقد قدَّمني للقراء ، باكراً ، أواخر ستينات ومطالع سبعينات القرن الماضي ، عبر مجلة (الطريق) وصحيفة (الأخبار) اللتين كانتا تصدران ، وقتها ، في بيروت ، عن الحزب الشيوعي اللبناني. وكنت لمَّا أزل ، بعدُ ، طالباً في مقتبل العمر بجامعة كييف ، أبعث إليه بقصائدي من هناك ، باسمي الحقيقي حيناً ، وباسم (بحر الدين دياب) أغلب الأحيان ، خصوصاً خلال الفترة التي أعقبت مجازر يوليو 1971م ، حيث نشرتُ ، لأول مرَّة ، (طبلان وإحدى وعشرون طلقة لـ 19 يوليو) و(الغابة إمرأة يأتيها الطلق) و(نقوش مستعجلة بالقلم الأحمر على هوامش بيان للجنة المركزيَّة) وغيرها. وكثيراً ما كان يُعاد نشرها ، نقلاً عن هاتين الاصدارتين ، فى مجلة (الجديد) التي كان يصدرها الحزب الشيوعي الاسرائيلي ، على أيام رئاسة محمود درويش لتحريرها ، وكذلك مجلة (الثقافة الجديدة) التى كان يصدرها الحزب الشيوعي العراقي في بغداد. مع ذلك ، صدِّق أو لا تصدِّق ، لم يتح لي أن ألتقي بكريم ، وجهاً لوجه ، إلا قبل سنوات فقط عندما قدَّمني إليه ، في بيروت ، صديقنا المشترك د. مصطفى خوجلي. وتكرَّرت ، بعد ذلك ، لقاءاتنا ، فأسرني بعمق إنسانيَّته ، وبساطة شخصيَّته ، وموسوعيَّة ثقافته ، واتساع اهتماماته ، على تنوُّع مدهش في مصادر المعرفة ، وتجرُّؤ جسور على مقاربة آفاقها الجديدة ، مع استمساك نبيل بالمبادئ النضاليَّة التي كرَّس لأجلها حياته ، بعيداً عن مزالق التعصُّب والمكابرة. يراسلني كريم عبر البريد الالكتروني ، بين الحين والآخر ، يبعث إليَّ بكتاباته التي ترفل ، ما تزال ، وهو في هذه السِّنِّ ، طازجة في كامل فتوَّتها ، ومتوهَّجة فوق سنام عنفوانها. ولكم أحزنتني كلمة تلقيتها منه ، مؤخراً ، في غاية الشاعريَّة والعذوبة ، يبكي فيها بدمع كالدم ، ناعياً أربعة من رفاق عُمره مضوا ، كما يقول ، تباعاً في تسلسل الغياب اليوميِّ: إدمون عون ومي غصوب وعبده مرتضى الحسيني وجوزيف سماحة ، ففقد بفقدهم جزءاً عزيزاً من عالمه ، من سيرته الفكريَّة والسياسيَّة ، من وطنه لبنان ، بل ومن نفسه ذاتها. تعازيَّ الحارة له ، أطال الله عمره ومتعه بالصحَّة ، وتحياتي لأسرته الودودة.
* * * بين مصدِّق ومكذب نبشت اليوم خبراً قديماً كنت استغربته ، أيَّما استغراب ، عندما نشرته (أخبار اليوم) بتاريخ 21/2/07 ، ونقله عنها موقع سودانيز أون لاين ، وفحواه أن جامعة الدول العربيَّة قدمت للسودان مبلغ 50 ألف دولار أمريكي (نعم 50 ألف بالتمام والكمال ، وكمان دولار .. مش استرليني أو حتى يورو!) عبارة عن قيمة الدعم (أىْ والله .. الدعم!) المقدم من مجلس وزراء الصحة العرب (بقضِّهم وقضيضهم!) لتحسين الأوضاع الصِّحيَّة في دارفور! نحيت الخبر جانباً ورحت أتساءل: هل هؤلاء (الأشقاء العرب) جادُّون؟! ثمانية عشر وزير صحَّة عربى طاروا (برُبطة المعلم) إلى مقرِّ الجامعة العربيَّة بالقاهرة ، ليقرِّروا أن (تتبرَّع!) كلُّ وزارة بأقلِّ مِن 5 ملايين جنيه سوداني ، بالعملة القديمة ، لتحسين الوضع الصِّحيِّ بدارفور ، علماً بأن كلفة الوفد الوزاري الواحد لا بُدَّ قد بلغت ثلاثة أضعاف هذا المبلغ ، على أقل تقدير ، دَع المصروفات الأخرى؟! ثمَّ هَبْ ، جدلاً ، أنهم جادُّون ، فبأىِّ حساب حسبوها؟! إذ حتى لو افترضنا أن مَن يحتاجون هذا الدعم ، من بين كلِّ سكان دارفور ، هم فقط المُجبرون على اللواذ بالمعسكرات ، وأن تعدادهم مليونا نسمة ، وفق آحث إحصائيَّات الأمم المتحدة في يناير المنصرم ، فأين ، تراه ، (يحوق) هذا المبلغ؟! ولو افترضنا ، أيضاً ، أن كلَّ ما يحتاجه الواحد منهم هو ، فقط ، حبَّتا أسبرين لتسكين آلام الصداع (عند اللزوم)! وأن هذا (اللزوم) لا يقع لهذا (الواحد) سوى مرَّة واحدة في حياته! فهل يعلم أصحاب المعالي وزراء الصحَّة العرب أن ثمن هاتين الحبَّتين يبلغ 66 جنيهاً ، وبالتالي فإن (العجز) في (دعمهم) لهؤلاء المنكوبين ، ولو بما يُذهب صداع الواحد منهم مرَّة في العُمر ، يبلغ ، بالضبط ، ثلث المبلغ (المتبرَّع) به ، مِمَّا يعني أن كميَّة الأسبرين المطلوبة في هذه الحالة تحتاج (لتبرُّع) ما يعادل مجلساً وثلث لوزراء الصحَّة العرب؟! أما إذا حاولنا تنفيذ مقترح الجامعة العربيَّة بإنشاء مراكز صحيَّة في الاقليم ، فسنحتاج ، في هذه الحالة إلى (دعم) ثلاثة مجالس وزراء صحة .. وربما أكثر! إذ حتى لو واصلنا افتراضنا أن المستهدفين بهذه الخدمة هم ، فقط ، هؤلاء النازحون ، فهل ، تراه ، يكفي المبلغ المقدَّم لتشييد 193 مركزاً صحياً بعدد المعسكرات؟! هل سيكفي مبلغ 500,000 جنيه لبناء مركز صحىٍّ واحد ، ولو من .. (القش)؟! لقد قدِّر لي أن أسهم في عدد من الفعاليات ، في عدَّة عواصم عربيَّة ، بمشاركة مفكرين وكتاب وباحثين وأساتذة جامعات ورجال إعلام وقادة تنظيمات سياسيَّة ومدنيَّة أخرى ، حيث كان السؤال ، في كل مرَّة ، عن كيفيَّة اجتذاب الدعم العربي للقضيَّة الإنسانيَّة في دارفور. وكان رأيى ، في كلِّ هذه المرَّات ، أنه ، ما لم يتخلص (الذهن العربي) من توهُّم (مؤامرة صهيونيَّة) وراء هذه القضيَّة ، فسيبقى مكبَّلاً ، على الدوام ، بهاجسه الذاتىِّ (الساخن) ، بدلاً من الانفتاح على حقائقها الموضوعيَّة (الباردة)! هكذا ، وعلى حين يتحشد العالم ، من أقصاه إلى أقصاه ، في التعاطف النبيل مع مأساة الاقليم وأهله ، فإن (الذهن العربيَّ) يعجز عن إطلاق مبادرة واحدة مرغوب فيها بهذا الاتجاه ، اللهم إلا ما يبعث على السخرية ، فحسب ، كمبادرة المسكينة .. ليلى علوى!
* * * مَن قرأ ولم يُزلزل أعماقه ، بعد ، الخطاب المفتوح الذي وجَّهه البروفيسور الجليل مهدي أمين التوم إلى رئيس الجمهوريَّة بعنوان "لسنا متسوِّلين يا سيادة الرئيس" (السوداني ، 15/3/07) ، فإن عليه أن يتحسَّس صدره ، فلربما كان ثمة (حجر) مكان (القلب)! لقد هزَّني ، والله ، بقوَّة استهلاله الخطاب قائلاً: "لو كنت متمثلاً حقاً بالرجل العظيم الذي سمَّاك أبوك عليه ، لما أحوجتني وغيري لمخاطبتك عبر الصحف السيارة" ، وتشديده على كفاح الأستاذ الجامعيِّ السودانيِّ ، السنوات الطوال ، "للحصول على المرتبة العلميَّة الرفيعة كي يكون .. مرجعاً علمياً عالمياً في تخصُّصه تتنافس الجامعات الخارجيَّة والمؤتمرات العلميَّة على التشرُّف به". كما هزّتني ، بعد ذلك ، تساؤلاته التي تكاد تقطع نياط أقسى القلوب ، وهو يشير إلى القرارين المتناقضين الصادرين عن رئاسة الجمهوريَّة وعن مجلس الوزراء ، ونتيجتهما جحد حقوق الأساتذة مِمَّن تجاوزوا سِنَّ الستين: "هل في هذه المسيرة .. يا سيادة الرئيس .. ما يبرِّر ما أدخلتمونا فيه من إهانة وإذلال ونحن في هذه المراحل المتأخرة من أعمارنا"؟! و .. لماذا هذه .. القرارات المتناقضة .. (و) المتضرِّرون رجال في خريف العُمر بلغوا الخامسة والستين ، أو زادوا ، وخدموا هذه الأرض الطيِّبة عِلماً وعملاً لأكثر من أربعين سنة ، تعايشوا خلالها مع ظروف من البؤس والتدهور المستمرِّ والمتسارع ، لكنهم لم يحنوا رؤوسهم ، ولم يلجأوا إلى ذل السؤال إلا إلى الله الوالي الكريم"؟! ثم بلغ الخطاب سنام تأثيره الفاجع ، بالإيماء إلى أن حال هؤلاء الأساتذة ظلَّ ، طوال عشرات السنين ، أشبه ما يكون بحال أهل بادية الكبابيش في فترة الجفاف والتصحُّر ، وقد عبَّر عنه أحد أبنائهم ، حين سألوه عن ذلك ، قائلاً ، بعفويَّة شديدة ، وهو يجلو الصِّدق بوهج البلاغة الشعبيَّة: "والله يا أولادي كنا ماسكين الدموع بالصِّنقيع"! وبعد ، فهل ، تراها ، وصلت تلك الرسالة المفتوحة إلى السيِّد الرئيس ، أم أن ثمَّة (إخوة أعداء) حجبوها عنه ، كما توقع بروفيسور مهدي ، أو زيَّنوا له تجاهلها ، أو العمل عكس توجُّهاتها؟!
* * * لا أملُّ العودة ، المرَّة تلو المرَّة ، لسِفر الصديق الحكاء البارع شوقي بدري ، الموسوم بـ (حكاوي أم درمان). وظنِّي أن أكثر ما يهمُّ في الحكاء أن يكون (جليساً أنيساً) ، بصرف النظر عن أيَّة (حكمة) قد تكون مبثوثة بين دفتي كتابه. فإن كان مُضجراً ، لا قدَّر الله ، فإن القارئ سرعان ما ينفض يديه عن حكيه ، غير نادم ولا آسف ، كما لو كان ينفضهما عن عصيدة لبيكة بلا طعم! (الفائدة) ينبغي أن تجئ لاحقة على (المتعة) في الابداع ، وإلا صار التلقي ضرباً من (القراية ام دق) بلا منازع! عناصر (الابداع) عصيَّة على الحصر ، ولا توجد ، لحسن الحظ ، أشراط تحدِّدها أو قوائم تصنفها ، إنما يعتمد اجتراحها ، أولاً وأخيراً ، على طاقة الحفر الخلاقة لدى المبدع الحقيقيِّ ، والتي هي ، بحمد الله ، لا محدودة ولا مقطوعة! ومع ذلك أجدني ميَّالاً لاعتبار (حكاوي أم درمان) أنموذج درس مهمٍّ وميسور ، لكل مَن ألقى السمع وهو شهيد ، في كون (ثراء الابداع) لا ينتج إلا عن (ثراء التجربة). ولأن العكس صحيح فإن (جدب التجربة) لا يُنتظر أن يفرز سوى أعمال نيِّئة ما يلبث أن ينفضح افتقارها إلى أىِّ عمق ، بالغاً ما بلغ تخفيها وراء الأشكال المعقدة أو المنحوتة بعناية! ضمن الفصل السادس من (حكاوي أم درمان) ، وتحت عنوان (جامعة توتي) ، يرتقي شوقي مرتقىً رفيعاً في باب طاقة (الجليس الأنيس) على المزاوجة بين (الامتاع) و(الفائدة). وإلى ذلك ما ينفكُّ سرده الشائق يمخر في عباب لغة تخلصت نهائياً من عِيِّ قاموس (الاسمو شنو بتاع الهناي) الذي ما أورثتنا إياه غير لكلكة عاميَّتنا المدينيَّة ، ورحم الله شعراءها ومغنييها وحكائيها ، فلولاهم لما تفتح لها زهر ولا أينعت لها ثمار! جابَ شوقي آفاق السودان جنوباً وشمالاً ، فأكسب حياته ، ومن ثمَّ مخزونه اللغوىَّ ، تماسكاً أجرى الحكايات بين يديه في سلاسة المسبحة المنضَّدة ، حيث لكلِّ معنى مقابل لغوي ، ولكل شئ لفظ محدَّد ، وربما أكثر ، في الدلالة عليه. ولم يكن ، حتى وهو صبيٌّ يافع في أم درمان الخمسينات والسِّتينات ـ وما أدراك ما هىَ ـ ليتردَّد أن ينسرب من دِعة العيش في كنف أب أفنديٍّ ، يوم كان الأفنديُّ أفندياً ، وليونة حضن أمٍّ تستبضع له ملابسه من بلاد الفرنجة ، ليلتحق بحياة القشَفِ والضَّفَفِ والحَفَفِ في بيئات أضحى لا يسيغها ، في العادة ، غالب أولاد هذه الفئة الاجتماعيَّة مِمَّن ركنوا ، رويداً رويداً ، لمحدوديَّة الجغرافيا ، حتى تساءل ، مفزوعاً ، من أبلغوه منهم بالنقل الوظيفيِّ إلى (الغزالة جاوزت): الغزالة عملت شنو؟! هكذا ، وذات عطلة مدرسيَّة ، وهو ، بعدُ ، صبيٌ في السابعة عشر ، قذف به توقه ذاك ، سباحة مع أصدقائه ، إلى نواحي جزيرة (توتي) ، قبالة (مقرن النيلين) ، وجزيرة (ود دكين) النائمة ، كتمساح هائل ، تحت كبري (النيل الأبيض) تتبع لسواقي (الفتيحاب) ، والثالثة الهلاليَّة التي تقع بينهما ، بذيلها الرمليِّ الطويل ، ورأسها الشماليِّ المرتفع المكسوِّ بطبقة من الصلصال ، ووسطها المغطى بشجيرات (الطرفة) ذوات الخضرة الدائمة ، والأوراق شبه الإبَريَّة ، وأعشاب (الشديدة) التي تساعد على تماسك التربة ، وإن كانت غير صالحة لأكل الماشية. ويروي شوقي أن المُزارع الذي يزرع الرأس الطينىَّ ، والذي عرف ، لاحقاً ، أن اسمه مبارك بسطاوي ، إقترب منهم قائلاً ، وهو يشير إلى ما بدا لهم عشباً غريباً: "ده ما تطوه (لا تطأوه) ، ولا تقلعوه ، ده دخن"! ولما رأى دهشتهم واصل قائلاً: "ده دخن جزاير ما بتأكِل ، بس بنزرعه نعرش بيه البيوت والرواكيب"! وكان ذلك أول درس تعلمه شوقي في زراعة الجُزر. شكلت تلك اللحظة ، وعلى مدى سنتين ونصف ، إحدى أهمِّ نقاط التحوُّل الفاصلة في حياته ، إذ لم يحتج الأمر ، في ما يروي مواصلاً ، إلى أكثر من مقابلة أخرى مع مبارك بسطاوي وعدد من المزارعين وصيادى السمك ، كي يقرِّر ألا يرجع إلى المدرسة ، وأن يبقى هناك يتشرَّب منهم الحِرفة ، وأن تتراجع إلى المرتبة الثانويَّة من خياراته ، بصورة حاسمة ، فكرة الجلوس ، وقتها ، لامتحان الدخول إلى الجامعة ، فقد وجد ، كما قال ، الجامعة التي تناسبه ، تحت إشراف أولئك .. (البروفيسورات): مبارك بسطاوي وخوجلي هارون والريِّس ميرغني وقرض الحوَّاتة وأبو دبورة والحاج والغول ورجلان وشرف حريقة العملاق والآخرين! ويقول شوقي أن إحساسه بمبارك بسطاوي كان إحساس من وجد أخاً منذ اللحظة الأولى ، حيث تقبله ببساطة ، كأنه كان ينتظره ، دون أن يسأله عن شخصه ، أو أهله ، أو عمله ، مثلما تقبله الآخرون كذلك. وعن شرف حريقة يروي شوقي كم تأثر بكرمه ، ونجدته للضعفاء ، ومسارعته لعمل الخير ، حتى لقد خاض مشاجرة خلفه ، ذات يوم بسوق الخضار ، دفاعاً عن هذه القيم! ويؤكد شوقي أنه اكتسب من شرف حريقة هذا ، بالذات ، وعبر سنوات عمره اللاحقة ، سواء في السودان أو يوغسلافيا أو تشيكوسلوفاكيا أو اليونان أو السويد أو أىٍّ من بلاد العالم الأخرى التى طافها طولاً وعرضاً ، عادة التبرُّع بشئ من دمه للمحتاجين ، وأنه ، في كل مرة يفعل ذلك ، يكون شرف حريقة حاضراً في ذاكرته! ويصف شوقي تلك الفترة بأنها من أكثر سِنِيِّ حياته سعادة ، إذ حصُل خلالها على دروس وخبرات لا تتاح ، عادة ، في أيَّة مدرسة ، وعلى رأس ذلك احترام الآخرين ، بما هم بشر ، وبما يتمتعون به من حميد خصال ، على رقة حال. بعد زهاء نصف القرن ، حكى شوقي عن أولئك الكادحين البسطاء ، مادحاً نبلهم ، وشارحاً طرائقهم في العمل ومغالبة المشقات ، وكاشفاً عن مخزون مدهش من الخبرات والتجارب والدروس ، فجاءت حكايته غنيَّة بتفاصيلها الشائقة عن انخفاض النيل ، وعن حشِّ القشِّ وقت الدَّرت (الحرِّ) بعد الفيضان ، وعن زراعة الطماطم في الشتاء ، والبطيخ والعجور والشمّام والكوسة في المناطق الرمليَّة ، وعن مغزى العلامة التي ترسم على البطيخ في شكل دائرة أو مثلث أو صليب ، وعن الشلح (عِرق البطيخ) الذي يرقد متجهاً نحو الغرب ، وعن البطيخة الأولى في رأس الشلح ، وتعرف بـ (الحجريَّة) ، وهي الأحلى التي يأكلها المُزارع ولا يبيعها! ومن طريف ما روى أنه ، وبعد سنوات طوال من ذلك ، طلب من بائع بطيخ أن يبيعه ثلاثة بطيخات سمحات متعهِّداً بأن يدفع له ما يريد ، شريطة ألا يحاول غشه ، كونه كان يزرع البطيخ! غير أن البائع أجال نظره في سيارته وسائقه ، ثمَّ أدخل ثلاث بطيخات في صندوق السيارة ، فأعطاه شوقي ثمن بطيخة واحدة فقط ، وعندما احتج البائع قال له: هذا لأنك أعطيتني بطيخة واحدة .. فإحدى هذه (البُطرُسيَّات) عِرقها (ميِّت) والأخرى (قعَرْ شَلِح) ، فما كان من البائع إلا أن هتف: "أهلاً ود كارنا"! ويمضي شوقي يؤانس بزراعة وقطف الأسود (الباذنجان) والبامية والسلج ، وبالمعديَّة وزوارق الحراز الخفيفة ، وبحوادث الغرق والتماسيح الصغيرة التائهة على الشطِّ ، وبتركيب النبرو (الشادوف) بعد جفاف الأرض الطينيَّة وتشققها ، وكيف أنها عمليَّة قاسيَّة ، لا أصعب منها إلا الري بالجوز (صفيحتين تحملان على الاكتاف بحامل خشبي). ويقول في هذا متباهياً ، إنه ، عندما اشتغل ، بعد سنوات طوال من ذلك ، حمَّالاً في ميناء مالمو (بالسويد) ، وجد نفسه قادراً على أداء العمل بسهولة ، فهو من خريجي (جامعة توتي) التي علمته الصبر على المكاره ، فكان يعمل 18 ساعة ، وأحياناً 24 ساعة متواصلة! كذلك يروي شوقي كيف التصق بالحوَّاتة (صيادي السمك) ، كما وبالنوَّاتة ، فتعلم حرفتهم حتى كاد يصبح واحداً منهم! ويتذكر ، في هذا السياق ، طرَّاحته (شبكته المخروطيَّة) التي تربط أثقال الرصاص في أطرافها. ويصنف أنواع السمك مُبرزاً خصائص كل نوع ، كالعجل والكبروس والبلطي والكوَّارة والكأس والترزة وخشم البنات والبياض والقرموط والقرقور والشلبى والبتكويه والبنيَّة والنوق والتامبيرة والبَرَدة. ويصف الصريمة التي تستخدم في صيد العجل والكبروس ، وهي خيط سميك بمئات الصنارات تشكُّ فيها أسماك القرموط الصغيرة الحيَّة ، ثمَّ تبَيَّت وسط النهر لتسحب في الصباحات. ويُجْمِلُ شوقي أوضاع أولئك الصيادين الكادحين بشاعريَّة شفيفة ، قائلاً: ".. النهر يحدِّد رزقهم ، والحظ يلعب دوراً كبيراً في حياتهم ، لكن الحريَّة تعني لهم كل شئ". ويردف متفاخِراً بأنه ، بعد الحياة التي قضاها معهم ، ليس ثمَّة طعام لا يستطيع أكله ، ولا سطح يعجزه النوم عليه ، ناعماً أو خشناً ، وأحياناً جالساً القرفصاء! ويروي أنه كان من عادته أن يعوم بالصريمة في المغرب ، وكان الجميع يتطيَّرون من نزوله ، في مثل تلك الساعة ، إلى النهر ، وبالأخص في منطقة الشيمة (الدوَّامات) ، فالصيادون كثيرو التطيُّر ، وقد يحسبون صنارات الصريمة عدة مرَّات للتأكد من أن عددها فردي! وكان شرف حريقة أكثرهم غضباً مِمَّا كان يعدُّه استهتاراً من شوقي وعدم احترام للنهر! لكن شوقي ، وبعد أن يروي الكثير من الأحداث والوقائع المفرحة والمحزنة بأسلوبه الشائق ، يؤكد أن أولئك الرجال أعطوه أشياء لا تقاس بالمال: الصداقة الصافية ، والقلوب النظيفة ، وحُبَّ العمل ، وتقبُّل المصائب ، والصِّدق. ويمتدحهم لكونهم عاشوا أحراراً كالطير في السماء ، مع أن أرزاقهم كانت في رحم الغيب ، فهم الذين صنعوا الوطن ، وما زالوا يصنعونه ، بعيداً عن صالونات التفاهة والسفسطة! ويقول: "مبارك من المفروض أن يكون قد أكمل السبعين اليوم .. له عظيم التحيَّة والاحترام ، فهو لا شك أستاذي في هذه الدنيا". أتمنى أن يحظى (بروفيسورات توتي) بكاتب سيناريو حصيف ، ومخرج بارع ، ومنتج مقدام ، فيصنعون من سرديَّة شوقي ، الناتجة عن تجربة حقيقيَّة لا انفصام فيها بين عمل (ذهني) وعمل (عضلي) ، شريطاً (ممتعاً) و(نافعاً) أتوقع له ، منذ الآن ، أن يحصد الكثير من الجوائز الاقليميَّة ، إن لم تكن .. العالميَّة!
* * * شكراً لصديقنا العالم د. أمين مكي مدني على مقالته البديعة المنشورة صباح اليوم بعنوان "الإحالة إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة" (الأيام ، 18/3/07). وكنا ذهبنا ذات مذهبه في كتابين أصدرناهما قبل أكثر من سنة ، لكن (الأتراك) و(المتتوركين) أهملوا قولنا ، ثمَّ ما لبثوا أن عادوا يكابرون في الحقِّ عندما أعدنا الصَّدْع به مع انفجار الأزمة خلال فبراير المنصرم ، وليتهم لامسوا من المعرفة شيئاً! من يقول للحكومة إن (القانون الجنائي السوداني) يحتوي على عناصر (القانون الانساني الدولي) ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن عدم منحها تأشيرات دخول لأعضاء بعثة (مجلس حقوق الانسان) إلى دارفور كان عملاً مجيداً ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن إدانتها أو عدم إدانتها في هذا (المجلس) .. سيِّان ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن التعويل المجاني على مواقف الصين وروسيا صحيح ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن الخروج من طاحونة (الفصل السابع) مثل الدخول فيها ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن استمراء لعبة (الأوراق الثلاثة) على عامل الزمن في شأن (القوَّات الدوليَّة) ليس خطة بئيسة ، يكذب عليها. ومن يقول لها إنها تستطيع أن تضع عينها في عين المجتمع الدولي لتنكر توقيعها في 8/9/2000م على (نظام روما لسنة 1998م) الذي أنشأ (المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة) ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن عدم المصادقة على ذلك (النظام) يطلق يديها في إعاقة تطبيقه ، حتف أنف (معاهدة فيينا لسنة 1969م) ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن التقرير بشأن ما إذا كان قد وقع أو لم يقع أيُّ تهديد (للسلم العالمي) ليس سلطة مخوَّلة (لمجلس الأمن) يمارسها (منفرداً) بموجب المادة/39 من (الميثاق) الذي وافق السودان عليه منذ استقلاله عام 1956م ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن (مجلس الأمن) لا يملك سلطة الإحالة إلى (المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة) ، حتف أنف المادة/13/ب من (النظام) مقروءة في ضوء (الفصل السابع) من (الميثاق) ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن إبرامها اتفاقاً دولياً مع يوغندا ، في نوفمبر 2005م ، على (تنفيذ!) مذكرة الاعتقال الصادرة من (المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة!) بحق جوزيف كونى وثلاثة من كبار قادته ، لا يرتب عليها حُجَّة أخلاقيَّة تحول دون إعلانها ، الآن ، أن إجراءات نفس هذه المحكمة لا تعنيها في شئ ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن استقبالها المتكرر لوفود مكتب المدَّعي العام لويس مورينو أوكامبو ، وتزويده بالافادات والمستندات ، لا يرتب ذات هذه الحُجَّة الأخلاقيَّة في حقها ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن مشاركتها بنشاط في الاجتماعات الدوريَّة للجمعيَّة العموميَّة (للدول الأعضاء!) في هذه المحكمة ، لا يرتب نفس الحُجَّة الأخلاقيَّة في حقها ، يكذب عليها. ومن يقول لها إن ثمَّة مخرج من هذه (الورطة) بغير ما تتيحه المادتان (16) ، (17) من (النظام) ، يكذب عليها. وهذا محض غيض من فيض! ما أضر ببلادنا سوى (الخشَّامة) والأنبياء الكذبَة!
#كمال_الجزولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العَقْرَبَةُ!
-
لَكَ أَنْ تَرمِيَ النَّرْد!
-
شَمسٌ كَرَأسِ الدَّبُّوس!
-
قصَّةُ بَقرَتَيْن!
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - الأخيرة
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (6) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال
...
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (5) (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ ال
...
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ - 4
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ (مَبحَثٌ فى قِيمَةِ الاعتِ
...
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ -3
-
الحَامِضُ مِنْ رَغْوَةِ الغَمَامْ ..بَينَ خَريفٍ وخريفْ: مائ
...
-
طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى (الأخيرة) -
...
-
طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى(2) الدِّيمُ
...
-
طَرَفٌ مِن حَديثِ تَحَدِّياتِ البِنَاءِ الوَطَنى - 1
-
دَارْفُورْ: شَيْلُوكُ يَطلُبُ رَطْلَ اللَّحْمِ يَا أَنْطونْي
...
-
عَضُّ الأصَابع فِى أبُوجَا!
-
بَا .. بَارْيَا!
-
إسْتِثناءٌ مِصْرىٌّ وَضِئٌ مِن قاعِدةٍ عَرَبيَّة مُعْتِمَة!
-
خُوْصُ النَّخْلِ لا يُوقِدُ نَاراً!
-
التُّرَابِى: حَرْبُ الفَتَاوَى!
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|