أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد منصور - في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك














المزيد.....

في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 1861 - 2007 / 3 / 21 - 12:39
المحور: الادب والفن
    


كنت الصدر الحنون الذي يحتضنني-- كلما اشتدت علي الخطوب وشعرت بالتوتر.. كنت القلب الكبير الذي يغمرني بالحب والحنان-- كلما شعرت أن الناس ظلموني وهجروني.. كنت البسمة التي تخفف من جروحي.. والكف الذي يربت على راسي ويهدئ من أعصابي-- عندما اشعر بالغضب... كنت البداية يا أمي لكل شيء صواب فعلته.. ولك الفضل في كل نجاح حققته.. دعواتك لي كانت الهادي والمعين والحامي من الزلل.. والمخفف من الألم...
أذكرك في كل حين.. عندما كنت تودعيني كل صباح وأنا ذاهب للعمل-- وكلماتك الدافئة ما زالت ترن في أذني ( روح يما الله يوفقك وينجحك ويسخرلك أولاد الحلال ليساعدوك على مرادك ).. وعندما كنت تجلسين على الشباك لترقبي عودتي-- حتى ولو كانت لأوقات متأخرة من الليل لتقولي لي ( جيت يما الله يعطيك العافية )..
في عيدك يا مي أذكرك حتى وأنت في القبر.. واقرأ الفاتحة على قبرك.. واجلس هناك لاتامل كم كنت عظيمة صابرة.. لاجئة فلاحة ذاقت المر وعاشت الفقر عقود من السنين.. عاشت الجوع وعانت من الظلم مرتين مرة لأنها من الوسط الفقير.. ومرة أخرى لأنها امرأة.. من عيشة الخيام تنقلت إلى غرف الطين وحتى غرف المخيم... إلى أن تحسنت الحياة بعض الشيء.. وأصبح لك ولأبي غرفة.. ولنا أولادك وبناتك غرفة.. كنت تصحين مع أذان الفجر لتعجني وتحملي العجين إلى الفرن.. وتعودي لتجهزي الشاي لنا الذي كان فطورنا الأساسي مع كسرة خبز وفي أحسن الأحوال مع قليل من الزعتر.. ثم تبدئي بنقل الماء على راسك من الحنفيات العامة لتملئي البرميل.. أبي كان سياسيا مطاردا.. كان رجلا شرقيا وكنت المسئولة عن تدبير المنزل واقتصاده.. وببضع ليرات كنت تقتصدين حتى لا نموت من الجوع.. كنت آخر من يتكلم عن احتياجاته.. وآخر من يفكر بصحته.. تهتمين بنا أبناؤك التسعة.. وفي آخر الليل تنامين مرهقة مهدودة الحيل.. تئنين بصمت وهدوء.. لكن دون أن تفصحي عن أوجاعك.. صبرت على الفقر.. وصبرت على زوج سياسي لا تعرف حياته الاستقرار.. لم تهرمي باكرا لان عودك كان صلبا فأنت ابنة تلك القرية الجبلية أم الزينات.. زيناتية كنت بفستيانك وحطة راسك.. صلبة لا تنكسر.. قلبك كان ابيضا لا يعرف الحقد والغل والكراهية.. متسامحة لأبعد الحدود.. مسالمة تصفحين بعد ثوان عن من يكون قد أساء إليك..
علمتيني أن أحب الناس كل الناس.. أن أحب الفقراء المساكين والضعفاء.. وكنت تقولين لي أنهم مثلنا مظلومين بعيشهم.. فلا تكن أنت والزمن عليهم.. كنت تقولين دوما-- الأمل بوجه الله قريب-- فلا تيأس يا بني وتوقع الفرج في كل حين.. لم تحبي العنف ولم تحبي القسوة.. وكنت تكرهين القال والقيل وطول اللسان.. وتكرهين الكيد للآخرين.. وترددي دائما يد الله مع الجماعة..
أحببتني واحببتي إخوتي وكنت مثالا للمرأة الشرقية-- التي تقبل بمصيرها وتعيش الأسى رغما عنها وتتفانى في إنكار ذاتها حتى تسعد الآخرين-- مسالمة لأبعد الحدود مرنة ومستعدة للتضحية بنصيبها وحقوقها إن كان في ذلك حل لمشكلة أو إسعاد لآخرين محتاجين.. أذكرك وكنت لا تأكلي إلا بعد أن ينتهي أبي من طعامه.. وبعد أن نشبع جميعا.. وبعدها تتناولي ما تبقى من الطعام.. وتسهرين الليل لترقعي لنا ملابسنا وأحيانا لتكوي ملابس أبي على البابور لان أبي كان يقابل اناس مهمين..
صبرك يا أمي.. بساطتك .. طيبتك تسامحك.. عطاؤك تفانيك.. صفات طبعتنا جميعا أبناؤك.. وهي زادنا الذي تكامل مع ارث أبي السياسي ومعاناته.. اليوم أذكرك ويذكرك كل إخوتي.. لا ويذكرك أهل الحي لأنك كنت مثال التضحية ونموذج التحمل لعظائم الأمور..
احببتي واحببتي أبنائي أكثر مني.. وكنت تنهريني كلما أقسو عل واحد منهم.. علمتينا أن نحب بعضنا.. وان نزرع في قلوب أبناءنا-- لا حب إخوتهم فقط-- بل وحب الناس أجمعين.. والانتماء إلى الناس أجمعين.. ومساعدة المحتاجين.. كنت عالما جميلا قل نظيره هذه الأيام.. عالم خال من الخبث والدهاء.. عالم يعطي بلا حساب ودون انتظار الجواب.. عالم يتحدى الصعاب ويصر على البقاء على أمل التغيير.



#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا صوت يعلو فوق صوت المحاصصة
- ليسمح لنا الاستاذ حافظ البرغوثي
- لا بد من إسماع رايس كلمة لا كبيرة
- الرفاق حائرون
- الشعب يتهم
- أشكال الاحتجاج الحالية ضد الاقتتال الداخلي لم تعد كافية
- سبل الخروج من المازق الفلسطيني
- مسيرة التنمية تتواصل رغم التحديات
- باي حال عدت يا عيد
- بدنا حل
- يا هيك النساء يا بلاش - حانونيات فلسطينيات
- المتمردون
- - شهداء وضحايا
- الانروا تكافح الارهاب الفلسطيني..!!
- من حق المضربين رفض توجيهات الرئيس
- الاضراب ليس كفرا ولا خيانة
- بين حانا ومانا
- لا مقاومة ولا مساومة
- ولى زمن الاوغاد
- إنها شيطانة.. فارجموها


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد منصور - في عيد الام - اه يا امي .. ما احوجني اليك