|
المهم جدا .....موقف سياسي فلسطيني موحد!
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 07:36
المحور:
القضية الفلسطينية
يمثل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وإنهاء جميع متطلباتها ومراسيمها بالأمس نقلة نوعية في تاريخ النضال الفلسطيني والعمل السياسي منه ، وهي لاشك الحكومة الفلسطينية الأولى التي تجمع تحت مظلتها مختلف ألوان الطيف السياسي والمدني المستقل لأول مرة من الناحية الموضوعية وليس من ناحية الشكل الذي جرى تكراره في غير مرة في مؤسسات النضال الفلسطيني منذ أواسط ستينيات القرن الماضي .
إذا ما نظرنا إلى برنامج حكومة الوحدة الجديدة الذي يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني والى ما تم التوصل إليه في اتفاق مكة ، نجد انه يلبي الحد الأدنى من الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة ، وهو الحد الذي يجب أن يلتف ويتحد حوله الفلسطينيون، لأنهم بدونه لامعنى أن يكون لهم دولة مستقلة وكاملة السيادة وكذلك استعادة حقهم المشروع والمكفول أخلاقيا وقانونيا وسياسيا بالعودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها ، البرنامج السياسي للتحرك سواء على صعيد الكفاح السياسي بالتفاوض أو الكفاح العسكري بالمقاومة بالمعنى المصروف في السياق الأخير،يستند إلى مرجعية وهدف واضح وهو أن الحد الأدنى للحقوق الفلسطينية هي دولة على كامل أراضي أل،67 كاملة السيادة ونظيفة من الجدار أو الاستيطان أو العزل الكانتوني وعاصمتها القدس الشرقية ، بالإضافة إلى ضمان حق العودة بمرجعية القرار 194 ، وانه بالاستناد إلى ما سبق، فالحديث عن الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود أمر سابق لأوانه " رغم انه جرى الاعتراف بها من قبل منظمة التحرير الفلسطينية سابقا " ، لأنه باختصار أمر يتناقض مع مفهوم وماهية وطبيعة الاعتراف الذي جرى عليها عرف القانون الدولي والعلاقات الدولية ، لأنه لم يسبق أن طولب شعب يقع تحت الاحتلال، ولم تتحقق حقوقه بعد، بان يعترف بدولة محتلة هي قائمة على ارض الواقع ، إنما المطلوب في هذه الحالة أن يتم الاعتراف بحقوق الجهة التي لم تحصل على حقوقها بعد ، ومن ثم بعد أن يجري تحقق تقرير مصيرها بإقامة الكيان السياسي والاقتصادي والاجتماعي الجامع لها والمتمثل بدولة مستقلة فانه يجري الحديث عن إقامة العلاقات وتبادل الاعتراف في سياق احترام إرادة وحقوق الشعوب ،وتطبيق مبدأ المساواة والندية في احترام سيادة الدول واستقلالها ، أما قبل هذا فان الاعتراف المطلوب والمكرر من كل جهة وحركة فلسطينية هو بمثابة الإذعان والرضوخ الذي يتناقض مع الاعتراف الذي من سماته التبادلية والندية، ثم انه لم يجر في تاريخ العلاقات الدولية أن جرى الاعتراف بين حركة ودولة كما هو منادى به الآن، ودون وجه حق، أن تعترف حماس بإسرائيل .
جربت منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأس هرم قيادتها حركة فتح الاعتراف بإسرائيل ،مقابل اعتراف هذه الأخيرة بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني دون اعتراف بالشعب الفلسطيني وحقوقه ، وكانت قيادة المنظمة في حينها تراهن على حسن النية وسير المفاوضات باتجاه الوصول في نهاية المطاف إلى دولة مستقلة على أراضي ال67 ، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين " علما أن قيادة المنظمة كانت ولازالت على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة بشان حق العودة مقابل تحقيق حلم الدول المستقلة "، لكن شيئا من رهان وتوقعات القيادة الفلسطينية قد تحقق ، ذلك لان إسرائيل لا تريد الانسحاب الكامل من كافة الأراضي المحتلة عام ،67 أو إلى خطوط الهدنة لسنة 49، فضلا عن رفضها البواح والصريح بالاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ، وثانيا لان قيادة تلك المنظمة برئاسة الراحل ياسرعرفات تعجلوا بتقديم الاعتراف بإسرائيل دون أن يكون هنالك ثمن حقيقي مقابل ذلك ، واتخذت إسرائيل من مجمل عملية السلام والتفاوض معها وسيلة للمناورة والخداع لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية والجدارية والعزلية في الضفة والقدس التي تعتبرها بمثابة العاصمة الموحدة والأبدية لها ، ولذلك فان إسرائيل اتخذت أوسلو على علاته الكارثية بالنسبة للفلسطينيين وسيلة للمناورة، ثم انقلبت عليه وداسته بدباباتها وجنازيرها حينما انتهى الغرض الإسرائيلي منه، والأمر كذلك بالنسبة لخارطة الطريق التي اتخذتها أيضا ممرا للخداع لتحقيق مزيد من أهدافها التوسعية والاستيطانية في الضفة والقدس ، وها هي اليوم تحاول تمرير مخادعة جديدة عبر إبداء مرونة تسميها ايجابية من المبادرة العربية ،ولكن الايجابية الإسرائيلية هذه تريد تفريغ المبادرة العربية من مضمونها وتحويلها إلى مبادرة إسرائيلية بامتياز، من خلال مطالبتها بتعديل المبادرة سواء فيما تعلق بحدود الانسحاب وعمقه أو بشطب حق العودة رغم أن المبادرة لاتتحدث عنه بشكل صريح وواضح ، وإنما هي تتحدث عن حل عادل ومتفق عليه بالاستناد إلى مرجعية القرار الدولي ،194 ، تريد إسرائيل مرة أخرى إدخال الفلسطينيين في متاهة أخرى من خلال جرهم للتفاوض على المبادرة العربية ، لتكون هي الأخرى إحدى وسائل المناورة والمخادعة الإسرائيلية لتحقيق كامل أغراضها الاستيطانية ،وبالتحديد فيما يتعلق بإنهاء بناء جدار العزل أو بتهويد القدس وتمرير الحفريات تحت الأقصى للقضاء على المعالم الإسلامية فيه، وربما أيضا الوصول إلى هدمه وبناء هيكلهم المزعوم.
حوصرت الحكومة الفلسطينية العاشرة لا لسبب إلا لأنها تمسكت بالحد الأدنى من الحقوق الوطنية ورفضت تقديم الاعتراف والتنازل دون أي ثمن ، من خلال فهمها لطبيعة الصراع،وأيضا لاتعاظها من التجربة السابقة في الاعتراف ، والتي لم يجن منها الشعب الفلسطيني سوى الاستيطان والخراب والدمار ، ورفضت الالتزام بأوسلو وبكافة الاتفاقات التي وقعت ، لأنها باختصار كانت المدخل الجهنمي لما آلت إليه القضية الفلسطينية فيما بعد ، كان أولى بالفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح أن تنضم منذ البداية إلى حكومة الوحدة بقيادة حماس ، ذلك من اجل إصلاح الأخطاء فيما مضى سواء بالنسبة للاتفاقات التي خادعت فيها إسرائيل وكانت هي بحد ذاتها مجحفة بحق الفلسطينيين ، أو بالنسبة لتجنب اللدغ مرة أخرى من حسن النية التي عول عليها فريق التفاوض ردحا من الزمن، والتي لم تجيء بشيء سوى السراب ، وبالتالي كان الأولى بنا جميعا أن نتحد منذ أكثر من عشرة أشهر حول الحد الأدنى من الحقوق، دون الخوض في متاهات تقديم التنازلات مرة أخرى والاندفاع مجددا نحو سراب التفاوض على التفاوض.
بالأمس، استمعت جيدا إلى خطاب الرئيس عباس في خضم تدشين وترسيم المراسيم النهائية لحكومة الوحدة الوطنية ، وكنت احسب أن خطابه سيكون متوافقا أو على الأقل متساوقا مع ما أفضت إليه التجارب التي أوصلتنا إلى تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ، واقصد بذلك ماتم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني وما تم صياغته والاتفاق حوله في مكة المكرمة من الالتفاف حول برنامج واقعي يحقق الحقوق الوطنية المشروعة ، لكن الرئيس عباس ولمن تابعه رآه يعود مجددا للحديث عن خارطة الطريق وعن رؤية سيد الخراب والدمار في المنطقة جورج بوش حول فكرة الدولتين ، ثم نراه من قبل "الرئيس عباس" وفي نفس الخطاب يؤكد على رفض فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة ، فما هذا التناقض يا سيادة الرئيس ؟؟ ، أليست خارطة الطريق ورؤية السيد بوش تؤديان إلى دولة بحدود مؤقتة يراد منها أمريكيا وإسرائيليا أن تصبح الحدود المؤبدة !!
تتحدث وثيقة الوفاق الوطني وبرنامج الحكومة الذي تم الاتفاق عليهما عن حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة المشروعة وبكل السبل والوسائل بما فيها المقاومة الجماهيرية السلمية ، إلا أن الرئيس عباس لا يمل من التأكيد على أننا ننبذ العنف ، وكأن الرئيس عباس يطلب منا فقط أن نموت باسم السلام الميت دون أن نبدي أي حق في الدفاع عن النفس المؤصل أصلا في الحيوانات بصبغة الطبيعة والسليقة، فالرئيس ينبذ العنف في كل الأحوال، وبهذا فنحن الشعب الفلسطيني مجرم ونحن نذبح إذا أردنا أن نمارس حقنا الطبيعي في الدفاع عن النفس والذات ، علما أن التوغلات والاجتياحات والاغتيالات والاعتقالات الإسرائيلية المتكررة هذه لايحتاج احد إلا نبذها ،وان نبذها الرئيس عباس، فما الجدوى من النبذ بعد القتل والدمار والاعتقال ، فانبذ سيدي الرئيس كما شئت أن تنبذ !!.
مما لفت انتباهي أيضا في خطاب الرئيس انه لازال مصرا على التفاوض بدون شروط أو قيود ،وفي المقابل نرى أن إسرائيل تضع كل القيود والشروط لإفراغ حقوقنا الوطنية من أي مضمون، لماذا يا سيدي الرئيس الهرولة السريعة نحو أي تفاوض ، أليست لدينا مرجعية توافقية على شروط التفاوض ، هل توافق إسرائيل على حقوقنا في حدها الأدنى لندخل معها في تفاوض سياسي ودبلوماسي ، هنالك مبادئ وأسس للتفاوض ، لتعترف إسرائيل بحقوقنا المشروعة ، ومن ثم ليحدد الهدف النهائي من التفاوض بتحقيق حقوقنا هذه بإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، ومن ثم يكون هنالك وجه ومعنى للتفاوض مع إسرائيل ، أما الدخول في متاهات العلاقات العامة والتفاوض على التفاوض، فهذا ما مللناه وجاء شره وبالا على الفلسطينيين جميعا .
نحن بحاجة حقيقية إلى موقف سياسي موحد على الأرض يلتف حول الحد الأدنى من حقوقنا المشروعة ،وبما تم الاتفاق عليه وعلى جوهره بعد طول تجربة واتعاظ بما سلف ، أما أن يتحدث فريق بلغة وموقف سياسي معين وآخر يتحدث بلغة وبموقف مناقض ، فباعتقادي أن هذا ماسيسرع - لا سمح الله- بنقض كل الجهود التي بذلت سابقا في سبيل التوحد والانسجام ، علينا أن نبادر بما نتمسك به من موقف سياسي موحد لا أن ننتظر شروط الآخرين ومراوغاتهم لتكون مدخلا للفرقة والاختلاف.
أخيرا ، ضروري أن تكون مواقف الرئيس عباس الجديدة ،باعتباره قائدا لحركة فتح ومن معه من فريق التفاوض، مغايرة ومعدلة لمواقف سابقة كانت متبعة ومعبرة عن نهج بعينه، والذي ثبت أن تلك المواقف تحتاج إلى تعديل وتغيير إلى حد ما، بسبب المواقف الإسرائيلية المناقضة لتلك المواقف ، ذلك لان خطورة الإمعان والإصرار على المواقف المعتادة دون أن يقابلها مواقف إسرائيلية ايجابية باتجاه الحقوق الفلسطينية ، ربما سيكون لها اثر سيء على قيادة التفاوض وأيضا على حركة فتح باعتبارهم قادة لها ، الخطورة تكمن هنا على المدى الاستراتيجي للحركة برمتها.
18 – 3 – 2007 كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان- نابلس
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وإذ اشفق عليك ياطيرمن لباس السوء!!
-
الهامش المرسوم للتحرك الرسمي العربي
-
المطلوبون اذ يتحصنون بجهاز الاستخبارات في رام الله!!!
-
حق العودة واستحالة شطبه
-
تموت امريكا واسرائيل فزعا من حق العودة!!
-
وإذ- يقرفونك- بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الانسان!!
-
لماذا كل هذه الهرولة باتجاه اي تفاوض؟؟
-
حين تصبح الحزبية ودرجتها معيارا للكفاءة!!
-
الفرق بين الالتزام والاحترام في خطاب التكليف الرئاسي؟؟
-
تفسير الذي يجري للفلسطينيين في العراق؟؟
-
ما أخشاه من لقاء مكة!!
-
هل من حل لمشكلة الفلسطينيين في العراق؟؟
-
المعالجات الجذرية للخلافات الداخلية الفلسطينية
-
اللجان الفلسطينية الحاضرة الغائبة عن العمل
-
الحالة الراهنة للقارىء والكتاب في الاراضي الفلسطينية
-
جوهر الصراع يكمن في قضية اللاجئين الفلسطينيين
-
المناورة الاخيرة
-
فيم الاختلاف مع حماس؟
-
سيناريو المشهد الاخير في مواجهة حماس
-
تبكير الانتخابات بالدم الفلسطيني!!
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|