|
تحرّر المرأة في العراق
مها حسن
الحوار المتمدن-العدد: 1859 - 2007 / 3 / 19 - 11:26
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ربما لم تطرح هوزان محمود في لقائها في باريس ، الكثير من المعلومات الجديدة أو الأفكار غير المتوقعة بالنسبة لنا نحن أبناء هذه المنطقة ، حيث نشأنا وترعرنا في قلب العنف والتخلف ، رغم أن ما حصل في العراق بعد سقوط نظام صدام كان ولا يزال أكبر من المخيلة ، إلا أن ما يعنينا هنا للكلام عنه ، وهو ما جاءت هوزان محمود من أجله إلى فرنسا ، وماتتنقّل من أجله من بلد لآخر ، وهو وضع المرأة في العراق . لم يكن وضع المرأة جيدا ، كحالها في جميع الدول في المنطقة ، سواء في المشرق العربي أو المغرب العربي ، إلا أن الصدمة الكبرى هي ما حل بالعراق اليوم ، حيث تراجع موقع البلد ، وموقع المرأة فيه إلى قرون من التخلف والعنف والقمع . إذن جاءت هوزان محمود ، الناطقة باسم منظمة تحرر المرأة في العراق ، حاملة أرشيفا من الصور والمعلومات والأمثلة الحية من العراق ، وإذا كنا معتادين على ذلك ، باعتبارنا قادمين من المنطقة ، فمن الضروري أن يضطلع الغرب عما تحياه المرأة في بلادنا ، وعلى العالم أن يشعر بنا ، ويتحرك معنا . فإذا ألقينا نظرة سريعة على وضع المرأة في كل من العالمين ، الغربي والشرقي ، لأدرك الجميع أننا لا نزال نعيش في العصور الوسطى ، وأن ثمة أزمنة حضارية كبيرة تفصلنا عن الغرب . فنحن لا نزال نتحدث عن حق المرأة في التعلم ، والعمل ، في الوقت الذي يتحدث فيه الغرب عن حقوق لا نستطيع تخيلها ، لأنها ليست واردة أساسا في مفرداتنا . في هذا الوقت ذاته ، يتحدث أشخاص عن ضرورة عزل المرأة في البيت ، وعدم خروجها إلى الشارع إلا برفقة " ولي أمر " ، وهذا ما يحدث في العراق ، ربما ليس في جميع المناطق ، إلا أن ثمة نسوة ، كثيرات ، يعانين من عدم إمكانية خروجهن من المنازل . كان لا بد إذن أن تأتي هوزان محمود ، المرأة المتحدرة من العراق ، لتقدم للغربيين صور الوحشية والتخلف والقرون الهمجية ، فكيف تستطيع المرأة الاستمرار في هكذا ظروف . جاءت هوزان محاطة بحشد من الفرنسيات والفرنسيين ، وتحدثت . تحدثت وكأنها تروي أحداث فيلما فانتازيا : كيف يقتلون النساء هناك ؟ بعد سقوط النظام ، تفاقمت القوى الإسلامية ، وهذه راحت تفرز نفوذها في الشارع العراقي ، وتعيده إلى الوراء لقرون بعيدة . كانت على سبيل المثال جرائم الشرف موجودة ، ولكنها اليوم منتشرة بصورة رهيبة ، وقتل النساء يتفاقم يوما تلو الآخر . طرحت هوزان مثالا عن فتاة تم اختطافها ، ثم اتصل خاطفوها بوالدها طالبين المال لردها فقال لهم : من الأفضل أن تقتلوها على أن تعيدوها " ، لأن الفتاة سوف تقتل في جميع الحالات ، إن عادت ، فإن أهلها هم من سيقتلوها ، لأن خطف الفتاة عار على العائلة ، أما الفتاة نفسها ! تحدثت عن مواقف الأطباء مثلا ، أولئك الذين يصار إليهم فحص عذرية الفتيات ، قالت بأنهم يخضعون للعادات والتقاليد المهينة للمرأة ، أكثر مما يخضعون لقوانين مهنتهم ، والطبيب الذي يفحص امرأة مشكوك بعذريتها ، يتعامل معها كعاهرة . قالت هوزان أنها كانت منذ عدة أشهر في العراق ، وروت فعلا ما يمكن رؤيته في السينما لا الواقع ، عن جثث نساء مرمية في الزبالة ،أو النهر ، أو عن جثث مقطعّة ومشوهة لنساء لا تعرف هوياتهن . وقالت أن قتل المرأة أمام الجميع أصبح أمرا عاديا . جثث في المشافي ، لا أحد يعرف أصحابها ، ولا أحد يعطي معلومات . تحدثت عن زواج الفتيات القصر من رجال بأعمار آبائهن، عن فتاة في التاسعة تتزوج من رجل فوق الخمسين ، هذه تعتبر طفلة ، وهذه إحدى نماذج وضع المرأة في العراق . لم يكن الوضع أثناء نظام صدام جيدا ، إلا أن المرأة كانت تتمتع بحقوقها ، التعلم ، التربية ، الطلاق ، ... كان ثمة ديكتاتورية واضحة ، وكنا نناضل ضدها ، ولم يكن قتل المرأة منتشرا هكذا ، لم نسمع عن القاعدة مثلا ، اليوم ظهرت أشياء لم تكن موجودة ، صرنا نرى شعارات القاعدة في العراق ، ولم نعد نعرف ضد من سوف نناضل ، أضافت هوزان . تحدثت عن الوضع في كردستان ، حيث كانت هناك منذ وقت قريب ، وقالت أن الوضع في كردستان لم يكن تحت سلطة النظام العراقي ، ووضع المرأة كان جيدا ، فهي تذهب إلى الجامعة وإلى العمل ، واليوم ثمة جيل جديد ينمو هناك ، جيل من الحرية والمساواة ، ولكنها ليست الحالة ذاتها فيما يتعلق بالوضع السياسي . فقد اعترضت هوزان على المادة 7 في الدستور الكردي " يؤكد هذا الدستور الهوية الإسلامية لغالبية شعب كردستان وان مبادئ الشريعة الإسلامية هي إحدى المصادر الأساسية للتشريع " ، وقالت أن الشريعة تميز بين المرأة والرجل ، وهي ضد تعميم الإسلام ، وضد أن يحكم الإسلام . فهي مؤمنة بحرية الأديان ، ومؤمنة بحقها بانتقاد الأديان ، وحرية التعبير ، وكل ذلك يتعارض مع المادة السابعة .
تطرقت أيضا للحديث عن وضع المرأة عموما في الشرق الأوسط ، بسبب تسييس الإسلام ، أو الإسلام السياسي ، حيث تعد المرأة مواطنة درجة ثانية ، كما في السعودية وباكستان ... ردت هوزان على أسئلة الحضور ، عن الحماية التي يمكن أن تؤمنها جمعية حرية المرأة في العراق لأطفال النساء المقتولات ، تحدثت عن ظروف العمل الصعبة ، واضطرار أعضاء الجمعية إلى التنقل ، إضافة إلى الصعوبات المالية ، وقالت ، إذا لا تستطيع المرأة الخروج إلى الشارع ، فهل ستستطيع التظاهر ؟ قالت أنهم يحاولون جهدهم ، كجمعية ، للاعتناء بالأطفال ، ولكن العمل ليس سهلا . وفي سؤال عن الحرب المدنية في العراق ، قالت أن العراقيين متفاهمين ، والحرب ليست بين الناس ، بل بين المسلحين ، العسكر في كل مكان ، يدخلون الأحياء ويخرجون الناس منها ويهددونهم ، هذا هو تسيس الأديان . أما الحقيقة فالناس يحبون بعضهم ويتعاونون ، والخلافات ليست بينهم ، بل خلافات سياسية ـ دينية . أنهت هوزان لقائها بشكرها لمنظمة العفو الدولية ، ولجميع من يدعم حرية المرأة ، وهوزان كانت قد تلقت تهديدا بإرسالها إلى الله ليعاقبها ، إلا أنها مستمرة في نضالها ، وقالت ثمة أفراد من عائلتها ليسوا سعداء بما تفعل ، من جهة ثانية ، ثمة أشخاص فخورون بها . مما لا شك فيه أن عمل هوزان ونشاطها ليس سهلا ، ليس من السهل على أحد من أبناء المنطقة ، أن يعلن مواقفه من الدين ، حيث هذا التابو المرعب الذي يهدد حياة أي من يتفس بالخطر ، الدين الذي لا يقبل بالشك ولا النقد ولا المساءلة ، فكيف لو كان هذا الشخص امرأة ، امرأة تشعر بالخطر يلاحقها في كل مكان ، امرأة تنحدر من ثقافة شرقية اعتادت على التكتم والصمت ، تعرض شاشاتها أمام العالم ، وتعرض صور الفضيحة والذل والمهانة التي تلحق بالمرأة العربية في كل مكان من المنطقة العربية ، وفي العراق على الأخص ، في أجواء " الديمقراطية " المرتقبة .
#مها_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بماذا يهتم القارئ العربي ؟
-
أعياد دونكم
-
على هامش الحرب
-
خدام ... والمسألة الكردية
-
الدعارة السياسية، نعم أنا - ... - فهل يمكنك أن تثبت ذلك ؟
-
أمة فيروز-الجزء الثاني
-
عودة الحوار المتمدن،هل نحن حقا متمدنون
-
الديمقراطية والإصلاح السياسي
-
هل يصدق السيد الرئيس
-
جرائم الشرف إرهاب ضد المرأة
-
جلال الطالباني رئيسا للعراق، انتصار للأمة العربية
-
ثورة الطلاب في البصرة
المزيد.....
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|