أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - المبدع الحر والمشروع الغدوي















المزيد.....

المبدع الحر والمشروع الغدوي


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 560 - 2003 / 8 / 11 - 04:12
المحور: الادب والفن
    


   
الإبداع هو كل محاولة إنسانية تتقصد إنتاج أو استخراج عوالم صودرت وسلبت تحت سيف سلطة من السلط،  وذلك بتشغيل أدوات سمعية أو بصرية أو مكتوبة إما خلقا (=création)  أو محاكاة (=mimesis ).
لقد كان الإبداع عبر تاريخ البشرية مبادرات لانهائية لمقاومة الواقع أو السمو عليه أو الرقي به أو الدفاع عنه. وهكذا تجدرت في السلوك الفردي والتاريخ الإنساني هذه الثنائية السحرية:
الواقع والمثال ( . ( The established order & the ideal order 
قد تتعدد التعيينات على" الواقع والمثال" : الكائن والممكن، الحاضر والرهان،الواقع والآفاق، الإشكالات والبدائل... لكن الدلالة تبقى واحدة وهي أن كل مناحي النشاط الإنساني تحركها هاتين القوتين: قوة الواقع بسلطه وإكراهاته وقوة الحلم بالتغيير والارتقاء. وعلى خلفية هاتين القوتين تتحدد غايات كل الإبداعات الإنسانية من معمار ومسرح وشعر وموسيقى...
كل الإبداعات الإنسانية تتضمن في نصوصها ولوحاتها ومعزوفاتها هاتين الثنائيتين ( الواقع والمثال ) ثم تنتصر لأحدهما على حساب الآخر لتفصح بذلك عن الخلفية التي تحركهما: خلفية سلطة (=الواقع ) أو خلفية حرية (=المثال ). ولعل أخلد الإبداعات الإنسانية هي تلك التي كانت تنتصر دوما لقيم الحرية والتغيير والحلم بغد أفضل وأزهر وأشع. ولائحة الإبداع والمبدعين التي تحتفظ بها ذاكرة الإنسانية لا تضم غير الإبداع الحر والمبدعين الأحرار.
 
المبدع الحر:
 
إذا كان الإبداع الحر  هو الإنتاج الإبداعي المنتصر لقيم الحرية والغدوية والتغيير، فإن المبدع الحر هو حامل مشعل هذه القيم وباعثها من تحت رماد النسيان والطمأنينة الزائفة دون مطامع ولا مصالح شخصية:
 
‘’إنه سيلغي نفسه، دون أن يشاء ذلك، مكلفا برد الإنسانية إلى طفولتها، ثمة مجده، ثمة أقصى مداه كذلك.’’
فريد يريك نيتشه
إنسان مفرط في إنسانيته
الجزء الأول: كتاب العقول الحرة
( الترجمة العربية )
ص.96
في هذا الاقتباس، يحدد نيتشه للمبدع خاصيتين اثنتين:
1)- الصوفية ونكران الذات.
2)- تحديد الأهداف والغايات الإنسانية النبيلة للعمل على تحقيقها.
 
   صوفية المبدع الحر تكمن في إيمانه العميق بكونه " معبرا " تمر عبره الإنسانية من الظلام إلى النور، من الأمية إلى الوعي، من الخضوع إلى الحرية، ومن التيه إلى القصدية. إنه محض وسيلة...
أما الخاصية الثانية، فهي تحديد الأهداف والغايات والمرامي النبيلة بغية العمل على تحقيقها: التحرر من الذل والمهانة والإقصاء...
‘’البشرية لم تعرف حتى اليوم لها هدفا، ولكن إذا كانت
الإنسانية تسير ولا غاية لها، أفليس ذلك لقصورها وضلالها؟’’
فريد يريك نيتشه
هكذا تكلم زارادشت
( الترجمة العربية )
ص.86
إذا كانت أهداف الإبداع الحر هي إنتاج عالم جديد وثقافة جديدة. فما هي السبل إلى ذلك؟
 
الوسائل الثلاثة لتجديد الرؤية والوجود:
 
في كتاب " أفول الأصنام "، جدد فريديريك نيتشه الوسائل الثلاثة الضرورية لكل مشروع تجديدي:
 
1)- تعليم الناس كيفية الرؤية.
2)- تدريب الناس على طرق التفكير.
3)- تعليم الناس أساليب التعبير الكتابي والشفهي والجسدي...
          
             بالنسبة للتربية على تجديد الرؤية:
‘’أن نتعلم أن نرى: أن نعود العين على الهدوء، على الصبر، على
 ترك الأشياء تأتي إليها، على تعليق الحكم، أن يتعلم الإحاطة
 بالجزء ونفهمه في إطاره الكلي...’’
( الترجمة العربية )
ص.72
            أما بالنسبة لتجديد الفكر:
‘’أن نتعلم أن نفكر: (...) لكي يتم التفكير فلابد من تقنية، من برنامج،
 من إرادة التحكم، إنه لابد من تعلم التفكير مثلما يعلم الرقص، كنوع
خاص من الرقص...’’
( الترجمة العربية )
ص.73
           أما بالنسبة للتدرب على التعبير:
‘’لا يمكن أن نستبعد الرقص، بكل أشكاله، من تربية رقيقة: أن يعرف  المرء كيف يرقص برجليه، بالأفكار وبالكلمات. ألا يزال هناك داع لأن نقول بأنه على المرء أيضا أن يعرف كيف يرقص بقلمه- بأنه عليه أن يتعلم أن يكتب؟ ‘’
الترجمة العربية )
ص.73
 
علاقة المبدع بالمتلقي: ميثاق الثقة والحرية.
 
الإبداع تواصل راق يطلق العنان للمشاعر الإنسانية النبيلة ويحسس الناس بحريتهم ويستدرجهم للاستمتاع بها.  ولذلك  لا يمكنه تمجيد العبودية أو الاستغلال أو تسخير الإنسان .الإبداع مطلب وجودي يتمظهر في شكل واجب ينتظر من المتلقي القيام به من خلال الوعي بحريته واستثمارها.
إن لجوء المبدع إلى الملتقى كي يساهم في تحقيق المشروع الإبداعي، هو اعتراف منه بحرية المتلقي. بل إن المجهود الكبير الذي يبدله كل مبدع قبل إخراج عمله للوجود لأكبر دليل على هذا الاعتراف بحرية المتلقي الذي قد يلقي العمل الإبداعي في وجه مبدعه إن أظهر هذا الأخير نفاقا أوتزلفا أو تحايلا علىحريته.
 حرية المتلقي معطى وحرية المبدع معطى مواز. وكل مشروع يجمعهما هو مشروع يستند على خلفية احترام حرية الآخر واستحضار كرامته. إنه تعاقد بين طرفين متكاملين لا غنى لأحدهما عن الآخر، ولا سلطة لهذا على ذاك.
هذا التعاقد بين الأحرار في العمل الإبداعي يمكن فهمه على خلفية التعاقد بين الأحرار في العمل السياسي كما في هذه المقارنة: 
 
 
 
هذا التعاقد بين المبدع الحر وبين المتلقي الحر تعاقد أساسه الثقة المتبادلة والحرية كصفة وجود لكل منهما والعمل على إعلاء راية القيم الإنسانية النبيلة.
 
 
 
تركيب :
 
الإبداع لا يمكن أن يكون إلا حرا وغدويا حالما لأنه مشروع تحرير للعالم وتجديد له من خلال تحرير العين ( سينيما، تصوير ) والفكر ( فلسفة،...) والسمع ( موسيقى، غناء ) والجسد( رقص، مسرح) على خلفية مرجعية تحيل على تعاقد بين المبدع والمتلقي أساسه الاحترام المتبادل والاعتراف بحرية الآخر والإيمان بالتكامل.

 



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأغنية العربية المؤجلة
- الإحتلال الأنغلو- أمريكي للعراق: النفط أولا
- على هامش تفجيرات الدار البيضاء المغربية: من ثقافة الحياة الى ...


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - المبدع الحر والمشروع الغدوي