|
التحرش الجنسي واعتبار المرأة (إنسان) من الدرجة الثانية!
حسين أبو السباع
الحوار المتمدن-العدد: 1857 - 2007 / 3 / 17 - 12:50
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المرأة... وقضايا لا تنتهي... كل يوم نرى أنها تحاول جاهدة الحصول على حقوقها بواسطة الحملات عالية الصوت من أجل انتزاع أي حق من حقوقها، كل يوم نقرأ، ونسمع، ونشاهد، عديدات منهن، وقد جلسن على طاولة مستديرة أو أيا كان شكلها، يناقشن موضوعات تهم المرأة، كلها تدور في فلك الزواج القسري الذي لا يسمح للمرأة الاعتراض فيها، أو إنهاؤه بطلبها الطلاق مثلاً والرضا بـ(النصيب) رغم ارتفاع نسبة الطلاق في الوطن العربي بشكل عام إلى نسبة تمثل الخطورة الحقيقة على كيان الأسرة العربية في ظل الثقافات الفضائية التي تقوم بدور تحريضي من أجل إفهام المرأة أموراً مغلوطة لتمثل دائما الشوكة التي تدَّعي أنها تعاني الظلم، والكبت، والتحرش، والعدوانية، والعنف، وأنها تمثل بالنسبة للمجتمع (آخر)، يجب إقامة الحوار مع هذا الآخر باعتبار أن المجتمعات المسلمة قد أقامت الحوار مع اليهود، والمرأة ليست يهوداً حتى لا يقام معها الحوار.
وإذا ناقشنا موضوعاً واحداً من هذه الموضوعات التي تسكت عنها المرأة باعتبار ما يسمى أحيانا بـ(العيب) - وهو نسبي- نجد مؤخرا ما بدأ يطرح عن موضوع التحرش الجنسي، وفلسفة الشباب الصغير الذي تمت أدلجته ليخرج ملاحقا المرأة في كل مكان فإذا وجد الفرصة سانحة للتحرش، ما تأخر لحظة، وبدأ جريمته، ثم يفر هارباً... تاركاً خلفه مقاطع بلوتوث مجانية لمزيد من الدعاية إلى تصرفاته التي لا تواجه إعلامياً بالمناقشة، ورفض الفعل ونبذه.
التحرش قد يكون من أقرب الأشخاص حميمية، وقد يكون من المحارم، وقد يكون، وقد يكون، لكن لماذا تعتبر المرأة سكوتها نوعاً من أنواع البطولة أو الاستشهاد؟ إن سكوتها على ما يحدث ولا يعلمه أحد من البشر إلا هي هو الجريمة التي تفسح الطريق لتكرار التحرش مرات ومرات، لأن كل شيء متى توافرت أسبابه يحدث من دون تأخير. تصمت المرأة ولا تتحدث إلا عبر الفضائيات بأرقام تليفونات غير معلنة وأصوات متشابهة كلها تصرخ... الحقونا! وكأن هذه الجرائم تحدث فقط في الوطن العربي.
إن قضايا المرأة التي تدعي فيها المجاهدة في الوصول إلى الصف الأول من الأنسنة، ليست قاصرة على المرأة العربية، ولكن نساء العالم لهن قضايا أيضاً خاصة بمجتمعاتهن، لكن في العالم العربي لأن كثيرات من النساء يحسن (الولولة)... يظهرن في الفضائيات يصرخن، ويتحدثن بطريقة حربية، لتشاهد من ثم أخريات كثيرات من المتابعات البسيطات ثقافياً هذه (المولولة) في الحلقة الفضائية بطريق الخطأ وهي تناقش التحرش الجنسي مثلاً، أو منع المرأة من ممارسة بعض الأعمال التي يقوم بها الرجل مثل الأعمال الشاقة في المناجم الجبلية، تجدهن وقد رفضن التحرش، وطالبن بالعمل مع الرجال في المناجم الجبلية، من طريق المساواة، وإذا عرَّجت الحلقة ذاتها على موضوع العنوسة وضرورة تعدد الزوجات في بعض الأحيان، يرفضن بشدة هذا الحل، ويطالبن باللجوء إلى حلول أخرى غير التعدد، باعتبار أن التعدد يمثل - من وجهة نظر بعضهن- إهانة للزوجة الأولى التي لا ينقصها شيء مما يذهب إليه الرجل في المرأة الثانية... حتى إن القانون المصري يمنح المرأة حق الطلاق للضرر في حال زواج الرجل للمرة الثانية.
اعتبار المرأة نفسها إنسان من الدرجة الثانية جعل قضاياها متشابكة، وغير منضبطة في كثير من الأحيان، والمطالبة بضبط هذه القضايا لابد وأن يخرج المرأة من هذا الاعتبار إلى نوع من فهم الواقع ومتطلباته والعمل على تغيير ثقافات المجتمعات التي ننتمي إليها جميعاً لمحاولة إزالة سوء الفهم بين ما يجب أن يُوفر من حمايتها، وليست المرأة بشكل خاص، وإنما بتوفير جميع سبل الحماية لجميع أفراد المجتمع، وذلك بالتوعية الدائمة والإرشادات التي من شأنها تغيير - ولو على المدى الطويل- بعض ما تعودنا عليه من عادات بليت، وانتهى زمانها، ومن تجاوزات كثير من الرجال أيضاً.
أعتقد أنه بالثقافة الإعلامية الحقيقة وليست الفضائية العارية فقط، نستطيع إفهام ما انغلق فهمه، فبالبحث عن أسباب قضية (التحرش الجنسي) ومحاولة علاج هذه الأسباب بالحوار، والمكاشفة، وإفشاء المسكوت عنه، نستطيع ساعتها أن نناقش جميع قضايانا من دون خجل، ونستطيع حلها بأسلوب علمي صريح، بدلاً من الصراخ، و(الولولة)، وبدلاً من كثرة الحديث - فقط الحديث- دون شرح الأسباب، واقتراح الحلول...
#حسين_أبو_السباع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
-
الحياة الواقعية تحت وطأة الصراعات.. المرأة اليمنية في أدب وج
...
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024 الجريدة الرسمية بعد أخر ال
...
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|