أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحيم الوالي - تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟















المزيد.....

تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟


عبد الرحيم الوالي

الحوار المتمدن-العدد: 1856 - 2007 / 3 / 16 - 14:13
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


الرواية الرسمية لما وقع ليلة 11 مارس الجاري داخل أحد مقاهي الأنترنت بالدار البيضاء تقول بأن الانتحاريين كانا يتصفحان "موقعاً محظوراً أمنياً" مما جعل صاحب المقهى يشتبه في أمرهما و يغلق أبواب المقهى ليتصل بالشرطة. و أثناء ذلك قام أحدهما بتفجير حزامه الناسف مما أدى إلى مقتله و إصابة أربعة أشخاص آخرين بجروح من بينهم الانتحاري الثاني و صاحب المقهى.
حسب نفس الرواية فالانتحاري الثاني تخلص من حزامه الناسف و سكين من الحجم الكبير كانت أيضا بحوزته ثم لاذ بالفرار قبل أن تعتقله الشرطة بعد أن تحركت ست سيارات للأمن في محيط كيلومتر واحد من مكان التفجير.
و تضيف الرواية الرسمية ـ حسب ما أوردته إحدى اليوميات المغربية ـ أن تفجير مقهى الأنترنت كان أمرا عرضيا و أن الهدف المحتمل للعملية كان هو مقر ولاية أمن الدار البيضاء أو مقر القيادة الجهوية للدرك الملكي بالمدينة. كما تقول الرواية عينها بأن المحققين لم يتعرفوا على الجهة التي كان يتصل بها منفذا العملية لأن الحاسوب الذي كانا يستعملانه قد دمر بالكامل. و تقول ذات الرواية أيضا بأن الانتحاري الذي لم يفجر نفسه، و أصيب بجروح طفيفة نتيجة انفجار الحزام الناسف للانتحاري الأول، شخص مدمن على شم مادة "السيليسيون" المخدرة و من مستوى تعليمي بسيط أو ربما بدون أي مستوى تعليمي أصلا.
و لحد كتابة هذه السطور لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العملية.
طبعاً، هناك الجانب المتعلق بسرية التحقيق و الذي يقود، بالضرورة، إلى شح في المعلومات بفعل التكتم الأمني.
غير أن قراءة متأنية في المعطيات المتوفرة لحد الآن تفضي إلى طرح مجموعة من الأسئلة: إذا كان هدف الانتحاريين هو مجرد الفرار من مقهى الأنترنت فقد كان بإمكانهما ذلك فقط باستعمال السلاح الأبيض (السكين الكبيرة). فما الذي أجبر أحدهما على تفجير حزامه الناسف؟
و حسب الصور التي بثها التلفزيون المغربي، بقناتيه الأولى و الثانية، فالجروح التي أصيب بها الانتحاري الثاني، و صاحب مقهى الأنترنت، و الجريحان الآخران، ليست جروحا خطيرة. و الضحايا تحدثوا بأصوات غير واهنة إلى وسائل الإعلام، بينما يتحدث الانتحاري الثاني الآن إلى المحققين في معتقل تمارة بعد أن تلقى العلاجات من الجروح التي أصيب بها في وجهه و التي كانت أيضا جروحا خفيفة. و لو لم تكن كذلك لما تمكن من الركض مئات الأمتار بعيدا عن مسرح العملية قبل أن تعتقله الشرطة. أما جثة الانتحاري الذي فجر نفسه فقد انشطرت إلى نصفين و انفصل رأسه عن جسده. كيف يؤدي إذن هذا الحزام الناسف إلى إصابات بهذا الفارق الكبير داخل فضاء مغلق و ضيق؟ و ذلك علماً أن الجميع كان ـ حسب الرواية الرسمية ـ داخل المحيط المباشر للانفجار؟
بالمقارنة البسيطة مع تفجيرات 16 ماي 2003 بالدار البيضاء يمكن العثور على العديد من نقاط الاختلاف و التساؤل. في مطعم كاسا دي إسبانيا الذي كان هدفا لأحد تفجيرات 16 ماي 2003 قام الانتحاري الأول بتفجير نفسه في ساحة المطعم المفتوحة و المكشوفة و الأكبر بكثير من حيث المساحة من مقهى الأنترنت الذي استهدف في العملية الأخيرة. و كانت النتيجة عددا كبيرا من القتلى الذين تطايرت أشلاؤهم في أرجاء المطعم. و كان أول من حاول إيقاف ذلك الانتحاري هو رئيس النوادل بالمطعم، محمد محبوب، الذي لم ينج من الموت إلا بمعجزة إلهية و لا يزال لحد الآن يعاني من آثار الإصابات البليغة التي لحقت مختلف أنحاء جسده. و قد التقيت محمد محبوب شخصياً بعد سنتين من أحداث 16 ماي، و أجريت معه حوار صحفيا نشرته وكالة الأنباء الدولية آي . بي . إس في يناير 2006، و كان آنذاك، أي بعد سنتين، لا يزال يجري علاجات و ينتظر عمليات جراحية. هل المتفجرات المستعملة في العمليتين لم تكن بنفس القوة؟ أم أن الجرحى، في العملية الأخيرة، لم يكونوا داخل الدائرة المباشرة للانفجار؟
الصور التي نقلتها وسائل الإعلام ترجح الافتراض الثاني. و ينبغي التركيز هنا على سيارة مرسيديس من طراز 190 التي كانت متوقفة بالقرب من مقهى الأنترنت و التي تحطمت نهائيا بسبب الانفجار. كيف تتحطم المرسيديس، و هي من حديد ألماني الصنع و خارج المبنى، و لا يصاب صاحب مقهى الأنترنت و سائر الذين كانوا داخل المقهى إلا بجروح خفيفة، علما أن صاحب المقهى كان ـ حسب الرواية الرسمية ـ في شنآن مع الانتحاريين، و بالتالي فقد كان أقرب إليهما من سيارة المرسيديس المتوقفة في الشارع؟ هل جسد صاحب مقهى الأنترنت أقوى و أشد بأساً من صفيح المرسيديس؟ أليس جسدا آدميا مثل جسد الانتحاري الذي انشطر إلى ثلاثة؟ أليس مثل جسد الصديق محمد محبوب، الذي اعترض فعلا أول انتحاري هاجم مطعم كاسا دي إسبانيا ليلة الجمعة 16 ماي 2003، و الذي كادت أجزاء من جسده تنشطر فعلا و لم تعدها إلا عناية الله و الأنامل المشكورة للجراحين المغاربة؟
في هذه العملية الأخيرة لدينا فقط قتيلان: الأول آدمي و هو الانتحاري الذي فجر نفسه، و الثاني وحدة مركزية للحاسوب هي التي كان الانتحاري يستعملها. جثة الانتحاري لن تفيد المحققين في شيء لأنها انشطرت إلى ثلاثة أجزاء، و وحدة الحاسوب بدورها لن تفيدهم في معرفة الجهة التي كان يتصل بها الانتحاري لأنها دمرت بالكامل. أما الانتحاري الثاني فهو مجرد مدمن على مادة "السيليسيون" المخدرة. و بالتالي فهو يرتبط مع العالم عبر شبكة أخرى من المؤكد أن لا علاقة لها بنظام ويندوز و الراجح أنه لن يفيد بشيء في عالم المواقع الإلكترونية. ما الذي دار، إذن، بين الإثنين، أي بين الانتحاري و الحاسوب المدمر؟ أكيد أن صاحب مقهى الأنترنت ينبغي أن يعرف على الأقل شيئا من ذلك إذا كان فعلا قد رأى الانتحاري يتصفح "موقعاً محظوراً أمنياً" كما تقول الرواية الرسمية. و في هذه الحالة فالجهة التي كان يتصل بها الانتحاري معروفة مبدئيا لأنها، ببساطة، جهة لها صلة بالموقع الذي كان يتصفحه. لكن الرواية الرسمية ذاتها تقول بأن المحققين لم يتمكنوا من معرفة هذه الجهة لأن الحاسوب الذي كان يستعمله الانتحاري قد دمر نهائياً. و من ثمة فهي تستنتج أن تلك الجهة هي التي كانت ستحدد ساعة الصفر للعملية التي كان الانتحاريان سيذهبان إلى تنفيذها، و تستنتج أيضا أن تفجير مقهى الأنترنت كان عرضياً، أي غير مقصود.
العقل و المنطق يقولان بأن طعنة بالسلاح الأبيض كانت كافية لتمكين الانتحاريين من الفرار لو كان هدفهما الفرار بالفعل. أما و أحدهما قد أصر على تفجير نفسه و تدمير الحاسوب الذي استعمله في الاتصال مع جهة ما فذلك قد يعني أيضا أن المقصود بالضبط كان هو تدمير مقهى الأنترنت برمته بعد استعماله في الاتصال بالجهة التي لا تزال مجهولة حتى الآن، و التي لم تعلن حتى الآن عن نفسها. و كان لا بد أن يتم التدمير بحزامين ناسفين عوض حزام واحد حتى يكون كاملا و شاملا. و لذلك رأينا أن عددا من معدات المحل ظلت سليمة لأن الانتحاري الثاني لم يفجر نفسه. و بالتالي فنحن لا نعرف على وجه التحديد هل كانت مهمة تلك الجهة إصدار أمر بالتنفيذ أم استقبال أمر بالتنفيذ من جهة أخرى بواسطة الانتحاري الذي فجر نفسه و نجح في تدمير الحاسوب الذي استعمله مبقياً على الجهة التي اتصل بها، و على ما دار بينه و بينها، بين طيات المجهول حتى الآن.
غير أن هذا المجهول ليس مجهولا مطلقاً. فالسلطات المغربية تبحث منذ أسابيع عن عشرات الانتحاريين المفترضين حسب ما تم تداوله في وسائل الإعلام، و الحواجز الأمنية في كل مكان، و حركة المروحيات لا تهدأ، و الحديث يجري عن كميات كبيرة من الأسلحة و المتفجرات تم تسريبها إلى داخل البلاد.
أكثر من هذا، فالسلطات كانت قد نبهت، بالضبط، أصحاب مقاهي الأنترنت إلى خطر مثل هذه العمليات و كانت هناك إجراءات خاصة بهذه المحلات كما صرح بذلك والي الدار البيضاء محمد القباج. و معنى ذلك أن السلطات كانت تعلم بأن التنظيمات المسؤولة عن هذه العملية ستلجأ إلى استعمال شبكة الأنترنت من مكان عمومي حتى لا يتم التعرف عليها، و لذلك نبهت أصحاب هذه الأماكن العمومية و وضعت آذانها عليها استعداداً للإيقاع بتلك الجهة في الفخ. لكن ما لم يخطر على بالها ـ ربما! ـ هو أن الجهة الأخرى خططت أيضا لأن يتم تدمير مقهى الأنترنت و جميع الحواسيب المكونة لشبكته المحلية بعد استعماله في تمرير التعليمات.
فقهاء المسلمين يقولون بأنه "من الحزم إساءة الظن". و هذه هي القاعدة الشرعية التي تصلح كعقيدة أمنية للتعامل مع ما حصل. فالذي انفجر حتى الآن هو كمية ضئيلة من بين كمية كبيرة من المتفجرات يقال بأنه تم تسريبها إلى داخل المغرب. و الراجح هو أن تكون ساعة الصفر لعمليات قادمة قد أعطيت بالفعل من مقهى الأنترنت الذي تعرض للتفجير ليلة 11 مارس الجاري. هذا، على الأقل، احتمال يضع المغاربة جميعا في وضع اليقظة بدل أن يضعهم الاحتمال الثاني، القائل بفشل عملية الاتصال بين الانتحاري و الجهة الأخرى، في "سابع نومة" كما يقول إخواننا في أرض الكنانة.



#عبد_الرحيم_الوالي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة من قلب الحدث: هذه بعض أسباب الإرهاب بالدار البيضاء


المزيد.....




- -حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو ...
- الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن ...
- مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال ...
- مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م ...
- مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
- هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
- مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
- بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل ...
- -التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات ...
- القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو) ...


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد الرحيم الوالي - تفجير الدار البيضاء الأخير: هل كان عملية عَرَضِيةً بالفعل؟