|
إن أزمة الأدب العربي ليست أزمة اختيارات جمالية أو مذهبية، ولكنها أزمة شرعية الأديب ومصداقيته
محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة
(Mohamed Said Raihani)
الحوار المتمدن-العدد: 1853 - 2007 / 3 / 13 - 13:00
المحور:
مقابلات و حوارات
حوار صحفي مع محمد سعيد الريحاني أجراه القاص والصحفي العراقي خالد الوادي:
سؤال: لقد وصفتم كتابة القصة بالمساحة القصيرة لإعادة تشكيل الحياة، وهذا الوصف يدفعنا إلى السؤال عن البيئة التي استخلص منها محمد سعيد الريحاني عصارة الإبداع التي استخدمها في كتاباته. جواب: بدأت مشواري نحو عالم الكتابة مبكرا ومتناغما مع عدة هوايات أخرى الرسم والموسيقى والسينما ... فقد كان لأختي البكر الدور الكبير في توجيهي نحو الفن التشكيلي وأساليب التعبير المكتوب والمرئي والمسموع الأخرى قبل سن العاشرة من العمر. وهذا ما أكسبه وعيا مبكرا بتقنيات الملاحظة والتعبير في آن. لكن الطفرة الكبرى كانت في مرحلة الإعدادي مع مادة الإنشاء ضمن المواد المقررة في حصص اللغة العربية، حيث تعرفت على مواهبي في الكتابة من خلال انبهار أساتذتي بأساليبي التعبيرية. وقد كان لذلك تأثيرا قويا على نفسي ودافعا مهما لتركيز ذات الأساليب والرؤى في ذاكرتي إلى الأبد. ولذلك، أعتقد أنني تعرفت أهمية الأدوات الأساسية في التعبير منذ الطفولة: الصورة، اقتصاد اللغة، التكثيف، وحدة الموضوع... بالنسبة لقراءاتي الحرة الأولى فلم تكن عربية لكون مكتبة القسم البسيطة لم تكن تحتوي على غير القصص الدينية والقصص المصورة المخصصة للتسلية. لذلك، كانت رواية "البؤساء" لفيكتور هوغو أول رواية قرأتها تحت تأثير المسلسل اللبناني المدبلج الذي أعجبت به أيما إعجاب. وعن طريق هذه الرواية أحببت الأدب المكتوب ودخلت باب القراءة الراقية من بوابة المكتبة البلدية بمدينة مسقط رأسي ثم من باب تبادل الكتب مع الأصدقاء إلى أن راكمت لائحة أعتز بها من العناوين الإبداعية. لكن الكتابة بشكل حر لم تخطر على بالي حتى سن السادسة عشر من العمر عندما قرأت السير الذاتية العربية المعروفة "الايام" و"الخبز الحافي" و"في الطفولة" لكتاب من حجم طه حسين ومحمد شكري وعبد المجيد بنجلون. آنذاك، قرر أن يكتب مذكراته في القسم الداخلي في ثانوية جابر بن حيان في مدينة تطوان شمال المغرب لإحساسي بأهمية تجربتي الذاتية في ذلك الفضاء ولإيماني بقيمة الكتابة كأداة لمقاومة الإحساس بالغبن في ذلك العالم الملحق بالمؤسسة التربوية. ولرغبتي في تقوية لغتي الأجنبية الأولى ، شرعت في كتابة تلك المذكرات باللغة الفرنسية. لكنني غيرت أداة تعبيري، بعد ثلاث سنوات، من اللغة الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية بحكم اختياري دراسة الأدب الانجليزي . في الجامعة، فتحت عيني على الآداب الراقية بلغتها الأصلية وفي نسختها الأصلية فتغيرت نظرتي للإبداع وتبدل شكل تذوقي للنصوص الإبداعية بحكم دخولي مختبر التحليل النصي وكواليس الكتابة والقراءة من خلال محاضرات جعلتني أشعر بأن النصوص التي تقع بين يدي هي عصارة حياة واعية وفكر قصدي ... وأحببت الكتابة والقراءة لكن، هذه المرة ، بشكل نهائي. في الجامعة، تعرفت على الكتاب الذين سيطبعون حياتي الإبداعية إلى الأبد: جيمس جويس، صامويل بيكيت، ويليام فولكنر، هنري جيمس، أرنست هيمنغواي،جورج برنلرد شو، فيرجينيا وولف... لكن في زحمة الأسماء الإنجليزية كنت أقرأ الثقافة الفرنسية أيضا وأحببت أولا ألبيرت كامو وقرأت له رواية "الغريب" أكثر من عشر مرات . كما قرأت بعد ذلك لجون بول سارتر وميشيل فوكو وغيرهم. لكن المرحلة الثالثة من حياتي بدأت بعد تخرجي من الجامعة. فجوابا على سؤال: "لمن أكتب؟"، غيرت لغة تعبيري بنسبة مائة وثمانين درجة لأكتب باللغة التي أفكر بها، اللغة العربية، لقراء لهم نفس الإحباطات والآمال، قراء عرب. لذلك، كانت أولى نصوصي هي أحلامي. ولذلك، كان نص "افتح، يا سمسم !" هو أول نصوصي المكتوبة باللغة العربية وأنا في سن الثالثة والعشرين. وبعد ذلك توالت الإنتاجات الإبداعية...
سؤال: ما هي المدارس التي يميل إليها محمد سعيد الريحاني والكتاب الذين تأثر بهم؟ جواب: أعتقد أنني تشبعث في بداياتي بالفكر الوجودي لدرجة أن مجموعتي القصصية الأولى، "في انتظار الصباح"، كانت تحيل مند العنوان على مسرحية صامويل بيكيت المعروفة "في انتظار غودو". كما أن النص الأخير في ذات المجموعة وعنوانه "الحياة بملامح مجرم" يحاور بشكل شفاف رواية ألبيرت كامو الشهيرة "الغريب". لكن القارئ لأعمالي سينتبه لمؤثر آخر أقوى وأبرز في كتاباتي الإبداعية وهو الفكر الصوفي.
سؤال: لكل أديب قضية فما هي القضية التي وظفها محمد سعيد الريحاني في كتاباته وكيف نقلها إلى القارئ؟ جواب: منذ زمن قريب، بدأت بشكل فردي أشتغل على وضع اللمسات الأخيرة على مشروع غير مسبوق في الأدب العربي من خلال إعداد مختارات للقصة المغربية القصيرة في ثلاثة أجزاء تحت شعار "الحاءات الثلاث: أنطولوجيا القصة المغربية الجديدة" وهي مشروع تنظيري وإبداعي قصصي مغربي خاص بترجمة خمسين (50) قاصة وقاصا مغربيا إلى اللغة الإنجليزية ويتقصد تحقيق ثلاث غايات: أولها التعريف بالقصة القصيرة المغربية عالميا؛ وثانيها التعبئة بين أوساط المبدعات والمبدعين المغاربة لجعل المغرب يحتل مكانته الأدبية كعاصمة للقصة القصيرة في المغرب العربي إلى جانب الجزائر عاصمة الرواية وتونس عاصمة الشعر؛ وثالثها التأسيس ل"مدرسة" مغربية قادمة للقصة القصيرة الغدوية عبر هدم آخر قلاع العتمة في الإبداع المغربي (الحلم والحب والحرية) واعتماد هده "الحاءات الثلاث" مادة للحكي المغربي الغدوي التي بدونها لا يكون الإبداع إبداعا. "الحاءات الثلاث: أنطولوجيا القصة المغربية الجديدة" مشروع ثلاثي الأجزاء على ثلاث سنوات: الجزء الأول عنوانه "أنطولوجيا الحلم المغربي" سنة 2006 ويربط الوصال بين خمسة عشر قاصة وقاصا مغربيا حالما ، والجزء الثاني عنوانه "أنطولوجيا الحب" سنة 2007 ويوحد قلوب عشرين قاصة وقاصا مغربيا عاشقا، والجزء الثالث والأخير عنوانه "أنطولوجيا الحرية" سنة 2008 ويضم خمسة عشر قاصة وقاصا مغربيا تواقا للحرية ليكتمل عدد المترجم لهم إلى اللغة الإنجليزية من أهل الكتابة القصصية المغربية الجديدة 50 قاصة وقاصا.
سؤال: كيف ينظر محمد سعيد الريحاني إلى المرأة وما مدى المساحة التي تشملها في أعماله؟ جواب: أود في البداية أن أعترف بأنني أكتب ب"المجموعة القصصية" وليس بالنصوص الفردية المتفرقة. أفكر، أولا، في "مبحث" يتخذ شكل عنوان للمجموعة القصصية يسبق حتى النصوص التي تتناسل لاحقا حول ذات المبحث الذي كان في مجموعتي القصصية الأولى " في انتظار الصباح " (الصادرة سنة 2003) هو "الانتظار والفراغ والقلق الوجودي"، وفي مجموعتي القصصية الثانية " هكذا تكلمت سيدة المقام الأخضر" كان هو "العودة إلى البراءة"، وفي مجموعتي القصصية الثالثة "موسم الهجرة إلى أي مكان" (الصادرة سنة 2006) كان هو "الهجرة والتهجير بأشكالها الوجودية والشكلية"، وفي مجموعتي القصصية القادمة "وراء كل عظيم أقزام" سيكون هو العلاقة بين الانبطاح والاستبداد... لدلك، فرؤيتي للمرأة وحجم المساحة المخصصة لها في أعمالي القصصية رهينتان بتوافقها أو تعارضها مع المبحث العام للمجموعة القصصية. فبينما كان حضور المرأة طاغيا ابتداء من العنوان في مجموعتي القصصية " هكذا تكلمت سيدة المقام الأخضر" حيث المرأة في كل النصوص إما وطنا أو أرضا أو شجرة أو أما أو حبيبة (وهو ذات الحضور الذي سيتكرر مع المجموعة القصصية القادمة "كيف تكتبين قصة حياتك")، سيفاجأ القارئ للمجموعة القصصية "وراء كل عظيم أقزام" بالغياب المطلق للمرأة ولكل أشكال الأنوثة في كل النصوص الخمسة عشر المكونة للأضمومة في إحالة على السلطة المطلقة للرجل العظيم التي يقزم كل الآخرين أو يلغيهم، بما فيهم المرأة.
سؤال: ما هو انطباعك اتجاه كتاب الواقعية المبتذلة؟ وهل تتلاءم مع الواقع العربي؟ جواب: كل المدارس الأدبية، الأصيل منها والمستورد، صالحة لتنشيط حركية الإبداع الأدبي العربي. كل المفاهيم الفلسفية حول الظاهرة الأدبية قابلة للتكيف والتكييف مع الواقع الأدبي العربي. ما لا يتوافق مع هذا الجسد العربي هو هذه النخب الدخيلة على الإبداع الأدبي، المدسوسة قسرا في مجال راق يتقصد صناعة الذوق العربي والرقي بالحس الجمالي العربي. إن أزمة الأدب العربي ليست أزمة اختيارات جمالية أو مذهبية )واقعية اشتراكية أو واقعية مبتذلة(، ولكنها أزمة شرعية الأديب ومصداقيته. فأصناف الفاعلين في الحقل الأدبي العربي تتدرج بين ثلاثة أصناف: أولا، المبدعون والنقاد والباحثون الفاعلون كتابة ونشرا وهم قلة نظرا للصعوبات الثابتة في وجه كل من يريد اقتحام هدا المسلك: أمية الشعوب العربية، عزوف المتمدرسين عن القراءة والنزوع القبلي للنخب في التعامل مع المنتوج الأدبي. في هذه الفئة من الأدباء، التركيز ينصب على إبداع أذواق جديدة وابتكار جماليات جديدة وإنتاج معايير أدبية جديدة. ثانيا، الفاعلون الجمعويون وهم الأكثرية الساحقة ضمن حلقة الأدباء. وهذه الفئة تحتاج إلى المهارات الاجتماعية أكثر مما تحتاج من الكفاءات الأدبية والفكرية. لدلك فالتركيز في أوساط هده الفئة ينصب على الاتصال المباشر بجماهير الثقافة وتقريب الأدب عموما من جمهور القراء. فسيرة الفاعل الجمعوي تقيم بحجم ونوعية الأنشطة الثقافية في سيرته. فالسيرة الذاتية بالمفهوم الورقي التقليدي ثانوية هنا. ثالثا، الموظفون، وهم في غالبيتهم أساتذة بالوظيفة ينتمون لأحد أسلاك التعليم. ولأنهم لا يتوفرون لا على حضور المبدعين والنقاد المقروئين في الفئة الأولى ولا على دينامية الفاعلين الجمعويين في الفئة الثانية، فإنهم يقدمون أنفسهم إما على صفحات الجرائد أو على شاشات التلفاز من خلال شواهدهم الجامعية ومناصبهم الأكاديمية، بنفس الطريقة التي يقدمون أنفسهم بها لطلبتهم: "أستاذ، دكتور..." دون فصل بين القارئ/المواطن الحر وبين الطالب/التابع والمريد. ولأن العمود الفقري للحقل الأدبي هو الصنف الأول، صنف المبدعين والنقاد والباحثين الفاعلين ورقيا، فقد تناوبت بعض الأنظمة وبعض الأحزاب على خلط الأوراق بين الأصناف الثلاثة بغية صناعة نخب أدبية من زبنائها أو قصد الحصول على أغلبية عددية تمكنها من الهيمنة على أجهزة اتحادات الكتاب وضمان مرور قرارات إما ثقافية او سياسية لمصلحتها... والنتيجة هي أن "مصداقية الأدب الحقيقي والأديب الحقيقي تضيع وسط العبث بمصير أدب وثقافة الأمة". فإن كانت ثمة رداءة في الأدب، فهي أبعد من أن تكون رداءة أدبية. إنها، بالواضح، رداءة سياسية وتسييرية تتحكم في الرقاب قسرا وتزَوِّرُ الصفات ظلما في سبيل "الهيمنة" ضدا على كل قيم الأدب التي ترفع شعار"الحرية" عنوانا لكل الإنتاجات وكل النصوص الإبداعية...
سؤال: ما الذي يمثله محمد شكري بالنسبة إليك؟ جواب: الأدباء العرب عرفوا طريقهم نحو القراء إما انطلاقا من السجن )عبد اللطيف اللعبي نموذجا(، أو انطلاقا من الغرب )الطاهر بن جلون(،أو انطلاقا من المنصب الحكومي )نزار قباني(، أو انطلاقا من القضية الوطنية )غسان كنفاني، محمود درويش(، أو انطلاقا من تفجير الطابو )محمد شكري(... محمد شكري، خلال كل أعماله، كان يعيد كتابة "الخبز الحافي" في كل إصدار جديد. لقد ظل محمد شكري أسير الإصدار الأول. ففي هذا الإصدار الأول، "الخبز الحافي"، تحدد مصير محمد شكري ككاتب ينهل من خابية الذاكرة والسيرة الذاتية ويحاكي أسلوب ألبيرت كامو في الجمل القصيرة ويصوب سهامه نحو الزاوية الأولى من الثالوث المقدس ثالوث "الجنس والدين والسياسة"... وهو بذلك ينتمي إلى رواد الجيل الأول من المبدعين المغاربة الذين ناضلوا ضد الجيل الأول من الطابوهات. أما جيل اليوم فيخوض المعركة الثانية مع الجيل الثاني من الطابوهات تكريسا للحق في الحلم والحب والحرية في مجتمعات تعتبر الحلم تخريفا و الحب ضعفا و الحرية فتنة والفتنة نائمة في الرؤوس ملعون من يوقظها... جيل اليوم هو جيل "الحاءات الثلاث".
سؤال: الأدب العربي أين هو الآن في لجة المتغيرات والتطورات العالمية؟ جواب: إذا كان الأدب مرآة العصر، فهو أيضا مرآة الشعوب. فالأدب قد يعيننا على الوقوف على حقيقتنا التي لا نراها في تواصلنا اليومي مع مخاطبينا اليوميين. وفي هذا السياق، أستحضر جواب الروائي المغربي الطاهر بن جلون، وهو الجواب الذي ظل يرن في مسامعي لمدة طويلة بعد طرح أحد الصحفيين المغاربة لسؤال "كيف يرى الغرب الإبداع العربي؟"، فأجاب بأن "الغرب يرى المبدعين العرب غير أحرار"... هذا التصريح الصادق جعلني أبحث لاحقا في مدى مصداقيته ثم في أصوله ثم في أشكال تغييره... فكان مشروع "الحاءات الثلاث: أنطولوجيا القصة المغربية الجديدة" الذي أريد له أن يقطع هذه الدائرة المفرغة التي يدور فيها الإبداع العربي عموما والمغربي خصوصا ويحرره نحو آفاق جديدة زواياها " الحرية والحب والحلم"، مفاتيح أدب الغد، مفاتيح التغيير، مفاتيح العالمية.
سؤال: هموم الشارع العربي كيف يوظفها محمد سعيد الريحاني في كتاباته ؟ جواب: هناك أربعة أصناف من الكتاب... الصنف الأول هو صنف كتاب الأبراج العاجية وهم غالبا كتاب سلطانيون. الصنف الثاني هو صنف الكتاب الشعبويين التائهون ما بين القول الحر والانتماء للجماهير. الصنف الثالث هو صنف كتاب الحزب، أو الكتاب العضويين. الصنف الرابع هو صنف الكاتب النقدي المتحرر من السلط الثلاثة السالف ذكرها. وإلى هذا الصنف من الكتاب أنتمي. لذلك، فليست لي أبراج عاجية ولا رهنت يوما مواقفي على مكاتب حزب من الأحزاب السياسية ولا التمست تعاطفا او استحسانا من الجمهور. إن قضايا الجماهير هي قضاياي ولكنني أتناولها بأشكال غير قابل للترويض قد لا تروق حتى لهذه الجماهير المفترضة قرّاء. فالحرية، وهي أحد الزوايا الثلاثة الرئيسية في أعمالي القصصية )الحاءات الثلاث: الحلم والحرية والحب(، هي في عرف العوام من جمهور القراء والمشاهدين والمستمعين "فتنة". أما النخبة فتتأرجح ما بين ربط "الحرية" باستقلال الوطن ومقارعة المحتل ومقارنة "الحرية" بنقيضها الثابت "العبودية" أو "الأسر". إن مفهوم "الحرية"، عندي، مرتبط أساسا بسبر أغوار الداخل: أعماق الذات. إنه تحرير القوى الداخلية عبر مصالحتها والمصالحة معها. ولذلك كان مفهوم "الحرية" الذي يدير كل أعمالنا لا يتحقق إلا عبر بوابة "التوحد": توحد القول والفعل، توحد الفكر والقول، توحد الفكر والفعل، توحد الشكل والموضوع... "الحرية" ، بمعناها الشامل، تشترط التحرر من الخارج/الآخر وتحرير الداخل/الذات. فلا حرية، إذن، دون المصالحة مع الذات وتحريرها: فما جدوى الاستقلال عن الآخر مع البقاء مكبلا من الداخل؟ هذه هي همومي. وإن لم تكن هموم جمهور قراء اليوم فستكون حتما هموم قراء الغد. ولذلك، عند كتابة أي نص، أحرص دائما على أن أضع نصب عيني صورة للقارئ المفترض لنصوصي وهو في الغالب "قارئ من أجيال الغد"، "قارئ قادم"، "قارئ حقيقي لنصوص حقيقية تتطلع لأفق حقيقي".
سؤال: ما هو انطباع محمد سعيد الريحاني إزاء الأدب العراقي؟ جواب: العراق كانت دوما عاصمة الشعر العربي. لقد كانت العراق على مر العصور مشعلا للمعرفة والثقافة والإبداع الإنساني. ولقد كانت "بابل" أحد العواصم الثقافية الثلاث التي لم يضاهيها في الإشعاع رابع. والعواصم الثلاث هي "بابل" و"بيزنطة" و"نيويورك". ولقد كان من حسن حظ الدولة العربية الإسلامية أن توشح ببغداد عاصمة لها في القرن العاشر الميلادي. لكن المتمعن في الإنتاج الإبداعي العراقي يراه أكثر ميلا للشعر، أو ربما كان أسير الشعر. بل حتى تماثيل التكريم التي نصبت للمبدعين العراقيين كانت في غالبيتها نصبا تذكارية للشعراء من طينة أبي الطيب المتنبي و بدر شاكر السياب ومعروف الرصافي وغيرهم. وأملي أن يتحرر المحدثون من أدباء العراق من هيمنة الجنس الأدبي الواحد، الشعر، ويوسعوا دائرة ريادياتهم الثقافية العربية لتشمل السرد أيضا بما فيه الرواية والقصة القصيرة وليجاروا في ذلك أصدقاءهم في مصر والشام والمغرب الكبير.
#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)
Mohamed_Said_Raihani#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الأُغنِيَةِ المُلتزِمَةِ إلى الأُغنِيَةِ المُتّزِنَةِ
-
آفاق التنظير القصصي في المغرب في ظل الطابوهات
-
على هامش اليوم العالمي لحقوق الإنسان:تاريخ التلاعب بالمباريا
...
-
لا ديموقراطية بدون ديكتاتورية الواجب وقدسية الحق وشرعية الفع
...
-
الأغنية العربية المصورة:الكائن والممكن
-
أزمة الأغنية العربية من أزمة الشعر العربي
-
حتى لا ننسى : مليكة مستظرف كانت هنا
-
رهانات الأغنية العربية الغدوية
-
محنة الاسم الفني في الوسط الغنائي العربي
-
حوار مع الصحفية والقاصة والشاعرة الجزائرية زهرة بوسكين
-
قصة قصيرة : إخراج تافه لمشهد تافه
-
قوة الحلم في القصة المغربية الجديدة - قراءة لنصوص انطولوجيا
...
-
مشروع “أونطولوجيا الحلم المغربي”:الخلفية والتصور والأدوات
-
طقوس الكتابة وطقوس السحر يتقاطعان على مستوى التحضير والاستعد
...
-
مشروع “أونطولوجيا الحلم المغربي”- النافذة المشرعة على حديقة
...
-
قصة قصيرة : كاتب
-
جون جونيه: بين البحر والسجن والمقبرة
-
قصة قصيرة شذرية : سياحة جنسية
-
شهادة: القصة القصيرة شكل من أشكال التعبير والتغيير
-
قصة قصيرة - الحياة بالأقدمية
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|