علي المقري
الحوار المتمدن-العدد: 1855 - 2007 / 3 / 15 - 08:32
المحور:
الادب والفن
محمد حسين هيثم الذي رفع جثته (عاليا في احتراب القبائل) وفي (سماء عطنة)، وتساءل (هل تستمرئ البلاد الصلاة على حافة المذبحة؟)، يغادرنا الآن كشجن (في أقاصي البلاد) ، أو في أقاصي الموت.
كأن الألفة الموت ، أو كأن الحياة طريقة أخرى إلى الموت.
الموت الذي كان هاجسا في نصوص هيثم ، اقترابا وألفة ،ووحشة ،أيضا.
كأنه محاولة لوجود صيغة ما للحياة.
هكذا ، يكون الحديث عن تكوين الأديب اليمني ، هكذا يبدأ، فهو يحمل خصوصيته للظروف المعاشة التي تتركه أليفا مع الموت، فما الحال إذا كان هذا الأديب يحمل تميزا في إنجازه.
لهذا فإن اسم محمد حسين هيثم يعني الكثير من المكابدة والجهد الذي قام بهما لكي يكون له صوته المميز في الشعر العربي.
فهيثم الذي بدأ لعبة الشعر في عدن مع بداية الثمانينات بصحبة معلّم كبير ،هو سعدي يوسف ، الذي كانت ملمح تجربته مبثوثة في محاولات هيثم الأولى ، قام بجهد إيقاعي وجمالي ليكتب قصيدته الخاصة التي صارت مميزة ليس على المستوى الكتابي التدويني ،فحسب ، وإنما أيضا في مستواها الصوتي الإلقائي الذي عُرف فيه هيثم تمثيلا وتعبيرا.
كان هيثم من أكثر الشعراء اليمنيين متابعة لحركة الشعر العربي الحديث وللمترجم إلى العربية ، وانعكست معرفته هذه على محاولة تجريبية دائمة في نصوصه ، خاصة في مجموعاته الأخيرة.
وصارت قصائد له مثل (عبدالعليم إذا مات) و(بنو عمي ) و(رجل ذو قبعة ووحيد) علامة فارقة في الإيقاع الشعري العربي في مستوييه الكتابي والإلقائي.
ومع هذا، يمكن القول أن هيثم كان شاهد ضوء تشكل مع أحلام تطوق إلى سماء أخرى ، وهو أيضا شاهد خراب المدينة وخيبتها ، وهي تتفسخ جثة هامدة تحت أقدام الميتين وحراب القبيلة.
كان هيثم صوت أمل يصهل مع (إكتمالات سين) و(الحصان)، لكنه ،أيضا، عاد ليرثي أحلامه مع خراب المدينة وهي تنزف في 13 يناير1986بدءا وخاتمة.
كانت الحرب أخرى ، والغصة أخرى . والوطن ، هو الآخر دائما.
إنه الموت إذن .. موت كان يعيشه هيثم، وفاض منه ، في أكثر نصوصه ، بعمقه وعلى حافته أيضا.
كان أليفا معه ولم يقم أخيرا سوى بمنحه بهجة اللقاء الأبدي ، كما يبدو لي.
#علي_المقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟