سليم القرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 1903 - 2007 / 5 / 2 - 12:23
المحور:
الادب والفن
عندما قالت صاحبة الحانة ألعشبه أكلتها الأفعى وهي التي تجدد ثوبها كل عام وان الموت حق لابد منه,شعر كلكامش باليأس لإنقاذ انكيدو وتخوف من هذه الحقيقة وشعر بحزن وتشاؤم هذا الحزن يتجسد في رسوم وجوه أبناء وادي الرافدين وأغانيهم منذ ألاف السنين والى يومنا هذا وقد تعددت الأسباب....أما الفراعنة كانت وجوههم على الجدران مبتسمة لشعورهم بالحياة بعد الموت.قالت: سر الخلود بإعمالك .ولكن إي الأعمال تجعلك تزهو بالفخر والسعادة إذا كانت هذه الأعمال فوق إرادة الأبرياء المعدمين ,إن المأساة تكمن من خلال تسلط المتسلطين من اجل مصالح ذاتية وتصرفات غبية تجعل الصراع يحتدم فيعم التخريب والوحشية والإرهاب لاشيء ينقذنا من هذا الهم المتكرر سوى العقل والتميز بين الهدم والبناء بين الحب والكره بين الخير والشر بين الصالح والطالح بين الحرب والسلام عندها نستطيع إن نغير ما نستطيع تغيره في هذا الواقع المرير.مازلت أتذكر احدهم حين قال إذا تخرج من هذا الفخ سوف تعيش كما عاشت سيبيليا . كان جوابي له: إذا كانت الحياة تخلو من الحب والشباب تكون ثقيلة ومزعجة وعندما خرجت وقعت في فخ أعمق ومازلت ابحث عن بديل أفضل.
كانت عشتار في ملابس المدرسة تتساءل بحزن كأنها تعرف الجواب متى تتقدم لي فوضعي محرج ؟كان جوابي للمرة الإلف وواحد إنني لا استطيع سأتخرج بعد أيام وسوف اهرب إلى الكويت إنني مرتب كل شيء وإذا تحبي إن تنتقمي مني خبري علي إنا اقبل ولا أريد إن أخدعك يا حبيبتي فلا أقول إنني سأفعل واخلف و أنتي تعرفين كم أموت في حبك وكم أتمنى إن تكوني من نصيبي ولكن لا استطيع إن اخدم هذا النظام الجائر وغير مقتنع بهذه الحرب ,اعرف اعرف قالت والدموع تجري بدون توقف ,كان قلبي يتقطع وانأ أحاول إن امسح دموعها كان لقاءا مأساويا معطرا بالبخور الذي يملى الغرفة التي فتحنا بابها لتخرج إلى البيت وهي تعرف وقتها ومتى تخرج اقرأنها من الدوام بعد انتهاء وقت المدرسة ليس المرة الأولى فقد تصدرت قائمة الأكثر غيابا وكذلك إنا فقد أتاني إنذار إذا أغيب حصة واحدة افصل من الدوام كان لقاءا محموما اعتدنا عليه رغم صعوبات الوضع الاجتماعي إلا أنها استطاعت إن تخرج على المألوف وتفعل ما يتطلب منها بكل إرادة لاتمانع رغم أنها كأي أنثى في مجتمع ديني عشائري قامعا للنصف الثاني لان الرجل هو السيد في الإدارة و الاقتصاد و والقوة والحكم .استمرت علاقتي معها حوالي أربع سنوات الكثير من الأقارب وغيرهم يتقدموا لطلب يدها للزواج وكانت دائما ترفض بالرغم من ضغط أهلها عليها قالت إذا لم يكن لديك حل إن تتقدم لخطبتي سأنهي العلاقة ؟قلت لأاستطيع الزواج وأبقى احبك ولااتزوج من غيرك وإذا يعجبك يوم من الأيام وانأ موجود هنا بكل سرور وتلهف انتظر تلفونك,ثم بعد انقطاع حوالي شهر تقريبا أتاني اتصال منها على أنها مشتاقة ولا تستطيع أكثر طلبت منها اللقاء فكان كما انكيدو وعشتار.لا أقص لكم هذه الحكاية على انه الرجل صياد والمرأة فريسة ولكن كان لها أساس في الاشتياق والحنين إلى الوطن أكاد لا استطيع السيطرة على جيش من المشاعر الجياشة وانأ في الكويت بعيدا قريبا أشم رائحة الحرب وأتذوق طعم الفراق ما أقسى إن تكون غير مستقر لا في الداخل ولا في الخارج قالوا أصدروا عفو من مجلس قيادة الثورة بتوقيع صدام حسين.
كثير من العراقيين الفارين قرروا الرجوع على أساس هذا العفو العام في ثاني يوم رجعت طائرة على متنها المئات ,تم استقبالهم بشكل طبيعي في بغداد وعرفنا من خلال تلفوناتهم بان العفو طبيعي وصحيح قالوا الأفضل إن تأتون وعندما فعلنا ذلك وهبطت الطائرة ونزلنا منها تركوا الخليجيين والأجانب في شئنهم وتم عزلنا في الساحة الخارجية من المطار ثم جاءنا احد المسؤلين وقال :الهارب من العسكرية يقف على اليمين والمتخلف يقف إلى اليسار في الجهة الأخرى تقف مجموعة من أزلام النظام يعد احدهم في الصف واحد اثنان ثلاثة أربعة يأخذهم شرطيان ,واحد اثنان ثلاثة والرابع إنا ,أخذونا حيث سيارة لاندكروز ,قبل إن نصعد اخذ الحقائب منا وأودعها في سيارة خاصة وقبل إن نصعد في السيارة وضعوا أيدينا إلى الخلف مع الكلبشات وحجبوا عيوننا ثم انطلقت السيارة.لا نعرف في أي الاتجاهات نسير وعندما أنزلونا قال احدنا هذه بناية اعرفها جيدا أنها الشعبة الخامسة ثم أدخلونا واحدا واحدا قال الجلاد قدموا الشاي للضيف واستلموا منه الأمانات لم يتركوا شيء ,سلمت الدنانير الكويتية والساعة والمحابس الذهبية وعندما شربت الشاي كان مسلسل التعذيب قد بدأ إسهال شديد لا تستطيع إن تسيطر على نفسك وهو مقصود وعندما أخذوني في طريقي إلى الزنزانة سمعت احد المساجين يصيح ويتأوه بكل صوته من شدت الألم ,قدرت إن افرك راسي بالحائط وأزيح قليلا الحجاب من عين واحدة وأشوف يدان مكتفتان للوراء تربطان بحبل طويل يدور الحبل على علاقة مروحة سقفية وينتهي طرفه في يد جلاد يعاونه جلاد أخر يسحبون الحبل إلى الأسفل وترتفع يدين المعذب إلى الأعلى ثم يتركان الحبل يرتفع فتنخفض أيدي المسكين وتتكرر العملية .قالوا له اعترف كيف عرفت إن الطائرة تطير وبعد ما ترجع شو عملت للطائرة زرعت لها عبوة ناسفة وتفجرت ليش ما رجعت واحد كتب عليك تقرير كان معك في قاعدة كركوك الجوية اعترف الدولة خلتك بهذا المنصب غير تكون مخلص للوطن لو تصير خائن ,يسحبان الحبل مرة أخرى فترتفع يداه إلى أقصى درجة يتأوه ويصيح ويستنجد ويقول والله بريء أتهيئ لي هذا الشيء يصير وقلت لصاحبي يعني ما يصير إحساسي نبئني بهذا الشيء والله ما مسوي شيء صار لي ستة أشهر في التعذيب إنا صاحب أطفال . اسكت جبان خائن أنت تستاهل العذاب وحتى الموت قابل أنت أغلى من الطائرة اللي أدمرت... في التحقيق معي كان تركيزهم, أين كنت في الكويت؟ اذكر عشرة من العراقيين الذين كانوا معك ؟ في أي حزب عندك تنظيم؟هل تتعاون معنا وما تخسر وتعرف احنه نفيدك إلك راتب محترم؟كل هذه الأساليب المعروفة لم تجعلني استغرب الذي جعلني أكثر استغرابا عندما رأيت احد الجلادين في الشعبة الخامسة هو صيدلاني معروف في مدينتي وابن ناس معروفين كما تعرفهم أبناء المدينة قلت له اانت فلان قال إذا تنقل هذا الشيء إلى الناس في المنطقة أنت واهلك سوف نسحقكم سحقا في ذلك الوقت لم انطق لأي بشر حتى لأهلي وأول مرة أتكلمت بذلك عندما هربت إلى خارج الوطن وفكرت إذا أقول ذلك لأصحابي من المحتمل إن يوصل احدهم كلامي له ويؤذي أهلي لان الكثير من أزلام النظام متخفين في الخارج يعملون مزدوج للنظام يتواجدون في الجوامع والتجمعات ما أطيل عليكم بقيت في الشعبة الخامسة واحد وعشرون يوما ثم أيسو مني كتبوا لي كتاب إن التحق بالعسكرية وكان صنفي سائق وسلموا لي شاحنة انقل فيها جثث القتلى وعلى يوم يشحنوني مثلهم .قال يوسف كلحنه على هذا الطريق وقال سمير:شاة تنساق لجازرها والشاة الأخرى تجتر...هناك لم أنسى عشتار ولا النهر ولا الوجوه البريئة وكذلك الأغاني الحزينة................
تابع رقم 12
#سليم_القرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟