|
رثاء الى شارع المتنبي
هادي الحسيني
(Hadi - Alhussaini)
الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 06:44
المحور:
الادب والفن
لعل من تفاهة الارهاب والقوى الظلامية الداعمه له داخل الساحة العراقية منذ سنوات وحتى الان ، ان تقوم تلك القوى الحاقدة بتوجيه ضربة قاتلة الى شارع المتنبي ، شارع الثقافة العراقية والعربية في بغداد منذ اواخر العصر العباسي وحتى يومنا هذا ، ولعل تلك السيارة المفخخة التي كان يقودها احد القتلة السفاحين قد اودت بحياة العشرات من الابرياء ، باعة كتب ومتجولين وادباء وكتاب واساتذة ومارة وباعة للمرطبات والاطعمة ..
يقول الاعلام العراقي الرسمي في احصائية له بعدد القتلى الابرياء الذين ذهبوا ضحية الهمجية البربرية في شارع المتنبي لم يتجاوز الثلاثين ، بينما الحقيقة هي اكثر من مُرة !! حيث تجاوز عدد اموات المتنبي اكثر من مئة وخمسين انسانا حسب احصائيات شهود عيان ، وفي هذا اليوم وحده اخرجت اكثر من ثلاثين جثة متفحمة من تحت الانقاض ، وفي اليوم السابق اكثر من ثلاثين جثة ايضاً ، وثمة العديد من الجثث مازالت مقطعة وليس بالاستطاعة التعرف عليها او لملمتها ، كذلك مازالت الحرائق تشتعل في بعض الابنية التي تاوي المطابع والمكتبات والتي يعج بها هذا الشارع التاريخي ..
ويعتبر شارع المتنبي منذ قديم الزمان معلماً حضارياً لا يضاهى داخل العاصمة بغداد التي عرفت منذ تاسيسها بمدينة العلم والادب والحب والجمال ، ومع اشتداد الهجمة الارهابية الحاقدة على العراق بشكل عام وبغداد بشكل خاص استطاعت عصابات الارهاب من السلفيين والتكفيريين والبعثيين ان يشوهوا كل المعالم التاريخية الاصيلة التي تدل على رقي وتطور وازدهار حضارة وادي الرافدين منذ عصور قديمة وحديثة ، فقد ابتدأوا بسرقة المتاحف العراقية وتاريخ بابل وسومر واكد ، مروراً بضرب ملوية سامراء وتدمير قبة الاماميين العسكريين (ع) والقتل العشوائي اليومي للعراقيين في كل مكان وعمليات قطع الرؤوس بطريقة اكثر من همجية وصولا الى يوم الاثنين الدامي الذي صادف الخامس من اذار من هذا العام ليجهزوا على ثقافة العراق داخل شارع المتنبي ، ولو كان المتنبي على قيد الحياة لمّا تجرأ احد من الارهابيين على نسف شارعه بسيارة مفخخة ويقتل عشاقه ومريديه وقراءه ، ان جريمة شارع المتنبي تتحمل مسؤليتها بالدرجة الاولى الحكومة العراقية ورجالات البرلمان العراقي الذين انشغلوا كثيراً بالسرقات والامتيازات من ثروات الوطن المضرج بدمائه وشرائهم للسيارات المصفحة لكي يحافظوا على سلامتهم من القتل والاختطاف كذلك شرائهم للقصور في الاردن وسوريا ولندن ودول اوربية وعربية كثيرة وارسال الملايين الى البنوك في هذه الدولة او تلك ، ضاربين عرض الحائط الشعب العراقي الذي يتعرض يومياً الى الابادة الجماعية في بغداد ومدن العراق الاخرى بطريقة تكاد تكون ضرباً من الخيال يصعب على المرء تصديقها الا انها واقع الحال ..
ان الكارثة التي لحقت بشارع ثقافتنا داخل العاصمة بغداد لهي كبيرة بحجمها وقد قصمت ظهر الثقافة العراقية ، الامر الذي جعل المثقفين من ادباء وكتاب يقيمون خارج العراق ان يقفوا مذهولين ازاء هكذا عمل طال ثقافتهم وتاريخهم الثقافي بطريقة اشبه بالبربرية المقيتة ، اما ادباء العراق الذين هم في داخل الوطن والذين يرزحون تحت طائلة الارهاب والتهميش والفقر والجوع ، فلا يليق بهم غير الرثاء ، ..
رثاء لادبائنا في داخل الوطن ..
رثاء لثقافتنا العراقية التي يقودها وزير سلفي ارهابي ، يعاونه في ادارتها مجموعة من الارهابيين التكفيريين والبعثيين !!
رثاء الى شارع المتنبي الذي اختلطت احبار كتبه بدماء الشهداء الذين سقطوا على اثر التفجير الاجرامي ..
رثاء لمتاحفنا واثارنا وتاريخنا ...
رثاء الى الجواهري والسياب والبياتي وعبد الامير الحصيري ورشدي العامل وحسين مردان واخرين ممن كانوا يرتادون شارع المتنبي يوم كانوا احياءً ..
رثاء الى مقهى الشابندر الذي يأوي جموع الادباء العراقيين وقسم منهم ذهبوا ضحية هذا التفجير الارهابي في شارع المتنبي ، ولسوف نفاجأ في الايام القادمة برحيل اصدقاء واعزاء من ادبائنا فعلى مايبدو مازالت اعدادا من القتلى داخل الانقاض او اصبحوا عبارة عن جثث مفحمة لا يمكن التعرف عليها !!
لقد اكدت القوى الظلامية الارهابية بعمليتها القذرة في شارع ثقافتنا ( المتنبي ) على همجيتها وحقدها على الثقافة والابداع والعلوم والتاريخ ، بطريقة تنضح منها براثين الحقارة العفنة ،..
وعلى الرغم من هذه الجريمة المرعبة الا ان شارع المتنبي سيبقى خالدا ما بقي الدهر شاء من شاء وابى من ابى من الظلاميين اصحاب الفكر التكفيري والسلفي والبعثي الشوفيني وغيرهم ...
#هادي_الحسيني (هاشتاغ)
Hadi_-_Alhussaini#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المعلم
-
فيزياء الطنطل
-
العراق الى الهاوية
-
هوفارد ريم / صوت النرويج الهامس
-
مسكين يا وطني الجريح
-
قلبي معكِ يا بغداد الحبيبة
-
خليل الرفاعي وداعاً
-
رجال الخردة
-
من ينتصر لدماء الابرياء
-
عقيل علي وشتاء النقود
-
كمال سبتي والبلاد
-
وهج الشعر
-
فوبيا
-
كمال سبتي ، فجعتنا برحيلك
-
مصفحات / 5
-
في يوم الشعر العالمي ،الشعر يقلق مضاجع الطغاة
-
عواءات العراق
-
تجاوز الموت / قراءة في مجموعة حياة ثالثة للشاعر محمد النصار
-
تريث يا صائغ القباب الذهبية
-
في ذكرى السياب
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|