أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميادة العاني - انهم يذبحون التاريخ















المزيد.....

انهم يذبحون التاريخ


ميادة العاني

الحوار المتمدن-العدد: 1849 - 2007 / 3 / 9 - 13:54
المحور: الادب والفن
    


كم نفجع يوميا بأحزاننا ونغريها بالصبر . إلا المتنبي ذلك الشارع المكتظ بالحضارة تحتضنها أمهات الكتب بورقها الأصفر , تفوح منه رائحة الانتماء . المتنبي ليس مجرد شارع كتب , هو صفحات من التاريخ العبق , وحتى باعة هذا السوق من طراز خاص إنهم أدباء وشعراء بالفطرة يحاورون النخب ويلتهمون أمهات الكتب ويلتقطون لب الفكر
لم يكن شارعا سنيا ولا شيعيا ولا نصرانيا ولا حتى بوذيا .. كان خليطا فلسفيا وخارطة نور .. امتدت يد آثمة لم – لم تكن عابثة – بل واعية متعمدة لتطفئ شمعة لم ينضب زيتها تنير سماوات بغداد الملبدة بالسواد وتلغي كل معلم من معالم حضارتها بدءا من حرق ونهب المتحف العراقي والمكتبة الوطنية ودار المخطوطات مرورا بقتل وتهجير العلماء والخبرات والأساتذة وهدم صرح مؤسسها أبو جعفر المنصور مختتمين بشارع المتنبي
أهذا هو الوفاء الذي نقدمه لبغداد ؟
أهذه قلعة الأسود وكعبة المجد والخلود ؟
أسفي


من نعزي بمن
وكلنا اموات
من يعتذر من التاريخ
وكلنا حفاة
من يقم تآبين المتنبي
وناره اصدق إنباءا من الكتب
انعزي ابن سينا بالمنفلوطي
ام نعزي دون شكسبير بالنفري
انعزي الشاهبندر بعثمان افندي
انعتذر لماركيز استباحة مائة عام من عزلته
نعريهم .. وقد التحفوا السنين
اييييه .. قال ابن رشد .. لقد قتلونا
لا تبتاس .. لنا الخلود.. رد الجاحظ .
الدخان كثيف ,الزخم كبير
والشظايا عرس الغابرين
عند ذاك الركام
ينزوي
يرقب دخان الحضارة
يبعثره الفضاء
يختلط برائحة الدم
يرفع يديه نحو السماء
يبكي
يصرخ :
- من تجرا على حقوقي في الحرق والتدنيس ؟
لم يحفظ لي التاريخ هذا الحق .
- على خطاك هم سائرون فلم البكاء ؟
- ابكي بغداد ..
- هولاكو ! .. تبكيها وانت اول حارقيها
- اغبياء .. بها اصبحت تاريخا .
/
من هنا .. اسرعوا انه اخر أ ايبدو نائما ؟
- او ربما مغشيا عليه
- سيدي .. ايها الشيخ استيقظ
- انه بالدمع غارق
نهض الشيخ وصاح
- ما هكذا كانت مدينتي الفاضلة
- اه .. افلاطون .. تنحى سيدي عن الدخان
كيما تصاب بالتسمم .
- التسمم ؟! هه هيا ابن خلدون .. سر بنا ..
انهم لا يفهمون
/
ذاك عجوز يتخذ من كتلة صخرية متكأً
يهوي
يبحث بين الانقاض
- عم تبحث ؟ ! عفوا سيدي الجواهري ! ..
اطاقيتك ما تبحث عنه
- بل ابحث عن دجلة
- دجلة ؟ متعب انت سيدي ما من دجلة هنا
- اااااه اتيتم بي لتقتلوني مرتين
- لم افهم
- ولن تفهم
/
انه يترنح بعله مصاب ؟
- دعني اساعدك ياعم
- انا حائر
- لم
- انا السائر في الدرب ام الدرب يسير
ام كلانا واقف والدهر يجري
- اسيدي ايليا ؟
- لست ادري
- اتحتاج العون ؟
- انا ! قدموه لانفسكم يا اشباه التينة الحمقاء
/
يحاذيان الرصيف
يغادران السوق مطأطئ رؤوسهم
- سيدي ابن الطفيل .. من ذا معك ؟
أ الفراهيدي برفقتك
كم حفاوتي بكما كبيرة .
- ليتك لم تحتفِ .. وبقينا للتاريخ ملتحفين قال ابن الطفيل
- ليتني لم اضع النقاط على الحروف .. قال الفراهيدي
- ؟؟؟؟ عذرا لكما
- حتام تبقى تعتذر ؟
/
من ذاك ذو الملابس الغريبة ؟
- من انت سيدي
- انا الذي راى .. انا الذي رايت
- كلكامش الاساطير ؟
- انا الذي راى .. انا الذي رايت
يبتعد
- الى اين ترحل
- انا الذي راى .. انا الذي رايت
/
يا الهي هذا لوركا
- ايها القديس .. انهض قبل ان تتوارى في الركام
يشيح بوجهه ويصرخ
- ليت اسبانيا تقتلني الف مرة
- عفوا !!
- تواروا عني دعوني اشرب دمي
- ( امجنون ) قلت في نفسي .. لنقدم لك العون
- العون لكم ان كنتم تعقلون
/
- من هذا الطويل ذي القبعة ؟
- هو موليير على ما اظن
- بيده اشلاء كتاب يبحث عن بقيته
- أي كتاب تحمل سيدي ؟
- بخلاء جاحظكم
- وعم تبحث ؟
- عن تاريخكم
- ما شانك بتاريخنا
- يا لكم من اغبياء
بتاريخكم صار لنا تاريخ
/
- ازف البين وقد حان الذهاب
- الى اين سيدي ابراهيم ناجي
- هذه اللحظة قدت من عذاب
- تمهل
- لامضي قبل ان تفهم
/
- تعكز يدي ايها الغريب كامو
- شكرا سيدة برونتي
- لنرحل من هنا ,, اسرع
- انتظرا الى اين
- هلم كامو .. قد جاء قتلة التاريخ
/
- حسب القتيل فخرا انه ليس بالقاتل
حسب القتيل فخرا انه ليس بالقاتل
يتلاشى الصوت .. يبتعد
- سيدي جبران ..الى اين
- احمليني اجنحتي المتكسرة
- الى اين
- الى حيث يدركون
/
رجل يعين اخر على النهوض
- دعني ازح عنك الانقاض
يلتفت نحوي
يستدرك
- ليت احضان امي الغزالة تحتويني الان .
- سيدي حي ابن يقضان
يرمقني ويتعكز يد الرجل
- هيا ديستويفسكي .. ابحث لي عن وطن
- هذا وطنك سيدي .. هل نسيت
- هيا يا فيودور اسرع .. انهم اغبياء
/
سقيم صغير يبكي السَحَر
يحثو على ركبتيه
يهيل التراب على راسه
يصيح
- جيكوووووووووووووووور
- هذه بغداد يا سياب
- ومن قال ان جيكور لم تكن بغداد ؟؟
يا ليتكم تعلمون
/
- سيدي ابن زيدون .. الكل يشيح عنا
- قد كانت بكم بيضا ليالينا
- وما ذنبنا
- لا تفهمون
- توقف
- انا راحلون
- الم تقل ( لا تحسبوا نايكم عنا يغيرنا )
- وقلت ( ان طالما غير الناي المحبينا )
/

سرنا بذهن شريد
وعلى الراس تسقط دمعته المتحجرة
تمثاله شاخص يبكي الضياع
- اتبكي يا رصافي وانت حجر ؟
- ماذا اصاب الاخرين
- كلهم مودعين
- كنت حارسهم الامين
- قد كفرتم بالرسل وحسبهم كانوا رسلا
/
هنا
... وهنا
.........وهنا
تبعثرت كتب
تناثرت حروف
المكان يعج برائحة التاريخ
هذا نهج البلاغة تناثر ..
عذرا مولاي الامام
اضاعوك ولكن ما ضيعوك
الام تضيع في الطريق
وروميو ذهب مع الريح
الاخوة كرامازوف يمتطون الخيول الهاربة
واوليفر يعود الى للتشرد
يصفر الريل حزنا
وحمد يحمل نعش النهر
تل الورد دفنته الانقاض
الحالم يمارس طقوسه في الظلام
في عالم بلا خرائط
ابن الهيثم يحمل بصرياته ويرحل
ودافنشي يودع الالوان
ابن النفيس يتعثر بدورته
وسارتر يتمتم
ما هكذا الوجودية !!
ابو نؤاس يسقي بودلير
كاس دمٍ
والاصفهاني يرثي اغانيه
كلهم يهربون
كلهم يغادرون
اناديهم
عودوا ... ولا مجيب
كلهم يلوحون بالرحيل
أ هي الكنو ز مودعة
أ هي الحضارة آفلة
وفي زخم الاسئلة التائهة
فتية تقتلع الابواب
تلتقط بقايا فئات لم تحترق
اصرخ بهم
احموا التاريخ
احملوا هذه الكتب قبل ان تطالها النار
- كتب !! أي كتب !! ما من سوق لها لدينا
يااااااااااااااه
الان فقط
ادركت
كم نحن ..
اغبياء



#ميادة_العاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابات على الطين..............
- لأنك مختلف.........
- ذاتَ حضور
- عرايا
- ورقة مسافرة
- للوطن مرثية واحدة
- قصة قصيرة // قرار بين كانونين
- قصة قصيرة // مشانق غضة
- الى شاعر من زمن العزلة
- بين المقصلة والجسد .. قصة قصيرة
- بضع خطوات نحو .. لوركا
- المراة الاعلامية .. بين المتاح والمفروض
- هذيان بعد منتصف الحلم
- هواجس متأرجحة
- سكرات البكاء
- لدمك يصرخ المدى
- قراءة اولية في .. معطف غوغول
- تم امرأة رد
- طقوس تجر اذيال خيبتها
- اعدام مؤجل لربيع مقيد بالبراءة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميادة العاني - انهم يذبحون التاريخ