أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم مجيد الديراوي - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر الحلقة الثانية















المزيد.....

صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر الحلقة الثانية


ناظم مجيد الديراوي

الحوار المتمدن-العدد: 1850 - 2007 / 3 / 10 - 05:26
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أساطير وجهل بتعاليم الإسلام
ألحقت عقيدة التحامل على الدين الإسلامي في الفكر الإستشراقي المبكر ضرراً في مصداقيته وموضوعيته الأمر الذي نحى به إلى الابتعاد عن مصادر رسالته السماوية واللجوء إلى تفسير ظهوره وطبيعة تعاليمه السمحة وشخصية الرسول(ص)إلى صور وروايات لا تمت إلى حقيقة الإسلام بصلة.منها الصور التي رسمتها الملاحم الأوروبية للإسلام بدءاً بملحمة رولان،والمسلمون في هذه الصور جميعاً وثنيون.وهم في الملحمة عبدة ثلاث آلهات:ترفجان ومحمد وأبولو.ازداد عدد آلهتهم فيما بعد حتى بلغ ثلاثين!(6 ص126).ومن الروايات اللاعقلانية التي انتشرت في أوروبا عن الإسلام روايات البيزنطيين(الروم)،الذين فشلوا منذ قيام الإسلام في فهمه فأشبعوه طعناً وتجريحا.ومن هذه الروايات الخرافية استمد الأوروبيون خلال الحروب الصليبية أكثر معلوماتهم عن الإسلام،فزعموا أن الرسول محمد(ص)لم يكن إلا ساحراً حطم الكنيسة في أفريقيا والشرق بسحره.ومن المؤسف أن هذه الترهات والافتراءات وجدت طريقها إلى العلماء والساسة فظهرت في أول سيرة للرسول محمد (ص)(Gestae De iper Francos) عرفها الغرب أعدها,بعد عام(1112)،رئيس الدير الكاثوليكي الفرنسي(Guibert De Nogent)»1053-1124«.وفيها اعترف القس جيبرت بأن لا مراجع لديه غير)الفكرة الشائعة) وقد بلغ به الجهل أنه لم يعرف اسم الرسول محمد(ص)فسماه(6ص126).
صورة موزونة عن الإسلام
هذه الصورة الأسطورية للإسلام والنبي محمد(ص)أخذت تتغير تدريجياً منذ أواخر القرن التاسع عشر بين المستشرقين البريطانيين،الذين اطلعوا اطلاعاً واسعاً على المصادر العربية عن تاريخ العرب والإسلام.وفي مقدمة هؤلاء توماس آرنولد صاحب كتابي»الخلافة«و»الدعوة إلى الإسلام«والمشارك في تحرير كتاب»تراث الإسلام«والسير هاملتون جب مؤلف كتاب»أتباع محمد«و»الاتجاهات الحديثة في الإسلام« والسير وليم موير صاحب كتاب»الخلافة،ظهورها وتأخرها وسقوطها«وأرنولد نيكولسن صاحب كتاب»تاريخ العرب الأدبي«ومنتغومري وات مؤلف كتابي»محمد في مكة«و»محمد في المدينة«وبرنارد لويس صاحب كتاب»العرب في التاريخ«ورونسيمان صاحب كتاب »الحروب الصليبية«(6 ص125).وكان لهؤلاء العلماء والمترجمين والساسة المنصفين الفضل في رسم صور صادقة عن الإسلام ورسوله الكريم محمد(ص)،وفي التنبيه إلى طبيعة الإسلام الحيوية التي لا تلبث أن تتدفق جيلاً بعد جيل،مما يجعله بحق كما قال أحدهم صالحاً لكل زمان ومكان.وقد وجهوا،هم وسواهم من المشتغلين بنواحي الحضارة العربية والإسلامية المختلفة،الأنظار إلى التأثير العظيم الذي تركه العرب والمسلمون على الحضارة الأوروبية الحديثة.
البطل في صورة رسول
ويصلح كتاب الفيلسوف الاسكوتلندي الشهير توماس كارليل“Heroes and Hero-worship’’ »الأبطال وعبادة البطولة« كنموذج للموقف العقلاني الأوروبي من الإسلام,كدين ونظام حياة،الذي تحدث فيه عن الحقيقة الغائبة عن الفكر الديني والسياسي الغربي،نعني الرؤية الموضوعية من الإسلام وإرثه الحضاري.وكتاب الأبطال يمتاز بشرحه عبادة البطولة وتقديس عظماء الرجال شرحا وافيا ودقيقا لم يدع لقائل مجالا.ففي الفصل الثاني»البطل في صورة الرسول« بحث المفكر كارليل مزايا شخصية النبي محمد(ص)وعظمة رسالة الإسلام.وفيه رد على كتابات المستشرقين والمفكرين الغربيين الذين رموا الرسول(جهلاً وكنودا بقواذع الذم)(12 ص3).ورفض بشدة افتراءات وترهات الأفاكين على شخصية الرسول(ص)ورسالته السماوية،وفيه يقول:(12 ص54).وأضاف المفكر كارليل:(أيزعم الأفاكون الجهلة أنه مشعوذ ومحتال كلا ثم كلا!ما كان قط ذلك القلب المحتدم الجائش كأنه تنور يفور ويتأجج ليكون قلب محتال ومشعوذ لقد كانت حياته في نظره حقاً وهذا الكون حقيقة رائعة كبيرة)(12 ص85).ولا يخفي الفيلسوف كارليل حبه للنبي محمد(ص)وإعجابه بعظمة أخلاقه وشمائله الحميدة،فالنبي(ص)عند كارليل هو قطعة من الحياة قد تفطر عنها قلب الطبيعة،فإذا هي شهاب قد أضاء العالم أجمع ذلك أمر الله( 12 ص85).ويقول كارليل(وإني لأحب محمداً لبراءة طبعه من الرياء والتصنع.ولقد كان ابن القفار هذا رجلاً مستقل الرأي لا يعول إلا على نفسه ولا يدعي ما ليس فيه.ولم يك متكبراً ولكنه لم يك ذليلاً ضرعاً.فهو قائم في ثوبه المرقع كما أوجده الله وكما أراد.يخاطب بقوله قياصرة الروم وأكاسرة العجم يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة وللحياة الآخرة).وكان لمحمد في شؤون الحياة عين بصيرة ثم له قدرة عظيمة على أن يوقع في أذهاننا كل ما أبصره ذهنه(12ص86-91 )
القرآن و النفس العظيمة
وعبر الفيلسوف كارليل عن شديد إعجابه بكتاب الله(القرآن الخارج من فؤاد محمد فهو الجدير أن يصل إلى أفئدة سامعيه وقارئيه) يقول:»ولكني شديد الإعجاب بالنظر الذي ينفذ إلى أسرار الأمور فهذا أعظم ما يلذني ويعجبني وهو ما أجده في القرآن وذلك،كما قلت فضل الله يؤتيه من يشاء…12)«ص86)...و»القرآن لو تبصرون ما هو إلا جمرات ذاكيات قذفت بها نفس رجل كبير النفس بعد أن أوقدتها الأفكار الطوال في الخلوات الصامتات وكانت الخواطر تتراكم عليه بأسرع من لمح البصر وتتزاحم في صدره حتى لا تكاد تجد مخرجاً وقل ما نطق به في جانب ما كان يجيش بنفسه العظيمة القوية…«(12 ص85).
وفي ختام بحثه سجل المفكر كارليل فضل الإسلام على العرب:»ولقد أخرج الله العرب بالإسلام من الظلمات إلى النور وأحيى به من العرب أمة هامدة..فأرسل الله لهم نبياً وما هو إلا قرن بعد هذا الحادث حتى أصبح لدولة العرب رجل في الهند ورجل في الأندلس وأشرقت دولة الإسلام حقباً عديدة ودهور مديدة بنور الفضل والنبل والمروءة والبأس والنجدة ورونق الحق والهدى على نصف المعمورة«(12ص65-66.وقريب من هذا الموقف ترى السيدة إيفلين كوبولد،في كتابها»البحث عن الله« بأن الدين الإسلام)كثر الأديان طواعية وعملية وقريباً من العقل وأنه الدين الوحيد الذي يستطيع تفسير النظم المعلقة الحاضرة والبلوغ بالإنسانية إلى ما ترتجيه وتطلبه من سلام وطمأنينة) 15ص11).
صريع الأدب العربي
يُعَد المستشرق الألماني القدير(1716-1784)واحداً من عباقرة علماء اللغة العربية في عصره،وأول مستشرق ألماني جدير بالذكر وإليه يرجع الفضل في إيجاد مكانة بارزة للدراسات العربية والإسلامية في ألمانيا والغرب عموما.والعلامة ريسكه أول من تمرد على النظرية الضيقة التي حكمت عقول المستعربين وقررت أن وظيفة ومجال دراسات علم الاستعراب يقتصران على خدمة»علم اللاهوت المسيحي«.وأعلن بجرأة تامة بأن»اللغة العربية يمكن أن تكون مفيدة جداً للتاريخ والشعر،وهذا ما يقوي رغبتي في أن تكون اللغة العربية،عندنا،أكثر شهرة وذيوعاً ولا يهمني ما يسمى بعلم<اللغة المقدسة> يمكن أن يبنى على أساسها..وإذا أردنا أن نساعد اللغة العربية فإنه ينبغي ألا تدرس كما يدرس علم اللاهوت فبمساعدة اللغة العربية يجب العمل على تفسير وإغناء التاريخ والجغرافيا والرياضيات والفيزياء والطب«(13ص321).ويصف الباحث نيبور كفاح المستشرق المجاهد ريسكه في العلم والحياة:<إذا كان أي إنسان من قومنا قد ذاق تعاسة الكمال المطرود فإنه هو ريسكه..الذي كان يكافح الجوع بكل معنى الكلمة،الأمر الذي عرفته كل ألمانيا>.
اللاهوتيون وتهمة الزندقة
ووصف الباحث جون فوك حياة العالم ريسكه يقول:لقد أصبح شهيد الأدب العربي،وصارت حياته تاريخاً لتلك الآلام التي سجلها في مذكراته.وقد كان من المخجل أن أحداً من الرجال البارزين(في عصره)لم يعرف الأهمية الفائقة لهذا الرجل العبقري الذي كان واحداً عن أعظم علماء العربية(17 ص108).حقاً لقد قدم هذا العالم ثمناً غالياً لقاء عمله الجليل في دراسة وتصنيف المخطوطات التاريخية والأدبية.وإليه يعود الفضل في تصحيح صورة الإسلام والنبي محمد(ص)التي شوهها من سبقوه في الكتابة في»الإسلاميات«.ففي مؤلفاته امتدح العلامة(ريسكه)الدين الإسلامي الحنيف ورفض وصف النبي(ص)بالكذب أو التضليل.كما ورفض تقسيم تاريخ البشرية إلى تاريخ مقدس وتاريخ غير مقدس،ووضع العالم العربي في قلب التاريخ العالمي.وفوق ذلك عبر عن آرائه بأعظم قدر من الصرامة لذا حاربه رجال اللاهوت واتهموه بالزندقة…لقد عاش هذا العالم المنصف في ظروف قاسية وعن تجربته المريرة وشغفه بالأدب العربي وفضله في تعريف الغرب به،وجحود أبناء قومه وعدم تقديرهم لهذا العمل الجليل.يقول المستعرب ريسكه»:لقد أصابني السوء من هذا.وكان يجب علي أن أدفع غالياً وغالياً جدا،ثمن حماقتي!لقد أصبحت صريع الأدب العربي.يا ليت ظمئي الملتهب،آنذاك،إلى هذا الأدب،هذا الظمأ الذي لم يجلب علي إلا التعاسة بسبب أنه جاء إلي في وقت مبكر،في وقت لم يكن أحد محتاجاً إليه،وبالأحرى لم يكن أحد يقدر ذلك أو يشجعه أو يكافئ عليه؛ليت هذا الظمأ اهتدى إلى نفس تستطيع في وقت ما أن تحيا في أزمنة أكثر سعادة!إذا جاءت هذه الأزمنة في وقت ما،وإن كان ليس هناك أمل في هذا،فعندئذ يقدر الأدب العربي،ويدرس باهتمام أكثر مما هو الآن.«(13 ص318-319).يتبع



#ناظم_مجيد_الديراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- التهمت النيران كل شيء.. شاهد لحظة اشتعال بلدة بأكملها في الف ...
- جزيرة خاصة في نهر النيل.. ملاذ معزول عن العالم لتجربة أقصى ا ...
- قلق في لبنان.. قلعة بعلبك الرومانية مهددة بالضربات الإسرائيل ...
- مصر.. غرق لانش سياحي على متنه 45 شخصًا ومحافظ البحر الأحمر ي ...
- مصدر يعلن موافقة نتنياهو -مبدئيًا- على اتفاق وقف إطلاق النار ...
- السيسي يعين رئيسا جديدا للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
- ثلاثة متهمين من أوزبكستان.. الإمارات تكشف عن قتلة الحاخام ال ...
- واشنطن تخطط لإنشاء قواعد عسكرية ونشر وحدات صاروخية في الفلبي ...
- هايتي: الأطفال في قبضة العصابات مع زيادة 70% في تجنيدهم
- تحطّم طائرة شحن في ليتوانيا ومقتل شخص واحد على الأقل


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ناظم مجيد الديراوي - صورة الإسلام في الإستشراق المُبكر الحلقة الثانية