|
شارع المتنبي ...وأحزان يوم الأثنين
جميل سالم
الحوار المتمدن-العدد: 1847 - 2007 / 3 / 7 - 12:18
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
صباحا ستخُبر أنباء بغداد كل شوارعها ، أزقتها ، حاناتها إن بقيت بها حانات ، مقر إتحاد الأدباء ، وكل احياءها الفقيرة ، عما حلَّ بشارع الثقافة ، شارع الكتب ، شارع المثقفين ، شارع الجمعة التي ما عادت جمعة ، شارع الصعاليك من الادباء ، شارع الكسبة الفقراء ، بائعو ( اللبلبي والباقلاء والشغلم ) شارع الطالبات اللواتي سيبدأن عامهن االجامعي ، شارع الطلاب الفقراء الذين يبحثون عن المستعمل من الكتب ، شارع نعيم الشطري وهو يرتل قصيدة الجواهري ( سلام على جاعلين الحتوف ) شارع الطيف العراقي الجميل ... صباحا ستخبر أنباء بغداد، كل العراق من أن شارع المتنبي ، أضحى خرائب ، لا يصلح حتى للقطط ، اللهم إلا اذا كانت هذه القطط بها رغبة للحوم البشر المدفونة تحت الانقاض . كم يبدو يوم الجمعة ثقيلا ً .. لكن شارع المتنبي يمتص نصفه ، يجعلك ترحل مع كل أيام صباك وشغفك بالقراءة والكتاب ، وأنت قادم من جهة ساحة الامين حيث تمثال الرصافي ترىعلى يدك اليمنى ( مطعم الحاج علي وأولاده ) قلت مازحا ًالى أبن اختي يوم عدت الى بغداد بعد سقوط النظام من إنني شعرتُ بعراقيتي عندما تناولت ( الكًاهي بالكَيمر) في هذا المطعم ، أجابني ساخرا ً ( جا خالي بلكي تجيبون أحزاب المنطقه الخضراء تاكل يوم الجمعة الكَاهي إهنا ) .. في بداية شارع المتنبي لا تسمع غير أصوات الباعة وهي تدعوك الى أن تختار كتابين بالف دينار ، كتب ...كتب ...كتب , ليس غير هذا الكائن الورقي الجميل يدعوك الى إقتنائه ، وأنت المتعطش اليه أبدا ً، ثم تلتقي بكتب الاستنساخ وهي مرصوفة على الارض ، فتتذكر الكتاب المحاصر ، يوم كان النظام المقبور يمنع دخوله ، فيلجأ البعض من أصحاب المكتبات الى إستنساخه ، وقد تستهويك بعض الكتب التي قرأتها قبل اكثر من ربع قرن ، وانت تراها مغلفة بأكياس من النايلون ، تتصفحها ، ثم تعزف عن شرائها ، تسمعُ مفردات عراقية لم تسمع بها من قبلْ ، يتمازحون بها الباعة فيما بينهم ، تستجيب رويدا رويدا الى روح الألفة العراقية بكل كيانها الذي أفتقدته يوم غادرت بغداد ، قبل ربع قرن وأكثر ربما . تصل الى مكتبة عدنان ، ترى هناك مجموعة من المثقفين المتجمعين أمام المكتبة ، تعرف بعضهم ، والبعض الاخر ربما سمعت به ، تسلم على الجميع ، وتبدأ الاسئلة المتبادلة عن فلان وفلان ، حين يعرفون بك قادم من حياة المنفى ، يرغبون بسماع كل شئ عن الجميع ، وربما هم قد سمعوا أكثر مما تخبرهم ، ولكن هاجس الاسئلة يظل يراودهم ، ثم فجأة تشعرُ بيد وضعت على كتفك ، أنها يد الشهيد سعدون ، ( لم أرى قائدا سياسيا كان من رواد شارع المتنبي يوم الجمعة ماعدا الشهيد سعدون ) يدخل المكتبة ، وبمزاحه وطيبة روحه يبدأ مساومته على أسعار الكتب مع عدنان ، ثم يخرج برزمة كبيرة منها ، ثم يدعوك صديق للجلوس في مقهى الشابندر والتي لا تبعد أكثر من 30 مترا عن مكتبة عدنان ، ونظرا للازدحام تضطر أن تقف خارج المقهى ، تمر السويعات سريعة ، فقد حانت الساعة الثانية ظهرا ً وعلى شارع المتنبي أن يقفل أبواب مكتباته وان يجمع بائعوا الكتب بضاعتهم ، فقد مضى نهار أخر من جمعة المتنبي ،. اليوم الاثنين ، تفتح جهاز الكومبيوتر ، كي تقرأ كعادتك الاخبار ، يطالعك الخبر الأول حصيلة أنفجار شارع المتنـ ....وقبل ان تكمل الخبر تطلب رقما هناك ، ليس من مجيب ، تطلب رقما أخر يجيبك من انهم لازالوا يبحثون في المستشفيات ، ترى الصورة في التلفاز ، فتعرف أن مكتبة عدنان أضحت ركاما تشتعل به النيران، مساءا يخبروك من انهم سيواصلون البحث غدا عن جثة عدنان تحت الانقاض .
#جميل_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
على حافة الحزن
-
ينابيع العراق ودفء الذكريات
المزيد.....
-
بنغلادش: مئات الطلاب يقومون بدوريات في دكا تزامنا مع الذكرى
...
-
وزير خارجية العراق يصل إلى تركيا في إطار المحادثات الأمنية ب
...
-
كيف تطورت المفاوضات والجهود الدولية سعياً لوقف إطلاق النار ف
...
-
المهنيون يجتمعون لدعم قائمة “الوحدة”
-
هزات أرضية بقوة 5.7 درجة شرق تايوان
-
اليابان ترفع درجة التحذير من -زلزال عنيف-
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1845 عسكريا أوكرانيا وتحرير ب
...
-
الخارجية السورية تنعى سفيرها في بيلاروس
-
وصول قوة روسية إلى منغوليا للمشاركة في مناورات -سيلينغا-2024
...
-
الصين تطلق تحقيقا في فساد واسع بدور الجنازات
المزيد.....
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
-
عالم داعش خفايا واسرار
/ ياسر جاسم قاسم
المزيد.....
|