|
أين تقع جنة عدن التي خلق الله فيها آدم وحواء ؟
ماغي خوري
الحوار المتمدن-العدد: 1847 - 2007 / 3 / 7 - 12:10
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في الواقع، لا توجد أدلة ثابتة تشير بوضوح إلى مكان "جنة عدن" بالنسبة للجغرافية الحديثة، لذلك تعددت الآراء حول هذا الموضوع. وما يدعو إلى الدهشة، إن سكان بلدان مختلفة يدّعون أن بلدهم هو جنة عدن وأن الله خلق آدم وحواء في بلدهم، ربما لاعتقادهم أن بلدهم هو أحمل مكان في الدنيا في نظرهم. فعلى سبيل المثال، يدّعي بعض الأفارقة (سكان أفريقيا) أن مكان جنة عدن هو في أفريقيا، في منطقة قريبة من خط الاستواء بين كينيا وتانزانيا، ويدّعي الأثيوبيون أنها في بلاد الحبشة، والعدنيون أنها في عدن، في جنوب الجزيرة العربية، والهنود الحمر أنها في أمريكا الشمالية قرب جبال كولورادوا المرتفعة جداً والقريبة من السماء، على حدّ زعمهم، والبنانيون أنها في لبنان، وبالتحديد في بلدة إهدن، التي تطوّر اسمها من عدن إلى إهدان، والعراقيون في العراق، الخ. وأمام هذه الادّعاءات تصعب البراهين القاطعة، إذ أن الادعاءات هي مجرد تكهنات لا ترتكز إلى الواقع. والجدير بالذكر أن كلمة "عَدْن"، هي كلمة عبرية معانها بهجة، فجنة عدن هي "جنة البهجة" أو "جنة السرور". إن قصدة خلق آدم وحواء في جنة عدن مذكورة في الكتاب المقدس، فهل أن هناك أدلة تشير إلى مكانها الحقيقي؟ إن ما يذكره الكتاب المقدس عن جنة عدن قليل جداً، ولا يحدد الوقع الجغرافي بالنسبة للجغرافية الحديثة، وإنما هناك وصف جزئي لها، يمكن أن يعطينا إلى حدٍّ ما فكرة تقريبية عن موقع ذلك المكان، وهذا طبعاً يدحض بعض الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة. يقول الكتاب المقدس عن مكان جنة عدن في قصة الخليقة الواردة في سفر التكوين من الكتاب المقدس ما يلي: "وجبل الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية. وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقاً، ووضع هناك آدم الذي جبله، وأنبت الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل، وشجرة الحياة في وسط الجنة، وشجرة معرفة الخير والشر. وكان نهر يخرج من عدن ليسقي الجنة، ومن هناك ينقسم، فيصير أربعة رؤوس، اسم الواحد فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة حيث الذهب، وذهب تلك الأرض جيد، هناك المقل وحجر الجزع، واسم النهر الثاني جيحون، هو المحيط بجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي أشور. والنهر الرابع الفراتز وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها" (تكوين 2:7-16). بعد قراءة هذه الأعداد من قصة الخليقة الواردة في الكتاب المقدس، يتضح لنا على الأقل الموقع التقريبي لمكان جنة عدن، وذلك من أسماء الأنهار والبلدان التي وردت في القراءة. وعلى هذا الأساس نستطيع القول إن الأساطير التي تشير إلى مكان جنة عدن لا تمتّ إلى الواقع بصلة، فهو ليس في أمريكا الشمالية، ولا في أفريقيا، وإنما في آسيا، وبالتحديد في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للجغرافية الحديثة. وكيف نعرف ذلك؟ نستطيع أن نعرف موقف جنة عدن التقريبي من أسماء الأنهار المذكورة في الكتاب المقدس، وأسماء بعض البلدان التي وردت في الآيات السابقة. الأنهار والمواقع لقد وردت أسماء الأنهار ومواقع بعضها. أولاً نهر فيشون، وهو المحيط بجميع أرض الحويلة، والثاني جيحون، وهو المحيط لجميع أرض كوش. واسم النهر الثالث حداقل وهو الجاري شرقي أشور، والنهر الرابع الفرات. وبعض هذه الأنهار والمناطق معروف واالبعض الآخر غير معروف، لذلك لنبدأ بتحديد الأسماء. إن نهري فيشون وجيحون غير معروفين حديثاً ويُعتقد أنهما من الأنهار المنقرضة، أما نهرا حداقل والفرات فيُعتقد أنهما نهرا دجلة والفرات المعروفان حتى اليوم.
هل يمكننا معرفة المواقع المذكورة التي تحيط بها الأنهر الموجودة في جنة عدن؟ أولاً : إن نهر فيشون يحيط بأرض الحويلة، والحويلة مكان في وسط البلاد العربية، ويرجح البعض أن القسم الغربي من بلاد العرب شمالي اليمن. ثانياً: نهر جيحون بأرض كوش، وأن اسم "كوش" يُطلق على بكر حام بن نوح، وهذا الإسم يُطلق أيضاً على سلالة كوش التي تؤلف شعوباً متعددة سكنت في أواسط وجنوب البلاد العربية، وبعض الشواطيء الأفريقية المجاورة. ويُشار في أكثر الأحيان إلى أن أرض كوش هي بلاد الحبشة. ولكن يُقال إنه من المستبعد أن تكون جنة عدن في بلاد الحبشة، لأن أرض كوش المذكورة في قصة الخليقة كان يسقيها نهر الفرات، الموجود في بلاد ما بين النهرين. ثالثاً: نهر حداقل شرقي أشور. والمعروف أن بلاد أشور سميّت كذلك نسبة إلى سلالة سام، الابن الثاني لنوح، وه يتشير إلى بلاد ما بين النهرين والمنطقة المحيطة بها. وهل أسماء البلدان والأنهر المحيطة بما يمكن أن تعطينا فكرة لمعرفة الموقع الجغرافي التقريبي لمكان جنة عدن التي خلق الله فيها آدم وحواء. فما هو رأي الجغرافيين وعلماء اللاهوت في بهذا الموضوع؟ بالرجوع إلى قاموس الكتاب المقدس، نلاحظ أن موقع جنة عدن غير معروف تماماً، وهذا رأي معظم الجغرافيين وعلماء اللاهوت. ولكن بعضهم يعتبر أن بلاد أرمينيا هي مكان جنة عدن، لأن نهري الدجلة والفرات ينبعان منها. وهناك من يعتقد أن نهر عدن، الوارد ذكره في الكتاب المقدس والذي تفرّع إلى اربعة رؤوس، ما هو إلا نهر الفرات، ودجلة الذي يصبّ في شط العرب في الخليج العربي منقسماً على نفسه إلى عدة فروع. فجنة عدن بحسب بأي بعض الجغرافيين واللاهوتيين، هي القسم الجنوبي من العراق حيث الخصب. وهل هذا هو الرأي الذي يؤخد به؟ يُعتقد أنه أقرب الآراء إلى الصواب، لأن فيه الصفات التي وردت في الكتاب المقدس عن عدن، بأنها شرقي فلسطين، فيها دجلة والفرات وأرض كوش التي يقربها. وهي أرض عيلام المعروفة قديماً باسم كاشوا، وأن سهل بابل كان معروفاً قديماً باسم عدنو. وكما ذكر سابقاً أن موقع الحويلة هو جزء من جزيرة العرب الذي يجاور العراق إلى الجنوب الغربي منه. فالشرح الوارد أنفاً لايعطينا ادلة قاطعة عن مكان وجود جنة عدن، وإنما هناك آراء وتكهّنات حيث يُعتقد بأن أقرب المواقع إلى الحقيقة هي بلاد ما بين النهرين. وبهذا الصدد نقول، جميل أن يعرف الإنسان مكان جنة عدن الذي خلق الله فيه أبوينا الأولين آدم وحواء، إذا تمكذنا من ذلك. ولكن الأجمل هو أن نتأمل والأهم هو أن نتأمل في محبة الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله، ووضعه في الجنة، ومنحه جميع خيرات الأرض، لينعم بها لأنه يحبه. ولكن بعد أن سقط آدم الأول في الخطية عندما عصى أوامر الله وطرده الله من الجنة، وعده بإرسال مخلص هو آدم الثاني، أي المسيح، الذي جاء ليخلص الإنسان من الخطية، ويقوده إلى الخلاص والحياة الأبدية.
#ماغي_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زواج الطفلة من الشيخ !!!؟؟؟
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|