علي جرادات
الحوار المتمدن-العدد: 1847 - 2007 / 3 / 7 - 11:36
المحور:
القضية الفلسطينية
قيل أن قائدا سعوديا، هاتف نظيره الأمريكي، وأبلغه بفحوى اتفاق مكة، وطلب تَريُّث الموقف الأمريكي، على الأقل بالقول: "ما زلنا ندرس الاتفاق".
تلك معلومة تشي بأن السعودية بتَّت بدون علم أمريكي مسبق، في إيراد كلمة "احترام" الحكومة الفلسطينية لاتفاقات قيادة منظمة التحرير مع حكومات إسرائيل بدل المطلب الأمريكي "بالتزامها" بها، أي أن السعودية اكتفت ب"لعم" للاتفاقات.
والسؤال: على ماذا راهن القادة السعوديون في اتخاذ موقفٍ دون مقاس واشنطن الكامل؟!!!
اجتهادنا: يمكن فهم الأمر في إطار أن "السياسة جبر وليس حسابا"، يعني:
أولا: تدرك القيادة السعودية صعوبة أن تبوح قيادة "حماس" ب"نعم" للاتفاقات دفعة واحدة، وذلك لاعتبارات عدة.
ثانيا: تدرك القيادة السعودية أن واشنطن، وإن كانت ستقول أن اتفاق مكة لم يلبِ اشتراطات "الرباعية" بالكامل، إلا أنها ستلحظ بداية تكيف "حماس" مع الاتفاقات، واعتبار ذلك خطوة على طريق ضغط مديد للابتزاز.
ثالثا: تدرك القيادة السعودية رضا الإدارة الأمريكية لكون اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية تتم على قاعدة هذه الاتفاقات، وبرعاية أمريكية، وتفويض "حمساوي" لمنظمة التحرير والرئيس الفلسطيني، بمعنى المهم ما يجري على الأرض.
رابعا: تدرك القيادة السعودية حاجة الإدارة الأمريكية لها تحديدا، ما يستدعي إعطاءها هامش استقلال ضمن الرؤية الأمريكية العامة للمنطقة، ليكون بمقدورها (السعودية) لَعِبَ دورٍ أساسي في تكتيل "الاعتدال" ضد "التطرف"، و"السنة" ضد "الشيعة"، والنظام العربي الرسمي ضد إيران باللغة السياسية -الأمنية -العسكرية الأمريكية.
خامسا: تدرك القيادة السعودية أن الإدارة الأمريكية، وإن كانت معنية بمديد الضغط على (حماس)، إلا أنها تحرص على عدم انهيار السلطة الفلسطينية كمشروع تسوية، وتعاقد سياسي برعاية أمريكية، وتعي دلالات عدم إقدام "حماس" على طرح حل السلطة.
عليه، أدركت القيادة السعودية أن لديها هامش استقلال ضمن الرؤية، فأمريكا ضد الاتفاق ومعه: ضده وستضغط للمزيد مِن الابتزاز، ومعه كخطوة تكيُّفٍ "حمساوية" على طريق جرجرة طويلة، خاصة وأن تهدئة الملف الفلسطيني مطلوبة أمريكيا، لصالح معالجة ورطة العراق وتحدي إيران، عدا كونها (التهدئة) رشوة سياسية مفروضة، وتغطية لازمة للقائم والمحتمل مِن الحروب الأمريكية، كرشوة مؤتمر مدريد يوم ضرب العراق عام 1991.
#علي_جرادات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟