|
في قسوة النقد وفضل فصل القائل عن المقولة
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 12:58
المحور:
الادب والفن
المتتبع لحال المكتوب بالعربية تراه لا يعدم وجود صراخ دائم وشكوى من كل (نعم كل )الكتاب بالعربية(1)حول (النقد) التطبيلي والترويجي والتسطيحي والشللي وكل كاتب يقصد " الأغيار "(2) بكل تأكيد، إذ تكفي كتابته هذه ليبرأ نفسه، ويجعلها خارج هذا " الزيف " على ما سيرد بين سطوره لامحالة. على جانب آخر هناك قارئ غير مختص (حتى لو كان كاتبا في شأن آخر ) يشكو من بعض تعقيد و تقعيد كتابات نقدية أخرى سيّارة(3) تلك التي تعتمد مناهج نقدية حديثة تعتمد أساساً على تجنب قول رأي الناقد مهما كان مضمراً بل إنها تقول بموت الناقد والمنقود والبقاء للنص فقط. وفيها قد يتساوى النص موضع النقد إن كان خلّاقاً ويصلح موضعاً لتشريحه أو تفكيكه أو بعثرته أو... وفق هذه المناهج، أو كان نصاً عادياً مفضوحاً متهالكاً لا يمتلك منفرداً امكانية الوقوف على قدميه. وعلى جانب غير مستتر، يستطيع المتابع لحركية النقد بالعربية ( على قلتها) أن يشهد معاركاً ضروساً تتناول النوايا والدوافع والبواعث التي دفعت كاتباً (ليس ناقداً بالضرورة ) أن يقول رأيا واضحاً في نص أو كتاب يختلف ويتباعد عن رؤية الكاتب لنصه أو رؤية أصدقائه ومحازبيه وعشريته وأبناء طائفته ربما، وقد يمتد الامر لتصبح القضية وطنية تخص الوطن جميعاً إن كان صاحب الرأي من غير بلد الكاتب. ان هذا التفتيش هو فعل إحالة وتحويل للمقولة النقدية الى ما هو خارجها وبالتالي هو مضمراً أومعلناً قول يقلب المقولة على رأس دوافعها وصاحبها ويمكن الاسترسال في هذا المقام للقول أنه فعل إرهاب حقيقي يستعير أدواته من الفكر(4) الارهابي الذي يؤمن أن المكان الأمثل لـ " الأغيار" هو القبر الذي سيلم أشلائهم. وفي هذا نحن تحدث عن مقولة نقدية نزيهة الى حد ما، لا عن المقولات التي تستلهم هذا الفكر نفسه، وتستخدم ادواته ايضا وتقدمها بلبوس النقد. في فصل المقال وتفصيله وفي استعارة بسيطة من علم النفس لا يمكن لأي نص أن يكون منزهاً عن دوافع ما، التي ابسطها اعجاب ذائقة (الناقد) بنص أو تذمر تلك الذائقة من نص، إذاً سيحال الامر برمته الى ما هو شخصي للناقد وللقائل الاساسي، وتالياً يصبح التفتيش في الدوافع يتناول جانبا واحداً فقط، هو المقولة النقدية ويتناسى أن النص أيضا يخضع لدوافع مفارقة أو شبيهة. ويأتي الخلط الأرهابي من عدم القدرة على الفصل بين النص وبين قائله، فيعتبر الإرهابيون ( القدامى والجدد)(5) النقديون أن أي مقولة " قاسية " حول نص هي مقولة عن الكاتب نفسه.!! إن فصل مقام الكاتب عن نصه يتيح لنا بسهولة تمتلك مبرراتها، القول أن هذه المقولة (النص) عنصرية دون أن يعني ذلك ان الكاتب عنصرياً، غير أن التطابق يحدث بين النص وقائله عندما يعتبر مقولته (جين) فكري لا يمكن أن يتزحزح عنه لا الآن ولا في مقبلات الايام ولا تخضع لشرط الزمان ولا النضج حتى، ولا للسياقات الراهنة لها. وفق القدرة على فصل القائل عن القول يمكن لنا أن نقول ان هذا النص فاسد أو تافه أو أحمق أو متهالك أو متهافت أو متناقض أو منحط أو هراء. وفيما سيعتبر البعض كلمة هراء أو غيرها من الكلمات التي تحمل حكم قيمة حاد وقاس، هي شتيمة واضحة وعلنية سنجدها في لسان العرب كلمة نقدية بامتياز إذ تعني فيما تعنية " المنطق الكثير الذي لا نظام له وقيل المنطق الفاسد..واهرأ الكلام اذا اكثره ولم يصب المعنى " وفيما أراه رداً على صراخ البعض حول خواء النقد وكذلك رداً على مشكلة القارئ مع الجانب الاخر من (النقد) أن يكون تناول الابداع في أماكن النشر السيّارة له وظيفة قرائية هي فتح النص إن كان مغلقاً للقارئ غير المختص وطرح أدوات مساعدة لقرائته واستنباط مقولات نقدية من ضمن النص إضافة لذلك أومن أن على النقد في هذه الاماكن أن يقول رأياً واضحاً ولا يمارس التعمية أو التزيين أو التعويم. كما أرى أن القسوة في القول (النقدي) تلك التي تملك مبرراتها وشرعيتها من خلال ادواتها ومن خلال ما تطرحه، هي مطلب للكتابة كي تستقيم ويرى كاتب النص قبل قارئه أين كان الخلل أو عدم التماسك أو التفاهة أو السوقية حتى. إن تقبل الرأي في نص ( ولا يشترط أن يكون الرأي آخراً ) هو مران نفسي في القدرة على الانفصال عن النص الذي نكتبه وإذا كان من العسير إعتباره لا يعنينا مطلقاً بعد انفصاله عنا عبر النشر، فإن المِران يبدأ من اعتباره يمثلنا في لحظة كتابته فقط. أما التماهي بين النص وكاتبه إلى الابد فهو ما ينتج الاستنفار العشائري (النقدي) عندما يمسه كاتب برأيٍ قد يكون قاس. وعليه يمكن لي أن أتقبل رأياً حول مقولتي هذه بأنها تبسيطية أو تسطيحية أو مدرسية أو حتى سفيهة. دون أن أعتبر أنها تشتمني ------------------------------ (1)بالعربية بدلاً من الكتاب العرب لمراعاة حقيقة تاريخية أن هناك كتاب يكتبون بالعربية وهم ليسوا عرباً(2) محاولة لاستدارج هذا " المصطلح " إلى غير منبته ( 3) وسائل النشر التي يقرأها قارئ غير متخصص " صحف- مجلات – مواقع عامة..." (4) درجت العادة على وضع كلمة فكر بين قوسين عند الحديث عن الفكر الارهابي لكنها ليست بين قوسين فهو بالنهاية فكر(5) لا يعدم التراث العربي من معارك قديمة استخدمت نفس الأدوات
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هكذا تورد الأنطولوجيا يانادي جدة الادبي
-
ناس وأماكن (2): البحرين ناس ينثرون الحُب
-
ناس وأماكن: (1) الفضاء حين يتسع أو جدة التي غير
-
كان يجب أن ترحل باكراً أيها الغرنوق
-
يا أيتام صدام البقية بحياتكم
-
زمن بينوشيه الجميل.. وداعا
-
سوريا بيئة آمنة للاستثمار والعيش و.. الفساد
-
عاش أورتيغا يسقط التلفزيون السوري
-
راعي يسرح بالكلمات في صحراء تشبه الحديقة: عن نوافذ القيصوم
-
الاحتفاء بالتفاصيل اليومية إذ يشكل نصاً: عن حواف خشنة
-
سعار ل بثينة العيسى: رواية تجميعية رديئة نموذجاً للتطبيل
-
زواج الحكاية واللغة لإنجاب نص الحياة:عن فسيفساء إمرأة
-
العجيلي: الذي عاش كبيراً ورحل كبيراً
-
حلب الآن: نعي مدينة خاوية
-
بَوَّات الثقافة السورية: خير خلف لخير عرسان
-
الدعارة الثقافية: منتج الاستبداد والكبت
-
كونديرا سورياً: عن البلاد التي بلا أمل
-
المعارضة السورية ظاهرة إعلامية أم تمتلك قوى تغيير؟
-
استعطاف واسترحام إلى عمنا بوش في أمر شخصي
-
خدام اليوم .. مجلس الشعب أمس
المزيد.....
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|