|
الوضع السياسي الراهن - من وثائق حزب ا لنهج الديمقراطي -
النهج الديمقراطي العمالي
الحوار المتمدن-العدد: 1842 - 2007 / 3 / 2 - 12:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
الوضع السياسي الراهن
محتويات الوثيقة
I – مهام المرحلة التاريخية الحالية
II - أهم مميزات الوضع الراهن.
أ – على الصعيد الدولي.
ب – على صعيد العالم العربي والمغاربي.
ج – على الصعيد الوطني.
1 – النظام.
2 – القوى الاجتماعية الديمقراطية.
3 – الحركة الأصولية.
4 – واقع الحركة النضالية في المغرب.
III – أهدافنا خلال الفترة الراهنة.
IV – مهامنا.
1 – المساهمة في بناء التنظيم المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين.
1 – 1 - بناء الذات.
1 – 1 – 1 – التجدر وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
1 – 1 – 2 – تجديد الفكر الاشتراكي وتأصيله بالتربة المغربية.
1 – 1 – 3 – العلاقة بين العمل السياسي والعمل الجماهيري.
1 – 1 – 4 – البناء التنظيمي.
1 – 2 – توحيد المناضلين والقوى الاشتراكية الحقيقية.
2 – المساهمة في تطوير الحركة النضالية الجماهيرية:
2 – 1 – توحيد وتطوير وتوسيع وتجدير نضال الحركات الثلاث.
2 – 2 – النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي.
2 – 2 – 1 – في نقد مفهوم الانتقال نحو الديمقراطية.
2 – 2 – 2 – اختيارنا الديمقراطي.
* حول التوافق ات
* حول الانتخابات.
3 – المساهمة في بناء جبهة الطبقات الشعبية:
3 – 1 – برنامج النضال في الفترة الراهنة.
3 – 2– آليات وأساليب بناء جبهة الطبقات الشعبية.
I - مهام المرحلة التاريخية الحالية:
إن التقدم على طريق حل التناقض الكوني بين الرأسمالية والطبقة العاملة – الذي أصبح اليوم أكثر حدة من ذي قبل مع الهجوم النيوليبرالي على أوضاع الطبقات العاملة في العالم – يتطلب اليوم وبالنسبة للشعوب المضطهدة التي تعاني من تصعيد نهب الإمبريالية لخيراتها واستغلالها المكثف لشغيلتها، حل التناقض الر ئ يسي بين الطبقات السائدة المحلية والإمبريالية من جهة، وكل الطبقات والفئات الشعبية من جهة أخرى، غير أن محرك هذا التناقض الرئيسي هو التناقض الأساسي بين الطبقة العاملة وعموم الكادحين من جهة، والطبقات السائدة المحلية والإمبريالية من جهة أخرى.
ان تجربة النضال ضد الامبريالية من اجل الت ح رر الوطني وكذا النضال ضد الطبقات السائدة ونظامها السياسي من اجل الديمقراطية وفي الغالبية العظمى لدول ما كان يسمى بالعالم الثالت آلت الى الفشل وسبب ذلك يرجع بالاساس لتولي الطبقات الوسطى قيادة هذين النضالين.
لذلك لازلنا مستمرين في التأكيد على احد اهم الدروس الذي يتلخص في كون: بناء التنظيم المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحية وتبوئة لقي ا دة حركة التحرر الوطني والبناء الديمقراطي بواسطة جبهة الطبقات الشعبية يشكل الضمانة الوحيدة لتحقيق مهام المرحلة التاريخية وإنفت ا حها على الافق الاشتراكي.
إن إنجاز هذه المهام يتم في ظروف دولية وجهوية ومحلية يجب أخذها بعين الاعتبار لتحديد تكتيك سديد لا يسقط في أحد الخطأين:
- القفز على الواقع والاكتفاء بطرح الشعارات والبرامج ذات الطابع الاستراتيجي التي لا تراعي الواقع وبالتالي اللجوء إلى الإرادوية والمزايدة المؤديتين إلى العجز والشلل وما ينتجانه من إحباط وتراجع.
- الواقعية المبتذلة التي تؤدي في نهاية المطاف إلى القبول بالواقع كما هو مع تغييرات طفيفة لا تمس جوهره وتساهم في استمرار وتردي أوضاع الجماهير الشعبية
وعلى عكس هذين الانحرافين، يجب العمل الدؤوب من أجل بلورة وتطوير ما يحبل به الواقع من إمكانيات نضالية والاهتمام بشروط تحقيق التراكمات التي تفتح إمكانية إنجاز قفزات نوعية.
من هذا المنطلق، سنعمل على تحديد أهم مميزات الوضع الراهن من أجل تحديد مهامنا في المرحلة الراهنة.
- II أهم مميزات الوضع الراهن:
أ – على الصعيد الدولي:
1. يتميز الوضع الدولي الراهن بالهيمنة الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية والعسكرية الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي أصبحت تشكل القطب الأوحد، وقد جاء ذلك نتيجة للتطورات التي عرفها الاقتصاد الرأسمالي العالمي من جهة، وللتحولات السياسية الكبرى التي عرفها الوضع الدولي بتفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار الاشتراكيات البيروقراطية، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير للحركات الثورية والأحزاب الشيوعية وقوى التقدم في العالم.
2. ففي إطار سعي الإمبريالية للتخفيف من حدة أزمتها المتمثلة في ميل نسبة الربح نحو الانخفاض عملت على تخفيض كلفة الإنتاج، وخاصة الأجور والنفقات الاجتماعية، وفرض شروط إعادة انتشارها على المستوى الدولي وذلك عبر اكتساح أسواق جديدة عن طريق ترسانة من الإجراءات والسياسات: كسياسة التقويم الهيكلي الرامية إلى الحد من تدخل الدولة لإعادة توزيع الثروة، وتحرير الأسواق وفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية وتسهيل حركة الرساميل.
3. وبفعل تظافر عوامل أخرى منها الثورة التكنولوجية في ميادين المالية وأدوات الاتصال، وتمركز رأس المال بفعل اندماج الشركات العالمية الكبرى لمواجهة المنافسة ونمو الأنشطة المضارباتية، دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة جديدة من العولمة الرأسمالية لم يسبق لها مثيل.
4. ونظرا لمراهنة الدول الرأسمالية التابعة على استقطاب الرساميل لتحقيق نمو اقتصادي اصبح الاندماج في العولمة ولو من موقع الخضوع والتبعية يقدم من طرف الكثيرين كقدر لا مفر منه، وغدا البند الرئيسي في جدول أعمال الحكومات هو تأهيل الاقتصاديات "الوطنية" لخوض المنافسة عن طريق خوصصة القطاع العام، وتحفيز الاستثمار الخاص، و"تأهيل" المقاولات، بغرض رفع قدرتها التنافسية وذلك عن طريق تخفيض تحملاتها الضريبية وتفكيك التشريعات الاجتماعية، الأمر الذي يعني إطلاق يد الرأسمال لاستغلال العمال إلى أقصى حد وبدون أية ضمانات.
أما الكلفة الاجتماعية لهذه السياسات فهي التسريحات الجماعية وضعف التشغيل وتدني مستوى الأجور والاقتطاع من ميزانيات القطاعات الاجتماعية، وتفشي الفقر واتساع الفوارق الطبقية.
وهكذا يظهر أن الوجه الحقيقي الآخر للعولمة الرأسمالية هو عولمة الفقر والبطالة والهشاشة الاجتماعية واتساع الهوة بين الطبقات الاجتماعية.
5. ففي المرحلة الراهنة باتت الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف في العالم وكأنها مطلقة اليد لا تقيم وزنا لحلفائها الإمبرياليين الآخرين ضاربة عرض الحائط بالقانون الدولي، لا تعطي اعتبارا للأمم المتحدة ولباقي مؤسساتها.
إن تفكك الاتحاد السوفياتي وانهيار الاشتراكيات البيروقراطية وما تلا ذلك من تراجع الحركات الاشتراكية والتقدمية والثورية، ومن تفكك شامل للجبهة المعادية للإمبريالية والرأسمالية، كل ذلك شجع الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية على تصعيد سياساتها العدوانية ضد الشعوب المناضلة ومناوشة الأنظمة التقدمية في الصين الشعبية وكوبا وكوريا الشمالية.
فبينما تراجع تأثير الحركات الاشتراكية في مختلف مناطق العالم وانتشرت موجة من التشكيك في مصداقية الماركسية والخيار الاشتراكي، تنامى تأثير الحركات القومية الشوفينية والإثنية والدينية، وكأن مطامح الشعوب في التحرر من الاستغلال والتبعية لم تعد تجد لها تعبيرا آخر غير الإيديولوجيات المبنية على هويات منغلقة: قومية، عنصرية إثنية أو دينية.
6. غير أنه، وفي مناخ التراجع هذا وضدا ع لى روح اليأس والاستسلام بدأت تبرز مقاومة دفاعية تساهم فيها الطبقة العاملة سواء في الدول الإمبريالية نفسها أو في الدول التابعة، وأخذت تلتحق بهذه النضالات فئات اجتماعية كالعاطلين والمهمشين والمحرومين، وهكذا أصبحنا نرصد عدة أشكال من المواجهات لمقاومة انعكاسات العولمة، كما تواجه الإمبريالية الأمريكية والصهيونية مقاومة قوية في فلسطين والعراق وأفغانستان وعدد من دول أمريكا اللاتينية (فنزويلا، البرازيل، بوليفيا...).
ب – على صعيد العالم العربي والمغاربي :
إن العالم العربي هو المنطقة الأولى المستهدفة من طرف الإمبريالية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية لتوفرها على أغلبية احتياطي العالم من النفط ولموقعها الاستراتيجي بين القارات الثلاث (أوربا، إفريقيا، آسيا) وقد أدى ذلك إلى:
- عودة الاستعمار المباشر إلى العراق والقواعد العسكرية بكثافة إلى المنطقة.
- التدخل السافر للولايات المتحدة الامريكية في الشوون الداخلية للبلدان العربية. وتعتبر خطة الشرق الاوسط اكبر نمودجا.
- تخاذل وتراجع واستسلام كل أنظمة العالم العربي: آخر مثال هو ليبيا.
اما في المغرب فإن العلاقات الودية والديبلوماسية مع الكيان الصهيوني لازالت مستمرة وذلك رغم التقتيل وحرب الابادة التي يتعرض لهما الشعب الفلسطيني ورغم مطالبة كل القوى المناضلة والديموقراطية ببلادنا بمقاطعة الكيان الصهيوني ومن جهة ثانية فإن الحكم قد تبنى مواقف اقل ما يقال عنها أنها منصاعة ومساندة للولايات المتحدة في غزوها للعراق.
لكن وبالرغم من كل هذه الاوضاع فإن نضال الشعب الفلسطينى لازال مستمرا وتضحياته لازالت تتعاظم والانتفاضة لم تخمد ، وقد استطاع الشعب الفلسطيني معتمدا على قواه الذاتية وقيادة مناضليه أن يكسر كل مناورات الكيان الصهيوني المدعوم من طرف الامبريالية الامريكية.
اما في البؤرة الثانية : العراق فإن المقاومة العراقية آخدة في النمو والقوى الغازية تحصد الخسائر المع ت برة.
أما على صعيد المغرب الكبير فإن شعوب هذه المنطقة لازالت تتوق الى وحدة المغرب الكبير ، لكن الأنظمة السائدة في المنطقة وبسبب تبعيتها للإمبريالية ونظرا للخلافات حول الصحراء ، تعرقل أي تطور في اتجاه الوحدة، بل تسعر الشوفينية والعداء بين الشعوب. وغالبا ما تذهب القوى الاجتماعية - الديمقرا ط ية في نفس الاتجاه. بينما لا تقوم القوى الديمقراطية والاشتراكية الحقيقية بأية مبادرات لربط جسور التواصل مع القوى الديمقراطية والاشتراكية الحقيقية في المنطقة، ولطرح مشاريع نضالية مشتركة للضغط على الأنظمة وحملها على التعامل بجدية مع الطموح الوحدوي لشعوب المغرب الكبير.
ج – على الصعيد الوطني:
1 – النظام:
لقد تشكلت خلال عقود من الاستبداد والعسف والتسلط مافيا مخزنية تحتكر جوهر السلطة السياسية وتتحكم في الاقتصاد الوطني.
ونعني بالمافيا المخزنية كل الفئات من الطبقات السائدة التي اغتنت بشكل فاحش بفضل مواقعها السلطوية سابقا أو حاليا، وهي المسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن القمع والإرهاب الذي عانى منه الشعب المغربي خلال الأربعة عقود الأخيرة، فهذه المافيا تضم، إضافة لكل الجلادين المتورطين في الجرائم السياسية كل الذين نهبوا المال العام وخيرات البلاد باستعمال مواقعهم السلطوية وحموا أو شاركوا في أنشطة غير قانونية بل إجرامية كالإتجار في المخدرات أو التهريب من الشمال أو الصحراء.
ولمواجهة تفاقم الأزمة البنيوية للنظام الرأسمالي التبعي السائد في بلادنا بسبب تعمق أزمة النظام الرأسمالي العالمي وأزمة النظام السياسي المخزني، لجأت إلى تطبيق "إصلاحات" سياسية واقتصادية واجتماعية تستهدف تأمين استمرار نفس النظام السياسي والاقتصادي – الاجتماعي القائم مع محاولة تكيفه مع مستجدات الوضع الدولي والوطني. ويتلخص هذا المشروع "الإصلاحي" في الجوانب التالية:
أ – على الصعيد السياسي:
الحفاظ على المضمون المخزني القمعي مع تغيير الشكل والأسلوب:
1 – الحفاظ على المضمون المخزني:
- عدم تغيير الدستور.
- الإبقاء على دور وزارة الداخلية وصلاحياتها الأخطبوطية والحفاظ على الأجهزة القمعية السرية والموازية.
- تسليط الأضواء بشكل جزئي وموجه على الفترة القمعية السوداء (الاعتقال والاختطاف والنفي لأسباب سياسية) ورفض محاسبة المسؤولين عنها.
- إقامة ديمقراطية الواجهة وتحت المراقبة الشديدة (طبيعة المؤسسات التي أغلبها مزور أو معين من فوق وبدون صلاحيات فعلية فيما يخص التوجهات الاستراتيجية).
- إقرار قوانين تراجعية (قانون الصحافة، مدونة الشغل، قانون مكافحة الإرهاب...).
- الاستمرار في التضييق على المعارضين وقمع الحركات الاحتجاجية.
- مراقبة الإعلام السمعي – البصري وإخضاعه تماما لتوجهات المخزن...
2 – تغيير الشكل والأسلوب:
- تبني خطاب حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون والمجتمع المدني دون تفعيله في الواقع وتمييعه وتلغيمه.
- الانفتاح على النخب السياسية والمثقفة عبر فتح حقول النشاط أمامها (هناك كلام عن تجديد النخب السياسية على اعتبار أن نخب الأحزاب التقليدية قد شاخت) لكن شريطة أن تظل بعيدة عن الجماهير وأن تستمر في النقاشات في أبراجها العاجية وأن تقبل أن يستمر المخزن في التحكم في اللعبة السياسية.
- تقديم تنازلات جزئية فيما يخص الأمازيغية والمرأة وطي صفحة الماضي بهدف الالتفاف على المطالب الديمقراطية الحقيقية.
ب – على الصعيد الاقتصادي:
إن العنوان الرئيسي لهذا المشروع هو محاولة إعادة هيكلة الطبقات السائدة لتتكيف مع العولمة، ومعلوم أن الطبقات السائدة قد ترعرعت ونمت مصالحها، بالخصوص، بفضل نهبها للدولة التي توفر لها الصفقات المربحة وتمنحها الامتيازات المختلفة (رخص ولاكريمات المختلفة...) وتوفر لها قطاعات تحتكرها بفضل حمايتها من المنافسة الأجنبية والمحلية ودعمها من ميزانية الدولة (نخص هنا بالذكر مجموعة "أونا" التي تحتكر عددا من القطاعات كالصناعة الغذائية المدعمة من طرف الدولة) وتغض الطرف عن الغش والتملص الضريبيين. غير أن العولمة تعني أن الدولة لن تستطيع الاستمرار في توفير هذه الرعاية، لذلك فهي تسعى إلى أن توظف الطبقات السائدة الأموال التي نهبتها بالأساليب المذكورة أعلاه في إطار الخوصصة والشراكة مع الرأسمال الإمبريالي، وذلك عبر القبول بشروط العولمة الليبرالية المتوحشة.
لذلك، فإن هذا المشروع يتطلب استمرار نفس توجهات الحكومات السابقة (ضبط التوازنات المالية على حساب التوازنات الاقتصادية والاجتماعية، الخوصصة، تراجع دور الدولة في الميدان الاقتصادي...)، كما يتطلب هذا المشروع رفض محاسبة المسؤولين عن نهب المال الع#1575;م وعن الرشوة والتهرب من الضرائب. ولا تشكل فتح ملفات القرض الفلاحي والقرض العقاري والسياحي – سوى الشجرة التي تخفي الغابة (تقديم بعض الموظفين إلى العدالة بينما من كانوا ينهبون من وراء الستار ينعمون بغنائمهم).
ج – على الصعيد الاجتماعي:
إن تحميل ع بء تجاوز الأزمة الحالية أو تخفيفها للطبقات الشعبية، بما في ذلك الأغلبية الس ا حقة من البورجوازية الصغرى والمتوسطة هو أحد أهداف لجوء المخزن وخلفه الطبقات السائدة إلى حكومة التناوب المخزني لمحاولة فرض سلم اجتماعي يسمح بتمرير المخططات الرجعية (الت س ريحا ت الكثيرة للعمال، مدونة الشغل مناهضة لمصالح العمال، الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي يسمح للدولة بالمزيد من التملص من مسؤولياتها في هذا المجال الحيوي...).
ولا يتواني المخزن في اللجوء إلى قمع الحركات التي تهدد تطبيق البرنامج الاقتصادي والاجتماعي المذكور أعلاه: قمع إضرابات واعتصامات ومسيرات العمال والمعطلين والمواطنين (حركة البحارة بالجنوب، عمال والماس وافيتيما...، قمع أو اعتقال المعطلين والمهندسين...).
وقد سمح تطبيق هذا المشروع أن يقوي أركان النظام حيث تم استيعاب أغلب القوى السياسية والنقابية وقوى المجتمع المدني داخل مؤسسات النظام وضمان قبولها بالوضع القائم.
2 - القوى الاجتماعية - الديمقراطية:
لقد كانت هذه القوى خلال مرحلة قوتها وإشعاعها تتبنى مشروعا يرتكز على المستوى الاقتصادي إلى التخلص من التبعية وبناء نظ ا م رأسمالي وطني مستقل على غرار أنظمة أوربا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية واليابان. ويشكل النظام الديمقراطي الليبرالي البنية الفوقية لهذا النظام الاقتصادي – الاجتماعي، غير أن هذه القوى تخلت عن هذا المشروع والت ح قت بالمشروع المخزني لأن الإمبريالية لا تسمح ببناء اقتصاد وطني مستقل يهدد هيمنتها على رأسمالية الأطراف، خاصة وقد أصبحت أكثر قوة وجبروتا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. زد على ذلك أن الفئات المتنفذة وسط القوى الاجتماعية – الديمقراطية قد أصبحت مصالحها مرتبطة بالنظام القائم خلال سيرورة طويلة من مشاركتها في المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة. ولم تعد ترى من إمكانية للدفاع عن هذه المصالح وتنميتها ومواجهة القوى الأصولية غير المشاركة في الحكومة.
إن المشروع الإصلاحي الليبرالي يظل ضعيفا في بلادنا للأسباب المذكورة أعلاه زيادة على كونه مشروعا رأسماليا استغلاليا متناقضا مع مصالح الطبقة العاملة والكادحين مما يجعله غير قادر على تعبئة الطبقات الأساسية في بلادنا. ب ل إن الطبقات الوسطى التي قد ت ح مل هذا المشروع تعاني من سيرورة من التفقير والبلترة تجعل السواد الأعظم منها يصارع خطر الاندحار الطبقي باللجوء إلى الحلول الوهمية التي توفرها المشاريع الأصولية الشعبوية أو بالبحث عن حلول فردية والابتعاد عن العمل السياسي بل محاربته باسم استقلالية ا لمجتمع المدني.
إن هذه التطورات أدت ب ا لقوى الاجتماعية – الديمقراطية إلى:
الاستسلام للمخزن والقبول بشروطه كاملة:
- القبول بدستور يشرعن الحكم الفردي المطلق والاستبداد المخزني.
- القبول ب إ فلا ت الجلادين والمجرمين الاقتصاديين من العقاب واستمرارهم في السلطة، رغم فضاعة الجرا ئ م المقترفة والتي لا يؤ د ي ثمنها المناضلون فحسب، بل الأجيال الجديدة التي حرمت من تعليم حقيقي وتغطية صحية ومناصب ا لشغل وغير ذلك...
- القبول ب ا لتناوب المخزني الذي يعني تحويل مناضلي هذه الأحزاب إلى مجرد موظفين للمخزن يدبرون أزمته ويعرقلون نضالات الحركة الجماهيرية ويطبقون السياسات الاجتماعية والاقتصادية اللاوطنية واللاديمقراطية واللاشعبية المملاة من طرف الإمبريالية والطبقات السائد ة .
- الانغماس في مسلسل الاستحقاقات الانتخابية التي فقدت فيه هذه القوى الكثير من مصداقيتها بسبب هرولة أعضائها وتسابقهم على المناصب واستعمال الأساليب البغيضة واللاأخلاقية والتحالفات الغير الطبيعية للوصول إلى المؤسسات الديمقراطية" المزعومة غير أن ذلك لم يتم بدون تناقضات حيث عرفت هذه القوى انشقاقات وانسحابات كبيرة أدت إلى إضعافها بشكل خطير.
3 – الحركة الأصولية:
وتعرف المرحلة الراهنة استمرار صعود الحركات المناهضة للديمقراطية والمتسترة وراء الدين مستفيدة من الانهيارات المذكورة أعلاه (انهيار المعسكر الشرقي وما خلفه من تساؤلات وشكوك حول ب ناء الاشتراكية، انهيار الفكر و ا لأنظمة القومية البعثية وتخاذل الأنظمة الرجعية في العالم العربي وتواطؤها مع الإمبريالية واستسلامها للصهيونية، انهيار القوى الاجتماعية – الديمقراطية في المغرب...)، ومن غياب قطب يساري مناضل، مبادر، شجاع في نضاله من أجل قضايا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وقضايا التحرر الوطني والقومي ومتشبث بمبادئه التقدمية والاشتراكية.
إن الحركة الأصولية تعيش مخاضا بفعل العوامل التالية:
- بروز اتجاهات تلجأ إلى العنف وخارجة عن سيطرة القوى الأصولية التقليدية (السلفية الجهادية)، وهكذا أصبحت هذه الحركة ت نقسم إلى ثلاثة توجهات أساسية: توجه يقبل باللعبة السياسية وله علاقات قوية بالنظام (حز ب العدالة والتنمية)، توجه يرفض اللعبة السياسية ويعارض النظام لكنه في ذات الآن يرفض اللجوء إلى العنف (ماعدا ضد الطلبة)، توجه ينادي بالجهاد ويلجأ إلى الإرهاب ضد النظ ا م وضد المجتمع "الجاهلي". أما الحركة من أجل الأمة والبديل الحضاري، فهما هامشيان ورغم طرحهما للحوار مع الديمقراطيين لم يتخليا عن مشروع بناء الدولة التيوقراطية، الدولة الدينية.
- إن النشاط ذي الطابع الدعوي قد استنفذ إمكانيات أمام خطورة الواقع المعيش. كما أن إمكانية العمل الإحساني بدأت تنضب بفعل تغير مواقف الممولين (السعودية...).
إن موقفنا من القوى الأصولية يرتكز إلى ما يلي:
- نقد أسس ومرجعية القوى الأصولية لأن فكرها يرتكز إلى قضية جوهرية مشتركة: بناء الدولة الدينية المبنية على أسس الشريعة، أما الخلافات فتهم، في الغالب، كيفية تحقيق هذا الهدف والمدى المسموح به للاجتهاد الذي لا يمكن أن يتناقض، في جميع الحالات، مع النص. لكن هذا النقد لا يعني الدخول في معارك جانبية مع القوى الأصولية على اعتب ا ر أن العدو الأساسي حاليا هو المخزن والطبقات السائدة.
- إدانة الإرهاب لأنه يتوجه، في كثير من الأحيان، إلى ضحايا أبرياء ولأنه يقدم خدمة لأعداء الديمقراطية الذين يستغلونه لت ض ييق الخناق على الشعب وعلى الحريات الفردية والجماعية. وفي نفس الوقت إدانة التوجهات الاستئصالية وإرهاب الدولة الذي يتلخص في الجانب القمعي ويتناسى الأسباب الموضوعية (التر ب ة الاقتصادية – الاجتماعية، غياب بديل ديمقراطي حقيقي...)، والذاتية (استعمال القوى الأصولية من طرف الإمبريالية والرجعية لضرب القوى الاشتراكية والديمقراطية...). وإدانة الإمبريالية التي تريد أن تماثل بين المقاومة المشروعة للاحتلال بكل الوسائل المتاحة والإرهاب.
- تركيز النقد على المستوى السياسي على الاتجاهات المرتبطة بالمخزن.
- الحوار مع الاتجاهات التي تقول بأنها تتبنى الديمقراطية مع استبعاد أي شكل من التحالف السياسي.
- النضال من أجل عدم استعمال الدين لأغراض سياسية وفصله عن الدولة.
- 4 – واقع الحركة النضالية في المغرب:
إن حركة النضال في بلادنا تتشكل، بالأساس، من ثلاثة روافد:
- حركة التحرر الوطني والقومي ضد الإمبريالية والصهيونية والتي تواجه الهيمنة الإمبريالية على بلادنا وتساند نضالات شعوب العالم العربي وتناهض العولمة الرأسمالية المتوحشة.
- حركة النضال الاجتماعي.
- حركة النضال من أجل الديمقراطية.
في العمق، فإن دواعي هذه الحركات الثلاث هو حل التناقض الرئيسي الذي أوضحناه أعلاه: فالهيمنة ا لإمبريالية تحول السيادة الوطنية إلى سيادة شكلية بحيث أن القرارات الأساسية التي تحدد مصائر الشعوب (السياسات الاقتصادية والاجتماعية، التحكم في الخيرات الوطنية، التغيير الديمقراطي الحقيقي) أصبحت بيد الإمبريالية وشركاتها المتعددة الاستيطان وأدواتها المختلفة (المؤسسات المالية والتجارية الدولية، المنظمات الغير الحكومية والوكالات والمكاتب التابعة لهذه الشركات وللدول الإمبريالية). ويعاني العالم العربي، إضافة لذلك، من عودة الاستعمار المباشر والتواجد العسكري فوق أراضيه والتدخل السافر في شؤونه والدعم اللامحدود للكيان الصهيوني كرأس جسر الإمبريالية في المنطقة في محاولة لقطع أوصال المنطقة وضرب أية إمكانيات لتوحيد شعوبها.
أما الطبقات السائدة فقد تفاقم طابعها التبعي للإمبريالية في الفترة الأخيرة، كما أن طبيعتها كطبقات ترتكز بالأساس على اقتصاد الريع المبني على احتكار الأرض في الحواضر والبوادي وباطن الأرض (المعادن) والماء وخيرات البحر (السمك...) وعلى الاستغلال المكثف للطبقة العاملة في ظل سيادة الرأسمالية التبعية وتفاقم أزمتها، وعلى اقتصاد الامتيازات ونهب الدولة (التراخيص المختلفة، الاختلاس، التهرب الضريبي...) تجعلها طبقات عاجزة على تطوير قوى الإنتاج وتعتمد على الاستبداد والقمع وعلى تطبيق السياسات الأكثر تخلفا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، لذلك فإن الحركات الثلاث (حركة التحرر الوطني والقومي، حركة النضال الاجتماعي وحركة النضال من أجل الديمقراطية) حركات مترابطة وتتواجه مع عدو واحد يتمثل في الإمبريالية والطبقات السائدة ونظامها السياسي.
إن هذه الحركات الثلاث، رغم الزخم الذي تعرفه في بعض الفترات، لم تستطع مراكمة القوى للتقدم، بشكل حاسم في حل التناقض الرئيسي المذكور أعلاه بسبب غياب الأدوات السياسية الضرورية (التنظيم المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين وجبهة الطبقات الشعبية)، فغياب هذه الأدوات يسهل على النظام والأحزاب الملتفة حوله مهمة تفكيك هذه الحركات وتجزيء نضالها وتحريف مسارها وعزل بعضها عن بعض والالتفاف على مطالبها وضرب أية إمكانية لبناء التمفصل العضوي بين مكوناتها. ويلجأ النظام إلى المناورة السياسية أو / والعنف للتحكم في هذه الحركات الثلاث.
هكذا فإن مفهوم التحرر الوطني يختزل في الاستقلال الشكلي بينما الاختيارات والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأساسية تتحكم فيها الإمبريالية. كما يتم ضرب أية إمكانية لبناء تحالف في المنطقة المغاربية وفي العالم العربي عبر تسعير الخلافات بين الأنظمة وربطها أكثر بالإمبريالية الأوربية والأمريكية. وهكذا يصبح نضال التحرر الوطني مجرد صراعات على الحدود بين الدول عوض أن يستهدف الإمبريالية المسؤولة على النزاعات الموروثة عن الاستعمار وعن الكوارث الاجتماعية التي تعاني منها الشعوب.
كما يتم حصر حركة النضال الاجتماعي في المطالب الجزئية والفئوية والاقتصادوية والحرص على أن لا تفضي إلى التساؤل حول طبيعة النظام الاقتصادي والاجتماعي السا ائ د المسؤول عن الكوارث الاجتماعية: ملكية وسائل الإنتاج، ملكية ا لأرض، علاقات التبعية للإمبريالية.
وفي هذا الإطار يتم تفتيت الحركة النقابية وحصرها في المطالب الخبزية والجزئية لكي يتحول النضال النقابي إلى عمل سيزيفي تبقى الإمبريالية والطبقات السائدة هما الرابحان فيه دائما. كما تتم محاولة احتواء كل أشكال الاحتجاج في مؤسسات مخزنية (مجالس استشارية برلمان...).
أما حركة النضال من أجل الديمقراطية، فتواجه محاولات عديدة لتحريفها والالتفاف على مطالبها، هكذا يتم الالتفاف على المطالب الديمقراطية عبر الوسائل التالية
- الترويج لشعارات هدفها التعتيم على النضال من أجل الديمقراطية: فبعد "المسلسل الديمقراطي" و "الديمقراطية الحسنية"، و "التوافق والتراضي" و"التناوب"، أصبح الكلام الآن عن "الانتقال الديمقراطي" و "ا لعهد الجديد"...
- الالتفاف على المطالب الديمقراطية عبر تقديم تنازلات لا تمس الجوهر المخزني للدولة:
. التشبت بدستور لا ديمقراطي يشرعن الحكم الفردي المطلق والاستبداد المخزني.
. تحويل الانتخابات إلى محطات لا رهان فيها هدفها ضمان تجديد النخب المخزنية.
. برلمان عبارة عن غرفة تسجيل وحكومة موظفين منفذين.
. تقديم تنازلات جزئية وقابلة للتراجع في ميدان حقوق الإنسان وحقوق النساء والأمازيغية مع رفض التوقيع أو وضع تحفظات على معاهدات ومواثيق دولية (نذكر منها قضية تحريم التعذيب...) وإصدار قوانين مناهضة لحقوق الإنسان وللديمقراطية (قانون مكافحة الإرهاب...)، ورفض الكشف عن حقيقة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنس ا ن ومحاكمة مرتكبيها.
. تسييج العمل السياسي بالخطوط الحمراء ومنع القوى المعارضة الفعلية من ولوجه، ويبقى أحد أهم عناصر الضعف الذي يميز هذه الحركات هو عزلتها عن بعضها البعض وعدم قدرة القوى الاشتراكية على إيجاد تمفصل بينها.
III – أهدافنا في الفترة الراهنة:
إن هدفنا الأسمى هو إقامة نظام اشتراكي وهدفنا المرحلي هو بناء المجتمع الديمقراطي الذي يحظى فيه المواطن بكافة حقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر تحقيق المهام المرحلية التاريخية في الفقرة الأولى، غير أن استحضار موازين القوى على المستوى الوطني والدولي تؤدي إلى تركيز نضالنا في الفترة الراهنة على إقامة الديمقراطية السياسية ومواجهة الرأسمالية المتوحشة وهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم.
والحال أن الطبقات السائدة نظرا لطبيعتها لا يمكنها إلا أن تمارس الاستبداد لذلك فإن النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي حقيقي يصب في ات ج اه حل التناقض الرئيسي الذي يطبع المرحلة التاريخية الراهنة.
وفي نفس الآن فإن الطبقات والفئات الشعبية، بما في ذلك الطبقات الوسطى تعاني من تدهور مريع لأوضاعها، لذلك فإن تعبئتها للنضال من أجل الديمقراطية يتطلب صد الهجوم الذي تتعرض له من طرف الرأسمالية المتوحشة. إذن لابد من الربط الوثيق بين النضال من أجل نظام ديمقراطي حقيقي والنضال ضد الرأسمالية المتوحشة.
كما أن محاولة الإمبريالية الأمريكية فرض هيمنتها على العالم أصبحت تلقى مواجهة متزايدة من طرف الشعوب في مختلف بقاع المعمور وتؤشر على إمكانية بناء جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية الأمريكية.
غير أن الشعار المركزي يجب أن يراعي موازين القوى الحالية وأن يسمح بلف أكبر جبهة نضالية وطبقية ممكنة، ونعتبر أن طرح شعار عزل المافيا المخزنية قد يشكل شعارا ملائما يراعي موازين القوى الحالية ويندرج ضمن تحقيق الأهداف المرحلية التاريخية (إضعاف الطبقات السائدة التي تشكل المافيا المخزنية فئة داخلها تتميز بكونها الأكثر نهبا واستبدادا وفسادا). إن هذه المافيا تراكم الحقد والغضب الشعبي ضدها لأنها مسؤولة، إلى حد كبير، على تردي الأوضاع الاجتماعية ول أ نها تشكل أخطر عقبة أمام تغيير ديمقراطي حقيقي.
ولتحقيق هذه الأهداف لابد من إنجاز المهام التالية: IV - مهامنا:
إن النهج الديمقراطي يعمل بصبر وأناة وحماس لتقديم ثلاثة سيرورا ت مترا ب طة ومتزامنة تتمثل في:
- المساهمة بجانب كل الاشتراكيين الحقيقيين في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين.
- المساهمة في توحيد وتطوير وتوسيع وتجدير الحركة النضالية الجماهيرية.
- المساهمة في بناء جبهة الطبقات الشعبية.
إن التقدم في إحدى السيرورات سيساعد على التقدم في السيرورات الأخرى، الشيء الذي يعطي دفعة ا لى التقدم في السيرورة الأولى. فبناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين سيتم في معمعان النضال وهو بذلك يرتبط ارتباطا وثيقا وجدليا بتقدم نضال الشعب المغربي. كما أن التقدم في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين سيعطي دفعة قوية لنضال شعبنا ضد أعدائه. ولن يكتس ب نضال الطبقة العاملة وعموم الكادحين زخمه بدون التحاق باقي الطبقات والفئات الشعبية به. ويشكل التقدم في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين الضمانة لكي يحقق نضال شعبنا مهام المرحلة التاريخية الحالية وينفتح على مراحل أخرى أكثر تقدما.
1 – المساهمة في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين:
إن هذه المهمة هي المهمة المركزية بالنسبة لكل الاشتراكيين لأنها تشكل المحرك لإنجاز المهام الأخرى. لذلك لابد أن تحضى بالأولوية في مهامنا وان نتجند بكل قوانا لتحقيقها بدون بطء وبدون تسرع.
إن إنجاز هذه المهمة يستوجب تحقيق مهمتين أساسيتين ومترابطتين:
. مهمة بناء الذات.
. مهمة توحيد الاشتراكيين الحقيقيين.
1 – 1 – بناء الذات:
إن بناء الذات يشكل بالنسبة إلينا الحلقة المركزية لتحقيق كل المهام الأخرى، فبدون نهج ديمقراطي قوي ومتجدر وسط الكادحين وذي إشعاع جماهيري واسع، لا يمكن التقدم، بشكل حاسم، في إنجاز المهام الأخرى، ذلك أن توحيد الاشتراكيين الحقيقيين لن يتم إذا لم يستطع النهج الديمقرا ط ي أن يتشكل كقوة اش ت راكية وازنة في الساحة. كما أن تطور الحركة النضالية للشعب المغربي نحو مستويات أرقى يتطلب مساهمة قوية للنهج الديمقراطي في هذه العملية، الشيء الذي لن يتحقق إذا لم يتقوى عود النهج الديمقراطي ويتوسع إشعاعه السياسي والفكري وسط الجماهير الكادحة. كما أن بناء تحالفات مع القوى الممثلة للطبقات الوسطى رهين بمدى التقدم في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين الذي هو بدوره يتوقف، إلى حد كبير، على مدى قدرة النهج الديمقراطي بناء ذاته كتنظيم قوي، متجدر في الطبقة العاملة وعموم الكادحين ومسلح بالفكر الماركسي الحي ومتصدر لنضالات شعبنا على مختلف الواجهات.
إن بناء الذات يتطلب تحقيق المهام التالية:
1 – 1 – 1 – التجدر وسط الطبقة العاملة وعموم الكادحين:
يجب أن نخضع مختلف واجهات عملنا الجماهيري لهذه المهمة الحيوية بالنسبة إلينا، فعملنا النقابي والشبيبي والنسائي وعملنا في الأحياء الشعبية والبوادي يجب أن يخدم بالأساس مهمة تجدرنا في الطبقة العاملة وعموم الكادحين. ذلك أن عملية التجدر لن تتم عبر قنا ة أو شكل واحد من عملنا بل عبر توظيف الجزء الأساسي من قنوات وأشكال الاتصال بالجماهير الكادحة التي نتوفر عليها لخدمة هذه المهمة.
إن عملن ا الحقوقي يمكن أيضا أن يوفر بعض إمكانيات التجدر وسط الكادحين، لكنه يلعب دورا أساسيا في تقوية حركة النضال من أجل الديمقراطية في بلادنا.
إن التجدر ليس مجرد عملية تواجد وسط الجماهير الكادحة أو المساهمة في تعبئتها وقيادة نضالاتها، بل هي عملية سياسية وفكرية أ ي ضا لأننا يجب أن نختبر تصوراتنا السياسية والفكرية وسط معمعان نضال الكادحين وأن نعمل على صقلها وإغنائها بمساهمتهم وان نفتح الأبواب لالتحاقهم بنا لكي تصبح منظمتنا منظمتهم ولكي تتبوأ طلائعهم قيادتها.
§ التجدر وسط الطبقة العاملة:
إن المدخل الأساسي للتجدر وسط الطبقة العاملة هو التواجد معها في مواقع الإنتاج، ذلك أن إمكانية تبلور وعي طبقي بروليتاري مرتبط بالوعي بطبيعة علاقات الإنتاج الرأسمالية. غير أن واقع التنظيم المشكل أساسا من فئات برجوازية صغرى يفرض بالضرورة المرور عبر العمل النقابي للنفاذ إلى الطبقة العاملة. لكن المعضلة هي أن العمل النقابي في المغرب يضع مجموعة من العوائق أمام تطور وعي طبقي بروليتاري وأمام توفير شروط وحدة الطبقة العاملة:
.طغيان الاقتصادوية بسبب هيمنة ا لبيرقراطيات النقابية وتخلف وضعف عملنا لسياسي الموجه للطبقة العاملة.
.عزوف العمال عن الانخراط في النقابات بسبب ضعف مردودية العمل النقابي الناتج عن التعامل الانتهازي للبيروقراطيات النقابية مع النضالات وتآمرها مع الباطرونا ضد مصالح العمال والتشتت النقابي وصعوبة التنقيب مع الهجوم الرأسمالي المتوحش الحالي، حيث يؤدي التنقيب، خاصة في مقاولات العمل من الباطن "sous-traitance"، إلى إغلاق المعمل ونقله إلى منطقة أخرى.
إن تجاوز هذا الوضع يتطلب تحديد تصور واضح لعملنا النقابي يجعله يخدم مهمة التجدر وسط الطبقة العاملة، عبر نشر الفكر الشيوعي واستقطاب أحسن العناصر العمالية المكافحة ومواجهة التوجهات المنتشرة حاليا و التي تجعل أغلب مناضلينا يعملون بدون أفق وسط النقابات ويستهلكون كل طاقاتهم في العمل النقابي الصرف ويعتبرون أن عملهم الأساسي، إن لم يكن الوحيد، هو العمل النقابي الغير المرتبط بأ هداف سياسية واضحة ومحددة.
إن العلاقة بين عملنا السياسي والنقابي يجب أن تحظى بالاهتمام والتمحيص وأن يكون عملنا النقابي حاضرا بقوة في صلب اهتمامنا السياسي، كما يجب أن يهتم عملنا السياسي باستمرار بالبحث عن الوسائل التي تمكن من جعل العمل النقابي يخدم مهمة التجدر وسط الطبقة العاملة، بما يعنيه ذلك من وضع خطط وبرامج التكوين والإعلام الموجه للطبقة العاملة ومن إعادة النظر في البنية التنظيمية لكي تجسد مركزية الطبقة العاملة في خطنا السياسي والفكري (الخلايا العمالية، لجان لتتبع واقع الطبقة العاملة...). وأخيرا لابد أن يحتل عملنا مع العمال والعاملات الشباب مركز الصدارة في عملنا السياسي الموجه نحو الطبقة العاملة.
إن العمل في الأحيا ء التي يقطنها العمال يمكن أيضا من الارتباط بالطبقة العاملة وتجاوز نسبي لمسألة ضعف التنقيب وربط واقع العمال بباقي الكادحين وبالتالي إمكانية ضرب الاقتصادوية وتسييس نضال الطبقة العاملة بإخراجه من حيزه النقابي الضيق الذي تعمل القيادات النقابية البيروقراطية على الحفاظ على الطبقة العاملة ضمنه.
§ التجدر وسط الفئات الكادحة الغير العمالية:
إن العمل في الأحياء الشعبية قد يساعدنا على التجدر وسط الفئات الكادحة الغير العمالية والتي تشكل الغالبية العظمى من الجماهير الشعبية. إن هذه الفئات التي لا ترتبط، بشكل مباشر، بنمط الإنتاج الرأسمالي، تعاني مع ذلك من سيطرته على شروط عيشها ونشاطها الاقتصادي وتقاسي من اضطهاد المخزن. وهي بالتالي تطمح للتغيير. غير أن عدم تواجدها المباشر في علاقات الإنتاج الرأسمالية يجعل اكتسابها لوعي طبقي واضح أصعب من الطبقة العاملة، ويؤ د ي، في غياب عملنا السياسي والفكري وسطها، إلى تبنيها لتصورات مثالية أو فوضوية للتغيير ( المراهنة ع لى منقذ أو إيديولوجية أصولية ماضوية، اللجوء إلى عنف غير واضح الآفاق والأهداف...).
إن العمل في الأحياء الشعبية، خاصة في هوامش المدن، حيث يتكدس الفلاحون المهاجرون من البادية والذين لازالوا مرتبطين بشكل وطيد بمناطقهم الأصلية قد يساعدنا أيضا على الارتباط بالكادحين في البوادي. إلا أن الوسائل الأساسية للارتباط بالفلاحين الفقراء والمعدمين تبقى هي طرحنا بكل وضوح وقوة ونضالنا المستميت من أجل المطالب الاستراتيجية للفلاحين في الأرض والماء (مسألة الثورة الزراعية...)، وتبنينا المبدئي لقضية الخصوصيات الإثنو – ثقافية ونضالنا اليومي من أجل تحسين الأوضاع في البادية. ولابد أن يخضع العمل التنموي الموجه إلى البادية للتقييم الموضوعي والصارم للإجابة على السؤال التالي:
هل هذا العمل يهدف فقط إلى توفير لقمة العيش لبعض المناضلين؟ أم أنه يمكن أن يلعب دورا في ارتباطنا بالفلاحين والفقراء؟
إن عملنا من أجل التجدر يجب أن يركز على الشباب والنساء. فالشباب الكادح هو الأكثر تعرضا للاستغلال المباشر أو غير المباشر وللاضطهاد ولقمع المخزن. والشابات الكادحات تعانين من الاستغلال ككادحات وكنساء شابات ومن الاضطهاد الذكوري السائد في المجتمع. إن الشباب، وخاصة الشابات، هو موضوعيا ا لأكثر استعدادا للنضال والتضحية والأكثر قابلية لتلقي الفكر الثوري. يبقى أن دورنا هو تحويل هذه الاستعدادات وهذا الوعي الحسي إلى وعي طبقي وإلى نضال يخدم مهمة الانعتاق من الاضطهاد والاستغلال والقهر.
1 – 1 – 2 – تجديد الفكر الاشتراكي:
لقد طورت منظمة "إلى الأمام" و "النهج الديمقراطي" نظرته للعديد من القضايا (الفهم للتنظيم السياسي الثوري وعلاقته مع المنظمات الجماهيرية وأدوات التنظيم الذاتي للجماهير الشعبية، الفهم للاشتراكية كمشروع يصن ع ه المنتجون خلال سيرورة طويلة من تحررهم من الاستغلال الرأسمالي وليس كمشروع دولتي يسهر عليه حزب طليعي يمتلك المعرفة، الفهم للعلاقات الداخلية للتنظيم المبنية أساسا على الديمقراطية وعلى الحق في الاختلاف، والمركزية كآلية ترتكز أساسا إلى مركزة الأفكار والتصورات عبر النقاش الواسع وبواسطة الإقناع والاقتناع وصولا إلى الحسم الديمقراطي وليس القبول بقرارات فوقية، الفهم المتقدم لواقع المجتمع المغربي في تنوعه). كما أن النهج الديمقراطي يتبنى مرجعية تاريخية تقدمية وسياسية كفاحية وفكرية اشتراكية ويدافع على الرصيد الكفاحي والأخلاقي والفكري للحركة الماركسية – اللينينية المغربية، ومع ذلك فإنه بحاجة ماسة، خاصة مع تسارع الأحداث دوليا وإقليميا ووطنيا، إلى الاجتهاد النظري لفهم آفاق تطور الرأسمالية العالمية وانعكاسات ذلك على الطبقة العاملة وعلى الشعوب ودراسة قوانينها لتدقيق التطورات التي عرفها الاقتصاد المغربي خلال العشرين سنة الماضية وتأثيرها على البنية الطبقية في بلادنا.
كما يجب أن نساهم في المجهود العام الذي تقوم به الحركات الاشتراكية في العالم من أجل إعادة بناء المشروع الاشتراكي، وذلك عبر:
- دراسة متأنية لتجارب بناء الاشتراكية وأسباب انهيارها بهدف مواجهة الادعاءات بأن المشروع الاشتراكي طوباوي، ماهي أسباب هذا الانهيار؟
. هل الخلل في تبني فكرة اللحاق بالمعسكر الإمبريالي وما أدت إليه من إنتاجوية Productivisme واستعمال التايلورية وما تكرسه من استيلاب العمال وما تحمله من تراتبية سلطوية؟
. هل كان من الممكن تبني استراتيجية مغايرة في ظل التطويق الإمبريالي؟
. هل الخلل في الحزب الذي استلم السلطة بواسطة الانتفاضة وتحول إلى حزب وحيد وهمش المنظمات الجماهيرية وألحقها به وما تعرض له من انحراف وبرقرطة؟
. هل الخلل في تحييد الجماهير في البناء الاشتراكي وقيام الحزب – الدولة بذلك بدلا عنها؟
- تحديد طبيعة القوى الطبقية التي ستحمل المشروع الاشتراكي بالارتباط بالتغييرات العميقة التي طرأت على الطبقات العاملة في العالم واكتساح الرأسمالية للعديد من الميادين التي كانت من اختصاص الطبقات الوسطى (المهن الحرة، بروليتاريا جديدة في ميدان الإعلاميات والمواصلات...).
وأخيرا لابد من إعطاء أهمية خاصة لدراسة التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية المغربية وعدم إغفال الجوانب الثقافية والفكرية التي تفعل فيها.
وفي هذا الإطار تحديد النظرة إلى هويتنا وتاريخنا ليس كمعطيات جامدة وأبدية بل كميادين ورهانات للصراع بين الطبقات والقوى المتصارعة في المجتمع، وذلك بهدف تأصيل فكرنا وممارستنا المستمدين من القيم الإنسانية الكونية في التربة المغربية ونزع فتيل التناقضات داخل الشعب التي تستعملها الإمبريالية لتفتيت وحدة الشعوب. وكذا الإسهام النظري والعملي في إع ا دة بناء حركة التحرر الوطني بمضمون جديد وبارتباط وثيق بشعوب المغرب الكبير.
إن الاهتمام بهذه القضايا وإعمال التفكير الجماعي فيها ليس ترفا فكريا بل هو ضرورة حيوية لكي يعيد الاشتراكيون بناء منظومتهم الفكرية ويكتسبوا مناعة وقوة في مواجهة الآلة الدعائية الخطيرة التي تتحكم فيها الإمبريالية وينتقلوا من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم السياسي والفكري.
1– 1 – 3 – العلاقة بين السياسي والجماهيري:
إن "الورقة التوجيهية حول العمل الجماهيري" تتطرق بشكل مفصل لمفهومنا للعمل الجماهيري وليس الهدف هنا تكرار ما طرحته الورقة بقدر ما هو التركيز على بعض النقط التي نعتبرها أساسية:
لقد أكدت وثيقة "الإطار المرجعي للنهج الديمقراطي" أن "النهج الديمقراطي يؤمن بالنضال الجماهيري كوسيلة أساسية لتحقيق الأهداف المطروحة"، إن ذلك يعني أن النضال الجماهيري يشكل القلب النابض بالنسبة لتنظيمنا وأنه يحظى بالأولوية في عملنا السياسي.وليس عملا ينضاف إلى هذا العمل، وبالتالي، فإن ت#1581;ديد تصوراته ومتابعته اليومية وتطويره يمثل أحد أهم مهماتنا، لذلك يجب أن تحضى بالاهتمام النواقص والانحرافات التي قد يعرفها عملنا الجماهيري.
لقد أدى تكريس مفهوم خاطئ لاستقلالية الإطا ر ات الجماهيرية وطبيعة الأغلبية الساحقة من مناضلينا كمناضلين في الإطارات الجماهيرية وضعف التكوين السياسي والفكري وهشاشة النهج الديمقراطي وضعف الثقافة التنظيمية داخله إلى الانحرافات التالية:
- التعامل مع الإطارات الجماهيرية كأنها خارج الصراع الطبقي وكأنها ليست أحد أهم مجالات ورهانات الصراع بين القوى والطبقات المتصارعة في المجتمع. إن مناضلينا غالبا ما يكتفون بالنضال بإخلاص وتفان داخل هذه الإطارات دون الصراع المستميت ضد التوجهات المعلنة أو المضمرة السائدة وسطها والتي غالبا ما تكون ل صا لح البيروقراطيات والنظام القائم.
- إن هذا التعامل يجعل نضال رفاقنا يراوح مكانه بل قد يؤدي ببعضهم إلى التحول، من دون أن يحسوا، إلى بيروقراطيين. كما أن المستفيد منه يكون هو البنيات القائمة. إن الجماهير الكادحة لا تنتظر منا فقط أن نكون مخلصين ومكافحين بل أولا وأساسا أن ننير لها طريق الخلاص. وهذا هو دور التنظيم السياسي.
- التعامل مع التنظيم السياسي كمجرد منسق لمناضلينا في الإطارات الجماهيرية يتم اللجوء إليه في المحطات الأساسية لهذه الإطارات لتوفير قوة انتخابية .ويرسخ هذا التوجه تعاملنا التنظيمي مع الإطارات الجماهيرية عبر تشكيل لجان قطاعية ينتظم داخلها مناضلونا في هذا الإطار أو ذاك مما يكرس تجزيء العمل الجماهيري إلى قطاعات يفصلها جدار صيني يرسخ فكرة أنه من اختصاص مناضلين قطاعيين معنيين وليس، في الجوهر، عملا سياسيا ويزيد من انفصال العمل الجماهيري عن العمل السياسي. إن الربط بين العمل السياسي والجماهيري يتطلب تحديد التوجهات والتصورات من طرف التنظيم في تفاعل يومي بين المناضلين النهجيين الجماهيريين وإطاراتهم التنظيمية السياسية المحلية والوطنية.
- إن عمل مناضلينا في الإطارات له خصوصيته طبعا لكن لا يجب أن تحجب عنا هذه الخصوصية أنه عمل يندرج ضمن خطة عامة يشكل أحد واجهاتها، لذلك فإنه يجب أن يخضع باستمرار للتقييم من طرف النهج الديمقراطي لتحديد مدى خدمته للخطة التي وضع ت واتخاذ القرارات اللازمة. إن التعامل باللجان القطاعية يرسخ استقلالية كل قطاع عن الآخر ويزيد من احتمال أن يتناقض توجهنا في هذا القطاع مع توجهنا في القطاع الآخر.
إن توفير ربط جدلي ووثيق بين عملنا السياسي والجماهيري يعني في تقديرنا:
- توفير تصور عام لأهدافنا،في كل مرحلة، من عملنا الجماهيري وتقييمه وتقويمه باستمرار.
- التأكد عند تصريف هذا التصور أن كل مناضلينا يطبقون نفس التوجه في إطاراتهم المختلفة.
- التأكد أن التوجه المطبق في هذا القطاع أو ذاك وأخذا بعين الاعتبار خصوصيته يندرج ويخدم خطتنا العامة ولا يتناقض معها.
- يجب أن يعتبر مناضلونا في الإطارات الجماهيرية أنهم أولا وقبل كل شيء أعضاء في النهج الديمقراطي، وهذا يعني ما يلي:
. ابتعادهم عن التشيع لإطارهم، في بعض الأحيان، على حساب وضد رفاق لهم في إطار جماهيري مماثل، وعلى العكس من ذلك العمل بجد على توحيد جهود ونضالات الإطارات المماثلة في أفق توحيدها.
. إخبار التنظيم السياسي باستمرار بواقع الإطارات الجماهيرية والنضالات التي تعتزم خوضها لتمكين النهج الديمقراطي من معرفة الواقع والاستعدادات النضالية الجماهيرية والتحضير للمشاركة فيها أو مساندتها وتوفير شروط ضرب عزلتها عن بعضها البعض وإعطائها بعدها السياسي. إن هذه العملية جد أساسية لأنه بدونها سيظل التنظيم السياسي بعيدا عن النضالات الملموسة اليومية للشعب المغربي ولن يستطيع أن يتطور ويتوسع ويكسب تعاطف الكادحين، والأخطر من ذلك هو أنه بدون ما سبق لن يتطور الوعي الحسي للجماهير الكادحة إلى وعي سياسي طبقي.
. العمل على نشر الوعي الاشتراكي في المنظمات الجماهيرية واستقطاب المناضلين الجماهيريين الطليعيين للنهج الديمقراطي، بدل السعي الحثيث عند بعض رفاقنا إلى استقطاب أكبر عدد من مناضلي النهج الديمقراطي إلى إطاراتهم الجماهيرية وإغراقهم في العمل الجماهيري.
1 – 1 – 4 – البناء التنظيمي:
لقد تشكل النهج الديمقراطي بعد فشل محاولات تجميع المناضلين الديمقراطيين المنحدرين من تجربة الحركة الماركسية – اللينينية المغربية، من مناضلين منحدرين، أساسا، من تجربة منظمة "إلى الأمام" انتقلوا من العمل السري إلى العمل العلني ومن مناضلين جماهيريين متعاطفين مع هذه التجربة
لقد طبعت شروط تشكل النهج الديمقراطي البناء التنظيمي الذي اعتمده.
فالمرور من تنظيم سري يتطلب استمراره مستوى عال من الصرامة والضبط والالتزام والمركزية إلى تنظيم علني كاستمرار لمحاولات "التجميع" وعلى قاعدة انتقاد مبالغ فيه للمركزية التي ميزت السرية أدى إلى بناء تنظيم يتميز بغياب الصرامة وتحديد فضفاض للعضو يتمثل، بالنسبة للع د يد من المناضلين، في علاقة هشة بالتنظيم تتجسد في الحضور المتقطع لاجتماعات المجالس التي تعقد بدورية تتجاوز، في الغالب، الشهر. والتراخي في إنجاز المهام باسم المرونة وبثقافة الإجماع باسم الديمقراطية.
كما أن التحاق العديد من المناضلين الجماهيريين الذين كانت تربطهم بالحركة الماركسية - اللينينية المغربية علاقة تعاطف فكري وسياسي في غياب علاقة تنظيمية، سيؤدي إلى عدم إعطاء التنظيم الأهمية التي يستحق، بل اعتبار التنظيم مجرد إطار لتنسيق العمل الجماهيري وليس موجها له. مما أدى إلى أن قلة من المناضلين هي التي تمارس العمل السياسي بينما الأغلبية الساحقة مستنزفة في العمل الجماهيري، وهذا اصبحت جل المناطق تعيش أوضاعا مشولولة غير قادرة على إفراز قيادات سياسية /تنظيمية.
إن تجاوز هذه الاختلالات في اتجاه بناء تنظيم قادر على إنجاز المهام الجسيمة المسطرة أعلاه وفي ظل ظروف تتميز بنضوب الروافد التقليدية للنهج الديمقراطي وضرورة استقطاب مناضلين جدد لم يعايشوا تجربة اليسار الجديد، يتطلب، في نظرنا، تقويم وتصليب وبلترة وتشبيب التنظيم واستقطاب النساء له
إن تقويم التنظيم يتطلب مواجهة الممارسات الليبرالية المتفشية في التنظيم وإعادة الاعتبار إلى الأخلاق السامية المنبثقة عن القيم التقدمية لشعبنا وإلى روح التضحية والتفاني والالتزام وإشاعة العلاقات الديمقراطية داخل كل هياكل التنظيم وبين هياكله القيادية و القاعدية وفي علاقاته مع الجماهير الكادحة واعتماد النقد والنقد الذاتي والمحاسبة الرفاقية كأسلوب للتعامل مع الأخطاء ومع المهام والإقناع والاقتناع كأسلوب للتعامل مع الخلافات.
إن تقويم التنظيم يعني أيضا أن يكون كل عضو فاعلا في إحدى منظمات التنظيم القاعدية. أما الأعضاء الذين يرفضون الالتزام بالعمل اليومي في أحد إ ط ارات النهج الديمقراطي، فيجب اعتبارهم متعاطفين فقط.
إن بلترة التنظيم تعني السعي الحثيث والدؤوب لاستقطاب المناضلين العمال والكادحين وتكوينهم وتشجيعهم على تحمل المسؤوليات وفي نفس الوقت خوض الصراع الفكري الرفاقي ضد كل الانحرافات البرجوازية الصغرى، وذلك عبر التوضيح الإيديولوجي والضبط التنظيمي. وفي هذا الإطار لابد من إعطاء أهمية قصوى لبناء الإطارات القاعدية للكادحين (خلايا العمال، خلايا الكادحين في الأحياء الشعبية).
إن النهج الديمقراطي في حاجة ماسة وحيوية لتشبيب التنظيم، وذلك لأن الشباب طاقة هائلة للإبداع والنضال من أجل التغيير لأنه يعاني من الاضطهاد والاستغلال المكثف. إن هذه المهمة تتطلب بناء حركة الشبيبة للنهج الديمقراطي لتوفير فضاء لتطور طاقات الشباب وتشبعه بالفكر الاشتراكي الماركسي واكتسابه لأسس الالتزام التنظيمي وتمكينه من الالتحاق بالتنظيم.
إن النهج الديمقراطي يجب أن يعمل على تكوين واستقطاب النساء إلى صفوفه لأن النساء يتوفرن على طاقات هائلة للمقاومة والصمود والنضال. لذلك لا بد من تحديد برامج تهدف إلى تشجيع النساء على الالتحاق بالتنظيم وعلى تحمل المسؤوليات فيه وكذا بناء منظمة موازية للنساء مرتبطة بالنهج الديمقراطي.
1 – 2 – توحيد المناضلين والقوى الاشتراكية الحقيقية:
إن توحيد المناضلين والقوى الاشتراكية مهمة شاقة لكن ضرورية لتوفير شروط بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين.
إن الواقع الذي يعيشه الاشتراكيون متناقض: فهو من جهة مناسب لتطوير عملهم لأن الرأسمالية كشفت بسرعة عن وجهها البشع وظهر التناقض واضحا بين الطبقة العاملة والرأسمالية وبين هذه الأخيرة والشعوب المضطهدة. لكنه من جهة ثانية غير ملائم بسبب ما خلفه انهيار المعسكر الشرقي من شكوك حول إمكانية إقامة نظام اشتراكي حقيقي وما أدى إليه الفشل المؤقت للاشتراكية كفكر كوني من انتشار النزوعات الانغلاقية على هوية ضيقة (إما إسلامية أو عرقية أو إثنية أو جهوية...). ويعقد من هذا الواقع الهجوم الدعائي الضخم والمتعدد الأوجه للإمبريالية وقدرتها ع لى إرشاء العديد من "المثقفين" الذين تحولوا إلى مداحي النظام الرأسمالي.
أما في المغرب، فإن التطورا ت التي عرفتها القوى الاجتماعية – الديمقراطية تخلق شروطا إيجابية للقوى الاشتراكية الحقيقية شريطة أن تتجاوز الحلقية وأن تتوجه إلى الجماهير الكادحة لتعبئتها للنضال.
إن توحيد الاشتراكيين والقوى الاشتراكية مهمة طويلة النفس لأنها ت ت طلب:
- أولا وأساسا تبلور خط سياسي وفكري مرتكز إلى الجوهر الحي للماركسية متأصل في التربة المغربية وقادر بواسطة معرفة عميقة للواقع المغربي وملابسات الوضع الدولي والجهوي والعربي، أن يحدد المهام السديدة لكل مرحلة.
- ثانيا، تجاوز مكامن الضعف والانحراف التي تطبع القوى الاشتراكية الحقيقية، ونذكر منها:
. ضعف الارتباط بالجماهير الكادحة، وخاصة في الأحياء الشعبية والبوادي.
. ضعف ثقافة النضال المشترك والحلقية والتركيز على التميز عن الآخر وإدعاء امتلاك الحقيقة وتغيب النظرة الموضوعية في نقذ الاخر.
. ضعف الثقافة التنظيمية وانتشار سلوكات التسيب والفردانية وعدم الانضباط وعدم الالتزام.
. تواجد عناصر انتهازية يمينية ويسراوية
. ثالثا: تشجيع كل إمكانيات النضال المشترك ومد الجسور وفتح النقاش حول مختلف القضايا الخلافية.
إن توحيد المناضلين والقوى الاشتراكية سيكون بالأحرى عملية معقدة ومركبة تتداخل فيها العوامل الفكرية والسياسية والنضالية والتنظيمية، لذلك يجب المبادرة إلى اقتراح الأعمال المشتركة وتشجيع أية مبادرة من هذا النوع: مبادرات نضالية، مبادرات للنقاش السياسي والفكري، مبادرات للتضامن والتآزر بين هذه القوى.
إن احتداد الصراع الطبقي في بلادنا يؤدي، بشكل متسارع، إلى فرز داخل القوى السياسية وبروز قوى سياسية ومجتمعية جديدة، ويطرح علينا الفعل في هذا الفرز وفي القوى السياسية والمجتمعية الجديدة قصد تقوية وتوحيد التوجهات والمجموعات التي تتبنى الاشتراكية. إن توحيد الاشتراكيين ليس معطى بل إنه معركة يجب خوضها باستمرار وبدون ملل وبصبر وأناة.
2 - تطوير الحركة النضالية الجماهيرية:
2 – 1 – توحيد وتطوير وتوسيع الحركة النضالية الجماهيرية:
إ ن نضال الشعب المغربي، رغم تعدد تجلياته (نضال من أجل الديمقراطية، نضال اجتماعي ضد انعكاسات الرأسمالية المتوحشة على أوضاع الغالبية العظمى من الجماهير الشعبية، نضال التحرر الوطني والقومي ضد التبعية للإمبريالية وضد الصهيونية)، يواجه نفس الأعداء وهي الطبقات السائدة ونظامها السياسي والإمبريالية والصهيونية.
إن استراتيجية هؤلاء الأعداء هي ضرب أية إمكانية لبناء ترابط عضوي بين هذه الحركات النضالية الثلاث لإ ض عاف كل حركة على حد ة والتمكن من الحفاظ عليها في مستوى لا يهدد مصالح هؤلاء الأعداء.
فالمطالب الاجتماعية الحيوية يتم مواجهتها عبر ترسيخ فكرة أن الانعكاسات الاجتماعية الخطيرة للعولمة الرأسمالية المتوحشة قدر لا مفر منه وتطور طبيعي للاقتصاد لأنه يعني، حسب هذا الطرح المغلوط، مجرد قبول بقانون السوق. ومعلوم أن السوق العالمي ة تتحكم فيها بضع عشرات من الشركات المتعددة الاستيطان. وباسم نفس "الضرورات" المزعومة للعولمة الرأسمالية، يتم تكريس عدم إمكانية استقلال القرار الوطني وضرورة خضوعه للمؤسسات المالية والتجارية والسياسية الإمبريالية.
أما الديمقراطية فيسعى معسكر الأعداء أن تظل شكلية وأن ترسخ ديكتاتورية الطبقات السائدة والإمبريالية على الطبقات الشعبية. وتعمل على تغ ذ ية هذا الواقع برفع العديد من الشع ا رات الرنانة والكاذبة: "المسلسل الديمقراطي" في السبعينات، "الديمقراطية الحسنية" في الثمانينات، "التناوب" و"الانتقال الديمقراطي" في الفترة الأخيرة.
إن نضالنا في هذه المرحلة، يتمثل، بالأساس، وعلى عكس ما يريده الأعداء في توحيد وتطوير وتوسيع وتعميق وتجدير نضال الحركات الثلاث، وذلك عبر:
- تحصين هذه الحركات ضد القمع والاختراق وضد تأثير المفاهيم السائدة (المقاولة المواطنة، الانغلاق على الوطن وضرب أسس التآزر بين شعوب المغرب الكبير وشعوب العالم العربي بل تسعير العداء فيما بينها وشعوب العالم، "الانتقال الديمقراطي"...)، وضد تأثير القوى الاجتماعية – الديمقراطية التي تسعى إلى الركوب عليها لتوظيفها في مفاوض ات ها مع السلطة وتحرف مسار هذه النضالات وتجهضها.
- توضيح التمفصلات الموضوعية بين هذه الحركات والتي تجد أساسها في عدم إمكانية أي من هذه الحركات تحقيق مكتسبات حقيقية في ظل النظام السياسي والاقتصادي – الاجتماعي السائد.
. توضيح أن حركة النضال الاجتماعي ستظل تراوح مكانها ولن تحقق في أحسن الأحوال، سوى مكتسبات جزئية وظرفية لا يجب احتقارها مع ذلك، لأن العرقلة الحقيقية أمام النضال الاجتماعي هو النظام الاقتصادي – الاجتماعي السائد (نظام الرأسمالية التبعية في المغرب)، وبما أن تغيير النظام الاجتماعي – الاقتصادي مسألة سياسية في العمق، فلا بد أن ترفع حركة النضال الاجتماعي مطالبها الآنية مقرونة بالمطالب الاستراتيجية وأن تنخرط في النضال السياسي من أجل تغيير النظام السياسي والاقتصادي – الاجتماعي السائد.
. إعطاء حركة النضال التحرري الوطني والمغاربي والقومي بعدها السياسي عبر توضيح أن العائق الأساسي أمام استقلال القرار الوطني ووحدة الشعوب هو الأنظمة السياسية والطبقات السائدة في المنطقة التي تتميز بتبعيتها التامة والمطلقة للإمبريالية.
. إعطاء حركة النضال من أجل الديمقراطية بعدها الجذري عبر توضيح أن هذه الحركة لا يمكن أن تحقق أهدافها في ظل النظام السياسي القائم. وبالتالي ضرورة طرح مسألة الدستور الديمقراطي وتفكيك البنيات المخزنية وإقرار مبدأ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية، طرح هذه القضايا بقوة وثبات وتوفير الزخم النضالي الشعبي لتحقيقها.
2 – 2 – النضال من أجل الديمقراطية:
إن حركة النضال من أجل الديمقراطية والتي تغذيها القوى الديمقراطية والاشتراكية الحقيقية والاتجاهات الديمقراطية الحقيقية وسط الحركة الحقوقية والحركة الأمازيغية والنسا ئ ية تواجه عدة معيقات وعراقيل في نضالها:
- فهي أولا تعاني من الضعف والتشتت الذي يميز القوى الاشتراكية والقوى الديمقراطية الحقيقية، الشيء الذي يجعل هذا النضال مطبوعا بممارسات القوى الاجتماعية – الديمقراطية المتحالفة مع المخزن حاليا ومختزلا في الاستحقاقات الانتخابية والمؤسسات "الديمقراطية" المزعومة، ويؤدي إلى تقليص مصداقية النضال من أجل الديمقراطية وسط الجماهير الشعبية.
- كما أن الحركات الحقوقية والنسائية والأمازيغية لكونها حركات أفقية تظهر وكأنها فوق الطبقات وغير خاضعة للصراع الطبقي. والحقيقة أنها، بامتياز، حركات تتصارع وسطها تصورات مختلفة ومتناقضة تعبر عن مصالح الطبقات المتصارعة في المجتمع. ويجب الإقرار أن القوى الديمقراطية والاشتراكية الحقيقية، إذا كانت متواجدة بقوة في الحركة الحقوقية وترفع المطالب المعبرة عن مصالح الطبقات الشعبية، فإن التوجهات السائدة في الحركتين الأمازيغية والنسائية تعبر عن مصالح نخب مستعدة، في الغالب، إلى القبول بالحلول المخزنية. لذلك يتوجب على القوى الاشتراكية والديمقراطية الحقيقية خوض الصراع من أجل قيادة نضال الحركتين النسائية والأمازيغية وإعطائهما توجها يخدم مصلحة الطبقات الشعبية، وفي مقدمتها الطبقات الكادحة.
2 – 2 – 1 – في نقد مفهوم الانتقا ل نحو الديمقراطية:
وتتعرض حركة النضال من أجل الديمقراطية إلى هجوم دعائي كبير يحاول تكريس مفاهيم خاطئة لتغليط الشعب المغربي وزرع اللخبطة وسط المناضلين. ومن أخطر هذه المفاهيم مفهوم الانتقال نحو الديمقراطية:
ويرتكز هذا المفهوم إلى تجارب الانتقال نحو الديمقراطية التي عاشتها بعض الدول: مثل إسبانيا وجنوب إفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية والتي،حسب الدراسات، كانت من صنع ليبراليين وسط السلطة ومعتدلين في المعارضة الذين عقدوا توافقات فيما بينهم.
والحقيقة أ ن بضع دول هي التي عرفت الانتقال الناجح نحو الديمقراطية السياسية كأسبانيا والبرتغال واليونان لأنها أصبحت دولا رأسمالية متطورة لتوفر قاعدة اقتصادية ملائمة ساعد على قيامها التراكم ا لرأسمالي البدائي خلال فترة الدكتاتورية وقد دفع بالانتقال إلى الديمقراطية ر غبة وحاجة برجوازيات هذه الدول إلى الاندماج في السوق الأوربية المشتركة. أما جنوب إفريقيا فقد ارتكز انتقالها الديمقراطي أساسا على القضاء على نظام الميز العنصري وتوفير الحقوق السياسية والمدنية للأغلبية السوداء.
إن الديمقراطية السياسية التي ترتكز إلى دستور ديمقراطي يضمن فصل السلط ويقر بأن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر الشرعية والسلطات ويضمن احترام حقوق الإنسان وممارسة الحريات الفردية والجماعية وإلى مؤسسات ديمقراطية وطنية ومحلية وجهوية (برلمان يشرع ويراقب ويحا س ب حكومة منبثقة عن أغلبية برلمانية تتوفر على كامل صلاحيات التنفيذ)، منتخبة انتخابا حرا ونزيها وسيادة القانون واستقلال القضاء، إن هذا النظام السياسي يشكل تقدما هاما بالنسبة للشعوب في نضالها من أجل التحرر والانعتاق.
إن هذه الديمقراطية السياسية ع رفت وتعرف فترات من المد والجزر وتعيش تغيرات مرتبطة بتطورات المجتمعات ومستلزمات الصراع الطبقي داخلها، لذلك فإن شكلها قد يختلف من هذا البلد إلى ذاك.
هكذا فإن الديمقراطية السياسية اتخذت أشكالا مختلفة خلال تطور المجتمعات في أوربا الغربية. ففي الدول التي عاشت ثورات قادتها البرجوازية ضد الإقطاع، رفعت البرجوازية شعار الديمقراطية وأعطته مضمونا إيجابيا خلال مرحلة صراعها مع الإقطاع. لكن ما أن قضت على الإقطاع وأمام اندفاعة الطبقات الكادحة، تراجعت البرجوازية عن شعاراتها الديمقراطية وحاولت حصرها على الفئات الميسورة بل لجأت، في لحظات الأزمات، إلى أنظمة ديكتاتورية بل وفاشية. وفي المقابل كانت الطبقات الكادحة تناضل من أجل أن تلتزم البرجوازية بالنظام الديمقراطي.
وقد لعب النظام الديمقراطي، في مرحلة الرأسمالية التنافسية دورا هاما في تدبير التناقضات ما بين الشرائح والفئات الرأسمالية المختلفة والمتنافسة (المالية، الصناعية، التجارية)، وكذا في ضمان هيمنة البرجوازية ب م ختلف شرائحها وفئاتها على الطبقات الشعبية.
أما بعد أن أصبحت الرأسمالية احتكارية وتعمق طابعها الإمبريالي وتصاعدت الصراعات بين الإمبرياليات، فقد تراجع دور الديمقراطية السياسية كأسلوب لحل التناقضات بين شرائح الرأسمالية لأن الاحتكارات أصبحت مهيمنة على الفئات الرأسمالية الأخرى، واستطاعت الإمبريالية فرض هيمنتها على شعوبها بفضل إرشاء الأرستقراطية العمالية والتعتيم على الصراع الطبقي عبر تسعير الشوفينية والزج بالشعوب في الحروب الاستعمارية والحروب ضد الإمبرياليات الأخرى. وقد شكلت الدولة الوطنية الإطار الأساسي الذي اعتمدته الإمبريالية في صراعها ضد الإمبرياليات الأخرى.
أما الآن وقد أصبحت الرأسمالية معولمة أكثر من السابق، فإن الدولة الوطنية أصبحت وعاءا ضيقا بالنسبة لكل إمبريالية على حدى. لذلك تطورت الدساتير لتقليص سلطات "ممثلي الشعب" (أي البرلمانات) وتفويضها للأجهزة التنفيذية ولإقامة أنظمة رئاسية يتمتع فيها الرئيس بسلطات واسعة. كما أصبحت العديد من الصلاحيات في ميادين أساسية وحيوية من اختصاص هيآت فوق وطنية (الشركات المتعددة الاستيطان، الأسواق المالية، الاتحاد الأوربي...).
إن هذا الواقع (أي تراجع الديمقراطية في دول المركز الرأسمالي) يتزامن مع تراجعات كبيرة على المستوى الاجتماعي مست أجزاء من الطبقة العاملة بل حتى فئات معتبرة من الطبقات الوسطى بسبب تطبيق السياسات الليبرالية المتوحشة.
إن هذه التراجعات على المستوى السياسي والاقتصادي – الاجتماعي أدت إلى بروز ظواهر سلبية عوض أن تؤدي إلى تقوية الحركات التي تربط بين هذه التراجعات وهيمنة الشركات المتعددة الاستيطان على الشعوب وخيراتها ومصائرها: هكذا تقوت الحركات الفاشية واليمينية المتطرفة في الدول الرأسمالية المتطورة (الجبهة الوطنية في فرنسا، الفاشية في النمسا وهولندا... المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية...). كما أدت إلى ابتعاد أغلب المواطنين عن السياسة وعدم مشاركتهم في الانتخابات. إن أسباب هذه الوضعية هي التالية:
. عدم بروز بديل واضح ومعقول بعد انهيار المعسكر الشرقي وفقدان الاشتراكية لإشعاعها.
. قوة الآلة الدعائية الإمبريالية وقدرتها على استقطاب "المثقفين" والنخب ومحاولة تأبيدها للوضع الراهن عبر تكريسها بأن لا بديل عن العولمة الرأسمالية المتوحشة.
. قدرة الإمبريالية، رغم التراجعات الاجتماعية التي شهدتها العشرون سنة الماضية، على توفير شروط العيش ل 80% من شعوبها بفضل النهب الذي تمارسه على خيرات العالم والاستغلال المكثف للطبقات العاملة في دول المحيط و تطوير الإنتاجية بفضل استعمال نتائج العلوم.
إن هذا الواقع هو الذي يوفر القاعدة ا لاجتماعية للاستقرار النسبي للديمقراطية السياسية في الدول الإمبريالية.
أما في المغرب، فإن شروط إقامة ديمقراطية سياسية مستقرة نسبيا غير متوفرة، ذلك أن النظام الاقتصادي السائد لا يوفر العيش الكريم ل 80% من السكان. بل إن الطبقات السائدة في أغلبيتها الساحقة ذات طبيعة ريعية طفيلية وتبعية للإمبريالية تمارس الاستغلال المكثف للطبقة العاملة وتساهم في نهب خيرات البلاد، لذلك فإن هذه الطبقات التي تسبب البؤس والتهميش على الأغلبية الساحقة من شعبنا لا يمكنها إلا أن تمارس الاستبداد والاضطهاد وتزين ذلك بديمقراطية شكلية. كما أن الطبقات الوسطى عاجزة، كما أظهرت ذلك التجربة التاريخية لبلادنا وفي العالم، على قيادة النضال من أجل التحرر الوطني والبناء الديمقراطي نحو تحقيق مكتسبات راسخة، وذلك لموقعها على هامش علاقات الإنتاج السا ئ دة، مما يجعلها تتذبذب بين قطب الطبقات الكادحة وقطب الطبقات السائدة، أما الآن ومع اختلال موازين القوى لصالح قطب الطبقات السائدة، ورغم التدهور الذي تعرفه أوضاع السواد الأعظم من الطبقات الوسطى، فإن ممثليها السياسيين المفترضين قد انحازوا إلى قطب الطبقات السائدة وقبلوا بالاستسلام للمخ ز ن وبديمقراطية شكلية ممسوخة.
2 – 2 – 2 – اختيارنا الديمقراطي:
إن ما سبق يبين أن تحقيق الديمقراطية السياسية يتطلب التدخل الحاسم للطبقات الكادحة وقيادتها للنضال من أجل البناء الديمقراطي، وأن المغرب بعيد عن أن يكون في مرحلة انتقال نحو الديمقراطية.
إن المرحلة الراهنة من نضالنا تتمثل في لف الطبقات والفئات الشعبية التي لها مصلحة في الديمقراطية السياسية تحت قيادة الطبقات الكادحة. إن النضال من أجل الديمقراطية السياسية هو في العمق نضال ضد الطبقات السائدة ونظامها السياسي فهناك علاقة جدلية بين التقدم في وضع أسس الديمقراطية السياسية عبر تفكيك النظام المخزني، وبين تقويض الأسس المادية للطبقات السائدة. إن قيادة الطبقات الكادحة للنضال من أجل الديمقراطية السياسية هو الضمانة القوية لذلك الربط وكذا لتوفير شروط تحقيق الديمقراطية في أبعادها الأخرى (الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية).
إن هدفنا هو بناء الاشتراكية التي تعبر عن مصالح الأغلبية الساحقة من شعبنا والتي تعني القضاء على الاستغلال والاضطهاد وتحقيق الديمقراطية في أبعادها الشمولية ( السياسة، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والجهوية). إن الاشتراكية لا يمكن أن تقام إلا بالوسائل الديمقراطية لأنها تتطلب اقتناع كل الجماهير الشعبية بها ولن تحقق بواسطة طليعة ثورية فقط. لذلك فإننا لا يمكن أن نعزل الأهداف والتي هي تحقيق الديمقراطية في أبعادها الشمولية عن الوسائل الديمقراطية.
إن اختيارنا الديمقراطي لا يعني أبدا القبول بالديمقراطية الشكلية الحالية بل يعني أولا استعمال كل الوسائل الديمقراطية لفضح هذه "الديمقراطية" المزعومة باعتبارها تكريسا لهيمنة الطبقات السائدة والمخزن وتوضيح أن الدستور الحالي يجعل السلطة الحقيقية غير قابلة للتداول. وبالتالي فإن الاعتقاد بأن التغيير الديمقراطي سيتم بواسطة المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة مسألة خاطئة. لذلك فإننا نجعل من أولى أولوياتنا النضال من أجل إقامة نظام ديمقراطي يرتكز إلى دستور ديمقراطي بلورة ومضمونا وتصديقا وعلى انتخابات حرة ونزيهة على أساسه وإلى توفير مناخ ديمقراطي عبر إضعاف البينة المخزنية وعزل المافيا المخزنية (عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية، إخضاع الأجهزة الأمنية السرية للمراقبة الديمقراطية، جهاز قضاء مبني على أسس الاستقلالية والكفاءة والنزا ه ة...).
* حول التوافقات:
كما أن اختيارنا الديمقراطي يعني الابتعاد عن "التوافقات" التي تكرس هيمنة المخزن والتي عادة ما تكون سرية على الشعب وغامضة، وذلك للأسباب التالية:
أولا: إن التوافقات بين قوى متناقضة المصالح تغطي في الغالب تنازل أو استسلام إحدى القوى للأخرى أي الطرف الضعيف للطرف القوي. فهي إذن تنشر الوهم داخل الجماهير حول إمكانية أن يكون للطبقات الشعبية والطبقات السائدة نفس المصالح وتؤدي إلى فك تعبئة الجماهير الشعبية وتوفر للطبقات السائدة والمخزن أحسن الشروط لإحكام القبضة على البلاد والعباد.
إن العلاقة بين القوى المتناقضة المصالح في المجتمع هي الصراع وليس التوافق لذلك فإن استراتيجية التوافق تطمس الصراع الطبقي وتزيل الحدود بين جبهة الطبقات الشعبية وجبهة الطبقات السائدة. أما التوافق فهو بالضرورة ظرفي ويمكن القبول به إذا تضمن تنازلات واضحة من طرف النظام لصالح التقدم على طريق تحقيق الديمقراطية السياسية. كما أن التوافق لا يعني توقيف النضال من أجل انتزاع المزيد من المكتسبات، إنه يعني توفير شروط جديدة وأحسن من السابق بالنسبة للطبقات الشعبية لخوض النضال الديمقراطي. أما إذا كان التوافق يهدف ، مقابل تقديم تنازلات شكلية من طرف النظام، إلى توقيف النضال وإجهاضه، فإنه يجب أن يكون مرفوضا.
إن التجربة التاريخية لشعبنا غنية في هذا المجال فما ينظر له الآن كتوافق بين المخزن و"الحركة الوطنية" ما هو إلا استسلام هذه الأخيرة للمخزن وقبولها بشروطه كاملة مق اب ل إدماج قياداتها في نخبة المخزن.
إن "الحركة الوطنية" والشعب المغربي قد أديا ثمنا غاليا للتوافقات الغامضة والسرية التي عقدتها "الحركة الوطنية" مع المخزن. فخلال الكفاح من أجل الاستقلال أدى تحالف "الحركة الوطنية" مع المخزن إلى إجهاض معركة التحرير واسترجاع الإمبريالية الفرنسية وحلفائها المحليين لهيمنتهما على البلاد عبر تصفية المقاومة المسلحة وجيش التحرير.
ورغم انتقاد الشهيد المهدي بن بركة لهذه الاستراتيجية في تقريره "الاختيار الثوري" سيستمر الصراع والتعايش داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بين خط المواجهة مع المخزن وخط التوافق معه، وذلك بسبب الغموض الإيديولوجي لهذا الحزب وطبيعته الطبقية البرجوازية الصغرى. ولن يستطيع خط التوافق بل التنازل للمخزن السيطرة داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلا في الثمانينات، بعد انغماس قيادة الحزب في قضية الصحراء والقمع الشرس للقوى الجذرية (حركة 3 مارس 1973 والحركة الماركسية اللينينية المغربية) ولفظ التوجه المتشبت بتوجهات الحزب الجذرية.هكذا ورغم التناقضات التي حملها تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سيسود خط الاندماج في المؤسسات المخزنية تحت شعارات المشاركة في "المسلسل الديمقراطي" والتغيير من الداخل وستستمر سيرورة الانبطاح وصولا إلى القبول بدستور 1996 و"التناوب" المخزني وما تلاه.
ثانيا: إن استراتيجية "التوافق" ارتكزت دائما على تهميش الشعب واحتقاره وتوظيفه كقوة ضغط فقط. فهي إذن تصب في طاحونة المخزن والطبقات السائدة التي تسعى إلى أن يب ت عد الشعب عن السياسة ويكرس العزوف عن المشاركة في الانتخابات ويفقد العمل السياسي المصداقية وتفقد الأحزاب السياسية علاقتها با لجماهير الشعبية.
إن "التوافق" يتم عا د ة بشكل سري بين النظام وقادة الأحزاب فهذه ا ل علاقة ترسخ إذن علاقة لا ديمقراطية بين القادة الذين يتفاوض معهم المخزن وبين القواعد، بل لقد شهدنا في قضية "التناوب" كيف تم تهميش المكاتب السياسية للأحزاب من طرف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي والأمين العام لحزب الاستقلال.
ث الثا: إن التنظير لسياسة "التوافق" من طرف القوى الاجتماعية – الديمقراطية خاطئ تماما، فحسب هذا التنظير تتعايش الآن (بعد أن تصارعت لعقود) في المغرب مشروعيتان: مشروعية النظام ومشروعية "الحركة الوطنية. وهاتان المشروعيتان تعترف كل واحدة منهما بالأخرى وتحترمها. إننا لا نعتبر أن هناك مشروعية تنبع من الشعب حاليا في بلادنا لأن شعبنا قد حرم من حقه في تقرير مصيره، فالمشروعية ليست صفة لصيقة إلى الأبد بقوة ما، كما أن النظام لا يع ت رف بغير مشروعيته هو.
وعلى عكس هذه الأوهام والتنظيرات الكاذبة والخاطئة، فإن النهج الديمقراطي يعتبر أن التغيير سيتم ليس بالمراهنة على توافقات خادعة ولا على قائد عادل ومتنور ولا على نخبة ملهمة، بل أساسا بفضل نضال الشعب المغربي، وفي مقدمته الطبقة العاملة و ع موم الكادحين الذين في مصلحتهم أكثر من أية قوة أو مجموعة أو طبقة أخرى تحقيق الديمقراطية السياسية وصولا إلى الديمقراطية الشمولية. أما إذا فرضت طبيعة ميزان القوى على الحركة الديمقراطية القيام بتوافق ما فلا ب د أن يتم ذلك بشفافية تامة مع المناضلين وأن يحسم فيه بشكل ديمقراطي وأن تكون بنوده واضحة ومعروفة من طرف الجميع وأن يشكل تقدما ملموسا على طريق تحقيق الديمقراطية السياسية وان لا يشكل ع ر قلة أمام استمرار وتطور نضال الشعب المغربي من أجل مطالبه الديمقراطية. لذلك فإن المرحلة الراهنة هي مرحلة تعميق وتجذير النضال الديمقراطي وتوسيعه ليشمل كل المجالات والسعي إلى أن تنخرط فيه كل الطبقات الشعبية وطرح ضرورة تحقيق الديمقراطية السياسية بواسطة دستور ديمقراطي وعزل المافيا المخزنية وترسيخ دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية وربط هذا النضال من أجل الديمقراطية بالنضال ضد الرأسمالية المتوحشة وضد الإمبريالية ومن أجل التحرر الوطني والقومي والأممي، إن ذلك هو السبيل لتحقيق الانتصار في معركتنا ضد المخزن والطبقات السائدة.
* حول الانتخابات:
إن الانتخابات بصفتها آلية من المفروض أن يعبر بواسطتها الشعب عن اختياره وإرادته لابد أن تحظى منا بالاهتمام في إطار النضال الديمقراطي. فما هو موقفنا من الانتخابات؟
إننا، وخلافا لما يدعيه الخصوم والأعداء، ليس لنا موقفا عدائيا و "عدميا" من المشاركة في الانتخابات بشكل عام . إن موقفنا الحالي ينطلق من طبيعة الانتخابات التي عرفتها بلادنا ومن الإطار الذي تمر فيه (الدستور، التقطيع الانتخابي...). فلا يمكن لأي ديمقراطي حقيقي إلا أن يكون مع التعبير الحر والنزيه للشعب المغربي عن إرادته وعن حقه في تقرير مصيره، لكن إذا كانت الانتخابا ت تحريف لإرادة الشعب وتزوير لها وتكريس لهيمنة النظام واستبداده، فما يجب أن يكون موقفنا منها؟
إن ما نريد توضيحه هنا هو أن الموقف من الانتخابات لا يمكنه أن يكون ثابتا بمقاطعتها أو المشاركة فيها أو عدم المشاركة فيها بشكل أوتوماتيكي وفي كل الظروف. بل بالعكس فلأن قضية الانتخابات قضية تكتيكية وليست استراتيجية، يجب أن يكون موقفنا منها منطلقا من الظروف والملابسات ودراستها بعمق، فالبلاشفة مثلا قاطعوا الانتخابات في فترة ما وشاركوا فيها في فترة أخرى.
إن موقف المشاركة في الانتخابات لا يتحدد ، بالأساس، بطبيعة النظام القائم و "ديمقراطيته" ودستوره ومؤسساته. فقد ساهم البلاشفة مثلا في برلمانات ترتكز إلى دساتير لا ديمقراطية وفي ظل النظام القيصري الأوتوقراطي.
كما أن موقف المشاركة في الانتخابات لا يتحدد من كون الانتخابات ستكون مزورة، إلى هذا الحد أو ذلك، لأن النضال ضد تزوير إرادة الشعب ج زء من النضال من أجل الديمقراطية ويساهم في فضح طبيعة النظام والطبقات السائدة وبالتالي في الرفع من وعي الجماهير الشعبية.
وفي اعتقادنا فإن الموقف من الانتخابات يتحدد بالجواب على السؤال التالي: في ظرف معين، هل المشاركة أو عدم المشاركة أو المقاطعة ست ق دم مهمة تطوير الصراع الطبقي وت وعية الجماهير؟
إن الشعب المغربي يتوفر على تجربة أربعين سنة من الانتخابات التي كانت مزورة و استفاد منها النظام لتقوية أركانه والطبقات السائدة لبسط سيطرتها على خيرات البلاد. بل استطاع النظام أن يستقطب جزءا من القوى الديمقراطية بواسطة مؤسساته التمثيلية المزورة، هذه التجربة المريرة أدت إلى عزوف المواطنين عن التصويت.
إن إمكانية الاستفادة من الانتخابات متوفرة لكن محدودة جدا، محدودة لأن النظام يتحكم في الإعلام السمعي البصري، محدودة لأن السلطة الحقيقية غير قابلة للتداول دستوريا، لذلك فإننا نضع على رأس أولوياتنا مسألة الدستور الديمقراطي ومسألة دمقرطة الدولة.
لكن الأخطر بالنسبة لنا في المغرب هو عدم قدرة القوى الديمقراطية على الاستفادة من الانتخابات لضعفها وضعف ارتباطها بالجماهير الشعبية. فالمهمة الأساسية التي يجب السعي إلى إنجازها هي الارتباط بالجماهير الشعبية لتوفير شروط بناء قوة ديمقراطية جذرية قادرة على الدفاع باستماتة على المطالب الديمقراطية.
فإشكالية المشاركة أو المقاطعة للانتخابات تطرح، في الواقع، إشكالية غياب قوة ديمقراطية جذرية متجذرة نسبيا وسط الجماهير الشعبية. في ظل هذا الوضع تؤدي مشاركة الديمقراطيين في الانتخابات والمؤسسات إلى اندماجهم التدريجي في البنيات المخزنية. وفي المقابل تظل مقاطعة الانتخابات بدون تأثير جدي وبدون فعالية سياسية واضحة. فهل سيساعد خوض غمار الانتخابات (إما عبر المشاركة فيها أو مقاطعتها) على ضرب العزلة الجماهيرية وتقوية التوجهات الديمقراطية الجذرية؟
إننا لا نعتقد ذلك لأن علاقة قوة معزولة مع الجماهير خلال الحملة الانتخابية محدودة زمنيا وهي علاقة فوقية ذات طابع مناسباتي ترسخ عزوف الجماهير عن المشاركة في الانتخابات بل عن الاهتمام بالسياسة. أما إذا جاءت العلاقة مع الجماهير خلال الحملة الانتخابية في إطار سيرورة من التواجد اليومي معها في مشاكلها وهمومها ونضالاتها، فإنها ستكون إيجابية وستساهم في توعية الجماهير بطبيعة أعدائها الطبقيين.
فهل سيساعد التواجد في المؤسسات التمثيلية المزعومة على بناء هذه القوة الديمقراطية الجذرية؟
من الناحية النظرية: إن العلاقة مع الجماهير الشعبية التي يوفرها التواجد في المؤسسات "الديمقراطية" المزعومة هي :
- الدعاية للبرنامج الديمقراطي والصراع ضد المخزن.
- التواجد مع الجماهير ومعرفة واقعها ومطالبها.
فهل توفر المؤسسات "الديمقراطية"، من الناحية العملية، إمكانية القيام بذلك؟
إن إمكانية خوض الصراع ضد النظام والرجعية والتعريف على صعيد واسع بالبرنامج الديمقراطي الجذري غير متوفرة لأن الإعلام، وخاصة السمعي – البصري، في يد النظام والرجعية وحلفائهما ولأن البرجوازية قد قننت عمل البرلمان إلى حد أنه أصبح، حتى في البلدان الغربية، يلعب دور غرفة تسجيل أكثر منه حلبة صراع.
كما أن إمكانية تطوير العمل عن قرب مع المواطنين عبر التواجد في الجماعات المحلية بالنسبة لقوة معزولة عن الجماهير شبه مستحيلة. بل قد تتسبب وضعية العجز عن تلبية المطالب البسيطة للمواطنين بسبب ضعف الميزانية والنهب ومراقبة وزارة الداخلية وعدم القدرة على تفسير هذا الواقع للمواطنين بسبب ضعف الارتباط بهم، في تحميل الجماهير للمناضلين المتواجدين في هذه الجماعات مسؤولية استمرار تدهور أوضاعها. أما إذا كانت القوة الديمقراطية متجذرة إلى حد ما وسط الشعب، فإن إمكانية الاستفادة من التواجد في المؤسسات، وخاصة الجماعات المحلية، متوفرة وقد تساعد على التجذر أكثر.
وخلاصة القول، أن قوة ديمقراطية جذرية لها تواجد لا بأس به وسط الجماهير الشعبية قادرة على الاستفادة من الانتخابات، إما عبر الدعوة للمشاركة فيها أو عدم المشاركة أو مقاطعتها حسب الظروف، وذلك لصالح تطوير نضال الشعب المغربي. إن هذه القوة ستحدد الموقف السديد من الانتخابات على ضوء الواقع الموضوعي وسيكون لموقفها ذاك وقعه على الساحة السياسية وعلى الصراع الطبقي. لذلك فبقدر ما نتقدم في بناء هذه القوة الديمقراطية الجذرية كتعبير عن جبهة الطبقات الشعبية، بقدر ما سنكون قادرين على التعامل مع الانتخابات بالشكل الذي يخدم مصلحة شعبنا في الانعتاق من الاستبداد والقهر.
3 – المساهمة في بناء جبهة الطبقات الشعبية:
إن بناء جبهة الطاقات الشعبية ضرورة لتدقيق الهدف الاستراتيجي للمرحلة الراهنة المتمثل في حل التناقض الرئيسي بين الطبقات السائدة والإمبريالية من جهة والطبقات الشعبية من جهة ثانية.
إن هذا البناء لن يتقدم بشكل حاسم إلا إذا عرفت سيرورة بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين، قفزة نوعية نحو الأمام، غير أن ذلك لا يعني انتظار هذه القفزة النوعية بدون القيام بالمجهودات الضرورية والمثابرة من أجل الدفع بسيرورة بناء جبهة الطبقات الشعبية. ذلك أن أي تقدم في بناء هذه الجبهة من طرف القوى الاشتراكية والديمقراطية الحقيقية من شأنه أن يعطي دفعة هامة لسيرورة بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين.
إن التقدم في بناء جبهة الطبقات الشعبية يتطلب ما يلي:
- تحديد برنامج نضالي يستجيب لمطالب الطبقات الشعبية الآنية ويبلور بشكل ملموس الشعار المركزي المطروح.
- تحديد أدوات وآليات الجبهة.
3 –1 – برنامج النضال في الفترة الحالية:
إن البرنامج الذي نطرحه يستهدف الاستجابة للمطالب الديمقراطية للشعب المغربي ويراعي موازين القوى والاستعدادات النضالية للجماهير الشعبية، وهو مطروح للنقاش والتعديل والإغناء من طرف القوى التي ستلتف حوله.
1 – النضال من أجل بناء نظام ديمقراطي:
1 – 1 – على المستوى السياسي:
1 – 1 – 1 – النضال من أجل القضاء على الطابع المخزني للدولة وذلك عبر:
- النضال من أجل إقرار دستور ديمقراطي على مستوى بلورته ومضمونه والتصديق عليه.
- النضال من أجل عدم الإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية.
- النضال من أجل الكشف عن حقائق الاختطاف وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين والمختطفين وإعطاء رفاة المتوفين منهم لذويهم وتعويض ذوي الحقوق.
- فضح تدخل وزارة الداخلية في مختلف مناحي الحياة والمطالبة برفع يدها عن باقي الوزارات والمرافق العمومية.
- فضح لوبيات الفساد في الإدارة المدنية والعسكرية والمطالبة بالحد من سلطات العمال والولاة وخضوعهم للحكومة ورفع تحكمهم في الهيآت المنتخبة.
- فصل الدين عن الدولة والتنصيص دستوريا على حرية الاعتقاد والتفكير.
- فضح عدم استقلالية القضاء وارتشائه.
1 - 1 – 2 - الدفاع عن الحريات الديمقراطية:
- مناهضة قانون مكافحة الإرهاب والنضال من أجل إلغائه.
- النضال من أجل تغيير قانون الحريات العامة والصحافة في اتجاه ملاءمتهما مع الشرعية الدولية لحقوق الإنسان.
- النضال من أجل الحق في التنظيم والتعبير والتظاهر وفضح كل أشكال قمع هذه الحقوق.
1 – 1 –3 - الدفاع عن المطالب الديمقراطية للنساء وذلك ب:
- النضال من أجل قانون أسرة ديمقراطي عصري ووضعي.
- رفع تحفظات الدولة على اتفاقية كوبنهاجن والمصادقة على كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمرأة.
1 – 1 – 4 - الدفاع عن المطالب الديمقراطية للحركة الأمازيغية:
- الاعتراف بالهوية الأمازيغية كمكون من مكونات الهوية المغربية.
- دسترة الامازيغية ثقافة ولغة رسمية واعتمادها الى جانب العربية في التعليم والادارة والاعلام ومختلف مناحي الحياة العامة.
- تدريس اللغة الأمازيغية بطرق بيداغوجية عصرية ناجعة تهدف إلى إحياء هذه اللغة وإلى النهوض بالمجتمع لمحو الأمية والجهل والفقر.
- إعطاء صفة "المنفعة العامة" للجمعيات النشيطة في حقل المسألة الأمازيغية والتي تناضل من أجل تقدم وازدهار المغرب حتى يتم محاصرة القوى الشوفينية والعرقية.
1 – 2 - على المستوى الاقتصادي:
- بناء اقتصاد وطني متحرر من الهيمنة الإمبريالية منتج للخيرات الموجهة لتلبية الحاجات الأساسية للشعب المغربي ولصالح تقدم البلاد ورفاهية شعبنا.
- فضح شروط وتوجهات المؤسسات المالية المفروضة على المغرب، وإلغاء الدين الخارجي ومواجهة كل الاتفاقيات التي تكرس تبعية اقتصاد بلادنا للدوائر الامبريالية، وخاصة اتفاق التبادل الحر مع الولايات المتحدة الامريكية.
- سن سياسة ديمقراطية للمسألة الزراعية:
. إعادة النظر في ملكية الأراضي (فلاحية أو رعوية).
. تطبيق مبدأ الأرض لمن يحرثها.
. البحث عن الحلول الناجعة للماء وسن سياسة علمية لاستغلال المياه السطحية والجوفية.
. خدمة الزراعة والفلاحة للأمن الغذائي إعادة النظر في الزراعة الموجهة للتصدير ومطابقتها مع ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي في المغرب.
. تطبيق قوانين الجبايات الضريبية على كبار الملاكين ومحاربة تهربهم الضريبي.
. توجيه القرض الفلاحي لخدمة الفلاحين الفقراء والمتوسطين ولتطوير البنيات الأساسية في البادية والغاء ديون الفلاحين الفقراء والصغار في المناطق الجبلية والمناطق البورية الغير جيدة (Bour défavorable) .
- استرجاع أراضي الدولة المفوتة في إطار عمليات الخوصصة.
- مواجهة الخوصصة والنضال من اجل استرجاع ممتلكات الدولة المفوتة للخواص على الأقل في القطاعات الاستراتيجية (الماء، الطاقة، المواصلات...).
- تكسير الاحتكارات الخاصة والمفوتة لكبار البرجوازيين الكمبرادوريين (السكر، الزيت، الحليب، الخميرة، صناعة الخشب...).
- النضال من أجل استفادة شعبنا من خيراته السمكية وتطويرها وصيانتها، وذلك بمراجعة كل الاتفاقيات مع الدول الأجنبية والرخص التي منحت لكبار المسؤولين وتشجيع تعاونيات الصيادين وتحفيز الاستهلاك الشعبي.
1 – 3 - على المستوى الاجتماعي والثقافي:
- تحسين الأجور والرفع من الحد الأدنى للأجور ومساواة الحد الأدنى في الأجور الفلاحية مع الحد الأدنى في الصناعة والخدمات وتعميمه على النساء بما في ذلك العاملات في البادية وتطبيق السلم المتحرك للأجور والأثمان.
- مناهضة مدونة الشغل الحالية والنضال من أجل تغييرها في اتجاه ملاءمتها مع المواثيق الدولية.
- إعادة النظر في السلم الإداري وما يترتب عنه من فوارق هائلة في الرواتب داخل جهاز الدولة والقطاع العام.
- محاربة الرشوة والزبونية في التوظيفات.
- النضال من أجل تعميم ومجانية التعليم وتكريس مضمونه العلمي والديمقراطي والتقدمي.
- تحمل الدولة لمسؤوليتها لتوفير نفس الحظوظ للمعاقين.
- محاربة السكن الغير اللائق وتشجيع المواطنين على اقتناء منازل بأثمنة مناسبة، وذلك عبر محاربة المضاربات العقارية ومنح قروض بفوائد ضئيلة.
- توفير البنيات الأساسية (طرق، ماء شروب، ماء الري، كهرباء) والبنيات السوسيو- ثقافية (مدارس، مستشفيات، ميادين رياضية، دور شباب...) وتنمية الاقتصاد في البادية (صناعات غذائية وغيرها).
- محو الأمية ونشر الثقافة العلمية وتعميم نتائج التطورات التقنية.
- النضال من أجل إعلام عمومي خاصة منه السمعي – البصري كفء نزيه ومستقل.
1 - 4 – على المستوى الجهوي:
إن مسألة الجهات لا زالت من احتكار المقاربة المخزنية ولعل الحكم كان الأسبق في طرح تصوره لهذه المسألة وهو تصور بطبيعة الحال يدخل ضمن استراتيجية معالجة أزماته بعيدا عن التناول الصحيح الهادف إلى خدمة مصالح الجماهير الكادحة في كل جهة.
لذا يتوجب علينا الاهتمام بالمسألة انسجاما مع برامجنا ورؤيتنا لتطور الصراع الطبقي ببلادنا.
إن مفهومنا للجهة يجب أن يكون محكوما بتصور علمي ورؤية تاريخية واجتماعية لتطور التشكيلة الاجتماعية بالمغرب.
الجهة تتميز بخصوصيات تعطيها عوامل الانسجام وتجعل منها كيانا قابلا للتطور وفرز دينامية التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ثم تجعل منها إطارا منفتحا على بناء وحدة تكاملية مع باقي الجهات الأخرى في إطار مغرب موحد ديمقراطي.
وفي هذا الصدد يمكن تعداد ثلاث جهات ذات شخصية متميزة وهي: الريف، زيان وسوس وعلى هذا الأساس يمكن القيام بتقسيم جغرافي يراعي توفير شروط التطور الاقتصادي والاجتماعي يسمح بتمتيع كل جهة بأقصى حد ممكن من التسيير الذاتي على المستويات الاقتصادية والسياسية الثقافية.
1 – 5 - على المستوى القومي والأممي:
- على مستوى منطقة المغرب الكبير:
. دعم نضالات الشعوب من أجل الديمقراطية والتحرر من هيمنة الرجعية والإمبريالية.
. دعم مسار وحدة شعوب المنطقة من أجل توفير شروط بناء المجتمع الاشتراكي.
. دعم حل قضية الصحراء في إطار وحدة الشعوب المغاربية عبر تطبيق تقرير مصير سكان الصحراء.
- على مستوى العالم العربي:
. دعم نضالات شعوب العالم العربي ضد الرجعية والإمبريالية والصهيونية.
. دعم نضال الشعب الفلسطيني عبر بناء أو تفعيل لجان دعم للانتفاضة ومقاومة التطبيع مع الصهيونية محليا وقوميا.
. مساندة القوى الديمقراطية المناضلة وربط علاقات نضالية معها.
- على المستوى الأممي:
. دعم نضالات الطبقة العاملة والحركات الاجتماعية في الدول الإمبريالية.
. دعم نضالات حركات مناهضة الإمبريالية والعولمة عبر تبادل الآراء والتحاليل وحضور مهرجاناتها.
. المساهمة في بناء جبهة عالمية مناهضة للإمبريالية الأمريكية.
. دعم ومساندة نضالات الشعوب وحركات التحرير العالمية.
3 – 2 – آليات وأساليب بناء جبهة الطبقات الشعبية:
إن بناء جبهة الطبقات الشعبية يتطلب:
- النضال الفكري والسياسي من أجل توفير شروط قيادة هذه الجبهة من طرف الطبقات الكادحة عبر المساهمة بكل قوة في بناء التنظيم السياسي المستقل للطبقة العاملة وعموم الكادحين، والعمل بمثابرة على فك الارتباط بين الطبقات السائدة والطبقات الوسطى عبر توضيح أن مصلحة هذه الأخيرة هي في التحالف مع الطبقات الكادحة وأن التردي الذي تعرفه أوضاع الطبقات الوسطى هو، إلى حد كبير، ناتج عن استطاعة النظام جر القوى الممثلة لهذه الطبقات إلى صفه علاوة على كون السياسات الليبرالية المتوحشة تؤدي الى تدهور أوضاع الطبقات الكادحة والوسطى في نفس الآن.
صحيح أن الطبقات الوسطى مستعدة أكثر لمواجهة آثار العولمة الرأسمالية المتوحشة منه إلى النضال ضد الرأسمالية في حد ذاتها، لكن قيادة هذا النضال، رغم محدوديته لأنه لا يهدد النظام الرأسمالي بقدر ما أنه يريد إصلاحه ومحاولة تقويض الجوانب أكثر بشاعة في الرأسمالية، من طرف الطبقة العاملة وعموم الكادحين سيمكن مستقبلا من تجاوز حدود هذا البرنامج الإصلاحي.
- إن بناء الجبهة سيرورة نضالية وتنظيمية: فهي ستكون ثمرة لمبادرات سياسية ونضالات مشتركة كثيرة ومتنوعة واستثمارا لكل إمكانيات التقارب وترسيخا لثقافة النضال المشترك ولروح التنافس الديمقراطي ولعلاقات التعاون والتآزر وللالتزام بالتعاقدات.
لكن الجبهة ليست مجرد اتفاق عام على شعار وبرنامج وميثاق شرف وتنسيق للجهود، بل لابد أن تتخذ شكلا تنظيميا أي إطارا تتمثل فيه القوى المتحالفة التي تحافظ على ذواتها، لكي تشكل قيادات مشتركة وطنيا ومحليا وقطاعيا تمثل القيادة الطبقية والسياسية البديلة.
إن تجمع اليسار الديمقراطي ولكونه يجمع القوى السياسية الديمقراطية الرافضة للديمقراطية الشكلية السائدة وللرأسمالية المتوحشة وللهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم يمكن أن يشكل لبنة هذه الجبهة شريطة أن يتوجه إلى الارتباط بالطاقات الشعبية وتنظيمها وقيادة نضالاتها.
#النهج_الديمقراطي_العمالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان حول وضعية الجماهير الشعبية بالدارالبيضاء
-
ورقة حول البنية السياسية والاجتماعية للنظام القائم بالمغرب
-
بيان اللجنة الوطنية للنهج الديمقراطي ل 9 أبريل 2006
-
لقاء مفتوح بين اللجنة المحلية للنهج الديموقراطي بالعراش والي
...
-
بيان النهج الديمقراطي ل 8 مارس2006
-
بيان اللجنة الوطنية ل 12 فبراير 2006
-
عائلة المختطف عمرالوسولي: إدانتنا و رفضنا التام للنتائج التي
...
-
كفى! من القمع الوحشي ضد الحركات الاجتماعية بالمنطقة
-
بشأن دعوتنا للمساهمة في أشغال الاجتماع المزمع عقده حول موضوع
...
-
بيان المجلس الوطني
-
اللجنة المحلية للنهج الديمقراطي بالجديدة تدين قرار محكمة الا
...
-
ورقة حول الدستور
-
بيان تضامني مع نزلاء الخيرية الإسلامية بالمحمدية
-
بلاغ الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي
-
بيان النهج الديمقراطي -المغرب- بمناسبة فاتح ماي 2005
-
النهج الديمقراطي بالمغرب يخلد اليوم العالمي للمرأة تحت شعار
...
-
بيان الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي-المغرب بمناسبة 8 مارس
...
-
بيان اللجنة الوطنية للنهج الديمقراطي تدين القمع المسلط على ا
...
-
بيـــــــــــــــــان
-
تقرير عن المعارك النضالية بموقع القنيطرة – جامعة ابن طفيل
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|