|
|
علم العلم -الفصل الثامن- المنهج الوصفي
منذر خدام
الحوار المتمدن-العدد: 8571 - 2025 / 12 / 29 - 07:45
المحور:
قضايا ثقافية
1- تعريف المنهج الوصفي. وصف الشيء: حلاّه، الوصف: الحلية، والنعت144]. يشكل المعنى اللغوي لكلمة "وصف" أساساً متيناً لاشتقاق المعنى الاصطلاحي الذي يعني وصف الشيء بما هو عليه في وجوده الحقيقي، والتعبير عنه باللغة أو بالأرقام. استناداً إلى الدلالة الاصطلاحية لكلمة "وصف " فإنه يمكن تعريف المنهج الوصفي بأنه" وصف ما هو كائن". والوصف يمكن أن يأخذ شكلاً كمياً أو نوعياً. ففي صورته الكمية يعني جمع البيانات الرقمية عن موضوع البحث، أما في صورته النوعية فهو يعني وصف موضوع البحث باستخدام الأدوات اللغوية. لكن المنهج الوصفي لا يقف عند حدود وصف الموضوع المبحوث، ليجمع المعلومات عنه بل يتجاوزه إلى مرحلة تفسير هذه المعلومات والكشف عن الروابط والعلاقات القائمة بين الوقائع. وفي تعريف أخر للمنهج الوصفي نقرأ: المنهج الوصفي هو " أسلوب في التحليل، يعتمد على المعلومات الكافية والدقيقة عن الظاهرة، أو الموضوع المدروس والتي تعود لفترة، أو فترات زمنية معلومة من أجل الحصول على نتائج عملية يمكن تفسيرها بطريقة موضوعية بما ينسجم مع المعطيات الفعلية للظاهرة"[145] . في التعريف السابق يجري التركيز على التحليل، فالمنهج الوصفي هو "أسلوب في التحليل" وليس عملية وصف الكائن وجمع البيانات، والمعلومات عنه. إضافة إلى ذلك فهو يحدد الفترة الزمنية التي يتم وصف الظاهرة خلالها 144-لسان العرب لابن منظور، مادة: وصف، ص449 145-عبيدات وعبد الحق وعدس، 1982، ص176 وهذا إجراء ضروري للعمل البحثي العلمي، بل ينبغي تحديد المكان أيضاً. فمواضيع البحث العلمي مشروطة بالزمان والمكان دائماً، وينطبق ذلك على ما يتم اكتشافه من حقائق علمية باعتبارها حقائق تاريخية. يعرف المنهج الوصفي أيضا بأنه " طريقة لوصف الموضوع الذي سوف تجري دراسته باستخدام منهجية علمية صحيحة، وعرض النتائج التي يتم التوصل إليها في أشكال رقمية معبرة يمكن تفسيرها"[146]. يضيف هذا التعريف إلى التعريفين السابقين عرض النتائج في "أرقام معبرة يمكن تفسيرها". التعريف الأخير يركز على جانب واحد من المنهج الوصفي ويحصر استخدامه في المجالات التي تقبل التكميم وهو بذلك يضيق كثيراً من نطاق استخدامه. فمن المعلوم إن المنهج الوصفي واسع الاستخدام في مجال علوم اللغة واللسانيات والعلوم الاجتماعية بصورة عامة، وهي مجالات تقبل الوصف النوعي وليس الكمي. وحسب أمين الساعاتي فإن المنهج الوصفي يستخدم في دراسة الظواهر كما توجد في الواقع، والتركيز على وصفها وصفاً دقيقاً من الناحية الكيفية والكمية. في جانب الوصف الكيفي فهو يركز على الخصائص النوعية للظاهرة، أما من الجانب الوصفي الكمي فهو يركز على الخصائص، التي يمكن التعبير عنها بالأرقام، مثل مقدار الظاهرة أو حجمها، ثقلها النسبي، درجة ارتباطها بالظواهر الأخرى.[147] بين الوصف والتحليل يراوح المعنى الاصطلاحي للمنهج الوصفي، وفي الواقع فهو يجمع بين الطرفين. من جهة يبدأ الباحث بوصف الظاهرة التي يقوم بدراستها فيجمع المعطيات الكيفية والرقمية عنها والتي سوف يستخدمها، في خطوة لاحقة، في تحليل الظاهرة والتعبير عن النتائج التي يتوصل إليها بواسطة المؤشرات. ــــــــــــــــــــــــــــــــ 146- عريفج وحسين ونجيب،1987، ص 131-132. 147- https://www.bmhh.med.sa تاريخ الدخول إلى المسار 12/12/2009 2- خطوات تطبيق المنهج الوصفي. يمر التفكير العلمي بالمنهج الوصفي في سياق عملية تشخيص المشكلات العلمية وحلها بمراحل متراتبة منطقيا ومتفاعلة، يؤثر كل منها بغيرها. هذه المراحل هي الآتية: أ- مرحلة اكتشاف المشكلة أو الإحساس بها. تعد المشكلة انحراف عما هو مألوف، قد تبدأ بصورة متدرجة لكنها قد تظهر فجأة وبدون سابق إنذار، وقد تكون موجودة دون أن نحس بها. وبغض النظر عن كيفية ظهور وحدوث المشكلة يبدأ التفكير بحلها بمجرد الإحساس بها، ويأخذ التفكير في هذه المرحلة صيغة أسئلة مثلا: - كيف تم الإحساس بالمشكلة؟ - ما درجة هذا الإحساس؟ - ما هو حجم المشكلة وما هو نوعها؟ - أين حصلت المشكلة؟ - ما هي الارتباطات القائمة بينها وبين بيئتها؟ لا يطرح الإنسان، في العادة، على نفسه إلا الأسئلة التي يستطيع الإجابة عنها وهذا ينطبق على الإحساس بالمشكلات أيضاً. غير إن المخيال بطبيعته قادر على التخيل وافتراض المشكلات أو الأسئلة. ب- مرحلة التفريق بين الأسباب الحقيقية للمشكلة (جوهر المشكلة)، وبين أعراضها ومظاهرها. في هذه المرحلة من التفكير العلمي ينبغي وضع اليد على الأسباب الحقيقية للمشكلة وعزلها عما هو عرضي وغير جوهري. إن إيجاد الحلول للمشكلات العلمية لا يكون إلا بالوقوف على أسبابها الجوهرية لا على الأعراض والمظاهر. ومما هو أساسي في هذا المجال وصف الظاهرة بدقة وشمولية ودراسة تاريخها لمعرفة الأسباب الكامنة وراء وصولها إلى هذا المستوى والدرجة وتحديد الموقف منها بصورة تفصيلية. ت- في الخطوة الثالثة من خطوات التفكير العلمي الوصفي ينبغي جمع المعلومات المختلفة عن الظاهرة تمهيدا لتحليلها. في هذا المجال ينبغي الاعتماد على مصادر متعددة للمعلومات بحسب مقتضيات الحال. مثلا يمكن أن تفيد المصادر المكتبية مثل الوثائق والتقارير وغيرها في تقريب المشكلة، لكنها تبقى ناقصة وغير كافية نظراً لأنها تتعلق بمشكلات أخرى. لذلك لا غنى عن جمع المعطيات الميدانية عن المشكلة بواسطة الملاحظة المنهجية وغير المنهجية (المشاهدة العابرة، أو المعايشة، والمعاملة) أو بواسطة المقابلة أو الاستبانة. ث- في الخطوة الرابعة من عملية التفكير العلمي الوصفي يتم تشخيص المشكلة في ضوء المعلومات المتوفرة عنها. بصورة أدق ينبغي تحديد أسباب المشكلة وإعادة تدقيق وصفها لتحديد حجمها الفعلي والآثار المترتبة عليها والربط بين أسبابها وأعراضها والروابط القائمة بينها وبين بيئتها تمهيدا لوضع فرضيات الحل. ج- في الخطوة الخامسة يتم تحليل الأسباب الحقيقية للمشكلة ومعرفة درجة الارتباط بين الأسباب والمشكلة من ناحية الحجم أو الحدة أو الشكل الذي تظهر فيه، أو أثارها على وسطها وغير ذلك. من الأهمية بمكان في حال تعددت الأسباب والعوامل الكامنة وراء المشكلة عرضها في جدول خاص يبين بمحاذاة كل منها درجة الارتباط بالمشكلة وطبيعته وتفسيره المحتمل. ح- في الخطوة السادسة يتم اقتراح الحلول للمشكلة. من الأهمية بمكان أن تبنى الحلول المقترحة للمشكلات على الحقائق الثابتة خصوصا في مجال الدراسات الاجتماعية نظراً لتداخل الحقائق بالمشاعر ووجهات النظر. ينبغي التذكير بأن اقتراح الحلول يكون صائباً بقدر ما يكون تشخيص المشكلة دقيقاً، الأمر الذي يتطلب الربط بين المتغيرات المستقلة والمتغيرات التابعة بصورة دقيقة وصائبة، في ضوء التحليل الدقيق لهذه المتغيرات وتصنيفها والكشف عن الروابط القائمة بينها. إن الحلول التي يتم اقتراحها في هذه المرحلة تأخذ في العادة صيغة الفروض البحثية التي ينبغي التحقق منها لاحقاً. ولكي تكون هذه الفروض علمية ينبغي أولاً؛ أن تقبل التحق. وثانيا؛ أن تكون خالية من التناقض، وألا تتناقض مع حقائق ثابتة ومعروفة ومؤكدة. خ- في الخطوة السابعة يتم تقويم الحلول المقترحة والمفاضلة بينها تمهيدا لاختيار ما هو ملائم منها لطبيعة المشكلة. توجد عادة حلول عديدة لكل مشكلة ينبغي النظر فيها وترتيبها بحسب اقترابها من الوضعية المثالية للحل. وأن معيار المثالية هنا ليس واحداً فقد يكون الحل مثالياً من الناحية العلمية المعرفية لكنه قد يكون غير مثالي أو ضعيف المثالية من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية. في ضوء ذلك ينبغي أن تؤسس المفاضلة بين الحلول على الاعتبارات الآتية: 1- طبيعة الأهداف والمكاسب التي يحققها كل حل. 2- درجة المخاطرة التي ينطوي عليها كل حل. 3- المعامل الزمني للحل المقترح. أي سرعة استجابة الحل للمشكلة. إذ لكل حل مقترح زمن يستغرقه. 4- الآثار التي يتركها الحل في بيئته ومحيطه. 5- حجم الحوافز والعوائق أمام كل حل ومنها درجة قبوله من قبل المعنيين بتنفيذه. 6- مستوى التأمين المادي والفني المطلوب لتنفيذ كل حل. في نهاية هذه المرحلة من المفيد جداً إعداد جدول تفاضلي للحلول المقترحة في ضوء درجة استجابتها للعوامل السابقة الذكر. د- في الخطوة الثامنة يتم اتخاذ القرار بالتنفيذ ووضع الخطة الضرورية لذلك. هنا أيضاً ينبغي اعتماد خطة رئيسة، وعدد من الخطط البديلة كي يتم اللجوء إليها بحسب مقتضيات الحال وما يظهره الواقع من عقبات قد لا تكون ملحوظة أو أنها ظهرت بقوة أكثر من المتوقع. ذ- في المرحلة التاسعة يتم التنفيذ والتقويم. ينبغي أن تلحظ خطة التنفيذ مراحل معينة يتم في نهاية كل منها تقويم ما تم تنفيذه وأثره على حل المشكلة. يعد هذا الإجراء ضرورياً كي لا تتراكم الأخطاء والانحرافات عن مسار الحل المقترح. وإذا حصل خطأ ما يتم تلافيه في حينه. في نهاية هذه المرحلة يتم التقويم الشامل للحل المقترح ومدى نجاعته في حل المشكلة. 3-مجالات استخدام المنهج الوصفي. يستخدم المنهج الوصفي على نطاق واسع في المجالات الاجتماعية والإنسانية وفي مجال علوم اللسانيات وفي غيرها من المجالات، فهو لا يتطلب سوى توفر المعلومات والبيانات عن موضوعات البحث، أو إمكانية الحصول عليها وأن تقبل هذه المعلومات القياس والتحليل. بكلام آخر يمكن استخدام المنهج الوصفي لدراسة أوضاع الفئات الاجتماعية المختلفة مثل وضع الطلاب، أو وضع المرأة، أو وضع جمعية ما، في مجال ما، أو وضع سكان قرية، أو حي، أو وضع النقابات أو الأحزاب السياسية في بلد ما، أو في فترة زمنية معينة. يستخدم المنهج الوصفي على نطاق واسع أيضا في مجال الدراسات الاقتصادية، مثلا دراسة النشاط الاقتصادي للمؤسسات الاقتصادية المختلفة (تعاونية، شركة.. ، فئة التجار، فئة الصناعيين..)، وفي مجال الإرشاد والإعلام بصورة عامة، والإرشاد الزراعي بصورة خاصة، للوقوف على مدى وكيفية تقبل المبحوثين للمواد الإرشادية أو الإعلامية. يستخدم المنهج الوصفي أيضا في مجال البحوث السكانية، وفي مجال اختبارات الرأي العام تجاه قضايا معينة، وتحديد الممارسات السائدة، أو الشائعة، والتعرف على معتقدات الناس (أفرادا أو جماعات) وطرق تشكلها ونموها وتطورها وتغيرها.. ويستخدم المنهج الوصفي على نطاق واسع أيضا في المجالات اللغوية والأدبية، وفي الدراسات الجمالية، والقيمية ( تحليل النصوص الأدبية، الأخلاق، النظرات الجمالية..). 4- أنواع الدراسات الوصفية يمكن تمييز ثلاثة أنواع من الدراسات الوصفية وهي: الدراسات المسحية دراسة العلاقات المتبادلة دراسة حراك الموضوع المبحوث في الزمنأو المكان، من حيث النمو والتطور والتغير. 4-1- الدراسات المسحية. تشمل الدراسات المسحية طيف واسع من حالات الظاهرة المبحوثة، ولهذا ينبغي أن تكون شاملة لجميع جوانب الظاهرة في إطار الشروط البحثية الزمانية والمكانية المحددة. من أجل سهولة فهم ما يجري الحديث عليه سوف يتم شرح الدراسات المسحية من خلال مثال معين وليكن وضع العملية التعليمة في الجامعة أو في مدرسة معينة. في هذه الحالة ينبغي أن تشمل الدراسات المسحية ثلاث مستويات للظاهرة المبحوثة: مستوى المدرسة أو الجامعة، ومستوى الرأي العام، ومستوى المجتمع. المسح المدرسي(التربوي). أثناء هذه العملية المسحية يتم تناول أهداف ومحتوى ووسائل التدريس وأساليبه. بعد ذلك تتم دراسة السياسات التعليمية والمسائل المرتبطة بتمويل العملية التعليمية ووضع المباني وحضور الطلبة إلى المدرسة أو الجامعة، والمشكلات الإدارية وغيرها. بكلام أخر ينبغي أن يشمل المسح المدرسي جميع عناصر العملية التربوية: العناصر المادية ( أبنية، وتجهيزات..)، والطلاب أو التلاميذ ( وضعهم الاجتماعي، استعداداتهم، وميولهم..)، والقائمون على العملية التعليمية ( معلمون وإداريون..)، والمناهج الدراسية ( مقررات، ونشاطات..)، وتنظيم العملية التعليمية وإدارتها والسياسات التعليمية وتمويلها. ب- مسح الرأي العام. أثناء هذه المرحلة ينبغي استطلاع رأي الجمهور العام في العملية التعليمية، وما هي مقترحاته لتطويرها في مدى زمني معين. ونظراً لأن مجتمع الرأي العام يكون كبيراً في العادة لهذا يتطلب إجراء المسح المناسب للرأي العام حل مشكلتين اثنتين: 1-حل مشكلة اختيار العينة التي سوف يتم استطلاع رأيها. ينبغي مراعاة أن تكون العينة كافية من حيث حجمها وأن تكون معبرة فعلاً عن الرأي العام. بطبيعة الحال يمكن أن تكون العينة موجهة أي تتوجه إلى فئة معين من الناس المعنيين مثلا أهالي الطلاب أو القائمين على العملية التعليمية أو رجال السياسة أو الاقتصاد ويستحسن أن تشمل العينة جميع الفئات ذات الصلة بالعملية التعليمة وأن تشكل بصورة عشوائية. بكلام أخر ينبغي مراعاة قواعد تشكيل العينات من حيث الحجم ودرجة التمثيل. لهذا الغرض يمكن استخدام المعادلة الآتية: حيث أن: N = حجم العينة E= الخطأ الإحصائي المسموح به (0.05%) S= الدرجة المعيارية الحرجة عند مستوى معنوية (95%) وتساوي 1.96 P= احتمال انطباق وملائمة العينة لمجتمع الدراسة وتساوي (0.5) P-1= احتمال عدم انطباق و ملائمة العينة لمجتمع الدراسة وتساوي(1-0.5) V= حجم المجتمع الإحصائي. وبعد المعالجة تصير المعادلة السابقة على الشكل الآتي: N=0.00024v/(0.00000625v+0.96) ويمكن تطبيق المعادلة السابقة على طبقات المجتمع الإحصائي أو فئاته. 2-حل مشكلة ماذا نسأل؟ المشكلة الأخرى التي ينبغي حلها هي مشكلة طبيعة الأسئلة ( ماذا نسأل) وطريقة توجيهها. من حيث المبدأ ينبغي أن يصاغ السؤال في ضوء الهدف المراد بلوغه، (نوعية المعلومة المستهدفة)، وأن يصاغ لكي يكون جوابه قصيراً وواضحاً ومحدداً، وتفضل الأسئلة التي يمكن الإجابة عنها بنعم أو لا. ينبغي الابتعاد عن الأسئلة التي تكون أجوبتها عديدة واحتمالية أي لا يمكن القطع فيها. الجانب الآخر من هذه المشكلة يتعلق بكيفية توجيه الأسئلة، فقد يتم ذلك مباشرة عن طريق الاستجواب (المقابلات) وقد يتم ذلك عن طريق تصميم استمارة أسئلة أو أن يترك للمستفتي حرية الإجابة وفق ما يختار من طرق. لكل طريقة، من هذه الطرق سلبياته، وإيجابياته. بالنسبة لطريقة المقابلة مع إنها تسمح بإمكانية توجيه الأسئلة بصورة مباشرة وتوضحها، غير إن المبحوث قد يتأثر بشخصية المستجوب وقد تأتي المعطيات غير معبرة عن رأيه بل مجاملة لإيحاءات المستجوب. أما طريقة الاستبانة، فهي تتلاف تأثير المستجوب على المبحوث وتعطيه فرصة للتأمل في الأسئلة واختيار الجواب الذي يناسبه. لكنها في حال عدم مراعاة الدقة في صوغ الأسئلة قد تأتي الأجوبة غير معبرة عما هو مستهدف. أما طريقة ترك الخيار للمستجوَب أن يعبر عن رأيه بالطريقة التي يريدها فإن فيها سلبيات كثيرة وخصوصاً لجهة إمكانية انحراف الأجوبة عن المسار المطلوب، نتيجة عدم فهم الأسئلة أو النية المبيتة لتشويش المعلومات المستهدفة. ت- المسح الاجتماعي. في بعض الدراسات الاجتماعية التي تتناول موضوعات معينة، مثل مشكلة الأمية أو مشكلة عزوف الشباب عن الاهتمام بالقضايا العامة، أو عن الزواج وغيرها من المشكلات المشابهة، سوف تتطلب الدراسة الوصفية عندئذ إجراء مسح اجتماعي للفئة المدروسة للوقوف على الأسباب الكامنة وراء المشكلة. فقد يكون من الضروري تحليل ظروف الحياة في الأسرة أو مكان العمل أو تكاليف الحياة. في هذا المجال ينبغي أن يتميز القائمون على العملية الوصفية بدرجة جيدة من الخبرة والموضوعية ومستوى التأهيل، بل يمكن الاستعانة برأي الخبراء. في بعض الدراسات المتعلقة بمستوى تلقي فئات اجتماعية معينة للمواد الإعلامية أو الإرشادية أو التعليمية... فيمكن إجراء ما يسمى بتحليل المحتوى للوقوف على مضمون المادة المرسلة وحساسية المتلقي تجاهها. في هذا المجال يمكن التركيز على مصلحة المتلقي وعلى وسيلة نقل المادة وعلى ظروف المتلقي الشخصية وغيرها. ويمكن استكمال المسح الاجتماعي بإجراء مسح كمي على عينات منتقاة بحيث يمكن المقارنة بين المعلومات الوصفية المتحصلة عنها. غير إن استخدام الأساليب الكمية في التحليل الوصفي يتطلب أولاً؛ حل مشكلة اختيار العينة بحسب مصادرها ( وسائل الإعلام، الكتب، البرامج الدراسة.الخ)، وكذلك بحسب الفترة الزمنية التي تدرس العينة فيها وتحديد نوعية الأسئلة التي سوف يتم استقصاؤها. وأخيراً ينبغي أن تكون نتائج التحليل الكمي مستقرة قبل اعتمادها، ولهذا الغرض ينبغي أن يقوم بتحليل المادة ذاتها أشخاص مختلفون. 4-2-دراسة العلاقات المتبادلة. للوقوف على العلاقات المتبادلة بين موضوع الدراسة وبيئته، أو الموضوعات الأخرى التي تدخل مع موضوع الدراسة بعلاقات متبادلة، يستخدم على نطاق واسع ما يسمى بدراسة الحالة. وقد تكون الحالة هنا شخصا أو جمعية أو قرية أو فئة مهنية أو حزبا سياسيا وغيرها. تبدأ دراسة الحالة عادة بعزلها أولاً (افتراض عزلها)، ومن ثم دراسة كل عامل مؤثر فيها باعتباره عاملاً متغيراً في حين يفترض أن تكون بقية العوامل ثابتة. الهدف من ذلك هو معرفة تأثير كل عامل في وجود الظاهرة ونموها أو تغيرها بافتراض ثبات تأثير بقية العوامل. تفترض دراسة الحالة أن يكون الباحث ملما بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لمجتمع العينة. مثلا لدراسة مستوى التلقي التعليمي لدى طلاب كلية الزراعة ينبغي: أولا؛ دراسة الوضع الصحي الجسدي والنفسي للعينة المختارة والوقوف عند العادات المكتسبة لدى أفراد العينة وطرق وأساليب اكتسابها. ولا بد من تحديد نوعية القابليات والاستعدادات النامية لدى الطلاب والميول والهوايات التي يرغبون بها. وأخيراً لا بد من الكشف عن مستوى التوازن النفسي والعاطفي لدى أفراد العينةوغيرها. ثانياً؛ ينبغي دراسة مدى انسجام الطالب مع ظروف العملية التدريسية ومع القائمين عليها ومدى تقبله للمناهج المعتمدة وعلاقاته بزملائه.... ثالثاً؛ ينبغي دراسة ظروف حياة الطالب في أسرته وطبيعة علاقاته بوالديه وأخوته وطبيعة المناخ الأسري بصورة عامة. 4-3-دراسة حراك الظاهرة المبحوثة. في هذه المرحلة من البحث الوصفي ينبغي الوقوف على تطور الظاهرة المدروسة خلال الزمن والتغيرات التي تطرأ عليها. في هذا المجال يمكن استخدام وسائل بحثية مختلفة منها دراسة السلاسل الزمنية للمعلومات الوصفية أو دراسة الحالة في فترات زمنية مختلفة ومن ثم استخدام أسلوب المقارنة بين معطياتها. تسمح دراسة حراك الظاهرة المبحوثة عبر الزمن تحديد العوامل الأكثر ثباتاً واستقراراً في تكوين الظاهرة وفصلها عن العوامل الطارئة التي قد يكون لها تأثير جزئي على الشكل الذي تظهر فيه.
5- مزايا المنهج الوصفي وسلبياته. من مزايا المنهج الوصفي: أ- اتساع نطاق استخدام هذا المنهج فهو يتيح خيارات أكبر في دراسة الموضوع، فيمكن اللجوء إلى المسح أو تحليل المضمون أو دراسة العلاقات الارتباطية. ب- يسمح بإلقاء مزيد من الضوء على العلاقات الارتباطية بين الظواهر المختلفة، من خلال الكشف عن العلاقات بين الأسباب والنتائج أو بين الجزء والكل. ت-تحليل وتفسير الظواهر المختلفة بما يساعد على فهم العوامل المؤثرة عليها. ث- يتميز المنهج الوصفي بالواقعية إذ يتعامل مع موضوعات البحث كما هي دون تدخل فيها. أما من سلبيات هذا المنهج فيمكن ذكر ما يأتي: أ- تعقيد الظواهر وتشابك علاقاتها تعيق إلى حد كبير من مصداقية هذا المنهج. ب- ثمة احتمال كبير أن تكون المعطيات التي يتم التعامل معها خاطئة في مصادرها بصورة مقصودة وغير مقصودة وهذا يؤثر على نتائج البحث. ت- قد يصعب التخلص من تحيز الباحث في أثناء جمع المعلومات والمعطيات، وقد يلجأ إلى العلاقات الشخصية والخاصة لتأمين مصادر معلوماته مما يقلل من موضوعيتها ومصداقيتها. ث- قد يعتمد الباحث في حالات كثيرة على طاقم من المعاونين في جمع المعلومات والمعطيات مما يجعل هذه الأخيرة شديدة التأثر بمدى تأهيلهم ووضوح هدف البحث لديهم. ج- صعوبة مقارنة نتائج البحوث الوصفية نظراً لتغير الظواهر المدروسة بحسب تغير الزمان والمكان. ح- صعوبة استخدام المنهج الوصفي في التنبؤ نظراً لتعقيد الظواهر المدروسة وعدم إمكانية الإحاطة بجميع العوامل المؤثرة عليها. خ- وأخيراً لا تسمح البحوث الوصفية باستخدام الفرضيات لتقديم تفسيرات أولية للظاهرة المبحوثة ولا يمكن بالتالي اختبارها تجريبيا.
#منذر_خدام (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علم العلم-لفصل السابع- المنهج التجريبي
-
علم العلم-الفصل السادس- المناهج الكلية
-
عام على سقوط رئيس وارتقاء آخر
-
علم العلم-لفصل الخامس- البحث العليمي
-
علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة
-
علم العلم: الفصل الثالث: منطق العلم
-
علم - العلم ( مناهج البحث العلمي،الفصل الثاني فلسفة العلم
-
مناهج البحث العلمي-الفصل الأول-ما هو العلم؟
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الخام
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الراب
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثان
...
-
رهانات الاسد والسقوط الكبير
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
-
العرب والعولمة( الفصل السادس)
-
العرب والعولمة( الفصل الخامس)
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
-
العرب والعولمة(الفصل الثاني)
المزيد.....
-
متزلّج ينزل من جبل إتنا في لحظة ثوران بركانه
-
إسرائيل واليونان وقبرص تعزز تعاونها العسكري.. خطة ثلاثية للا
...
-
الغاز والحجارة في استقبال بن غفير.. زيارة أمنية تتحول إلى مو
...
-
الكرملين : على أوكرانيا الانسحاب من دومباس لتحقيق السلام
-
الصين تعارض الاعتراف بأرض الصومال وتجدد دعمها لمقديشو
-
سوريا: -طلعنا لنطالب بكرامتنا- .. ثلاثة قتلى على الأقل خلال
...
-
المنخفض يفاقم مأساة غزة.. وفيات بسبب البرد والانهيارات
-
قمة فلوريدا.. تصعيد محتمل وموازين ردع متغيرة بين إسرائيل وإي
...
-
ماذا ينتظرنا في -سي إي إس- 2026؟
-
6 أسئلة تشرح ما جرى في الساحل السوري
المزيد.....
-
علم العلم- الفصل الرابع نظرية المعرفة
/ منذر خدام
-
قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف
...
/ محمد اسماعيل السراي
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية
/ د. خالد زغريت
-
الثقافة العربية الصفراء
/ د. خالد زغريت
-
الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس
/ د. خالد زغريت
-
المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين
...
/ أمين أحمد ثابت
-
في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي
/ د. خالد زغريت
-
الحفر على أمواج العاصي
/ د. خالد زغريت
-
التجربة الجمالية
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|