أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 4 من رواية كش ملك














المزيد.....

الفصل 4 من رواية كش ملك


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 06:13
المحور: الادب والفن
    


-4-
رجل المواقف الصعبة

الرجل الذي علمني قواعد اللعب، أسر في أذني ذات مساء:
إذا أردت الوصول إلى أهدافك، عليك بالصبر والمثابرة وتحمل المصاعب، لن تحصد شيئاً دون جهد أو عمل متفان يصل بك عند بعض المحطات إلى حدود الإرهاق، ويدفعك للتفكير بالتخلي عن أهدافك جراء العراقيل التي تواجهك، فإن لم تكن على قدر من الصبر، حتماً ستفلت أعصابك من عقالها وتلعن في سرك اليوم الذي وضعت فيه نصب عينيك هذه الأهداف؛ غير أن خروجك من هذا المأزق لا يتم سوى بالمثابرة التي لا ينفع معها الركون إلى مساعدة الآخرين. الاعتماد على الذات أولاً وآخرًا، مفتاحك نحو الوصول إلى أهدافك بالطرق النظيفة التي لا تخلف الدماء على أرض محايدة مهما كانت شراسة المعركة.
والمعركة الحقيقية ليست بالضرورة أن تكون في ساحة مكشوفة على كل الاحتمالات، غير أنه من المفيد المعرفة أن لكل ساحة خصائصها التي تميزها عن سواها. ورقة الشطرنج أفضل الساحات على الإطلاق، فيها تترك لأفكارك حرية التحليق في مختلف الأماكن والاتجاهات بعيداً عن استعراض القوى المخيفة التي تخلف وراءها الثكلى واليتامى ومزيداً من الدمار والمآسي كلما امتدت المعارك يوماً إضافياً.
ربما هذا الحديث لا يتناوله الكثير من الذين يعيشون في المناطق الآمنة، لأنهم باختصار لا يشكون من نفس الأوجاع التي نشكو منها، فما نتعرض له يومياً يفرض علينا ضرورة التفكير بهذا المنطق، لأننا لسنا معزولين عن الواقع الذي نعيشه مهما حاولنا تقمص أدوار لا تخصنا من قريب أو بعيد.
صمت لحظة، ثم تحدث كمن أدرك شيئاً مفاجئاً:
لا أعرف كيف انجررتٍٍٍٍ وراء هذا الحديث في هذا الوقت بالذات؟ كل ما أعرفه هو أن الرغبة في الاحتجاج على ما يحدث ضدنا نحن الفلسطينيين والعرب، يدفعني للتحريض عليه بالوسائل البسيطة التي لا تضع صاحبها في خانة الإرهاب أو تصنفه معاد لأصول الجنس البشري الذي يتيح للبعض القتل ويحرم على البعض الآخر الدفاع عن النفس.
على أية حال، ما علينا. في الآونة الأخيرة، نصحني بعض الأطباء النفسيين بالقول:
كسّر ما شئت من الأواني!
قاطعته دون توقع منه فقلت متسائلاً:
- لماذا تقسو على ذاكرتك بهذه الوحشية؟
- الأصح يا عزيزي، أننا جميعاً نقسو على ذاكرتنا عندما نحاول النسيان!
- أيعقل هذا؟
أنت لا تعرف، ولن تفهم، أو ربما لا تريد أن تعرف أو تفهم، أننا عندما نكون خلف رقعة الشطرنج نتقاسم الذكريات ونبحث في التفاصيل التي تلاحقنا فيما بعد ، إننا نفرضها على أنفسنا جراء ما اختزناه في عقولنا من لحظات من الصعوبة بمكان نسيانها. إنها تلاحقنا بإلحاح فنستحضر منها ما نرغب في استحضاره ونتحاشى التفكير، مجرد التفكير، فيما لا نرغب بأن يعيش معنا ويقاسمنا الحاضر. خذ مثلاً، عندما تربي أبناءك، تغضب منهم وترضى عليهم، ولكن مع مرور الوقت لا تستحضر سوى ما ترغب في العيش معه من ذكريات، بغض النظر عن الموقف الشخصي منها، في الوقت الذي تحاول جاهداً أن تنسى أية إساءة قد تبدر منك تجاههم.
لقد علمت أبنائي أفضل تعليم، ووفرت لهم ما استطعت من حياة كريمة تتلاءم مع الدخل والاحتياطي المتوفر، وزرعت فيهم حب عمل الخير وخدمة الآخرين ماداموا قادرين على ذلك، ولعلي تعرضت لهم مرات عديدة بالتقريع والتأنيب جراء سلوك لم أكن راضياً عنه، ولكن، رغم ذلك، لا يخطر على بالي من ذكريات سوى تلك التي كنت فيها مستعداً للتضحية بكل ما أملك من أجلهم، وما عداها، أحاول الهروب منه حتى لا يشكل عبئاً على ضميري ويقعدني عاجزاً أمامهم.
قد تستغرب لماذا أتحدث عن هذه الأمور الآن، وأنا لا أعرف حقيقة ما يدفعني إلى هذا الحديث، كل ما هنالك، أشعر أنني بحاجة إلى حديث من هذا النوع، لا يقدم في مستقبلهم ولا يؤخر؛ فقد تم كل شيء على ما يرام ولست بحاجة إلى إضافات جديدة تقلب الموازين وتعيد صياغة حياتي منذ مراحلها الأولى. لا، لست بحاجة إلى ذلك.
كانت هذه الأمور تشغلني عندما كانوا أطفالاً، إنما الآن، فقد أمسوا رجالاً ليسوا بحاجة إليّ، وقد شكلتهم كما أرغب، فباتوا كما توقعت وليس لدي طموح أجدده، أو أسعى من خلاله إلى تغيير بعض خصالهم. مصالحهم يعرفونها جيداً، ورضاي عنهم يقابل بالثناء والتقدير، وأحياناً بالمزاح والمداعبة التي لا تخلو من إضفاء البهجة والسرور على البيت.
الآن أشعر أنك أنت من دفعني للحديث في هذا الموضوع، والسبب في ذلك، كونك مازلت في بداياتك الأولى في علم الشطرنج وبحاجة إلى أن أشكلك كما أرغب أن تكون وكما ينبغي لك أن تكون.
عند كل خطوة، عليك التريث، وقراءة المربع الذي ستحط فيه واحتمالات الانسحاب منه إذا احتاج الوضع. كل معركة تدخلها يجب دراسة أبعادها، والتحضير لها تبعاً لشروط النجاح، وإمكانية استخدام كل ما هو متاح لتحقيق ذلك. التوتر يفقد قدرة السيطرة على تطورات الأحداث ويقود إلى ردات فعل متسرعة تؤدي إلى الهلاك.
هذا بعض مما يجب أن تعرفه، والآن هيا بنا نبدأ اللعب.



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل حب إلى أطفال لبنان
- هل نحن إزاء ضربة أمريكية ترجيحية واحدة ؟
- الفصل 3 من رواية كش ملك
- الحكومة الفلسطينية .. عشرة شهور على الأزمة
- الفصل 3 من رواية :كش ملك
- اتفاق مكة الثنائي
- إيران والعد التنازلي للحرب
- الفصل 2 من رواية : كش ملك
- الفصل الأول من رواية :كش ملك
- فرصة اللحظات الأخيرة
- مسرحية جديدة -نحكي وإلا ننام
- الحب الفجيعة :قصة قصيرة
- الراقص المقعد :قصة قصيرة
- قلعةلبنان تقتحم من الداخل
- قصة قصيرة
- خروب عسل-- قصة قصيرة
- أمريكا ..الذهاب إلى الانتحار
- ملامح استراتيجية جديدة بتكتيك قديم
- إسرائيل الخاسر الوحيد من الحرب
- إسرائيل.. رياح التغيير تخطف النوم والأمن


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 4 من رواية كش ملك