أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - الاشتراكية في الولايات المتحدة (3)















المزيد.....


الاشتراكية في الولايات المتحدة (3)


حازم كويي

الحوار المتمدن-العدد: 8570 - 2025 / 12 / 28 - 14:52
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الاشتراكية في الولايات المتحدة(3)
الحزب الاشتراكي القديم و"الاشتراكيون الديمقراطيون في أمريكا" الجدد – مقارنة تاريخية

الجزء الثالث

الاشتراكيون والانتخابات: الماضي والحاضر
إن الأشتراكيين الديمقراطيين في اميركا ليست رسمياً حزباً سياسياً، ولم تكن كذلك أبداً.
ومع ذلك، أكدت الأغلبية من الأعضاء في الاجتماعات الوطنية خلال السنوات الأخيرة رغبتهم في تأسيس حزب اشتراكي جديد.فكيف حدث ذلك، أن الاشتراكيين الديمقراطيين في الولايات المتحدة وآخرون تخلوا منذ زمن بعيد عن حزبهم السياسي المستقل، ليعيدوا السعي نحو ذلك بعد عقود من الزمن؟
الجواب يكمن في تاريخ الحزب الاشتراكي، وانقساماتها (لا سيما حول حرب فيتنام)، وكذلك في تجديد منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا وتحويلها بعد 2017 إلى منظمة جديدة عملياً (وشراكة بحكم الواقع).

ولادة حزب مستقل جديد
لفهم الأشتراكيون الديمقراطيون في أميركا الحالية (DSA)وخلافاتها حول مسألة الحزب، يجب أولاً النظر إلى الحركة الانتخابية الاشتراكية قبل تأسيس الحزب الاشتراكي الأمريكي.
فقد أدت الإحباطات الناتجة عن الانقسام اليساري في أواخر القرن التاسع عشر إلى أن بعض الفصائل في الحركة الاشتراكية الأمريكية اقترحت عام 1900 تأسيس حزب اشتراكي موحد.
وفي العام التالي، تأسس في إنديانابوليس حزب الاشتراكيين الأمريكيين
. (Socialist Party of Ameica)
ونما بسرعة كبيرة.وكانت الديناميكية والتفاؤل المصاحب لها في العقد الأول مؤثرة بشكل كبير، كما كتب المؤرخ هاري لايدلر في كتابه "الاشتراكية في الولايات المتحدة:( لمحة تاريخية" (Laidler 1952
"ارتفع عدد أعضاء الحزب الاشتراكي من 16,000 في عام 1903 إلى 118,000 في عام 1912، أي سبعة أضعاف في تسع سنوات.
وزادت الأصوات الانتخابية للاشتراكيين بأربعة أضعاف بين 1900 و1904 لتصل إلى 400,000، وتضاعفت مرة أخرى من 1904 إلى 1912 لتصل إلى 900,000.
ومع هذا المعدل المستمر من النمو، كان من السهل تخيل أن الحزب الاشتراكي سيصبح الحزب المهيمن في البلاد في المستقبل القريب، كما أعلن بعض الاشتراكيين".
لكن الحزب الاشتراكي تحت قيادة يوغين ديبس استطاع تحقيق هذا النمو الكبير جزئياً لأن الانقسامات الداخلية داخل الحزب كانت تُخفى في الوقت نفسه.
ومن بين العديد من الانقسامات داخل الحزب، كانت هناك مسألتان كبيرتان تتعلقان بالسياسة الانتخابية:
هل الهدف من ترشيح المرشحين والحملات الانتخابية هو الدعاية من أجل تغيير ثوري
وشيك، أم تصميم السياسة العامة من خلال إصلاحات تدريجية؟
هل يجب أن يعمل النواب الاشتراكيون كمستقلين، أم يتبعون أفضليات الحزب وبالتالي الانضباط الحزبي؟
على سبيل المثال، الجناح الوسطي- اليساري بقيادة موريس هيلكويت، رأى أن الاشتراكية "في المقام الأول حركة تعليمية ودعائية" (Hillquit 1913، ص. 47.
وبينما حصل هيلكويت عام 1917 في انتخابات عمدة نيويورك على ما يقارب خُمس الأصوات، استمر هو – وكذلك يوجين ديبس المرشح الرئاسي لإربع مرات – في التأكيد على أن الحملات الانتخابية تهدف في المقام الأول، وإن لم تكن حصرياً، لغرض تعليمي: أي إنتاج المزيد من الاشتراكيين.

المقاومة لهذه المواقف والانقسامات داخل الحزب
لكن المقاومة لهذه المواقف لم تكن قابلة للتصنيف بسهولة ضمن الصراع التقليدي بين اليسار واليمين داخل الحزب.
على سبيل المثال، رأى المنظم الأكثر راديكالية في (العمال الصناعيين في العالم IWW) ،بيل هايوود، أن الانتخابات مجرد وسيلة عملية لتعيين رفاق موالين في المناصب العامة – أشخاص يمكن للنقابات الاعتماد على دعمهم في حالات النزاع.
وبشكل أقل إثارة للدهشة، أدرك فيكتور بيرغر وجناحه الأكثر اعتدالاً كِلاً من الفائدة التعليمية والفائدة العملية في الفوز بالمناصب العامة.
وكان الهدف إظهار كيف يمكن للاشتراكيين أن يحكموا بالفعل.
ما وصفه هيلكويت بازدراء بـ "اشتراكية الصرف الصحي " (Sewer Socialism)، أطلق بيرغر عليه اسم "فكرة ميلووكي" (Milwaukee Idea).ومع ذلك، كانت هناك إنتقادات لهذه الرؤية الأخيرة.فقد حذر البعض – وليس بدون سبب – من أن الاشتراكيين قد يصبحون ضحايا نجاحهم إذا فازوا ببرنامج أقل راديكالية.فإن الإصلاحات الجيدة سيتم تبنيها من قبل الأحزاب الكبيرة الأخرى وتخفيف فعاليتها.
وأشار النقاد إلى تجربة الحزب في شينيكتادي بولاية نيويورك عام 1913.فقد أدت الفترة الناجحة والخالية من النزاع لرئيس البلدية الاشتراكي إلى أن يقف رجال الأعمال المحليون خلف الإدارة اليسارية ضد الهجمات من اليمين Weinstein )1967، ص. 108–110(
وبطبيعة الحال، أثارت مثل هذه التحالفات مع الطبقة البرجوازية رفضاً لدى أنصار الحزب الأكثر راديكالية:
فكيف يمكن للاشتراكيين تحقيق ذلك مع الطبقة الحاكمة إذا كانت هذه الطبقة نفسها تدعمهم؟

الانضباط الحزبي
على الرغم من أن الحزب كان منقسماً حول كيفية ممارسة سياسة انتخابية فعّالة، إلا أنه أصرّ على أن يدعم ممثلوه المنتخبون الخط الحزبي.
فقد تم استبعاد أو عزل المسؤولين الاشتراكيين المُنتخبين إذا انحرفوا عن مواقف الحزب في مسائل مركزية – مثل حق المرأة في التصويت (دعماً له) أو حظر الكحول (معارضاً له).
كما كان على النواب والمرشحين الاشتراكيين تقديم حساباتهم داخلياً للحزب إذا تلقوا دعماً انتخابياً من نقابات لم تكن متحالفة مع الحزب الاشتراكي.
على سبيل المثال، في لوس أنجلوس صوّت عضو المجلس البلدي الاشتراكي الوحيد لصالح انتخاب رئيس مجلس ديمقراطي – ونتيجة لذلك تم استبعاده من الحزب.
وفي مينيسوتا، تم استبعاد عضو مجلس شيوخ ولاية من فرعه الحزبي المحلي، الذي كان يتكون أغلبه من مهاجرين فنلنديين – على ما يبدو لأنه فاز في الانتخابات! Weinstein) 1967، ص. 112–113 (

نجاحات وحدود السياسة الانتخابية الاشتراكية
في الانتخابات الرئاسية عام 1912، حصل يوجين ديبس على ستة بالمئة من الأصوات –كأفضل نتيجة له على الإطلاق.
) لاحظ هيلكويت آنذاك أن الحزب كان سيحصل على 26 مقعداً في مجلس النواب لو كان هناك نظام تمثيل نسبي؛ في الواقع، لم يفز الحزب بأي مقعد(.
لكن هذا النجاح كان جزئياً نتيجة ترشح الجمهوري السابق ثيودور روزفلت.فقد حاول الرئيس السابق العودة إلى البيت الأبيض عبر حزب تقدمي قصير العمر.
وقد تبنى برنامجه مطالب الاشتراكيين، كما فعل لاحقاً ابن عمه فرانكلين روزفلت في الثلاثينيات.إضافة إلى ذلك، أدى ظهور الحزب التقدمي إلى إرباك الولاءات الحزبية التقليدية.وبالتالي، حصل الاشتراكيون على نتائج أفضل لأن احتكار الحزبين التقليديين قد ضعف مؤقتاً.كما حصلوا على تأييد في المناطق الريفية، أي في الأماكن التي كانت الآليات الحزبية التقليدية فيها ضعيفة أو غير موجودة.

القمع والانحدار
كان القمع الذي واجهه الحزب الاشتراكي بسبب موقفه المناهض للحرب خلال الحرب العالمية الأولى عاملاً محورياً في إضعاف الحزب وتدميره.
فقد تم تعطيل الإجراءات القانونية والمبادئ الديمقراطية تجاه المسؤولين الاشتراكيين المُنتخبين (والنقابيين الراديكاليين (
عام 1917 في كليفلاند بولاية أوهايو، تم استبعاد ثلاثة أعضاء من المجلس البلدي الاشتراكيين حيث لم يوافقوا على دعم الحرب.واستمرت مثل هذه الاستبعادات غير الديمقراطية حتى بعد انتهاء الحرب.
في عام 1920، تم رفض دخول خمسة أعضاء اشتراكيين مُنتخبين في جمعية ولاية نيويورك، دون أي إجراء قانوني – فقط بسبب انتمائهم الحزبي.
رغم هذه الإجراءات القمعية، ظل الحزب الاشتراكي يكسب المناصب في تلك الفترة.
فقد وسع الاشتراكيون وجودهم في البرلمانات المحلية، واستعادوا في 1914 مقعداً في الكونغرس عبر فوز ماير لندن.
حتى المرشحون الخاسرون سجلوا غالباً أعداداً أكبر من الأصوات مقارنة بالسنوات السابقة.وكانت بعض الهزائم الانتخابية ناجمة فقط عن ترشيح الحزبين الكبار معاً مرشحاً ضد اليسار.في النهاية، أدت الصراعات الداخلية بين اليساريين إلى توجيه الضربة القاضية للحزب. (3) "تساعد هذه المرحلة على فهم ما يجري حاليًا داخل منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا (DSA)، وخصوصاً في سياق ردّ الفعل العنيف ضد حركة التضامن مع فلسطين.فقد خسر عدد من ممثلي الـمنظمة المنتخبين، من بينهم عضوا الكونغرس السابقان كوري بوش وجمال بومان، مقاعدهم في الانتخابات، بسبب التعبئة التي قادتها قوى مؤيدة لإسرائيل ضدهم.ومع ذلك، وباستثناء بومان، تمكّنت جميع السياسيات الاشتراكيات المنتخبات في ولاية نيويورك من الفوز مجدداً في انتخابات عام 2024، بل وتمكنت الـ من زيادة تمثيلها بمقعد إضافي في البرلمان".

وفي الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي هذا العام لمنصب عمدة نيويورك، جاء بشكل مفاجئ ترشيح عضو الـ منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا زهران ممداني. كما أن العضوين الحاليين في مجلس مدينة نيويورك المنتميين إلى المنظمة نجحا في التغلب على منافسين مدعومين بحملات تمويلية قوية، وفاز كلٌّ منهما بفارق لا يقل عن 35 نقطة مئوية.
فعندما انقسم منه أولئك الذين أسسوا لاحقاً الحزب الشيوعي الجديد – رغم وجود حزبين شيوعيين منفصلين في البداية – اضطُر الحزب الاشتراكي إلى التعامل مع خروج آلاف الأعضاء الاشتراكيين المُسددين للاشتراكات.
وانخفض عدد أعضاء الحزب الاشتراكي في العام التالي من 109,000 في عام 1919 إلى 36,000 فقط.وفقد الحزب ديناميكية صحيفته الجماهيرية وكذلك نفوذه في الحركة النقابية بشكل لا رجعة فيه.

تأسيس منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا واستراتيجية "إعادة التنظيم" (Realignment)
بحلول سبعينيات القرن العشرين، كان التيار المعادي للشيوعية قد ترسّخ داخل قيادة الحزب ــ الذي أصبح يُعرف آنذاك باسم "الديمقراطيين الاجتماعيين في أمريكا" (Social Democrats USA) ــ وظهر هذا التوجه بوضوح من خلال دعم الحزب لحرب فيتنام ومعارضته العلنية لـ اليسار الجديد.
وعندما تصاعد الخلاف حول هذه المواقف، غادر معظم الأعضاء الذين رفضوا حرب فيتنام المنظمة، بقيادة مايكل هارينغتون، الذي كان منذ أواخر الستينيات أبرز اشتراكي في الولايات المتحدة. كان هارينغتون كاتباً وناشطاً معروفاً بدفاعه عن قضايا مكافحة الفقر.
بعد الانشقاق، أسس هؤلاء النشطاء منظمة جديدة باسم اللجنة التنظيمية للاشتراكيين الديمقراطيين (DSOC).
ويُذكر اسم هذه المنظمة اليوم خصوصاً بسبب محاولتها دفع الحزب الديمقراطي الأمريكي نحو مسار أكثر تقدمية. وقد عُرفت هذه الاستراتيجية باسم "إعادة الاصطفاف" (Realignment)، وكانت تهدف إلى تحقيق قدر أكبر من التماسك الأيديولوجي داخل الحزب الديمقراطي من خلال برنامج اشتراكي ديمقراطي أساسي.
كان الـDSOC يرى أن على النقابات العمالية وحركات الحقوق المدنية وغيرها من القوى التقدمية أن تتولى قيادة الحزب الديمقراطي.
ولتحقيق ذلك، اعتمدت المنظمة تكتيكات متعددة، من بينها ترشيح اشتراكيين في الانتخابات التمهيدية – على غرار ما تفعله منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا اليوم – وكذلك المشاركة في صياغة برامج الحزب وتنظيمه الداخلي، وهي مهمة لا تقوم بها الـDSA حالياً.
يرى بعض المراقبين أن استراتيجية «إعادة الاصطفاف» (Realignment) قد فشلت، لأن القوى النيوليبرالية هيمنت على الحزب الديمقراطي خلال فترة رئاسة جيمي كارتر،وخاصة بعدها. وكان فشل محاولة السيناتور الليبرالي تيد كينيدي لمنافسة كارتر في الانتخابات التمهيدية عام 1980 يُعتبر إنتكاسة كبيرة لتلك الاستراتيجية، إذ كان الـDSOC مشاركاً بقوة في دعم حملة كينيدي.
ومع ذلك، أثبتت تكتيكات الـDSOC فعاليتها في نواحٍ عديدة، وتحققت بعض توقعاته بالفعل.
فعلى سبيل المثال، أدت القوة التنظيمية الواضحة للـDSOC في مؤتمرات الحزب الديمقراطي النصفية ــ التي كانت تناقش الخطوط السياسية والبرامج ــ إلى قيام القيادات المحافظة في الحزب بتقييد وصول النشطاء إلى هذه المؤتمرات (Isserman 2000).
ومع مرور الوقت، وبعد أن غادر الديمقراطيون الجنوبيون المُحافظون (Dixiecrats) الحزب تدريجياً، أصبحت النقابات العمالية اليوم تقف إلى جانب الحزب الديمقراطي تقريباً بشكل موحّد.حتى خلال حقبة ريغان، كانت توصيات النقابات الانتخابية في العادة ما تزال عابرة للأحزاب.
ويمكن القول إن القطبين السياسيين الرئيسيين في الولايات المتحدة أصبحا أكثر استقطاباً وتماسكاً أيديولوجياً منذ أن أصبح الاشتراكيون قوة سياسية مؤثرة في البلاد.


تقييم استراتيجية "إعادة التنظيم" (Realignment)
يعتبر بعض المراقبين أن استراتيجية "إعادة التنظيم" قد فشلت، نظراً لأن القوى النيوليبرالية هيمنت على الحزب خلال فترة رئاسة جيمي كارتر،ومابعدها.
واعتبرت المحاولة الفاشلة للسناتور الليبرالي تيد كينيدي لمواجهة كارتر في عام 1980 نكسة كبيرة لهذه الاستراتيجية، إذ شارك DSOC بشكل فعال في دعم ترشيح كينيدي.
مع ذلك، أثبتت تكتيكات DSOC فعاليتها في نواحٍ عدة، وتحققت العديد من توقعاتهم.
فمثلاً، أدى الحضور القوي لـ DSOC في مؤتمرات الحزب النصفية للحزب الديمقراطي، حيث نوقشت البرامج الحزبية، إلى دفع القيادات المحافظة لتقييد وصول النشطاء (Isserman 2000).
بعد أن غادر أعضاء الحزب الديمقراطيون الجنوبيون تدريجياً، باتت النقابات العمالية اليوم تدعم الديمقراطيين تقريباً بشكل كامل.حتى خلال حقبة ريغان، كانت توصيات النقابات الانتخابية غالباً شاملة للأحزاب.
يمكن القول إن الحزبين الرئيسيين أصبحا أكثر استقطاباً وأكثر وحدة برمجية منذ أن أصبحت الاشتراكية في الولايات المتحدة قوة سياسية ملموسة.

الـديمقراطيون الأشتراكيون في أميركا الجديدة DSA واستراتيجيتها الانتخابية
باعتبارها المنظمة التابعة لـ DSOC، بقيت منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا حتى العقد الثاني من الألفية الثالثة ملتزمة بمفهوم استراتيجية إعادة التنظيم.
لكن في المؤتمر الوطني لعام 2015، تم اعتماد ورقة استراتيجية بحذف أي ذكر لإعادة التنظيم فيها.
مثل العديد من التنظيمات التقدمية الأخرى، مثل Our Revolution المرتبطة ببيرني ساندرز، وركزت استراتيجية منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا الانتخابية منذ عام 2017 على ترشيح أعضاء في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي.
وقد تعزز هذا التوجه الاستراتيجي خلال السنوات العشر الأخيرة.
ففي 2016، كان نحو 12 عضواً من منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا يشغلون مناصب انتخابية، أما اليوم فهناك ما يقرب من 150 اشتراكياً تم انتخابهم بدعم من القيادة – ناهيك عن العديد من الأعضاء الذين فازوا بدعم مجموعاتهم المحلية فقط.
وتزايدت هذه النجاحات الانتخابية عندما استطاع المرشحون الاشتراكيون خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الأولى أن يتفوقوا على الديمقراطيين المُحافظين أو المكتفين ذاتياً.
وأشهر مثال على ذلك هي ألكساندريا أوكاسيو- كورتيز (AOC)، التي دُعمت من منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا ومنظمات أخرى مثل ( ديمقراطيو العدالة) ، فازت عام 2018 في دائرة انتخابية في مدينة نيويورك بعدد أصوات تجاوز عدد أصوات النائب الديمقراطي الحالي.
ومن خلال نجاح أوكاسيو- كورتيز، شهدت منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا زيادة هائلة في العضوية وانتشاراً إعلامياً واسعاً خلال فترة قصيرة.
ويعد ترشيح الاشتراكيين في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين تكتيكاً مجرباً كان موجوداً قبل تأسيس منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا وحتى قبل DSOC.
وأشهر مثال على ذلك هو الكاتب الشهير أبتون سنكلير، الذي كان عضواً مؤقتاً في SP، وقد ترشح في 1934 كمرشح ديمقراطي لحاكم ولاية كاليفورنيا ببرنامج راديكالي باسم "End Poverty in California" (القضاء على الفقر في كاليفورنيا) خلال فترة New Deal، إلا انه فشل في الفوز.
وأشار سيث أكرمان في مقال بعنوان "A Blue-print- for a New Party" "مخطط لحزب جديد" بمجلة ياكوبيان إلى هذا التكتيك كجزء من الجهود الرامية لبناء قوة اشتراكية مستقلة.
بهذا المعنى، صوّتت أغلبية المندوبين في مؤتمر منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا لعام 2019 لصالح منح بعض المرشحين التأييدات، أي التوصية رسمياً بالتصويت لهم وتقديم الدعم لهم.
وبذلك، انفصلت المنظمة عن مفهوم دعم المسؤولين “المتعاطفين” بشكل عام، وتحركت نحو الاستقلالية الانتخابية عن الحزب الديمقراطي، وهي ما تُعرف بـ استراتيجية الانفصال الكلي.
وكان السبب الحاسم لاعتماد الانفصال الكلي هو الهدف الطويل الأمد المتمثل في تأسيس حزب سياسي مستقل، يمكن لملايين العمال التعرف عليه والانضمام إليه.
وقد جادل مؤيدو الانفصال الكلي بأن نجاح المرشحين الاشتراكيين في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي سيزيد من القدرة الانتخابية العملية لـ منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا ويضع أساساً ممكناً لانفصال المنظمة عن الحزب الديمقراطي في المستقبل.

أي نوع من الحزب؟
إن الفكرة القائلة بإمكانية تحوّل "الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا" إلى حزب سياسي تلقى في الوقت الراهن دعماً واسعاً في العديد من تيارات المنظمة، حتى بين أولئك الذين يخوضون عادةً نقاشات حادة حول قضايا الاستراتيجية الانتخابية.
لكن خلف هذا التوافق الظاهري تختبئ توترات وخلافات كبيرة حول الشكل الذي ينبغي أن يتخذه مثل هذا الحزب، ولا سيما في ما يتعلق بعلاقته بالمسؤولين المنتخبين.
ومثلما حدث في نقاشات الحزب الاشتراكي قبل أكثر من مئة عام، فإن قادة الـ DSA اليوم أيضاً يعبّرون عن مواقف متباينة، وأحياناً متناقضة تماماً، بشأن الدور الاستراتيجي الذي ينبغي للانتخابات أن تؤديه داخل المنظمة.
حتى لو اتفق أعضاء المنظمة على أن تصبح حزباً سياسياً، فهذا لا يعني أنهم متفقون على كيف يجب أن يعمل هذا الحزب أو كيف يتصرف أعضاؤه المنتخبون، خصوصاً فيما يتعلق بعلاقتهم مع الحزب نفسه.
يتوقف نجاح أي مشروع انتخابي اشتراكي جزءاً منه على ما تفعله منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا، وجزء آخر على عوامل تقع خارج نطاق تأثيرها.
لقد انهار الحزب الاشتراكي (SP) الذي كان وسيلة لتحقيق نجاحات انتخابية في الماضي، جزئياً لأنه واجه أحزاباً يسارية منافسة قوية ــ وهو وضع لا تواجهه منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا اليوم.
وفي الوقت نفسه، يبدو أن الناخبين في الولايات المتحدة أصبحوا أكثر تقبّلاً للأفكار الاشتراكية من أي وقت مضى. ومع ذلك، فإن حالة الاستقطاب الحاد بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري تجعل الناخبين أكثر ارتباطاً بحزبهم وأقل استعداداً لتجربة خيارات سياسية جديدة ــ وهي ظاهرة لم تكن بهذه القوة في زمن الحزب الاشتراكي سابقاً.
فقد يدعم بعض ناخبي الحزب الديمقراطي المرشحين الاشتراكيين خلال الانتخابات التمهيدية، لكنهم غالباً لن يصوتوا للشخص نفسه إذا خاض الانتخابات ضمن قائمة مستقلة.
لهذا السبب، يستمر الجدل داخل الـ منظمة الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا حول ما إذا كان يجب أن يتحول إلى حزب جديد، وإن كان الأمر كذلك، فكيف يمكن تحقيق ذلك. هذا النقاش لايزال بعيداً عن الحسم.


ديفيد دوهالدي*:هو رئيس صندوق الأشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين،وهي منظمة تعليمية غير ربحية شقيقة للحزب الأشتراكي الأمريكي.وهو المديرالسياسي السابق للحزب الأشتراكي الأمريكي.

يتبع



#حازم_كويي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة عيد الميلاد المنسيّة في أمريكا
- الاشتراكية في الولايات المتحدة الجزء 2
- الاشتراكية في الولايات المتحدة
- الأحزاب اليمينية تُحوِّل القسوة إلى أمرٍ عادي
- «الاشتراكية ليست طوباوية – إنها مفعمة بالحياة»
- الجيل زدّ يتظاهر في جميع أنحاء العالم
- الإرث السياسي ل«أفقر رئيس في العالم»
- زهران ممداني: انتصار اشتراكي في نيويورك
- وجهة نظر ماركس عن الديمقراطية
- زوهران ممداني: «الاشتراكي الذي يريد أن يغيّر نيويورك»
- نحن نصنع التاريخ
- العقل يتفوّق على الذكاء الاصطناعي
- -مسألة الحزب-
- الولايات المتحدة والذكاء الاصطناعي: «هيمنة تكنولوجية عالمية»
- الذكاء الأصطناعي، ذكي لكن للأسف غير مربح
- هل تحتاج نظرية الفاشية إلى تجديد؟
- إنجلز: العقل المنظم وراء النظرية الماركسية
- سر التجربة الصينية: من الفقر إلى أضخم طبقة وسطى في العالم
- ماركس نصيرٌ للديمقراطية
- -النرويج تشهد تقدماً لليسار الجذري-


المزيد.....




- جرحى وإصابات باعتداءات على متظاهرين في اللاذقية وطرطوس وحمص ...
- تقرير: إصابات في هجوم على متظاهرين يطالبون بالفيدرالية في ال ...
- هل الصحة تاج على رؤوس الأغنياء؟ دراسة تحذر من أن الضغوط الما ...
- تقرير حقوقي يكشف أشكال قهر العاملات
- مُعين لا ينضب: عرض كتاب “ماركس الأخير” (1883-1881)
- بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي: ل ...
- The Case for Expelling Israel from Eurovision
- كتاب: عندما كان لسان يسمى فرناندو (حلقة 5)
- بعد تأييد حبس عبد الخالق فاروق لمدة 5 سنوات
- الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تراسل رئيس الحكوم ...


المزيد.....

- بين قيم اليسار ومنهجية الرأسمالية، مقترحات لتجديد وتوحيد الي ... / رزكار عقراوي
- الاشتراكية بين الأمس واليوم: مشروع حضاري لإعادة إنتاج الإنسا ... / رياض الشرايطي
- التبادل مظهر إقتصادي يربط الإنتاج بالإستهلاك – الفصل التاسع ... / شادي الشماوي
- الإقتصاد في النفقات مبدأ هام في الإقتصاد الإشتراكيّ – الفصل ... / شادي الشماوي
- الاقتصاد الإشتراكي إقتصاد مخطّط – الفصل السادس من كتاب - الإ ... / شادي الشماوي
- في تطوير الإقتصاد الوطنيّ يجب أن نعوّل على الفلاحة كأساس و ا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (المادية التاريخية والفنون) [Manual no: 64] جو ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية(ماركس، كينز، هايك وأزمة الرأسمالية) [Manual no ... / عبدالرؤوف بطيخ
- تطوير الإنتاج الإشتراكي بنتائج أكبر و أسرع و أفضل و أكثر توف ... / شادي الشماوي
- الإنتاجية ل -العمل الرقمي- من منظور ماركسية! / كاوە کریم


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حازم كويي - الاشتراكية في الولايات المتحدة (3)