|
رؤيا اليقين
سلام إبراهيم
روائي
(Salam Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 1840 - 2007 / 2 / 28 - 12:11
المحور:
الادب والفن
إلى رفيقي سعد خليل ـ أبو لينا ـ الذي ضاع في الأنفال عاد الغائب بقميص مدعوك بأوراق البلوط وفي روحه خريف. لبث ساكناً يلهث وأنفاسه المتلاحقة تنشر روائح دم طري مخلوط بالصخور. رصيف المحطة يمتد طويلاً.. طويلاً ليضيع في الظلام. ذيل القطار المغادر صوب أقصى الجنوب يغيب مخلفاً صدى عويله يتلاشى في سكون منتصف الليل. لم يترجل سواه وبضعة جنود منهكين. صمت الليل يغور بأحشاء الأبنية المدورة.. حافات الجدران الحادة.. المصابيح المتدلية من أعماق أعمدة عالية.. الأبواب الزجاجية المقفلة.. سلالم الأبراج الشاهقة... أدار طرفه الدامي الحذر. على مساطب حجرية متباعدة أغفى رجال بثيابهم الرثة كالأموات وخلفهم أضاءت مصابيح هائلة الحجم جدارية عريضة يشغل نصفها العلوي الرئيس بوجهه الجاف وبدلته العسكرية المطرزة بالأوسمة وهو يلوح بذراعه مبتسماً بهزء من آلاف البشر المتشابهين الزاحمين أسفل الجدارية كالنمل. تحتها أقعى جندي يتقيأ دون صوت. ـ أينك يا محطتي؟!. زادته وحشة المكان كآبة. رمى خطوهُ الناحل ميمماً شطر باب المحطة المفتوح. ضايقته رائحة الطلاء الخانقة وهو يجتاز القاعة الفسيحة الخالية. نفذ خلال باب أوسع ليحتويه سكون شارع طويل. جمد عند حافة الرصيف شاملاً حشد البنايات الشاهقة المتراصة بعينين متأسيتين. أفزعته مئات الثقوب المظلمة الموزعة على الجدران وكأنها عيون ترصد الشارع. توجس من أقبية مظلمة لزجة تخفيها أناقة البناء. تحسس مسدسه المخبوء تحت إبطه. أستعجل خطوه الذي أضطرب. تضيء رأسه حرائق الجبل ويسكن صمته رعد آلاف القذائف والصرخات متجرعاً طعم مرارة لم يغادر فمه منذ ذلك النهار الذي أظلمَّ بدخان الحرائق.. ففي وادٍ ضيق فقد أربعة رفاق حاصرهم الجند المنتشرون بالمئات على السفح. تفرقوا بين الصخور وأشجار البلوط الكثيفة. ضاق الوادي والدنيا لحظة اشتباك النيران. نفدَ عتاده فتوارى في شق شجرة شائخة، ورآهم يتساقطون الواحد بعد الآخر. غادر الجند الوادي حاملين قتلاهم، فخلد قربهم طوال الليل يمسح أجسادهم الممزقة بالتراب والدمع. تسلل إلى أطراف الموصل متستراً بالظلام. قصد المحطة وركب قطار الجنوب لائذاً بزاوية عربة مزدحمة بالجنود يغطيه غبار أيام صعبة، حالماً طوال الطريق الطويل بملجأٍ يأويه.. جك.. جك.. جك.. ترن في صمت الليل البهيم المترامي خلف زجاج النافذة.. ليل ساكن.. ليل آخر أحمق يأخذه إلى الجنوب المجهول.. الجنوب الحلم الذي غادره منذ عشر سنين. دوخته الأرصفة المسفلتة.. المتشابهة.. والجداريات المكررة عند مدخل الشوارع.. والحدائق المسجونة بمشبكات الحديد. دار مستوحشاً.. تائهاً.. خائفاً، والمدينة اختلفت عليه بشوارعها ودوائرها ومثلثاتها وأعمدتها وبناياتها ونوافذها وصمتها وخوائها وأضويتها ورائحتها وسمائها الخانقة. هبت نسمة من جهة خلاء مظلم بعيد حاملة إليه رائحة أليفة. اجتذبته فتوغل في الدكنة مبتعداً عن البنايات. تكاثر عبق تلك الرائحة موقظاً بذاكرته أشياء قديمة.. قديمة جداً.. فيء جدار.. شجرة سدر هرمة ملطخة بأكف الحناء.. غرف عتيقة.. وجه أبيه.. فناء مدرسته الابتدائية.. ضجيج شارعهم الأليف.... "أم سريع" تبيع التفاح الموضوع في سلة خوص مهترئة، أبو علي ودكانه الخفيض، حامد عزرة الذي يترك اللعب متعثراً بركضته صوب سلم سطح بيتهم الواطئ وهو يصيح "الشاهين.. طيوري" حاج خضير مصلح إطارات السيارات الأعور السكير يتمايل وسط الشارع وزوجته بدرية الشكسة تدفعه بعصبية نحو البيت فيتكوم على العتبة، فاتن الفاتنة، زوجة الحلاق الأحوال، ذات العينين العسليتين تهمس له: ـ تسلل ليلا.. سأترك الباب مفتوحاً. ورغبتها التي تركها تستعر خلفه دون ارتواء.. أشياء.. وأشياء أليفة جداً.. قديمة جداً.. أتت بها تلك الرائحة فأسكنت من روعه قليلا. لاحت لعينيه التعبتين الحالمتين ظلال أضواء خافتة في البعيد. التفت خلفه. أضواء البنايات تضاءلت لتظهر بوضوح السماء الشاسعة المنارة بمصابيح النجوم الفضية الكثيفة. حث الخطى مستدلا بخيط الرائحة الأليفة. ألقته حافة الحلكة إلى مدخل زقاق عتيق مهمل كأنه قطعة مهشمة.. نسيها الكون. تشمم طابوق الجدران المفتت، والأبواب الخشبية المتآكلة. أستوقفه باب محفور بأعماقه الدفينة. تمعّن في ظلاله الكابية على ضوء النجوم، فتعرف على باب بيت جده القديم. أخذ قلبه ينبض بالحنين، وأطراف أنامله المنتفضة تجوس ماسحة صدأ كراتٍ نحاسية ترصع جسده. التصق لاثما لونه الأغبر وعاباً من عبق الخشب الآسر. الباب أصبح خفيضاً جداً بالغ القدم. دفعه بأناة. أزَّ مطلقاً صريرا متقطعاً. ولج فجوة الممر الحالكة وجده طويلاً.. طويلاً وكأنه يمتد إلى أخر الدنيا.أبحرت ذراعه في الفراغ المظلم واستقرت على الجدار الرطب. سار لصقه متحسساً براحة كفه لزوجة الطابوق. رؤوس أصابعه تتموج هاوية إلى قيعان ثقوب كثار صاعدة قمم تلال صغيرة، منحدرة نحو أودية ضيقة. السقف خفيض جداً يلامس في بعض المواقع شعره. خبط بتؤدة في العتمة. وبعد مسير طويل استبانت لعينيه المفتوحتين على اتساعهما قطعة نور بحجم الكف. ذكره الضوء الشحيح بضوء القرى اللاطية في السفوح، وتضاريس الجدار بالمسير في ليل الجبل، ولزوجته بأقبية التعذيب. مع كل خطوة متوجسة كانت الفتحة تتسع والضوء الهزيل يكبر موضحاً حافة الممر. الهدوء يرين على البيت ويجعله أكثر وحشةً. ـ لعلهم يغطون في النوم، فالساعة متأخرة الآن!. تريث قليلا عند نهاية الممر متحسساً بمقدمة حذائه الدكة التي يتذكرها جيداً. عَبَرَ إلى الطارمة الواطئة السقف. ترامى أمامه حوش الدار فسيحاً. تباطأت ضربات قلبه فاتكأ إلى عامود الطارمة الخشبي السميك منهكاً. أرخى أجفانه لبرهة. تهالك إلى تراب الأرضية جالساً. تسرب إلى سمعه صدى صرخات مخنوقة لامرأة تتمزق تبعها ضجة نسوة يستغثن بأرواح أئمة صالحين. أنتبه مباعدا أجفانه الذابلة. أصاخ السمع، ليس غير ليل مبحرٍ بدوي السكون. دَوَرَ عينيه الكليلتين بأرجاء الدار. قبالته في الطرف الآخر تركنُ غرف الدار الأربع بأسقفها الواطئة. تذكر بوضوح أبوابها الخشبية العتيقة. كان ضوء فانوس شحيح مرتعش يتسرب من أول غرفة. يغدو ويروح فيه ظل امرأة طويل. ضم ساقيه المنثنيتين إلى صدره وانشأ يحدق بظلال أشياء الغرفة من بابها المفتوح مذهولا بصمت الكون المتكدس في الحوش والغرفة ورأسه. ظل المرأة أقترب من مجال رؤيته. ظهرت وسط الغرفة مولية ظهرها ناحيته، ثوبها الأسود الفضفاض ينشر أذياله على الأرض. أوقدت عود ثقاب وأشعلت فتيل شموع بيضاء صُفت على هيئة دوائر تسور صينية نحاسية كبيرة من محيطها حتى مركزها الفارغ، الصينية موضوعة فوق ضريح ملفوف بثوب أخضر مقام وسط الغرفة. ضوأت الشموع باقتي آسٍ مرتبة على جانبي الشاهد الملون بأكف الحناء. استدارت المرأة. أصبحت بمواجهته فاستبانت ملامحها بوضوح. عصف بكيانه حنين فارس عاد لتوه منكسراً من حرب طويلة.. مريرة. كاد يقفز راكضاً إلى مسافاتها ليغيب. كانت تلف شعرها بفوطة بيضاء. نفس الفوطة التي كانت ترتديها لحظة وداعه قبل عشر سنين. نفرت من أطرافها خصلات بيضاء. ـ يا.. لوجهك المشع.. المهيب.. ماذا جرى؟.. ماذا؟! أصطبر ماكثا بمكانه يتابع بقلق ما تفعله، تحركت بصمت نحو يسار الغرفة غائبة عن ناظريه. مادَ به الوجد وخنق أنفاسه. عادت تسير بمهلٍ ماسكةً بكفها البيضاء آنية من الخزف يعكس جداراها المحدب ضوء الشموع المتراقص. نفضتها فوق الضريح نفضات متقطعة فانتثر من نهاية عنقها الطويل المثقب رذاذ نشر في هواء الحوش عبير وردٍ عبق. وضعت الآنية بمركز الصينية الفارغ بين أصابع الشمع الساخنة. فركت وريقات آس بشاهد الضريح. أشعلت أعواد بخورٍ مغروزة بطاسة مليئة بعجين الحناء، فأكتظ الكون ونفسه برائحة البخور الممزوجة بالورد والآس والحناء. تناولت بتريثٍ سجادة ملفوفة ومركونة إلى الجدار. فرشتها أمام الضريح. ضبطت موضع التربة بحافتها، وكومت قربها مسبحة سوداء ناعمة الخرز. ارتدت ملاءتها الناصعة البياض. سكنت واقفةً على السجادة مسبلة الذراعين، وانغمرت بالصلاة. تأمل مسحوراً حركاتها البطيئة. ذراعاها الممدودتان بضراعة، استكتافها المستكين، ركوعها، سجودها، قيامها، قعودها. انسكبت بنفسه المضطربة السكينة ، فهوم مسبلاً أجفانه. أيقظهُ لفح أنفاس ساخنة ضرب وجنتيه وذيل نداءات تستغيث بالرب غاب في الصمت. حدق في الغرفة، فوجدها قد فرغت من الصلاة، وجعلت تنسح بباطن كفها بشرة وجهها المغضنة. توكأت على كفيها ناهضة. دنت من القبر. مالت على الشاهد ولثمته، ارتدت خطوتين إلى الخلف. انحنت حتى كادت تلامس فراش الأرض. اختفت عن ناظريه، ثم ظهرت من فتحة الباب وبيدها فانوس يهتز. أنتشر الضوء الهزيل ملقياً على أشياء الحوش ظلالاً مرتعشة، فأهتزت بصمت أغصان السدر العارية والجدران. لبست الأشياء ثوبا كالحاً لحظة دخولها الغرفة الثانية. أخذته الرهبة حينما انهمكت بإيقاد الشموع والبخور ورش ماء الورد وفرك الآس على ضريحٍ ثانٍ يشغل موضع الضريح الأول. فرشت السجادة المركونة إلى جدارها بنفس موقع السجادة في الغرفة الأولى. صلت.. سبّحت.. قبّلت الشاهد. حملت الفانوس واتجهت نحو الباب. فعلت في الغرفتين الباقيتين مثل ما فعلت، ثم طلعت إلى الحوش. انحرفت جانباً إلى بناء مدور أرتفع بمقدار نصف متر عن الأرض. علقت الفانوس على بروزٍ في خشبةٍ تقوست فوق البناء. سحبت بكلتا يديها بعناء حبلاً طويلاً ظهر في نهايته دلو يفيض الماء من حافته. دلقته في فوهة إبريق خزف طويل العنق. رجعت إلى الغرف. أبدلت ماء الآس القديم، واستقرت متربعة على سجادة الصلاة الحمراء النظيفة في الغرفة الأولى. رفعت ذراعيها بضراعة شاخصة ببصرها إلى الباب وتدفق صوتها المتهدج، الشجي، غامراً بدنه المتطوي لصق عامود الطارمة بقشعريرة الرهبة. " ... اللهم.. أنا عبدك المسكين.. المستكين.. الضعيف.. الفقير.. الذليل الحقير.. الخائف.. المستجير... ... اللهم... إني أسألك أن تغمر أرواح النائمين إلى جواري بالسلام. ... اللهم إني قد منحتهم بركاتي.. وكانوا أشجاراً أثمرت للناس ثمرات طيب. ... اللهم برّني بالوحيد الغائب.. الحاضر.. لا تذله.. وأدرأ عنه الشرور. وأعم عنه بصر الحاكم الفاجر.. ... اللهم... أصرف عن نفسه السوء.. وأجعله شجرة طيب ثمرها. ... اللهم... أذل الحاكم الفاجر.. وأأمن الناس من شره وضره.. فقد أغرقنا بالدم والحزن... اجعل غضبك يمحقه محقاً لينجو البشر من مصائده وكيده... فأنت العزيز... الحكيم. آمين رب العالمين." مسحت وجهها براحة كفها. مدت يدها بصمت وتناولت المسبحة. انهمكت بتسبيح حباتها الناعمة حبة.. حبة وهي تبسمل. جمحه الشوق وأسح به إلى حضنها الدافئ كائناً ليناً تمطر مسامه أحزان الجبل بمسالكه الوعرة، لياليه، ثلجه، صمته، أسراره، وحرائقه.. " .. يا قديستي المباركة. عدت كئيباً.. مدمّى بأحزاني.. سأعكر صفو وحدتك بأشجاني الكثيرة.. وهمومي. يا غاليتي عجنني الجبل بصخوره.. فقسا قلبي.. قتلت الكثير.. اقتحمت ربايا ومعسكرات ومدناً.. حرزت بأنحاء جسدي عشرات الشظايا، تبقع جلدي بحروق الخردل، وفقدت إصبعا من أصابع قدمي بعد أن رمته عاصفة ثلجية بالغنغرينا، توسدت الأحجار، أكلت عشب الأرض، والتحفت النجوم والبرد مصبّراً نفسي وحالماً بعودة ليس مثل هذه العودة"... أستند على كفيه، استقام بنحول، لم تزل الشيخة الجليلة جالسة على سجادتها الطافية وسط بحر الشموع ودخان البخور وماء الورد وأنفاس الآس وعبق الحناء. أستوقفه صدى صرخاتٍ انبثق من أحشاء الظلمة على هيئة دفقات متقطعة، متباعدة، تلاشت في السكون، فتهادي في مشيته سكران بمزيج الروائح يقطع الحوش المظلم الرطب. ـ ".. ضاق بنا الجبل.. فالجيش الراجع لتوه من حرب السنين الثمان دبّ علينا، دبيب النمل بعد أن رش القرى والأودية والسفوح والقمم بالخردل والسيانيد والتابون.. آلاف من النسوة والشيوخ والأطفال والأشجار وحيوات الأرض ماتوا اختناقاً.. آلاف أخرى تقاطرت مزدحمة في الأودية المؤدية إلى الحدود التركية وهم يحملون على ظهور بغالهم ما استطاعوا من مستلزمات الحياة.. بطانيات، دقيق، أواني طبخ، أطفال رضع لا يكفون عن الصريخ. ... وأخرى أسرها الجند وسيقت بأخماص البنادق والركلات إلى عربات عسكرية. وبعينيّ هاتين رأيت الجند يدفنون أسرى الأنصار أحياءً.. أما نحن يا ملاكي: فقد فعلت بنا العزلة فعلتها.. نهشتنا الأحقاد. فانشغلنا يتسقط الواحد منا أخطاء الأخر تنابزنا بالألقاب. وأوغلنا بدماء بعضنا البعض!.. وبالتالي.. وجدنا أنفسنا ساعة الحومة منهكين" أصبح بمحاذاة سياج البئر، اقتحمته رائحة الماء فذكرته بعبق الينابيع المحتلة البعيدة، وجعلته يغص بكلماته الخافتة، ويسكن للحظة مبحراً في تضاريسها التي كستها الوحدة الطويلة صفاء المتعبد الحزين، ثم نزع حذاءه وسار. ـ ".. أتدرين يا لب قلبي، كم مرة رغب الموت عني؟!. كنتُ أحلم بلحظتي الأخيرة طوال السنين العشر.. وأتخيل أين ستكون.. في ربيئةٍ.. في معسكر.. داخل المدن التي كنا نتسلل إليها ليلاً.. في عاصفة ثلجية.. عند عبور كمائن الشوارع المبلطة.. في قصف مدفعي.. حلمت.. وتخيلت وآلاف الطلقات والقذائف أخطأتني.. إنه قدري يا قديستي أن أبقى حياً لأرى ما بنيناه يتهاوى.. أن أبقى ليغطيني الرماد المتناثر من الجذوة المنطفئة بعيون المقاتلين المحاصرين.. جئتكِ.. قانطاً.. مستوحشاً.. مطارداً.." اهتزَّ مُنحدراً إلى أعماق الأشياء، وقدماه الحافيتان تدخلان مستطيل الضوء المتسرب من باب الغرفة.. طق.. طق.. طق.. خافتةً تتساقط الواحدة بعد الأخرى.. طق.. ترن في صمت رأسه.. أهلكه تساقط الحبات الرتيب، فتشبث بعضادتي الباب الخفيضة متسارع الأنفاس. أدلى رأسه حتى يكون بمستطاعه رؤيتها. جاستها عيناه الولهتان ولفحتها أنفاسه. رفعت رأسها حيث يقف ساداً بقامته ظلمة الحوش. تجمدت ملامحها. أفلتت أصابعها المسبحة فتكومت على السجادة. عامدت كفها المفتوحة حاجزة ضوء الشموع. ضيقت حدقتيها محدقةً بتركيز من يلاحق شيئاً يتحرك في أفقٍ بعيد.. شيء غير حقيقي... سراب... طائر... ظبي شارد.. ذيل عافته الشمس. أربكته عيون عشرات الغزلان التي مدت أعناقها الطويلة شاخصةَ إليه من سجاداتٍ تزين الجدران.. عيون لامعة، واسعة، عميقة، ذكية. انزاحت خطوتين إلى الخلف. طوت سجادة الصلاة. أركنتها إلى الجدار القريب. استدارت قائلة: ـ أفي حلمٍ جديد أنا؟!. ـ .. ـ أهلاً... أهلاً بحلمي البعيد!. في نبرتها أسىً شفيف وشجن جعلاه يخفق برأسه متمنياً الرقاد في حضنها الدافئ أو الغياب في براري الغزلان البهيجة.. ـ ... ـ جئت باكراً هذه المرة يا أملي.. ـ أمي.. آ.. ه..آه!. وسجد لها. انتفضت، اختفى ظلال الحلم من عينيها، هبت إليه راكضةً.. لاهثةً. أنهضته، عانقته وبكت.. ذوبته رائحتها المسكرة وأريج أنفاسها. ـ لا أصدق... لا أصدق.. أنت بلحمكَ ودمك!. أنقاد بين ذراعيها أودع من حمامة، أجلسته على بساط تسيح زرقته إلى طرف الغرفة البعيد. جالت كفها تمسد بحنوٍ عنقه، ذراعه، صدره. ـ يا حبيبي كم هزلت؟!. كان يصغر بين أصابعها. ـ أ جائع أنت؟ أ عطشان؟! ـ إني تعبٌ.. وليس بيّ رغبة للماء والزاد. ـ أتود الرقاد؟!. ـ لا.. يا أمي.. حدثيني عما جرى أثناء غيابي. كان يتشوق للأخبار. تطلعت إليه بصمتٍ ثم قالت: ـ جرى الكثير.. الكثير.. كم غبتَ يا ولدي؟ ـ ... ـ دهراً غبت.. استرح الآن. ـ لمن هذه الضرائح؟ ـ أو لم يخبروك؟!. ـ ... ـ التفتْ وأنظر! أدار وجهه وشخص حيث أشارت. اجتذبته عين غزالٍ أخذت بالاتساع.. في قعرها الصافي العميق تبرك امرأة عارية تتلوى ألماً، يحيط بها حشدٌ من العجائز يرددن نداءات استغاثة " فرج شدتها يا رب.. باب رحمتك يا رب". والمرأة تغرق في بحرٍ من العرق، ثم أعتمت الصورة لتحل مكانها عينان بشرتيان، أمعن النظر فيهما.. فشهق وعرته رعدة حينما تعرف على عيني أخيه الواسعتان المصوبتين إليه من بين عشرات الأحداق. عينان باسمتان تقولان الدنيا. تقصفّ متقلباً بهدير موجٍ مضطرب عاتٍ. وعاد ينظر إليها بقلق. ـ إنهم يا ولدي أخوتك الثلاثة، وأبوك.. أخذوهم الواحد بعد الآخر قبل خمس سنين!. أخذوهم وتركوني وحيدة.. أتعبني التجوال بين السجون والمعتقلات، شبعتُ شتماً بذيئاً من رجال غلاظ القلوب.. أضنتني الوحدة.. كدت أموتُ كمداً.. لكنهم نبعوا كل في غرفته.. وجدتهم ذات ليلة يغطون في سباتٍ عميق.. عميق. بحَّ صوتي من كثرة ما دعوتهم للاستيقاظ.. يئستُ فبنيت لهم مسكناً يسترهم الأنظار.. إنهم ينامون الآن يا ولدي... يحلمون،... ينهضون بين الحين والحين أثناء الأسحار بملابسهم الملطخة بالدماء، يحيطون بي.. يسرونني بما رأوه من أهوال في أقبية التعذيب... عن صبرهم على التفريق، والتجويع.. والتسهير.. والإيلام.. عن ظلمتها ورطوبتها وبردها ووحشتها، قالوا: أتدرين لم يرَ أحدنا الآخر إلا هنا!. أشكوهم وحدتي فيؤنسونني بأعذب الكلام.. نتذكرك يا ولدي في كل جلسة، أبثهم مخاوفي.. فيطمئنوني عليك قائلين: ـ أزيحي عنك الهم.. سيحضر في يومٍ ماطرٍ وسط الحوش ويجلب لقلبك السكينة! صمتت لهنيهة. أحس بإعياء مباغت أمات أطرافه. ركزت عينيها على كفيه المائعتين والطافيتين على زرقة البساط التي شرعت بالتحرك. صعدت نظرها إلى تقاسيمه التي هرمت تلك اللحظة. ـ ما هذا الرماد الخانق وجهك يا ولدي؟! ـ أ أصابك وهنٌ؟ ـ ليس بيّ وهنٌ يا أمي.. لكني مذبوح! ـ أنفض عنك الرماد، ودع هذا الشرود، فهيئتك الكئيبة تحزن النائمين إلى جوارنا، قالوا لي مرة: في أنفاق التعذيب لم يثقل قلوبنا سوى فراق الأحبة.. عدا ذلك كنا لا نبدي اهتماما. دخّنت روحه. أستحثها بصوتٍ متهدج: ـ ماذا بعد يا أمي؟... أين الجيران.. الأصدقاء؟.. لا صوت... لا.. ضوء.. لا.. ماء. ـ عن أي جيران تسأل، لقد تغيروا مراراً.. شأنهم شأن الكثير من الأشياء التي اختلفت.. أستبدل البعض أبناءهم الذين قتلوا في الحرب بالدنانير وبيوتٍ حديثة وسيارات. ورحل البعض إلى أماكن مجهولةٍ، وما بقيَّ في ركننا سوى عوائل الفارين من الجبهات، والمعدومين والمعتقلين، والمختفين... ثم تقاطر إلى زاويتنا المهجورة الكثير من الأغراب. عرب.. أكراد.. صابئة.. شيعة.. آثوريون.. عجائز.. شيوخ.. ذوو عاهات.. يتامى.. أرامل.. عاهرات.. مرضى.. زوجات هاربات.. أشجار متروكة.. أعشاب.. أجنة.. قطط.. كلاب.. طيور.. قطعوا عنا الماء والكهرباء.. أتدري يا ولدي.. رغم كل البؤس.. فإنهم يقتحمون ركننا بين الفينة والأخرى بحثاً عن الهاربين من الجبهات.. يفجرون البيوت الخربة.. يعتقلون ساكنيها مع الفار المقبوض عليه.. والهاربون المساكين.. لم تركتموهم؟!.. يُقال إنهم يتحولون نهاراً إلى طيور قمرية ترحل مذعورةً نحو بساتين النخيل البعيدة وقصب الأهوار!. كان ينصت مطرقاً وقسماته تنبض ألماً يسيل منحدراً مع تيار السجادة الذي بدأ يفور. أمعنت النظر إلى تكوره المستكين، إلى رذاذ الرماد المتساقط من وجهه..، إلى تعب أصابعه الطويلة الخشنة الغارقة بالزرقة المائجة.. ـ حدثني عن حالك.. ما الذي أتى بك يا ولدي؟!. فاء إليها ونطق بصوت متحشرجٍ يرشح حزناً: ـ ضاقت بي السبل يا أمي!. ـ أخفض.. أخفض صوتك.. إنك تعكر رقادهم. أدنت أذنها من شفتيه المختلجتين، همس وكأنه يحدث نفسه: ـ ألا تشمين يا أمي رائحة دم طري وعطر أنفاسٍ حيةٍ وبقايا حديد من قميصي؟!. ـ ... ـ دفنت قبل ليلتين جثث أربعة رفاق وبندقيتي وبقيتُ وحيداً، محاصراً، عارياً إلا من مسدسٍ صغير.. فتسللتُ إليكِ متخفياً ومكتظاً بجروحي!.. ـ أش.. أش.. كف.. كف.. اخزن أحزانك.. طفق يرتعشُ مسبلاً أجفانه الذابلة.. ويحلم بالرقاد بين أحشائها الدافئة. احتوت وجهه بكفيها الناعمتين قائلةً: ـ تطلع في وجهي يا ولدي. رمشت أجفانه وهو يباعدها صاغراً. أعماه بريق قوي توهج في عينيها، فأسرع بإطباق أجفانه بتوتر. مسحت بأناملها خصلاتٍ شائبةٍ من شعره، ونشفتْ بمنديل يفوح بالمسك جبهته المعروقة وقالت: ـ يا لعذاب عينيك يا ولدي!. ـ ... ـ لِمَ يا ولدي.. لِمَ؟!. لِنتم كثيراً في بادئ الأمر.. ثم تصلبتم كثيراً.. لِمَ؟!.. ـ ... ـ ما الذي أخركم في الجبل كل تلك السنين؟!.. تاركين الأشياء تتحرق في انتظاركم.. البذور.. جذور الأعشاب.. المدن.. المحطات.. الأجنة.. العمال.. الجنود.. الفلاحون.. الهاربون.. الأرامل.. اليتامى.. الشهداء.. وكل أشياء الأركان المهملة.. المهجورة.. لم؟!.. ـ ... ـ أ أنستم إلى الصخور والأودية البعيدة!. ـ ... ـ وبعد كل هذا الانتظار المر طوال تلك السنين العجاف تعود مستريباً!. ـ ...!. ـ قمْ.. قمْ لأريك شيئاً!. قادته من ذراعه المرتخية وسارت أمامه على ماء السجادة الفائر، المتدفق نحو زاوية الغرفة البعيدة. شيعته عيون الغزلان الحوراء مستديرةً بأعناقها نحوه. عند حافة الماء دفعت باباً خفيضاً فأجتاح سمعه لغط نسوةٍ يرددن " يا أبا الحسن أحضرها". ثم ران الصمتُ ثقيلاً. دخلا دهليزاً ضيقاً يسع لشخصين تخفق في ضوئه الأخضر الخافت أجنحة طيور بيضاء زينت جداريه والسقف الواطئ. كان يقتفي أثرها كالسائر في نومه. أوقفته عند نهاية الدهليز. فتحت باباً جانبياً. ارتقت به سلماً خشبياً قصيراً أفضى بهما إلى حجرةٍ خافتة الضوء لا تسع إلا لسرير. اعتلت دكةً مرتفعةً مغطاةً بألواح من الخشب الصقيل لصق الجدار الأيمن. أزاحت ستارة بلون الجدار، فتدفق من نافذةٍ صغيرةٍ مدورةٍ وهجٌ أحمر نورَّ قسماتها وجدران الغرفة المزينة بعشرات الصور الفوتوغرافية لشباب بعمر الورد يشخصون إليه بمرح. أنعشه ألق العيون وأشعره بالرواء.. أراد أن يسألها عن هؤلاء النائمين في الجدران، لكنها همست: ـ اصعدْ يا ولدي وأنظر!. أصبح على الدكة، أشرأب عنقه ناظراً خلال النافذة، تزلزل مرتجاً بسيلٍ من الرعشات وعيناه تضيعان في غرفٍ متداخلةٍ تمتد امتداد البصر منارةً بضوء الشموع والفوانيس.. تركض على جدرانها قطعان الظباء.. ووسط كل غرفة أقيم ضريح قربه امرأة بثياب سوداء منهمكة برعايته، بعضهن يرشنَّ ماء الورد، أخريات يرتلنَ بخفوت آيات من القرآن، يصلين، يحرقن أصابع البخور، يفركن الآس ويسقين آنياته، يقرأن الأدعية، والضرائح ملفوفة بأثواب خضراء مخضلة بكفوف الحناء.. متتابعة.. تتصاغر.. ليتحول آخرها إلى نقطة خضراء. رأى بوضوح وجوه نساء يعرفهن.. أمهات رفاق ماتوا تحت التعذيب.. أُعدموا.. أمهات رفاق كانوا معه في الجبل واستشهدوا.. أمهات.. أمهات.. أمهات قتلى من عصورٍ سحيقة.. وجوه قديسات تشع جلالاً.. وجوه صابرة.. منتظرة.. أسدلت الستارة. كرت تقوده من ذراعه مبهوراً. هبطا درجات السلم الخمس. في الدهليز رشته أجنحة الطيور الخافقة برذاذ المسك فأبتل.. زورته القبور قبراً.. قبرا. مسحت جبهته بترابها. بجلسته على بحر السجادة. أمعنت التحديق في وجهه المغسول بالمسكٍ والتراب طويلا. ـ وعدت تقول.. ضاقت بي السبٌل!. قامت إلى طرف الغرفة وأتت بمجمرة معدنية، وضعتها قرب قدميه، ألقت على جمرها المتوهج حبيبات حرمل ففرقع محترقاً وتصاعد دخانه. خطت بهدوء إلى حقول الغزلان، استخرجت قدحاً خزفياً من حقيبةٍ قماشية معلقة في عنق ظبي. ملأته ماءً من الإبريق. أزاحت طرف ثوب القبر. غرفت من ترابه حفنةً صغيرةً. رشتها بالقدح وخلطته بسبابتها وقدمته إليه قائلةً: ـ أشربْ يا ولدي.. أشرب.. سينزاح الريب من قلبك فتبصر السبُل الكثار السالكة إلى أعماق البشر المهجورين.. المنتظرين. أحتوى القدح بكفٍ تختضُ. فتت الصمت صدى صرخات قريبة.. أدناه من شفتيه المرتجفتين.. ازدحم الكون بالصريخ.. ثم تلاشى، فران صمتٌ قلقٌ كسرته زغرودة طويلة صعدت تدور رفيعةً.. متلاحقةً واختفت بالسكون. بردت أطرافه وشعر بالنعاس، فأغفى مستنداً على ساعد أمه الممدود. ".... رأى نفسه يرقد على تخت خشبي مرتفع تحيط به آلاف الوجوه.. وجوه نساء شاحبة.. وجوه شيوخ ملتحية.. وجوه صبية.. أطفال خلقي الثياب.. وجوه مواليد بريئة.. وجوه... وجوه.. تتراءى حوله حتى الأفق، وتتطلع إلى غفوته بعيونٍ مترعة بالحزن والانتظار...". استيقظ ناظراً إلى وجه أمه المائل فوقه بحنان، مغسولاً بماء العيون التعبة.. المنتظرة. ـ هيا.. هيا يا ولدي قبل نزول الفجر.. سيمتلئ الحوش بالنسوة اللواتي يجلبن مواليد الليلة للتبرك بالقبور!. نهض. حزمت في قطعة قماش حفنة تمرٍ ورغيف ووضعتها بين كفيه.. تعانقا طويلاً.. خرج إلى الحوش الذي ضجّ بزقزقة العصافير التي لم تفلح بتغطية نشيج مؤلم طويل انبعث من الغرفة خلفه.
#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)
Salam_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بائع خردوات في سوق هرج ومنفي عاجز في غرفة بأسكندنافيا
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات2
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 3
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعباً بالكلمات 4
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات 5
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهة ولا لعبا بالكلمات-1
-
الكاتب النص الحياة الكتابة ليست نزهةً ولا لعبا بالكلمات6
-
في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الثاني
-
رواية في أروقة الذاكرة لهيفاء زنكنه رواية تؤرخ لتجربة الق
...
-
المنفى يضرب أعمق العلاقات الإنسانية-خريف المدن- مجموعة حسين
...
-
حافة القيامة- رواية -زهير الجزائري بحث فني في طبيعة الديكتات
...
-
وطن آخر مجموعة -بثينة الناصري القصصية تزييف عذاب المنفى وتم
...
-
في أروقة الذاكرة رواية هيفاء زنكنة القسم الأول
-
عن مقتل صديقي الزنجي عادل تركي
-
ليل البلاد رواية جنان جاسم حلاوي نص يرسم جحيم العراق بالكلم
...
-
عن العالم السفلى لنعيم شريف العراقي يحمل جرح الحروب في الوج
...
-
خسوف برهان الكتبي للطفية الدليمي كيف تنعكس ظروف القمع على ا
...
-
سرير الرمل
-
قسوة
-
التآكل
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|