أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُلدت دولة جديدة أم أُجّل الإنهيار؟















المزيد.....

طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُلدت دولة جديدة أم أُجّل الإنهيار؟


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8552 - 2025 / 12 / 10 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

10 ديسمبر 2025

في 8 ديسمبر 2024، إنهار النظام الذي حكم سوريا لأكثر من نصف قرن. لم يسقط بشار الأسد بفعل تدخل خارجي أو صفقة كبرى، بل بفعل موجة حسم سريعة قادتها هيئة تحرير الشام - بدعم أطراف إقليمية ودولية - بزعامة أحمد الشرع (الجولاني)، الذي إنتقل، في ظرف أسابيع، من مطلوب دولي بقيمة عشرة ملايين دولار إلى رئيس مؤقت يتمتع بصلاحيات شبه مطلقة ضمن دستور إنتقالي صِيغ على عَجل.
بعد عامٍ واحد فقط، تبدو سوريا ـ كما تصوّرها الصحافة الروسية ـ بلدًا بين عالمين: إنجازات تكتيكية واضحة، وهشاشة عميقة يمكن أن تنفجر في أي لحظة. فيما يلي زبدة مجموعة من المقالات والتحليلات السياسية الروسية حول هذه المناسبة.


أولاً: السلطة الجديدة — قوةٌ وشرعيةٌ بلا إجماع
1. الشرع… رجل بين صورتين
ترسم المقالات الروسية صورة حادة لزعيمٍ تغيّرت هويته السياسية بسرعة مذهلة. فهو، كما كتبت صحيفة روسية: "لم يُطلب من الجولاني أن يتوب… بل طُلب منه أن يحكم."
من قائد جهادي إرتبط بالقاعدة وداعش، إلى سياسي يلتقي مسؤولين أمريكيين وأوروبيين وروساً، بينما يقدّم نفسه للرأي العام السوري بوصفه "الحاكم القوي" القادر على إعادة الدولة إلى الحياة أو إعادة الحياة إلى الدولة.
إعتمد الشرع في الداخل على آليات سلطوية محسوبة:
•برلمان جديد، ثلثاه معيَّن لا منتخب.
•بقاء جزء من مسؤولي الدولة السابقة لضمان إستمرار المؤسسات.
•دمج واسع للفصائل المسلحة لمنع الحرب الشاملة.
•سعي حثيث لإحتواء المتشددين داخل هيئة تحرير الشام، دون فتح معركة مباشرة معهم.
إنه شكل جديد من الإستبداد، لكنه إستبداد “وظيفي” بالمعنى الذي تستخدمه الصحافة الروسية، أي إستبداد يهدف إلى منع الفوضى أكثر مما يهدف إلى بناء شرعية شعبية متينة.

2. شرعية سنية واسعة… وفراغ طائفي كامل
تُجمع التحليلات الروسية على أن الشرع يحظى بشرعية واضحة داخل المدن السنية الكبرى: دمشق، حمص، حلب، إدلب. إلا أن هذه الشرعية لا تمتد إلى الأقليات:
•الأكراد: مفاوضات لا تنتهي، تتخللها إشتباكات.
•الدروز: إستقلالية فعلية بدعم إسرائيلي شبه معلن.
•العلويون: موجة تصفيات وإعتقالات ومحاكمات، تقول إحدى المقالات إنها "لا تُبقي مجالًا للمصالحة" مع حكومة دمشق.
لذلك، كما كتب أحد المحللين الروس: "النظام الجديد منع الحرب… لكنه لم يمنع الكراهية."


ثانيًا: الموارد — دولة بلا إقتصاد ومحاولة نهوض صعبة

1. إقتصاد مدمّر ودولة بحجم نصف دولة
ينقل الكتّاب الروس أرقاماً صادمة عن سوريا الجديدة:
-90% من السكان تحت خط الفقر
-يومان فقط من الكهرباء
-مليونا شخص في خيام
-خسائر إقتصادية تتجاوز 216 مليار دولار
والأخطر: دمشق لا تسيطر على ثلث الأراضي السورية. فالشرق بيد الأكراد، والجنوب محكوم بسلطة درزية شبه منفصلة، والشمال خاضع للفصائل المدعومة من تركيا.
أي أن الشرع يحكم بلدًا ممزق الحدود، ممزق المؤسسات، ممزق المجتمع.

2. 27 مليار دولار من الوعود… وواقع لا يتغير
دخلت البلاد ـ رسميًا ـ في عام واحد موجة إستثمارات معلنة قوامها 27 مليار دولار من قطر والسعودية والإمارات وتركيا.
لكن النتائج على الأرض شبه معدومة.
يعلّق أحد الصحفيين الروس بتهكم واضح: "الأموال كثيرة… لكن الدولة التي يمكن أن تستثمر فيها غير موجودة."
فالعقوبات الأمريكية ما زالت تمنع النظام المالي السوري من إستقبال التدفقات، والبيروقراطية السابقة لم تُستبدل بمنظومة جديدة، والأمن ما زال هشًا، ما يجعل المستثمرين يكتفون بإعلانات بلا تنفيذ.

ثالثًا: الرافعة — تحالفات متناقضة تعيد رسم موقع سوريا

1. تركيا… الرافعة الأكبر في بقاء الشرع
تجمع التحليلات على حقيقة مركزية: لولا تركيا، لم يكن الشرع ليصمد عامًا واحدًا.
فهي مصدر الطاقة، والضامن الأمني، والقناة الدبلوماسية نحو الغرب. لكنها في الوقت ذاته تمتلك قدرة ضغط هائلة تجعل النظام السوري الجديد في موقع التابع أكثر من موقع الشريك.

2. إسرائيل… دولة لا تريد سوريا قوية
يقدّم المحللون الروس قراءة متشائمة للدور الإسرائيلي:
•ضربات جوية متواصلة.
•دعم واضح للفيدرالية.
•حماية الدروز في الجنوب.
•محاولات توسع في ملف المياه والجولان.
وتكتب صحيفة روسية عبارة تلخص الموقف: "إسرائيل تريد جارة ضعيفة… لا جارة مستقرة."

3. الولايات المتحدة… التطبيع المشروط
واشنطن منحت الشرع إعترافًا عمليًا، لكنها ربطته بشروط:
•إتفاق سلام مع إسرائيل.
•حل نهائي للمسألة الكردية.
•إصلاحات دستورية.
•إنفتاح سياسي.
وتضيف إحدى المقالات تفصيلاً مثيراً حول علاقة الشرع بترامب: "تحالف الضرورة بين رجلين ينظر كلٌ منهما للآخر كأداة."

4. روسيا… نفوذ بلا حليف
رغم سقوط الأسد، لم تفقد موسكو موقعها.
فهي تحافظ على قواعدها في طرطوس وحميميم، وتحتفظ بقنوات إتصال قوية مع الشرع، لكنها لم تعد اللاعب المقرّر، بل لاعبًا ثانويًا في مشهد سياسي أعادت تركيا وقطر والولايات المتحدة رسمه.

رابعًا: النتيجة — إستقرار هش وتوازن على حافة الإنفجار

1. نجاح تكتيكي مهم
تُجمع المقالات الروسية على أن الشرع حقق أربعة إنجازات أساسية:
• منع حرب أهلية جديدة
• دمج القوى المسلحة المتصارعة
• إعادة جزء من الخدمات
• إعادة فتح سوريا أمام العالم.
هذه النجاحات ليست بسيطة، خاصة بعد 13 عامًا من الحرب.

2. إخفاق إستراتيجي عميق
لكن هذه النجاحات تقف فوق أرض رخوة:
•الأقليات بلا ضمانات
•الهوية الوطنية في صراع
•الإقتصاد لا يعمل
•الميدان العسكري غير مستقر
•القوى الإقليمية تتحكم أكثر من الدولة نفسها
أحد المحللين يقول: "أسقط الإسلاميون الأسد… وقد يسقطون الشرع بالطريقة نفسها."

3. السيناريو الأخطر: تمرّد داخلي
تشير معظم التحليلات إلى أن الخطر الأكبر على النظام ليس خارجيًا، بل داخلي:
المتشددون داخل هيئة تحرير الشام والمقاتلون الأجانب الذين يرفضون: الإعتدال والإنفتاح والحوار مع الأكراد وأي علاقة مع إسرائيل أو الولايات المتحدة.
وهؤلاء، كما تكتب صحيفة روسية: "يمسكون بالزناد… وينتظرون اللحظة."

خاتمة: سوريا الجديدة — دولة قامت… لكنها لم تُبنَ بعد

بعد عام على سقوط الأسد، يمكن رسم صورة مركّبة لسوريا الجديدة:
•نظام سياسي أكثر فاعلية وحركة
•لكن دولة منهارة إقتصاديًا
•إنفتاح دبلوماسي واضح
•مقابل تمزق مجتمعي خطير
•حاكم يمتلك شرعية القوة
•لكنه يفتقد شرعية الإجماع
وبعبارة تلخص تقييم الصحافة الروسية: "أنقذ الشرع سوريا من الحرب… لكنه لم ينقذها من أسباب الحرب."
سوريا اليوم ليست على أبواب الإستقرار، وليست على حافة الإنهيار الكامل.
إنها دولة تسير على جسر ضيق بين واقع هدنة داخلية صعبة، وطموح بناء دولة لم تتشكل بعد.
وكل ما ستشهده السنوات المقبلة يتوقف على قدرة الشرع على حلّ الملفات الأربعة المؤجلة: الأقليات، الإقتصاد، اللامركزية، والولاءات المسلحة.
فإن فشل فيها، لن يكون سقوط الأسد سوى بداية فصل جديد… لا نهاية حقبة.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البيريسترويكا بعد أربعين عاماً: سقوط الإمبراطورية السوفياتية ...
- طوفان الأقصى 794 - بين الرياض وتل أبيب: طريق محفوف بالتوترات
- طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “الع ...
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...
- ألكسندر دوغين - -وإذا لزم الأمر، فسنمحو أوروبا من على وجه ال ...
- طوفان الأقصى 790 - الذهب الدامي والنفط المحترق: حرب السودان ...
- تحرير كراسنوأرميسك: قراءة تحليلية في دلالات الإختراق الميدان ...
- طوفان الأقصى 789 - إعدامات ميدانية في الضفة الغربية: صفقة تر ...
- ألكسندر دوغين - العقل الإنساني كصدى لذكائه المصطنع: أطروحة ح ...
- طوفان الأقصى 788 - الشرق الأوسط: صدى أكتوبر
- ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب واله ...
- طوفان الأقصى 787 - حين يتصدّع المعبد: حكاية تراجع AIPAC في أ ...
- طوفان الأقصى 786 - في المسألة الكردية: تنازع النفوذ بين الأح ...
- ألكسندر دوغين - «خطة السلام ذات النقاط الثماني والعشرين… تُغ ...
- طوفان الأقصى 785 - السعودية في موقع الحليف الأول؟ قراءة في ا ...
- طوفان الأقصى 784 - سوريا بين تفكّك السلطة وإعادة إنتاجها
- طوفان الأقصى 783 - ألمانيا تفتح أبوابها لحميرٍ من غزة… وتغلق ...
- خطة ترامب للسلام في أوكرانيا - ملف خاص - الجزء 6


المزيد.....




- آيس كريم بنكهة خبز الجاودار في آيسلندا.. توني شلهوب يكتشف طع ...
- خزانة شتاء 2025..10 قطع موضة أساسية لا غنى عنها
- حمد بن جاسم يعلق على ربط السعودية وقطر بخط سكة حديد
- سوريا.. فيديو وسيم الأسد وكيف ظهر خلال تحقيقات قبل إحالته إل ...
- مسؤول إيراني: اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية لا يصلح لمرح ...
- رحلة مع قطعة أثرية مسروقة رفقة مافيا المتاحف
- تحقيق أميركي في وفيات يحتمل ارتباطها بلقاحات كورونا
- مسؤول أميركي يكشف تفاصيل جديدة عن القوة الدولية في غزة
- بشروط.. زيلينسكي مستعد لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يوما
- تغيير الخط.. -لإعادة اللياقة والمهنية- للخارجية الأميركية


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 795 - سوريا بعد عام على سقوط نظام الأسد: هل وُلدت دولة جديدة أم أُجّل الإنهيار؟