حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 09:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ يوم أمس، وأنا أحاول أن أجد تفسيرًا لهذا الخطاب المتقلّب، الذي بات يفتقر إلى الحدّ الأدنى من الاتساق السياسي والفكري. فمرةً يُبشّر توماس باراك مبعوث الأمريكي باللامركزية في سوريا، مؤكّدًا استحالة تعايش مكوّنات المجتمع السوري بعد سنوات من الصراع وسفك الدماء، ومرةً أخرى ينقلب على هذا الطرح ليطالب بحكمٍ مركزي صارم، بحجّة أن المجتمعات القبلية والعشائرية بحسب توصيفه لا تصلح لها نماذج الحكم البديلة، ولا تنجح معها الفيدرالية، ليس في سوريا فحسب، بل في عموم منطقة الشرق الأوسط.
ثم لا يلبث أن يقدّم طرحًا ثالثًا، يجمع فيه على نحوٍ مرتبك بين المركزية واللامركزية، تحت ذرائع فضفاضة تتحدّث عن “تطلعات الشعب السوري” و”خصوصية الثقافة السياسية”، من دون أن يقدّم رؤية واضحة أو مشروعًا متكاملًا يمكن أن يشكّل أساسًا واقعيًا للاستقرار السياسي أو الاجتماعي.
هذا التناقض المستمر لا يعكس مرونةً سياسية كما قد يحاول البعض تصويره، بل يكشف عن غياب رؤية ثابتة ومشروع وطني حقيقي تجاه مستقبل سوريا. والأسوأ من ذلك أن هذا النوع من الخطاب يتعامل مع الشعب السوري وكأنه أداة للتجريب السياسي، أو ورقة تُستخدم تبعًا لتقلّبات المزاج والمصالح الآنية.
إن استمرار هذا النهج، القائم على التصريحات المتضاربة وغياب المسؤولية السياسية، لن يؤدي إلا إلى مزيد من تعقيد المشهد السوري، وإلى صبّ الزيت على نار صراعات لم تخمد أصلًا، سواء على المستوى السياسي أو العسكري أو الأمني.
ومن هنا، تبرز الحاجة الملحّة إلى موقف دولي أكثر مسؤولية، يمنع استمرار هذا العبث السياسي، ويضع حدًّا للخطابات التي تساهم في تعميق الانقسامات، بدل أن تفتح الطريق أمام مسار جادّ نحو الاستقرار والتسوية الحقيقية.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟