أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “العامل الإسرائيلي”: توازنات جيوسياسية جديدة في جنوب القوقاز والشرق الأوسط















المزيد.....

طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “العامل الإسرائيلي”: توازنات جيوسياسية جديدة في جنوب القوقاز والشرق الأوسط


زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 09:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ترجمة وتحليل د. زياد الزبيدي

8 ديسمبر 2025

مقدمة

تُعدّ العلاقات الثلاثية بين تركيا وأذربيجان وإسرائيل إحدى أكثر البُنى الجيوسياسية حساسية في جنوب القوقاز وشرق المتوسط. وبقدر ما تبدو الشراكة التركية–الأذربيجانية «طبيعية» بحكم الخطاب القومي المشترك (“أمة واحدة – دولتان”)، فإن تصاعد الدور الإسرائيلي في باكو، ونمو التعاون في مجالي الأمن–الطاقة بين الطرفين، أدّيا إلى إحداث إختلالات عميقة في التوازن الذي إعتادت تركيا أن تتعامل معه بوصفها الطرف المهيمن.
يقدّم مقال يوري كوزنيتسوف* (29 نوفمبر 2025) مادة تحليلية غنية تكشف كيف تحوّل «العامل الإسرائيلي» إلى نقطة إحتكاك متزايدة بين أنقرة وباكو، ليس فقط في السياسة الخارجية، بل أيضًا في ملفات غزة وسوريا والطاقة.


أولًا: صعود “التهديد التركي” في الخطاب الإسرائيلي

يبدأ كوزنيتسوف مقاله بإبراز التحول اللافت في الموقف الإسرائيلي من تركيا، وهو تحول وصل حدّ التصريح بأن تركيا تمثل “أكبر تهديد لإسرائيل اليوم”، كما قال وزير شؤون الشتات أميخاي شيكلي: «تركيا – هذه هي إيران جديدة… لديها طموحات للتمدد في سوريا… وفي غزة… تركيا اليوم هي التهديد الأكثر خطورة لإسرائيل».
هذا التصعيد اللفظي لا يمكن فصله عن ثلاثة مسارات مركزية:
1. التوغل التركي في شمال سوريا عبر النفوذ على الفصائل المسلحة.
2. موقف أنقرة التصعيدي من حرب غزة.
3. سعي إسرائيل لعزل تركيا دبلوماسيًا، وهو ما عبّر عنه شيكلي نفسه.
من وجهة نظر إسرائيل، فإن “التهديد التركي” يتجاوز البُعد العسكري ليشمل ما سماه خبير الإرهاب الإسرائيلي إيلي كارمون «التحالف الإيديولوجي بين تركيا وقطر عبر حركة الإخوان المسلمين».

ثانيًا: أذربيجان كوسيط… يفشل

يشير كوزنيتسوف إلى أن باكو حاولت لعب دور الوسيط بين أنقرة وتل أبيب عبر “الجولات الهادئة” من المشاورات، إلا أن النتائج جاءت محدودة.
وقد نقل عن فريد شافيف (رئيس مركز تحليل العلاقات الدولية في باكو) قوله: «سننجح إذا وافق الطرفان على نموذج مشترك يأخذ في الإعتبار مصالح كل منهما».
لكن التطورات اللاحقة، مثل إلغاء مؤتمر حاخامات أوروبا في باكو بضغوط تركية، تؤكد هشاشة هذا الدور الوسيط.
ويتضح أن إسرائيل لم تنظر إلى باكو كوسيط “محايد”، بل كحليف وثيق في المجال الأمني، وهو ما سيؤسس لتوترات مع أنقرة لاحقًا.


ثالثًا: غزة بوصفها نقطة الإنفجار الأكبر

يمثل ملف غزة – وفق كوزنيتسوف – العقدة المركزية التي أفضت إلى إحتكاك تركي–أذربيجاني. إذ عقدت إسرائيل في نوفمبر 2025 «الإجتماع الرابع للجنة التعاون الإقتصادي» مع أذربيجان، وهو أول إجتماع بعد إفتتاح السفارة الأذربيجانية في تل أبيب، وبعد “نهاية الحرب على غزة” شكليًا.
وفي الوقت نفسه، تذكر الصحيفة أن: «إسرائيل فرضت الفيتو على دخول الجنود الأتراك إلى غزة ضمن قوات الإستقرار الدولية… رغم أن باكو لعبت دور الوسيط بين أنقرة وإسرائيل».
هذه النقطة بالذات تحمل دلالتين:
1. إذلال دبلوماسي لتركيا أمام حليفها الأذربيجاني.
2. تقديم أذربيجان كطرف “مقبول إسرائيليًا” في ملفات حساسة لا يُسمح لتركيا بالمشاركة فيها.
كما تكشف مصادر إسرائيلية (نقلًا عن The Times of Israel) أن تل أبيب سلّمت واشنطن ملفًا حول «نشاطات حماس وحزب الله داخل تركيا»، وهو ما شكل أساس الفيتو الأمريكي–الإسرائيلي على مشاركة أنقرة في غزة.

رابعًا: الحسابات الإسرائيلية: فصل باكو عن أنقرة

يرى كوزنيتسوف أن إسرائيل تعمل بوضوح على غرس إسفين بين تركيا وأذربيجان.
ويكتب: «في نظر إسرائيل، فإن أذربيجان تُصنف ضمن الدول الإسلامية المعتدلة… ولا تريد إسرائيل أن يتحول نظام علييف نحو نفوذ حزب العدالة والتنمية».
وتندفع إسرائيل لتعميق التعاون الأمني–الطاقي مع باكو في ثلاثة محاور:
1. النقل الجوي العسكري (رحلات Silk Road إلى إيلات).
2. التعاون الإستخباراتي (ملفات حماس وحزب الله).
3. توسيع النفوذ خلال مرحلة “إعادة إعمار غزة”.
وبالتالي، فإن “العامل الإسرائيلي” لم يعد مجرد تعاون ثنائي بين تل أبيب وباكو، بل أصبح ورقة إستراتيجية للضغط على أنقرة.

خامسًا: التوترات العاطفية – الخطاب الرمزي وإتهامات “نكران الجميل”

يلفت كوزنيتسوف إلى ظاهرة لافتة: إحتجاج أصوات أذربيجانية ضد تركيا.
إذ كتبت الصحافية نِغيار إبراهيموفا: «شركة سوكار وزعت النفط مجانًا في المناطق التركية المنكوبة بالزلزال… بخلاف إخوتكم العرب الأغنياء بالنفط».
هذا النوع من السرديات يعزز مشاعر الغضب الشعبي في باكو تجاه أنقرة، ويُستخدم ضمنيًا في الصراع الدبلوماسي.

سادسًا: الدور الأمريكي: واشنطن تساند “المثلث الجديد”

تستشهد الورقة برسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعلييف في 2025: «أقدّر دعمكم لصديقتنا إسرائيل».
هذه الرسالة ليست مجاملة بروتوكولية؛ بل إشارة واضحة إلى تقاطع: المصالح الأمريكية–الإسرائيلية–الأذرية ضد النفوذ التركي والإيراني.
وهذا التقاطع يزيد من عزلة تركيا في ملفات غزة وسوريا والبحر الأسود.

سابعًا: تركيا في لحظة ضعف: سقوط دور “الوسيط الدولي”

يشير كوزنيتسوف إلى أن علييف إستغل لحظة تراجع الدور التركي بعد فشل مشاركة أنقرة في مباحثات أوكرانيا: «فشل أردوغان في إقناع الأوروبيين بأن منصة إسطنبول ما زالت ضرورية… فقد رأس المال الرمزي للوساطة».
لقد أدى ذلك إلى نتيجتين:
1. إنهيار قدرة تركيا على فرض نفسها كقوة تفاوضية.
2. تحرر باكو من “هيمنة الأخ الأكبر”.
ومن هنا يزداد إعتماد أذربيجان على إسرائيل وأمريكا بدلًا من تركيا.

ثامنًا: ملف الطاقة: تناقضات عميقة رغم الشعار القومي

تُظهر الورقة كيف باتت الطاقة هي الحقل الأكثر حساسية في العلاقة بين تركيا وأذربيجان.
فقد جرت مفاوضات شاقة لتمديد إتفاق TANAP، ولم يوقّع سوى إتفاق مؤقت عبر “تبادل البريد”، ولم يتم التوصل لإتفاق كامل إلا في يونيو 2024.
ويكتب كوزنيتسوف: «في تركيا يعتمدون على إستيراد الغاز والنفط من شواطئ قزوين الغربية بأسعار منخفضة… الأمر الذي لا يناسب أذربيجان ودبلوماسيتها الطاقية».
وهنا تتجلى نقطة ضعف تركيا:
تركيا مستهلكة تطلب تخفيض الأسعار، بينما أذربيجان مصدّر يحاول رفع الأسعار وتعزيز موقعه الأوروبي.
هذا التنافر الإقتصادي يعمّق الشرخ السياسي.


خاتمة

تؤكد الوقائع المدروسة أن “العامل الإسرائيلي” بات يغيّر طبيعة التحالف التركي–الأذربيجاني، الذي لم يعد يُنظر إليه كتحالف “مطلق”.
فالتقارب الأذربيجاني–الإسرائيلي، مضافًا إليه الدعم الأمريكي، والتوترات المتعلقة بغزة وسوريا والطاقة، جميعها تُنتج بيئة جديدة تجعل العلاقة بين أنقرة وباكو عرضة لإعادة تعريف جذرية.
وبالتالي، فإن مستقبل “أمة واحدة – دولتان” سيُختبر على ضوء:
1. التوازن الثلاثي بين إسرائيل وتركيا وأذربيجان،
2. موقع الطاقة في الحسابات الإستراتيجية،
3. مآلات الصراع في غزة وسوريا.
إن التحالف التركي–الأذربيجاني ما زال قائمًا، لكنه فقد “حصانته”، وأصبح جزءًا من لعبة جيوسياسية أكبر بكثير.

*****
الهوامش

1. يوري كوزنيتسوف
«الشرق الأوسط: هل سيؤدي "الملف الإسرائيلي" إلى توتير العلاقات بين أذربيجان وتركيا؟»
مؤسسة الثقافة الإستراتيجية
29 نوفمبر 2025.



#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألكسندر دوغين - أوروبا تحت سيطرة الشبكة الليبرالية العالمية: ...
- طوفان الأقصى 792 - المواجهة المؤجلة: قراءة هادئة في إحتمالات ...
- طوفان الأقصى 791 - «إسرائيل الجديدة: دولة صغيرة بدورٍ إمبراط ...
- ألكسندر دوغين - -وإذا لزم الأمر، فسنمحو أوروبا من على وجه ال ...
- طوفان الأقصى 790 - الذهب الدامي والنفط المحترق: حرب السودان ...
- تحرير كراسنوأرميسك: قراءة تحليلية في دلالات الإختراق الميدان ...
- طوفان الأقصى 789 - إعدامات ميدانية في الضفة الغربية: صفقة تر ...
- ألكسندر دوغين - العقل الإنساني كصدى لذكائه المصطنع: أطروحة ح ...
- طوفان الأقصى 788 - الشرق الأوسط: صدى أكتوبر
- ألكسندر دوغين - مفتاح النصر… في الداخل أولًا: حول الحرب واله ...
- طوفان الأقصى 787 - حين يتصدّع المعبد: حكاية تراجع AIPAC في أ ...
- طوفان الأقصى 786 - في المسألة الكردية: تنازع النفوذ بين الأح ...
- ألكسندر دوغين - «خطة السلام ذات النقاط الثماني والعشرين… تُغ ...
- طوفان الأقصى 785 - السعودية في موقع الحليف الأول؟ قراءة في ا ...
- طوفان الأقصى 784 - سوريا بين تفكّك السلطة وإعادة إنتاجها
- طوفان الأقصى 783 - ألمانيا تفتح أبوابها لحميرٍ من غزة… وتغلق ...
- خطة ترامب للسلام في أوكرانيا - ملف خاص - الجزء 6
- طوفان الأقصى 782 - أحمد الشرع بين السرديات الروسية والتركية ...
- خطة ترامب للسلام في أوكرانيا – ملف خاص – الجزء 5
- طوفان الأقصى 781 - ترامب – إبن سلمان: تحالف القوة والمال… وص ...


المزيد.....




- السيسي يستقبل خليفة حفتر ونائبه.. وبيان رئاسي يكشف ما بحثوه ...
- شهادة صادمة.. سائق في الجيش السوري بعهد الأسد يكشف لـCNN عن ...
- الكشف عن -أسد- التميمة الرسمية لنهائيات كأس أفريقيا 2025 الت ...
- تحقيق -ملفات دمشق-: ما هو جهاز - الراشدة- الذي استخدمه نظام ...
- أحمد الشرع: العلاقات مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات -مثال ...
- سوريا : احتفالات بالذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد
- الاتحاد الأوروبي يصادق على إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهج ...
- -إعلان غرناطة- يضع أسسا عالمية لمكافحة الإسلاموفوبيا بختام م ...
- رئيس المجلس الأوروبي: لن نقبل بتدخلات وتهديدات أميركا في سيا ...
- الأميركيون من أصول صومالية يحملون جوازاتهم بالشوارع خوفا من ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زياد الزبيدي - طوفان الأقصى 793 - العلاقات التركية–الأذربيجانية في ضوء “العامل الإسرائيلي”: توازنات جيوسياسية جديدة في جنوب القوقاز والشرق الأوسط