أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - اهتمام الذات الباحثة في مجال الفكر الفلسفي














المزيد.....

اهتمام الذات الباحثة في مجال الفكر الفلسفي


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 20:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مقدمة
"الفلسفة هي تفكير يؤدي إلى الاعتراف بضرورة الفعل المطلق الذي ينبع من الداخل" - جول لانيو.
تشكل المقولة "ما يهم الذات الباحثة في الفكر الفلسفي ليس كيف ابتدأ وكيف تحول ولكن إلى ماذا انتهى وعلى ماذا استقر" محورًا فلسفيًا يعكس تحولًا في النظر إلى طبيعة البحث الفلسفي، حيث ينتقل الاهتمام من المنشأ والتطورات التاريخية إلى النتائج النهائية والاستقرار المعرفي أو الوجودي. هذه المقولة، التي تبدو مستوحاة من أفكار غائية في الفلسفة، تؤكد على أولوية الغاية والمصير على حساب السببية الأولى، مما يجعلها استجابة لأزمات الذات المعاصرة في عالم يغلب فيه التحول السريع. في هذه الدراسة الأكاديمية الموسعة، سنستعرض الخلفية التاريخية لهذه الفكرة، السياقات الفلسفية والمفكرين الذين يتردد صداها في أعمالهم، الحجج المؤيدة والمعارضة، مستندين إلى مصادر فلسفية كلاسيكية ومعاصرة. سنخلص إلى أن هذه المقولة تمثل دعوة لإعادة توجيه الفلسفة نحو النتائج العملية والوجودية، محولة الذات الباحثة من مراقب تاريخي إلى صانع للمستقبل في عصر اللايقين. فماهو الاهتمام الفلسفي للذات راهنا؟
الخلفية التاريخية للمقولة في الفكر الفلسفي
تعود جذور هذه المقولة إلى التراث الفلسفي اليوناني، خاصة عند أرسطو الذي ميز بين أربعة أسباب للوجود: المادي، الصوري، الفاعل، والغائي. في "الفيزياء" و"الميتافيزيقا"، يؤكد أرسطو أن السبب الغائي – أي "إلى ماذا ينتهي الشيء" – هو الأكثر أهمية لفهم الطبيعة والأخلاق، حيث يرى أن "الغاية هي ما يحدد الجوهر". هذا التركيز على النهاية يتجاوز البدايات، كما في أخلاقه النيقوماخية حيث تكون السعادة الغاية النهائية للحياة البشرية.
مع التحولات في العصور الوسطى، دمج الفلاسفة الإسلاميون مثل ابن سينا وابن رشد هذه الفكرة مع اللاهوت، حيث يصبح "الانتهاء إلى الله" الغاية الكونية، متجاوزين التركيز على المنشأ الزمني.في العصر الحديث، يتردد صدى هذه المقولة في فلسفة هيغل، الذي يرى التاريخ كعملية ديالكتيكية تنتهي إلى "الروح المطلق"، حيث "ما يهم ليس كيف بدأ التاريخ بل إلى أين يتجه". أما نيتشه، في "هكذا تكلم زرادشت"، فينقد التركيز على البدايات (الأصل) لصالح "الإنسان الأعلى" كغاية مستقبلية.
في القرن العشرين، يعيد فوكو صياغتها في سياق "العناية بالذات" ، حيث يرى أن تحول الذات ليس في تاريخها بل في انتهائها إلى شكل فني أخلاقي، كما في "تاريخ الجنسانية".
هذه الخلفية تظهر كيف تحولت المقولة من غائية أرسطية إلى وجودية حديثة، ردًا على أزمات الذات في عصر الصناعة والرقمنة.
السياقات والمفكرون في تطبيق المقولة
في سياق الفلسفة الوجودية، يبرز سارتر كمفكر يركز على "إلى ماذا تنتهي الذات"، حيث في "الوجود والعدم"، الذات ليست محددة بمنشئها بل باختياراتها النهائية، مما يجعل الحرية غاية مطلقة دون أصل سابق.
كذلك، يعيد هيدجر في "الوجود والزمن" توجيه الاهتمام إلى "الانتهاء" كـ"الكينونة نحو الموت" ، متجاوزًا التطورات التاريخية لصالح الاستقرار الوجودي.
في الفلسفة العربية المعاصرة، يتردد هذا في الأعمال التي تناقش أبجديات البحث الفلسفي كتركيز على النتائج المعرفية لا التاريخية، معتبرًا أن الذات الفلسفية يجب أن تنتهي إلى تجديد حضاري.
في السياق النفسي، كما في علم النفس الاجتماعي، يرى علماء مثل فرويد أن الذات تنتهي إلى "اللاوعي" كاستقرار نهائي، متجاوزًا البدايات الطفولية.
أما في فلسفة العلم، كما عند هيوم، فإن "ما يهم ليس الأسباب الأولى بل النتائج التجريبية"، حيث ينقد السببية كوهم ويركز على الاستقرار الإدراكي.
هذه السياقات تجعل المقولة أداة لنقد النزعة التاريخانية في الفلسفة، كما عند هيغل، لصالح منظور غائي يركز على المستقبل.
حجج وجاهة المقولة: أولوية النهاية والاستقرار
تكمن وجاهة المقولة في قدرتها على مواجهة أزمات الذات المعاصرة. أولاً، في عصر التحولات السريعة (الرقمنة، الذكاء الاصطناعي)، يصبح التركيز على "كيف ابتدأ" غير ذي صلة، بينما "إلى ماذا انتهى" يوفر استقرارًا وجوديًا، كما يقول فوكو في تحوله الذاتي كعمل فني.
ثانيًا، تعزز الغائية الأخلاقية، كما عند أرسطو، حيث تكون الغاية (الخير) ما يحدد القيمة، مما يجعل الفلسفة عملية لا تاريخية.
ثالثًا، في السياسة، كما في فلسفة التاريخ عند هيغل، ينتهي التاريخ إلى حرية، مما يبرر النضال نحو غاية أفضل دون الغرق في الماضي.
هذه الحجج تجعل المقولة وجيهة لأنها تحول الفلسفة من سرد تاريخي إلى مشروع مستقبلي، كما في دعوات بول ريكور لإحياء الفلسفة كضرورة إنسانية.
حجج ضد وجاهة المقولة: أهمية البدايات والتحولات
مع ذلك، توجد حجج معارضة ترى أن تجاهل "كيف ابتدأ وتحول" يؤدي إلى فقدان السياق. أولاً، في فلسفة هيوم، السببية الأولى ضرورية لفهم النتائج، حيث بدون أسباب لا استقرار.
ثانيًا، ينقد نيتشه الغائية كوهم مسيحي، مفضلاً "الإرادة إلى السلطة" كتحول مستمر دون نهاية ثابتة.
ثالثًا، في الوجودية عند سارتر، الذات تحول مستمر دون استقرار نهائي، مما يجعل التركيز على النهاية سلبيًا.
كذلك، في فلسفة العلم الحديثة، كما عند كارل بوبر، التطورات التاريخية أساسية للتقدم، مما يجعل المقولة غير وجيهة لأنها تتجاهل الديالكتيك.
خاتمة:
في الختام، تبدو المقولة "ما يهم الذات الباحثة في الفكر الفلسفي ليس كيف ابتدأ وكيف تحول ولكن إلى ماذا انتهى وعلى ماذا استقر" وجيهة إلى حد كبير، إذ توفر أداة لمواجهة اللايقين من خلال التركيز على الغايات، مستلهمة من أرسطو إلى فوكو. ومع ذلك، يجب دمجها مع التحولات التاريخية لتجنب الجمود، كما في نقد الجمود الفلسفي. هذا يجعلها دعوة لفلسفة حية، تحول الذات من سجينة الماضي إلى صانعة لمستقبل أفضل، في عصر يحتاج إلى دهشة وشك فلسفيين. فماهو تقييم المقولة في الفكر المعاصر؟
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلاسفة في الطريق إلى الحقيقة، ما بين التأمل الميتافيزيقي وال ...
- الكائن البشري بين الطموح اللامتناهي نحو المطلق والإقرار بالت ...
- ما بين سبينوزا والسبينوزية، مقاربة أخلاقية سياسية
- الحقوق الفلسطينية في الدولة والعودة والإعمار وجذورها الراسخة ...
- السياسة عند فولتير بين أول الفنون وآخر المهن، مقاربة تنويرية ...
- الشعوب الحرة هي التي تصنع تاريخها بإرادتها، مقاربة حضارية
- صدور كتاب لم نحتاج الفلسفة في زمن الذكاء الاصطناعي؟
- القيمة الدائمة للفلسفة هي التطوير المستمر للفكر في كل فرد وك ...
- مشروع القرار الأمريكي بشأن مستقبل غزة والموقف الفلسطيني منه
- الإبستمولوجيا في الفلسفة الحديثة والمعاصرة
- الحرب هي النواة الإشكالية لأهم المعارك الجيوسياسية بين القوى ...
- القرار الأنطولوجي الحاسم للذات الجمعية بفك الارتباط بالمركزي ...
- أسلوب المقاربات بين المعنى اللغوي والدلالة الاصطلاحية والمفه ...
- مخطط تقسيم السودان بين السياق التاريخي، الأسباب، والتداعيات
- الرؤى المتقاطعة كنسيج معرفي متعدد الأبعاد
- أصل وأسس اللاّمساواة بين البشر حسب جان جاك روسو وشروط تحقيق ...
- ممارسة الفلسفة بطريقة أصلية مفيدة للبشرية عند التفكير في الغ ...
- انعقاد قمة مجموعة اسيان بين التفاهمات الاقليمية وبناء قوة اق ...
- الوضع البشري بين التناول السوسيولوجي والتناول البسيكولوجي، ا ...
- هل سحب جيل زد البساط من الهيكليات الكلاسيكية وامسك بزمام الم ...


المزيد.....




- زينة العيد في حي بنيوجيرسي.. رجال ثلج عمالقة تجمع بين البهجة ...
- الأردن.. الأميرة رجوة الحسين تحضن ولي العهد بصورة الملك والع ...
- مصر.. بيان رسمي يوضح حقائق عن تسرب الأمطار وحجز التذاكر وأسع ...
- -ثاني رضيع يتوفى في يومين-.. فلسطيني يحمل جثمان حفيده بعد في ...
- إنهاء برامج لمّ شمل العائلات لـمواطني 7 دول: أمريكا تحدد موع ...
- ويتكوف يطير نحو برلين للقاء زيلينسكي وزعماء أوروبيين
- الأطفال على رأس ضحايا الحرب في أوكرانيا
- ترامب يتوعد بالتدخل برا في فنزويلا لمكافحة عصابات المخدرات و ...
- ترامب وكلينتون يظهران في مجموعة جديدة من صور إبستين نشرها نو ...
- تجدد المواجهات الحدودية بين كبموديا وتايلاند


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - زهير الخويلدي - اهتمام الذات الباحثة في مجال الفكر الفلسفي