أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - السلام المؤجَّل وحقوق الكرد… بين الوعود السياسية وواقع الإنكار














المزيد.....

السلام المؤجَّل وحقوق الكرد… بين الوعود السياسية وواقع الإنكار


حجي قادو
كاتب وباحث

(Haji Qado)


الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الآونة الأخيرة، أعلنت تركيا عن مسارٍ جديد لما سُمّي بـ«عملية السلام» مع حزب العمال الكردستاني، حيث بادر الحزب باتخاذ خطوات وُصفت بالجديّة، تمثّلت في إلقاء السلاح، وحلّ بنيته التنظيمية، والانسحاب من أراضي كردستان تركيا باتجاه إقليم كردستان العراق، من دون أن تُقابل هذه الخطوات، حتى الآن، بأي إجراءات عملية موازية من جانب الحكومة أو الدولة التركية.

وعلى الرغم من هذا الاختلال في ميزان المبادرات، صرّح دولت بهجلي بأن «الجناح الثاني لطائر السلام سيرتفع»، مشيرًا إلى أن السيد عبد الله أوجلان ماضٍ في وعوده بشأن سلام حقيقي وصادق وواقعي. وفي السياق ذاته، جاءت تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، التي ألمح فيها إلى إمكانية أن يلعب أوجلان دورًا في الملف السوري، عبر التأثير على «قوات سوريا الديمقراطية» ودفعها نحو إلقاء السلاح.

ومن موقع المسؤولية السياسية والأخلاقية، نُعلن دعمنا لأي مسار سلام حقيقي في تركيا تشارك فيه القوى السياسية والمجتمعية الكردية في كردستان تركيا، شريطة ألّا يكون هذا السلام على حساب الوجود القومي الكردي في بقية أجزاء كردستان، وألّا يتحوّل إلى غطاء لإقصاء الحقوق المشروعة للشعب الكردي أو إنكارها تحت أي مسمّى.

وفي هذا السياق، تكتسب تصريحات المبعوث الأميركي توم باراك أهميةً خاصة، ولا سيّما حين تحدّث عن استحالة نجاح اللامركزية في الشرق الأوسط، وفشل النظم المركزية في الكيانات التي تشكّلت بعد اتفاقيات الاستعمار عقب الحرب العالمية الأولى. فهذه التصريحات تُشكّل، في جوهرها، اعترافًا بعمق الأزمة البنيوية التي تعاني منها الدول التي تتقاسم أرض كردستان، وتؤكّد حقيقةً تاريخية مفادها أنّ الشعوب التي لم تُمنح حق تقرير المصير لا يمكن أن تنعم الدول التي تهيمن عليها بالحرية أو العدالة أو الاستقرار.

إن ما يجري اليوم يجب أن يُعدّ جرسَ إنذارٍ حقيقيًا للمجتمع الدولي، بأن سياسات القمع المركزي، وممارسات التتريك والتعريب والفرسنة والتطييف التي مارستها هذه الأنظمة على مدى قرنٍ كامل، قد وصلت إلى طريقٍ مسدود، وأن استمرار نهج الإقصاء والإلغاء لن يفضي إلا إلى مزيد من الاضطرابات والصراعات المفتوحة.

لقد قدّم الشعب الكردي مئات الآلاف من الشهداء في سبيل الحرية، وتعرّض لأبشع صور الإبادة الجماعية والتهجير القسري ومحاولات محو الهوية الوطنية الكردستانية، ومع ذلك ما يزال محرومًا من أبسط حقوقه السياسية والقانونية التي كفلتها المواثيق الدولية.

وفي هذا التوقيت الحرج، يتوجّه الشعب الكردي بنداءٍ واضح إلى المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية، وهيئة الأمم المتحدة، لتحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه قضيته العادلة، والضغط على الأنظمة المعنية للاعتراف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الكردي، وإشراكه شريكًا حقيقيًا في صياغة مستقبل المنطقة على أسس العدالة والمساواة والاحترام المتبادل.

أما فيما يتعلّق بالتصريحات الأخيرة التي أُطلقت خلال زيارة أحمد الشرع إلى دولة قطر، حين قال: «الكرد في عيوننا وسنندمج معًا»، فإن الشعب الكردي لا يرى نفسه في العيون ولا في العبارات الدبلوماسية العابرة، بل يراه في النصوص الدستورية الواضحة، وفي القوانين الضامنة للحقوق، وفي الممارسات اليومية التي تؤكّد الشراكة الحقيقية لا الرمزية.

فالحقوق لا تُمنح بالكلمات، ولا تُقاس بحجم المجاملات السياسية، بل تُكتب في الدساتير، وتُصان بالقوانين، وتُمارَس على أرض الواقع.

وفي سياق متصل، تبرز مفارقة واضحة في الخطاب السياسي لأحمد الشرع، الذي ينفي عن نفسه صفة «الإرهاب»، ويؤكّد أنه قاتل لسنوات طويلة من دون أن يستهدف المدنيين، في حين تشير الوقائع الموثّقة إلى ارتباطاته السابقة بتنظيمات متشدّدة، وتنقّله بين جماعات ذات فكر متطرّف، ثم محاولاته اللاحقة لإعادة تقديم نفسه بلباس سياسي جديد. إن هذه الازدواجية في الخطاب تُقوّض الثقة، وتُضعف أي حديث جاد عن الانتقال من منطق السلاح إلى منطق الدولة والقانون.

وعلى الرغم من مرور عام على سقوط النظام ووصول «هيئة تحرير الشام» إلى مشهد السلطة في سوريا، وهو ما اعتُبر من أضخم التحوّلات السياسية في المنطقة، واحتفال قطاعات واسعة من الشعب السوري في الساحات والميادين بهذه المناسبة، فإن هذا المشهد الاحتفالي لم يكن عامًا؛ إذ بقيت مناطق الساحل السوري وسكان جبل باشان وشرقي الفرات خارج هذا المزاج، في ظلّ غياب المعالجة الجادّة للأوضاع الداخلية المتدهورة، من غلاء فاحش في أسعار المواد الغذائية والطاقة، وتآكل منظومة الضبط القانوني، وتراجع مستوى الخدمات الأساسية، فضلًا عن استمرار تجاهل حقوق باقي المكوّنات العرقية في سوريا، وعلى رأسها الشعب الكردي، الذي يُعدّ ثاني أكبر قومية في البلاد، من دون اعتراف كافٍ بهويته الوطنية وحقوقه المشروعة.

إن السلام الحقيقي لا يُبنى على الإنكار، ولا على إعادة تدوير الخطابات، بل على الاعتراف بالحقوق، ومصارحة الشعوب، ووضع أسس قانونية واضحة لعلاقات قائمة على الندية والكرامة الوطنية.



#حجي_قادو (هاشتاغ)       Haji_Qado#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتجاه المعاكس… حين يتحول الإعلام إلى منصّة للفتنة-
- بهجلي وقلق أنقرة المتجدد من تقارب كوردي كوردي
- الكورد تاجٌ على رؤوس من أراد إهانتهم
- التسوية أم الاستسلام؟ القضية الكردية بين المساومات السياسية ...
- بين خطاب التهدئة وواقع الإقصاء… قراءة في رسالة الشرع إلى أبن ...
- رسالة إمرالي… بين الواقع السياسي وكرامة التضحيات
- سوريا بين التفكّك والإنقاذ… لا حلّ دون 2254
- حين تتحول الثورة إلى نقيض شعاراتها… قراءة نقدية في التجربة ا ...
- بيان لجنة إيمرالي… ومفارقات اتفاق 10 آذار في سوريا
- تصريح محمد إسماعيل رئيس المجلس الوطني الكوردي… تساؤلات مفتوح ...
- قبل توجيه الاتهامات… فلننظر في المرآة أولًا
- رسالة عبد الله أوجلان… سلامٌ بلا هوية أم سياسةٌ بلا وضوح؟
- لقاء غير مُفهوم… بين الجلاد والضحية
- اتفاق 10 آذار بين الشرع والجنرال مظلوم… إنقاذ للبلاد أم مجام ...
- من الاحتلال التركي إلى التوغل الإسرائيلي، وتغييب القضية الكر ...
- ظهور مظلوم عبدي في ملتقى ميبس في دهوك… رسالة سياسية تتجاوز ح ...
- تبرئة المجرمين بالذكاء الاصطناعي في سوريا ،وتمهيد الطريق للف ...
- محاكمة على الورق… وإفلاتٌ من العقاب: مسرحية “التحقيق” في جرا ...
- من بندقية الصيد إلى هزيمة داعش: كيف تشكّلت قوة لا يُستهان به ...
- سوريا بين هيمنة الفتوى وضياع الدولة


المزيد.....




- السيسي يستقبل خليفة حفتر ونائبه.. وبيان رئاسي يكشف ما بحثوه ...
- شهادة صادمة.. سائق في الجيش السوري بعهد الأسد يكشف لـCNN عن ...
- الكشف عن -أسد- التميمة الرسمية لنهائيات كأس أفريقيا 2025 الت ...
- تحقيق -ملفات دمشق-: ما هو جهاز - الراشدة- الذي استخدمه نظام ...
- أحمد الشرع: العلاقات مع تركيا والسعودية وقطر والإمارات -مثال ...
- سوريا : احتفالات بالذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد
- الاتحاد الأوروبي يصادق على إجراءات تهدف إلى تشديد سياسة الهج ...
- -إعلان غرناطة- يضع أسسا عالمية لمكافحة الإسلاموفوبيا بختام م ...
- رئيس المجلس الأوروبي: لن نقبل بتدخلات وتهديدات أميركا في سيا ...
- الأميركيون من أصول صومالية يحملون جوازاتهم بالشوارع خوفا من ...


المزيد.....

- قراءة في تاريخ الاسلام المبكر / محمد جعفر ال عيسى
- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حجي قادو - السلام المؤجَّل وحقوق الكرد… بين الوعود السياسية وواقع الإنكار