صناعة الأمم : قراءة📕في التاريخ لتجنّب الوقوع في إخفاقات الماضي — انتقال الحرب من مجرد منافسة إلى سلب الخصوصية الاستراتيجية للطرف الآخر …

مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 8549 - 2025 / 12 / 7 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

/ يبدو أنّ ماراثون الضغط السياسي الذي تقوده واشنطن تجاه دولة الاحتلال ليس مجرد سباق عابر ، بل مسار طويل يتخلله ضباب كثيف من الأحداث والمواجهات والرهانات ، هذا المسار يجرّ القارئ والمراقب معاً إلى إعادة النظر مراراً وتكراراً ، فينتج عن ذلك شبكة من المفاهيم المتراكبة ؛ تتقارب حيناً وتتنافر حيناً آخر ، لكنّ ثبات بعض المواقف يبقى راسخاً رغم كل العواصف التىّ تضرب المنطقة ، لا سيما ما تواجهه السعودية وسوريا من ضغوط دولية وإقليمية متشابكة "، مراجع مقترحة: معهد الشرق الأوسط – مركز كارنيغي "، 👈 وتوضح تقارير صحفية أمريكية أنّ إدارة الرئيس دونالد ترمب وهو شخصياً ،سعت حثّاً إلى استقطاب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، والرئيس السوري أحمد الشرع ، للانضمام إلى الاتفاق الإبراهيمي ؛ في محاولة لجرّ المنطقة نحو واقع سياسي جديد ، غير أنّ الرد كان قاطعاً : لا علاقات رسمية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية حقيقية ، فذلك – بحسب المنقول عن الطرفين –هو المفتاح الوحيد لأي تحول استراتيجي ، إنّ إنهاء الاحتلال وفق قرارات الأمم المتحدة يظلّ الشرط الذي يتقدم على كل ما عداه : ،" قرارات الأمم المتحدة – تقارير واشنطن بوست" ، ✍ وفي الجهة المقابلة ، استقبلت إسرائيل إعلان واشنطن استعدادها لتزويد الرياض بمقاتلات F-35 منقوصة القدرات بما يشبه الاحتفال الصامت ، فالتفوق الذي تحرص عليه الولايات المتحدة 🇺🇸 لصالح إسرائيل بات معلناً ، أما تفاصيله التقنية فبقيت طيّ الكتمان ، هنا 👈 يصبح التخيل جزءاً من التحليل : هل التفوق في السرعة؟ أم في مناورة الطائرة ؟ أم في أنظمتها الذكية ؟ أم في أزرار سرية لا يعرف أحد طبيعتها ؟، " مراجع مقترحة: RAND – تقارير البنتاغون "، 👈 وفي ضوء ذلك ، يستمر الإحباط العربي العام في التمدد كلما بقيت الأمة الإسلامية – أو هكذا يُصوّرها البعض – في خانة الأمم غير القادرة على تحقيق ذاتها ، فالعطب بنيوي ، يمسّ قدرة الدول الضعيفة على النهوض ، ويمنعها من مواجهة من يتحكم بميزان قوتها وسلاحها ، بل إن مواجهة الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة تكاد تكون مستحيلة ، لأن واشنطن – كما أثبتت التجارب وخصوصاً مع قطاع غزة – حين تجد نفسها بين حليفين ، تميل إلى من تراه أكثر انسجاماً مع مصالحها ، " : دراسات التنمية السياسية – بحوث النهضة العربية ".

وتتجلى هذه المفاضلة بوضوح في ملف المقاتلات المتقدمة ، فالسعودية تسعى منذ سنوات للحصول على F-35 ولو بنسخة أقلّ تفوقاً ، فيما تحصل إسرائيل على النسخة الكاملة دون جهد أو تكلفة تُذكر ، أما تركيا ، فقد دفعت ثمن المقاتلات مقدّماً ، ثم استُبعدت من البرنامج ، وبقيت أموالها جامدة في البنوك الأمريكية ؛ مثال صارخ على مفارقات القوة في النظام الدولي ، " الناتو – تقييمات برنامج F-35 " ، ✍ فهذه المعطيات توكّد بأنّ الولايات المتحدة ما تزال الفاعل الأكثر تأثيراً في هندسة العلاقات الإقليمية ، وأنّ الدول العربية تجد نفسها في مساحة تفاوضية محدودة بفعل التوازنات الدولية ، ورغم ما يبدو من فرص للانفتاح السياسي ، يبقى الشرط الأساسي لأي استقرار حقيقي هو بناء قدرة إقليمية مستقلة ، والتوصل إلى حلّ عادل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة 🇺🇳…

تسعى المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة إلى تنفيذ مشروع تحديث واسع يشمل مختلف قطاعات الدولة ، في سياق تحولات إقليمية ودولية متسارعة تفرض إعادة بناء منظومات الأمن والتنمية ، وترتبط هذه الجهود بعوامل سياسية واقتصادية وتقنية ، وبصلات مع القوى العالمية الكبرى ، بما يخلق بيئة جديدة لإعادة تشكيل ميزان القوى في المنطقة ، تشمل عمليات التحديث التىّ تُجريها السعودية برامج موسّعة تستهدف قطاعات الصحة والطاقة والبنية التحتية والتقنيات والذكاء الاصطناعي ، إلى جانب تعميق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ، ويبدو أن التجربة الصينية في تحديث القدرات البشرية والتقنية أثّرت في توجه عدد من الدول ، ومنها السعودية ، نحو بناء جيل يمتلك مهارات متقدمة تُمكّنه من رفع مستوى الابتكار والإنتاج ،"مراجع:– رؤية السعودية 2030،– البنك الدولي ، تقارير التحول الاقتصادي في الشرق الأوسط ،" 👈 تكشف الوثائق أن قيمة صفقة الدفاع الأخيرة لا تتجاوز 142 مليار دولار من إجمالي نطاق قد يصل إلى تريليون دولار، ورغم ذلك تُعدّ من أكبر الصفقات العسكرية عالمياً ، ويعكس هذا التوجه أن البيئة الإقليمية—التىّ تشهد صراعاً ممتداً لأكثر من قرن ، وتقلّبات في التحالفات ، ومواجهات بين الإسرائيليين والفلسطينيين ، وبين إسرائيل وكل من حزب الله والإيرانيين والحوثيين ، إضافة إلى هجمات البحر الأحمر والحرب في السودان—قد جعلت الأمن أولوية لا يمكن التنافس معها مقارنة بالقطاعات الأخرى ،" مراجع:– معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي (SIPRI)، تقارير صادرات السلاح – معهد الشرق الأوسط (MEI)، تحليلات الأمن الإقليمي ".

تعتبر السعودية أن تطوير القدرات العسكرية—بما يشمل الطاقة النووية السلمية ، والقدرات الجوية والفضائية ، والدفاعات الصاروخية والبحرية ، وتعزيز أمن الحدود وتحديث أنظمة الاتصالات والمعلومات—يمثّل إطاراً شاملاً لتحقيق الاستقلالية المعرفية والتقنية ، ويهدف هذا التوجه إلى تمكين المجتمع من بلوغ مستوى تصنيعي متقدم وتقليل الاعتماد على الخارج في المجالات الحيوية ،"مراجع:– الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)– وزارة الدفاع السعودية، تقارير التطوير العسكري والتقني"، ✍ وتشير الأمثلة التاريخية إلى أن العلاقات الروسية–الأمريكية تحسنت بعد استلام البلاشفة للحكم ، ما مكّن لينين من الاستفادة من الخبرة الصناعية والعسكرية الأمريكية ، وفي المقابل ، دفعت القيود المفروضة على ألمانيا 🇩🇪 بموجب معاهدة فرساي إلى إقامة علاقة سرية مع الاتحاد السوفيتي ساهمت في إرسال طلاب ألمان للدراسة هناك ، وإقامة مصانع ألمانية بمساعدة سوفيتية ، وقد كان لهذا التعاون أثر جوهري في تعزيز القدرات العسكرية للبلدين ، وهو ما ظهر لاحقاً في المواجهات العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية لصالح السوفيات "، مراجع:– تاريخ الاتحاد السوفيتي الحديث– ألمانيا بين الحربين العالميتين " ، 👈 أمام هذا الواقع ، تقف الدول العربية أمام سؤال محوري : كيف يمكن منافسة إسرائيل في بيئة إقليمية تُفضّل فيها الولايات المتحدة تزويدها بأكثر أنظمة التسليح تطوراً؟ ويثير هذا التساؤل نقاشاً واسعاً حول مستقبل التوازن العسكري في المنطقة ، وإمكانية بناء منظومات دفاعية عربية قادرة على خلق معادلة ردع مستقلة ،" مراجع:– دراسات الكونغرس الأمريكي حول المساعدات العسكرية لإسرائيل – مركز RAND للدراسات الاستراتيجية، تقارير ميزان القوى في الشرق الأوسط " .

يتضح أن التحديث السعودي جزء من تحول واسع يشمل إعادة تشكيل منظومات الأمن والتنمية في المنطقة، في ظل ظروف تاريخية وإقليمية معقدة ، كما أن التجارب العالمية تُظهر أن التطوير التقني والعسكري لا ينفصل عن بناء المعرفة والتعاون الدولي ، ويبقى السؤال مفتوحاً حول كيفية تكوين توازنات جديدة تسمح للدول العربية بدور أكثر فاعلية في البيئة الإقليمية المقبلة …

لطالما اعتُبر التمدد الإيراني أحد أبرز التهديدات على المنطقة العربية ، نظرًا لاعتماده على أبعاد القومية والطائفية السياسية ، ومع ذلك، كشفت التطورات الإقليمية على مدى السنوات الماضية أن التهديدات لا تقتصر على هذا الجانب، بل تشمل أيضًا استراتيجيات إسرائيلية واسعة، تعتمد على شبكة من الوكلاء في مختلف أنحاء الإقليم ، وتهدف هذه السطور التوقف عند هذه الاستراتيجيات الإقليمية وآثارها على الأمن القومي العربي ، مع التركيز على امتداد النفوذ الإسرائيلي في لبنان وفلسطين وسوريا وشمال العراق والسودان واليمن وأجزاء من أفريقيا ،" مراجع:– عبد الوهاب المسيري، الصهيونية: رؤية تحليلية نقدية– مركز الدراسات الإستراتيجية في الشرق الأوسط، تقارير الأمن الإقليمي ، ✍ وعلى الرغم من أن إسرائيل كانت تُصنّف تاريخيًا ككيان معزول داخل حدود صغيرة ، إلا أن السنوات الأخيرة أظهرت مدى توسعها الاستراتيجي عبر شبكة من الوكلاء الإقليميين ، وتشمل هذه الأنشطة التدخل في دول تعاني من هشاشة سياسية ، بهدف تقويض الاستقرار وإرساء نفوذ طويل المدى ، هذه الاستراتيجية ، التىّ ليست وليدة اليوم ، بدأت منذ تأسيس الكيان الإسرائيلي وما زالت تتطور ، مع اعتماد كبير على الإنفاق المالي الضخم الذي لا يمكن لأي دولة عادية تحمله دون اقتصاد قوي ودعم خارجي ،" مراجع:– وليد الخالدي، قبل الشتات: تاريخ فلسطين المصوَّر – مجلة شؤون فلسطينية، ملفات الأمن القومي (أعداد مختلفة "،👈ثم تبرز مدينة رفح نموذجًا لتطبيق هذه الاستراتيجيات تماماً كما هو الحال مع المتعاون ياسر ابو الشباب الذي تم قتله ، حيث تم توظيف بعض المتعاونين مع الاحتلال بهدف تفادي مسار يؤدي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ، هذه السياسات تشير إلى نهج إسرائيلي ممنهج يهدف إلى إبقاء الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي دون حل شامل ، ما يمثل تحديًا مستمرًا للأمن والاستقرار في المنطقة ، كما يدرك العالم العربي أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية وحصار غزة ، مع المعاناة الإنسانية التىّ نتجت عنه ، يشكل مؤشرًا على إمكانية تكرار هذا النهج في مناطق عربية أخرى ، بضبط كما أن هذه السياسات لا تتماشى مع الطروحات الأمريكية حول “الأمن والرخاء المشترك” وتحديداً مع رؤية الرئيس ترمب ، ومن ثم ، فإن السير في مسار السلام مع إسرائيل دون الاعتراف بالدولة الفلسطينية يعد غير ممكنً، ويشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والإسلامي ،" مراجع:
– جامعة الدول العربية، تقارير الأمن القومي العربي– عزمي بشارة ، المسألة الفلسطينية: المفهوم، التاريخ ، الواقع .

إن تحليل الاستراتيجيات الإقليمية ، سواء الإيرانية أو الإسرائيلية ، يوضح أن التهديدات للأمن القومي العربي متعددة الأبعاد ولا تقتصر على دولة أو محور واحد ، ويستدعي ذلك تكاتف الجهود العربية لتعزيز الأمن الإقليمي ، ودعم المؤسسات الوطنية ، والعمل على إيجاد حلول سياسية عادلة للقضايا المستمرة ، بما في ذلك القضية الفلسطينية …

يشهد العالم اليوم تحديثات تقنية متسارعة ، وتحديدًا في الصين 🇨🇳 ، حيث تسعى بكين لتطوير أدوات رصد وتحليل متقدمة للموجات الكهرومغناطيسية ، بما يشمل التقنيات المستخدمة في المقاتلات الأمريكية الشبحية ، وقد برهنت التطورات الأخيرة على قدرة الصين على الابتكار في هذا المجال ، عبر إطلاق أول كاشف فوتوني فائق الحساسية قادر على رصد الطائرات الشبحية الخفية ، وهو ما يمثل قفزة نوعية في تقنيات الدفاع والرصد الحديثة (李، 2024) , ويُعتبر هذا التطور تحولًا استراتيجيًا مهمًا ، إذ أن المقاتلات الشبحية ، التىّ قد تتجاوز تكلفتها 150 ألف دولار ، لم تعد تحتفظ بقدرتها على الاختفاء من أجهزة الرصد الحديثة ، ويعكس هذا الأمر انتقالًا من مرحلة التنافس العسكري التقليدي إلى مرحلة تقويض الخصوصية التكنولوجية للخصم ، ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم ديناميكيات الصراع العسكري المستقبلي (Zhang، 2023) ، وبالرغم من ايضاً، بأن هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها المبكرة ، فإن تأثيرها المحتمل على توازن القوى في المجال العسكري عالي التقنية واضح ، ويستدعي دراسة دقيقة لاستراتيجيات الردع والتكيف مع هذه الابتكارات … والسلام 🙋‍♂

(وزارة الدفاع الصينية ، 2024) - المراجع : 2024)تكنولوجيا الرصد الفوتوني في الصين:12(4), 45-60 - وزارة الدفاع الصينية(2024) تقرير سنوي حول الابتكارات العسكرية والتقنيات الحديثة -بكين: وزارة الدفاع "…

#مروان_صباح (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل