مُتابعات – العدد الثالث والخمسون بعد المائة بتاريخ السّادس من كانون الأول/ديسمبر 2025

الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8548 - 2025 / 12 / 6 - 12:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

في جبهة الأعداء
1 - لو كنتُ قائدًا عربيًا، لما وقّعتُ اتفاقيةً مع إسرائيل. هذا طبيعي فقد استولينا على أرضهم. صحيحٌ أن الله وعدنا بها، ولكن كيف يُعقل ذلك؟ إلَهُنَا ليْسَ إِلَهُهُمْ...
كان هناك معاداة للسامية، وكان النازيون وهتلر ومُحْتَشَد أوشفيتز، ولكن هل كان ذلك ذنبهم؟ إنهم لا يرون إلا شيئًا واحدًا: لقد جئنا وسرقنا أرضهم. فلماذا يقبلون بذلك؟ ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني، نقلاً عن ناحوم غولدمان في كتاب "المفارقة اليهودية"

2 - الإفلات التام من العقاب
"نتج إنشاء إسرائيل عن رغبة غربية خالصة في كسر الامتداد الاستراتيجي للعالم العربي، عند نقطة التقاء شواطئه الآسيوية والأفريقية، بغطاء من الأمم المتحدة، التي كانت تتألف عند تأسيسها من 48 عضوًا فقط، بغياب الصين والهند وإندونيسيا وباكستان والدول الأفريقية، أي نحو ستين دولة تمثل ثلثي البشرية... "
"لقد رَفَضَ الكيان الصهيوني – الذي نشأ بقرار من الأمم المتحدة - تطبيق ثمانين قرار صادر عن الأمم المتحدة، بين سنتَيْ 1048 و 2009، بدعم من الإمبريالية الأمريكية التي استخدمت حق النّقض ( فيتو) في مجلس الأمن 33 مرة"، وفق الصحافي الأمريكي جيرمي هموند (Jeremy R. Hammond ) مؤلّف كتاب (The Rejection of Palestinian Self-Determination ) الذي وصف الكيان الصهيوني ب"الدّولة المارقة" ضمن مقال نشرته المجلة الأمريكية (Foreign Policy ) ضمن عددها الصادر بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2010
Rogue State: Israeli Violations of U.N. Security Council Resolutions
by Jeremy R. Hammond
Foreign Policy - January 27, 2010

3 - استمرار تدفّق الأسلحة الأمريكية
أعلنت وزارة الحرب الصهيونية يوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 استمرار تدفق الأسلحة الأمريكية في ظل وقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وإن الطائرة رقم أَلْف، ضمن «الجسر الجوي» الذي أُطلق منذ بداية العدوان على غزة، هبطت في مطار بن غوريون، قرب تل أبيب، في إطار "أكبر عملية نقل جوي للأسلحة والعتاد في تاريخ إسرائيل" ولم يُشِر بيان الوزارة إلى أي تفاصيل عن "الكميات الكبيرة من المعدات العسكرية" القادمة خصوصًا من ألمانيا والولايات المتحدة، وهما الدّوْلتان اللّتان وفَّرَتا "الدّعم الكامل وزبحجم غير مسبوق منذ قيام إسرائيل"، ونقلت الطّائرات الأَلْف منذ انطلاق العدوان على غزة "أكثر من 120 ألف طن من المعدات العسكرية والذخائر ووسائل القتال ووسائل الحماية والدفاع، فضلاً عن نحو 150 شحنة بحرية تشمل ذخائر متقدمة وأسلحة وعربات مُصَفَّحَة ومعدات طبية ومنظومات اتصال وتجهيزات حماية شخصية (...) وشكّل الجسر الجوي والبَحري عنصراً حاسماً في ضمان استمرارية الحرب وعمل الأجهزة الأمنية وتجديد المخزون لحالات الطوارئ، وتوفير الإستجابة السّريعة لاحتياجات الوحدات المقاتلة في مختلف الجبهات..."

في جبهة الأعداء – الهند، من جواهرلال نهرو إلى ناريندرا مودي
وقّعت وزير التجارة والصناعة الهندي ووزير الإقتصاد والصناعة الصهيوني، في تل ابيب، يوم الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، على وثيقة الشروط المَرْجعِيّة أو "اتفاق إطار" الشروط المرجعية التي ستؤطر المفاوضات بشأن تعزيز العلاقات التجارية وإيرام اتفاقية للتجارة الحرة الشّاملة التي بدأت منذ سنوات بين الهند والكيان الصهيوني، وتهدف اتفاقية التجارة الحرة إلى فتح الأسواق أمام السّلع والخدمات وتدفق رأس المال والاستثمارات...
تطوّرت العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية بسرعة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما سنة 1992، من 200 مليون دولار سنة 1992 إلى 10,77 مليار ( دون احتساب الصفقات العسكرية) سنة 2022، وانخفض حجم التجارة بنحو الثلثين، منذ الربع الأخير من سنة 2023، بسبب العدوان الصهيوني والإبادة الجماعية التي أدّت إلى شل ميناء أم الرّشراش ( إيلات) واضطراب حركة التّجارة في البحر الأحمر بقرار من المقاومة اليمَنِيّة...
وصف الوزير الهندي هذه العلاقات ب"الإستراتيجية بين ديمقراطيّتَيْن تهدفان التّكامل بين الإقتصادَيْن"، وأعلن الوزير إنه يتوقّع "أن يؤدي إطلاق محادثات اتفاقية التجارة الحرة إلى تعزيز التعاون في مجالات التكنولوجيا والابتكار والتجارة والاستثمار، مما يؤدي إلى تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الهند وإسرائيل."، والهند هي ثاني أكبر شريك تجاري للعدو الصهيوني في آسيا وسابع أكبر شريك دولي، وفق وزارة التجارة والصناعة الهندية.
شهد الاقتصاد الهندي، خامس أكبر اقتصاد في العالم، أقوى نمو له في خمسة فصول، حتى الثلاثين من حزيران/يونيو 2025، بدعم من زيادة الإنفاق الحكومي وإنفاق المستهلكين. عن وكالة الصحافة الفرنسية 20/11/2025

فوارق
حقق أصحاب المليارات في الاقتصادات الكبرى 2,2 تريليون دولار سنة 2024، وهو مبلغ يكفي لانتشال جميع فقراء العالم من براثن الفقر، وارتفعت ثروات 1% من أغنى أثرياء العالم بنحو 42 تريليون دولار بين سنتَيْ 2015 و 2024، ورغم هذه المكاسب، فإن الضرائب المفروضة على الأغنياء انخفضت إلى «مستويات تاريخية»، ويمكن أن تقضي أرباح مليارديرات مجموعة العشرين خلال عام واحد على الفقر حول العالم، وفق بيان منظمة "أوكسفام" بتاريخ الخميس 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 التي حذرت من «مستويات فاحشة» من عدم المساواة فيما بقية العالم "يبحث عن الفتات"، واقترحت المنظمة على المجتمعين في قمة مجموعة العشرين يومي 22 و23 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 زيادة الرسوم على الأثرياء ومنع أصحاب المليارات من التهرب من الأنظمة الضريبية، وفرض ضريبة سنوية على صافي الثروة بنسبة 8% على الأقل على "الثروات الفاحشة" وأوْرَدَتْ أوكسفام إن مبلغ 42 تريليون دولار يزيد بنحو 36 مرة عن الثروة التي جمعها النصف الأفقر من سكان العالم، ورغم ذلك، فإن أصحاب المليارات «يدفعون نسبة ضريبة تعادل أقل من 0,5% من ثرواتهم» في أنحاء العالم، وإن حوالي أربعة من كل خمسة ( 80% ) من أصحاب المليارات في العالم يعتبرون دول مجموعة العشرين موطنًا لهم، واستنادًا إلى قائمة "فوربس" التي تتابع تطور ثروات الأغنياء، فإن أصحاب المليارات في دول المجموعة حققوا 2,2 تريليون دولار سنة 2024، ونمت ثرواتهم مجتمعة إلى 15,6 تريليون دولار، فيما قَدّرت أوكسفام «الكلفة السنوية لإخراج 3,8 مليارات شخص يعيشون حاليا تحت خط الفقر، بنحو 1,65 تريليون دولار" واتهمت المنظمة الولايات المتحدة التي قاطعت قمة جوهانسبرغ، بالدفاع عن «سياسات مدمرة، من تعرفات جمركية متهورة، وصولا إلى خفض المساعدات المنقذة للحياة التي تزيد من عدم المساواة بين الأغنياء والفقراء(... ) وإن 3,4 مليارات شخص يعيشون في بلدان تنفق على سداد فوائد الدّيُون أكثر مما تنفقه على التعليم أو الصحة..."

بريطانيا، حرّيات
مظاهرات احتجاجا على تصنيف منظمة "فلسطين أكشن" إرهابية
تظاهر المئات في العاصمة البريطانية لندن وفي مدينة بلفاست ( إيرلندا المحتلّة)، يوم الأحد 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، للاحتجاج على تصنيف الحكومة البريطانية منظمة فلسطين أكشن منظمة إرهابية، واعتقلت الشرطة ما لا يقل عن تسعين متظاهرًا في لندن
اعتقلت الشرطة البريطانية، السبت، ما لا يقل عن 90 متظاهراً في العاصمة لندن، خلال احتجاج على حظر السلطات لمجموعة "فلسطين أكشن" خلال شهر تموز/يوليو 2025، بسبب أنشطتها ضد الشركات التي تتعامل تجارياً مع الكيان الصهيوني، وتجمَّعَ مُتظاهرون في ساحة تافيستوك في لندن، ورفعوا لافتات كُتبت عليها عبارات من قبيل “أنا ضد الإبادة الجماعية” و”أنا أؤيد فلسطين أكشن”، قبل تعرضهم للاعتقال من قبل عناصر الشرطة.
تأسست “فلسطين أكشن” سنة 2020، وكثفت نشاطها عقب حرب الإبادة على قطاع غزة منذ تشرين الأول/اكتوبر 2023، وضمّت مئات المناضلين الذين التحقوا بها خلال تنفيذ أنشطة لوقف الإنتاج في المصانع التابعة لشركات تتعامل مع الكيان الصهيوني، واشتهرت بتعطيل إنتاج مصنع تابع للفرع البريطاني لشركة “ألبيت سيستمز” الصّهيونية للصناعات الحربية في مدينة بريستول، حيث أدى ذلك إلى تعطيل إنتاج الطائرات المسيّرة في هذا المصنع، وبعد اقتحام عناصر مجموعة "فلسطين أكشن" قاعدة “بريز نورتون” الجوية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بأوكسفوردشاير، يوم العشرين من حزيران/يونيو 2025، بدأت الحكومة البريطانية في تنفيذ خطوات تصنيف مجموعة “فلسطين أكشن” منظمة “إرهابية” في بريطانيا، لمجرّد رشّ طلاءً أحمر على محركات طائرتين عسكريتين في القاعدة، رافعين الأعلام الفلسطينية، مبررين ذلك بقيام هاتين الطائرتين بتنفيذ عمليات عسكرية ضدّ الفلسطينيين المُحاصَرِين، وأقر مجلس العموم (الغرفة الأولى للبرلمان) مشروع القانون يوم الثاني من تموز/يوليو 2025، وبعد يوم واحد صادق عليه مجلس اللوردات (الغرفة الثانية للبرلمان) يوم الثالث من تموز/يوليو 2025، وقدمت مجموعة “فلسطين أكشن” طلبًا إلى المحكمة العليا لوقف تنفيذ الحكم، إلا أن المحكمة رفضت الطلب بسرعة فائقة، يوم الرابع من تموز/يوليو 2025، وبموجب القانون والحكم القضائي، تم إدراج مجموعة “فلسطين أكشن” ضمن المنظمات المحظورة في بريطانيا اعتباراً من الخامس من تموز/يوليو 2025، ليُصبِحَ الإنتماء أو الدّعم لهذه المجموعة جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 14 سنة، كما يُعرِّض ارتداء قميص أو حمل شارة تحمل اسم المجموعة صاحبها لعقوبة السجن لمدة تصل إلى 6 أشهر، واعتقلت الشرطة مئات المُؤيّدين ل"فلسطين أكشن" منذ قرار حظْرِها، ولا يزال ما لا يقل عن ثلاثين من أعضائها معتقلين في السجون البريطانية منذ اقتحام مصانع أسلحة احتجاجا على تصدير السلاح البريطاني إلى العدو الصهيوني...

بلجيكا – إضراب عام
دعت النقابات إلى إضراب عام ثاني ( بعد إضراب يوم الرابع عشر من تشرين الأول/اكتوبر 2025) ضد "إصلاحات" حكومية ويستمر إضراب الرابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2025 ثلاثة أيام، وَشَلّ قطاعات واسعة في البلاد، احتجاجا على "الإصلاحات" التي أعلنتها الحكومة التي يرأسها "بارت دي ويفر" بهدف "موازنة المالية العامة"، لأن بلجيكا " تعاني من أحد أسوأ مستويات الديون في منطقة اليورو"، إلى جانب اليونان وإيطاليا وفرنسا، وفق رئيس الحكومة، وأدّى الإضراب إلى إلغاء الكثير من رحلات القطارات والطائرات وإلى إغلاق دور الحضانة.
تُنظم الحركة الاحتجاجية على ثلاث مراحل، بدءا بتعطيل حركة النّقل العام يوم الإثنين 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025، وتتوقع شركة السكك الحديد البلجيكية SNCB استمرار تشغيل نسبة تقل عن نصف أو حتى ثُلُث رحلات القطار تَبَعًا للخطوط، كما ستلغى رحلات كثيرة عبر قطارات "يوروستار" التي تربط عاصِمَتَيْ بلجيكا (بروكسل) وفرنسا ( باريس)، وينضم قطاع الخدمات العامة إلى الإضراب يوم الثلاثاء 25/11/2025، ما يؤدّي إلى إغلاق المدارس ودور الحضانة والمكاتب الحكومية والمستشفيات، قبل يوم إضراب وطني يوم الأربعاء 26/11/2025، فلن تقلع أي رحلات جوية تجارية يوم الإربعاء من مطاري بلجيكا الرئيسيين، بروكسل-زافينتيم وشارلروا، في ظل توقع الشركات المشغلة للمرفقين الجويين مشاركة عالية في الإضراب بين موظفي الأمن.
أطلقت هذا الإضراب النقابات العمالية البلجيكية الرئيسية التي تخوض صراعا مع رئيس الوزراء "بارت دي ويفر" بسبب السياسات التقشفية للحكومة الإئتلافية اليمينية التي تم تنصيبها خلال شهر شباط/فبراير 2025، والتي تُصرّ على فرض سياسات تقشفية واسعة في البلاد، تضرّ بمصالح الأجراء والكادحين والفُقراء، وترعى ثروات الأغنياء والشركات والمصارف وأرباب العمل، مثل "تحرير سوق العمل" أي إلغاء الضوابط التي تُؤَطِّرُ العلاقات بين العامل ورب العمل، وإلغاء القوانين التي تضبط سنوات العمال قبل التقاعد، وقيمة المعاشات التقاعدية وتعويضات المُعَطّلين عن العمل، وما إلى ذلك، وانقسمت أحزاب الإئتلاف الحاكم ( خمسة أحزاب) بشأن عدد من "الإصلاحات" الرئيسية التي اقترحها دي ويفر، وحول نطاق "الإصلاحات" وكيفية تحقيق التخفيضات الجديدة في الميزانية إلى جانب الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري، ويؤدّي الإضراب إلى مزيد من الإنقسام بين هذه الأحزاب التي وجب أن تتفق قبل نهاية سنة 2025 للمصادقة على الميزانية، في ظل مستوى مرتفع من الدّيون، وفي ظل غضب شعبي متصاعد، وفق وكالة الصحافة الفرنسية - أ ف ب 24/11/2025

أوكرانيا - الحرب تجارة، والسلام مصدرٌ للأرباح
تتضمن الخطة آليةً تمنح الولايات المتحدة دورًا محوريًا في إعادة إعمار البلاد، مع اتفاقية لتقاسم المنافع في صالح واشنطن، ويحظى هذا البُعد الاقتصادي باهتمامٍ لا يقل عن بنود الخطة العسكرية والإقليمية، لأن خطة ترامب للسلام تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا، وإلى إطلاق معركة اقتصادية لرحلة ما بعد الحرب.
يذكر نص مشروع الإتفاقية إنشاء صندوق استثماري مخصص لإعادة الإعمار، بتمويل جزء من الأصول الروسية المصادرة، ويُقدر المبلغ المذكور بحوالي 100 مليار يورو، وتتضمن الخطة استخدام هذه الأموال كرافعة أولية لجذب رأس المال الخاص وإطلاق مشاريع في البنية التحتية والإسكان والإنعاش الصناعي.
تنص الخطة على أولوية الشركات الأمريكية، وحصولها على ما يصل إلى نصف أرباح مشاريع إعادة الإعمار، لِتُرسي هذه الصيغة التمويلية علاقة اقتصادية مستدامة بين أوكرانيا ما بعد الحرب والولايات المتحدة، تتجاوز "المساعدات" العسكرية الحالية.
تبدو هذه الخطة وكأنها شراكة تقليدية لإعادة الإعمار والاستثمار، ولكن مع فارق رئيسي حيث ستعتمد على الموارد الروسية في الخارج، رغم عدم تحديد الوثيقة الإطار القانوني الكامل أو شروط مراقبة هذه التدفقات، مما يترك تساؤلات حول جدواها العملية والتحديات الدولية المحتملة مفتوحة، وكان دونالد ترامب قد طَرَحَ في تصريحاته السابقة بشأن الحرب في أوكرانيا، فكرة خطة إعادة إعمار بقيادة أمريكية "كوسيلة لتحقيق الاستقرار في البلاد بعد وقف إطلاق النار وضمان عائد على الاستثمار"، وشكّل هذا المقترح أساس برنامجه لحل سريع يجمع بين وقف الأعمال الحربية والإنتعاش الاقتصادي تحت إشراف أمريكي.
تضمّن الشّق الدّبلوماسي لخطة دونالد ترامب تنازلات من أوكرانيا عن أراضٍ إضافية لروسيا، بما في ذلك مناطق لا تخضع حاليًا للسيطرة الروسية الكاملة، وعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، والتزام الحلف بعدم ضمّها، وهو ما يعني دعم الحياد العسكري الدائم.
تُثير طريقة التفاوض جدلاً أيضا، فقد صاغ القادة الأمريكيون والروس المسودة دون تشاور رسمي مسبق مع الاتحاد الأوروبي أو أوكرانيا، رغم مما أثار توتُّرًا بين الولايات المتحدة وشُركائها الأوروبيين.
يمكن تلخيص الخطة بأنها تجمع في جوهرها بين البُعد الأمني الشّامل والإستراتيجية الإقتصادية الطّموحة، وسواء تم إقرارها كما هي أو تنقيحها أو عدم إقرارها، فإنها تضع إعادة إعمار أوكرانيا في صميم الديناميكية الحالية، ولن يقتصر السؤال في المناقشات المستقبلية، على كيفية وقف الحرب فحسب، بل سيشمل أيضًا مسألة مصادر التّمويل ومصدر القرارات، لكي يتم تحديد المُستفيد من إنهاء الحرب.

الفاشية التكنولوجية (Technofascism )
هي بنية للسلطة، ووسيلة لتداول الأفكار. إنها ليست أيديولوجية موحدة شاملة، بل هي "علامات تجارية" متنوعة تنتشر في بلدان مختلفة، وهي حركة نخبوية وفرع من الاستبداد الاقتصادي، تتحالف مع الأيديولوجيات المحافظة من خلال الدعوة إلى "نظام السوق التلقائي"، الذي يتطلب التخلي عن الحريات الفردية لصالح شكلٍ من الحكم الإستبدادي الذي يمارس المَيْز الاقتصادي والاجتماعي، ويمكن إدراج إيلون ماسك ومارك زوكربيرج وبيتر ثيل كممثلين لهذا التيار "الفاشي التكنولوجي"، فقد تحالفوا مع دونالد ترامب (ممثل تيار المحافظين الجديد) لأسباب اقتصادية، بهدف تراكم رأس المال، وصمد هذا التحالف في وجه التوترات الشديدة بين اليمين الديني والفاشيين التكنولوجيين، لأن هاتين الحركتين تشتركان في نفس الأعداء: الأفكار والحركات البديلة أو المناهضة للرأسمالية، أو تلك التي تدعو إلى "العدالة والمساواة"، وينشر اليمين الدّيني والفاشيين التكنولوجيين، بشكل مباشر أو غير مباشر، نظرياتٍ عنصريةً وفاشيةً، مثل "التسلسل الهرَمِي البيولوجي للأعراق" المزعوم، إلى درجة الدعوة إلى تعقيم السود أو تعويضهم عن الحرمان من الإنجاب، وما هذه سوى نسخةٌ من نظرية مؤامرة "الاستبدال العظيم" التي يروجها اليمين المتطرف الأمريكي والأوروبي ضد المهاجرين والسود والعرب والمسلمين، فمن جهة، يتم إلغاء الحدود أمام رأس المال والتكنولوجيا والأثرياء، الذين يستطيعون ترسيخ وجودهم أينما شاؤوا في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه، وجب تعزيز السيطرة على دخول الأفارقة والآسيويين ومواطني أمريكا الجنوبية على حدود أوروبا والولايات المتحدة.
يُجرّب مستشارو دونالد ترامب بعض أفكار اليمين المتطرف في غزة، سعيًا لطرد السكان الفلسطينيين كشرط لبناء مشروع "الريفييرا" العقاري والسياحي دون مشاركة فلسطينية، ويحظى هذا المشروع الاستعماري بتأييد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تحت ستار "خطة سلام"، بقيادة "لجنة سلام" تُشرف على تجريب سيادة القطاع الخاص على بقعة أرض تكون بمثابة منطقة تجارة حرة، محولةً غزة إلى ما يشبه مختبرًا يتم فيه تَجاهل حق الشعوب في تقرير مصيرها ويُستبدل بإدارة رأس المال، وتُشكّل "لجنة السلام" التابعة لدونالد ترامب مجلس إدارة يرأسه ترامب بنفسه ويضم ممثلين عن مصالح خاصة، ولذا فهو أسوأ من الانتداب البريطاني.
تتم إدارة "خطة سلام" ترامب بواسطة معهد توني بلير - الذي سُمي على اسم رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي تحول إلى مستشار يمارس الضغط لصالح شركة "أوركل" للمراقبة بواسطة قواعد البيانات الضّخمة، التي يمتلكها لاري إليسون، وتهدف الشركة أن تلعب دورًا رئيسيًا في الحوكمة داخل الدول من خلال قواعد بيانات موحدة ضخمة، فيما يُجسد توني بلير التحالف بين المحافظين الجدد ( الجناح اليميني داخل حزب العُمّال البريطاني) والفاشية التكنولوجية.
على عكس الحركات المحافظة، ترتكب الحركات السياسية التقدمية خطأ إهمال التفكير في التكنولوجيا واستخداماتها المختلفة، فالحركات السياسية اليمينية المتطرفة والمحافظة أكثر براعة في استغلال بعض الأدوات الرقمية واستخدامها لصرف انتباه العمال والفقراء: فبدلاً من التفكير في أفضل السبل لمقاومة المستغلين والظالمين، يروج اليمين المتطرف لإجابة تبسيطية (وخاطئة) على نطاق واسع: السود والمهاجرون والمسلمين (المفترض أنهم مسلمون) مسؤولون عن "تدهور المجتمعات الغربية"، ولا ذنب إذًا لرأس المال والشركات العابرة للقارات في تعميق الفجوة الطّبقية وارتفاع حدّة البطالة والفقر.... كما يجب ألا ننسى أنه إلى جانب الذكاء الاصطناعي، هناك عمال مُستغلون وموارد مُستَخرَجة ونهب إقليمي. هذه هي نفس ثوابت الاستعمار الذي ينهب ويستغل ويضطهد الشعوب والطبقة العاملة والفُقراء...

#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل