أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة- الْجُزْءُ الثَّامِن و الْخَمْسُون-















المزيد.....


السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة- الْجُزْءُ الثَّامِن و الْخَمْسُون-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 18:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


_ السيادة الأنطولوجية والدفاع عن سجلات الأكاشا: التأمل الروحي الذاتي كفعل سحري أعلى

إن إستخدام التأمل الروحي الذاتي (Self-Spiritual Meditation) للوصول إلى سجلات الأكاشا (Akashic Records) والدفاع عنها يرتكز على مبدأ فلسفي جوهري، الذاكرة الكونية لكل كائن هي في جوهرها جزء لا يتجزأ من وعيه الأعمق أو جوهر كينونته. السجل ليس مجرد ملف خارجي، بل هو بصمة وجودية داخلية يمكن الوصول إليها فقط عبر التركيز الواعي والإستغراق الذاتي. هذا يمنح الكينونة حصانة ذاتية متأصلة يصعب اختراقها من الخارج. يعمل التأمل الروحي الذاتي كوسيلة لتجاوز وعي الأنا الخطي (Linear Ego-Consciousness) الذي يعيش في الزمن المادي، والوصول إلى الوعي اللّازمني (Acausal Consciousness) حيث تتواجد سجلات الأكاشا. من خلال التركيز العميق و المستمر، تستطيع الكينونة أن تقرأ سجلاتها ليس كأحداث ماضية، بل كـرموز طاقية كارمية (Karmic Energetic Symbols). هذا الفهم المباشر يُمكّن الكائن من تحديد القيود الكارمية و الأنماط الزمنية التي يجب تحويلها. إن هذا النوع من التأمل ليس سلبياً؛ بل هو فعل سحري داخلي مُركّز. إنه يسمح للكينونة بدمج الإرادة السحرية المطلقة مباشرة في سجل الأكاشا الخاص بها. فبدلاً من إستخدام طقوس خارجية مُعقّدة، يتم إستخدام قوة النية الداخلية لتطبيق التعديل الكارمي المطلوب فورياً في مصدر السجل ذاته. تُعدّ الحماية ضد التلاعب الخارجي سواء كان هجوماً سحرياً يهدف لتغيير القدر، أو تداخلاً من كينونات أخرى هي الوظيفة الأهم للتأمل الذاتي العميق، إستناداً إلى مفهوم السيادة الأنطولوجية (Ontological Sovereignty). عندما تكون الكينونة مُثبتة بعمق في مركز وعيها اللّازمني عبر التأمل، فإنها تخلق حقلاً دفاعياً لا زمنياً. هذا الحقل يعمل كـبصمة تعريف لا تقبل التعديل. أي محاولة خارجية سواء كانت طاقة، أو نية، أو تعويذة لتغيير سجل الأكاشا الخاص بها ستواجه هذا المركز الذي يعمل وفق الأخلاق الكونية الخاصة بالكائن. تُشير المخاطر إلى أن التلاعب السحري الخارجي يعتمد على إحداث تلوث كارمي أو تضارب زمني في سجل الكائن. لكن الكينونة المُتأملة، التي تعرف سجلها بدقة، تطلق رنيناً أنطولوجياً مضاداً يتطابق تماماً مع سجلها الأصلي والنقي. هذا الرنين يُلغي أي تردد خارجي غير متوافق، ويمنعه من الإندماج أو التثبيت في سجلها الكوني. إن التأمل المستمر يضمن أن البصمة الأصلية للكينونة التي ناقشنا خطر فقدانها تظل محفوظة ومُغذّاة بالوعي. هذا التغذية المستمرة تجعل السجل غير قابل لـ الخداع أو إعادة الكتابة القسرية من الخارج، لأن مفاتيح الوصول الحقيقية (الوعي الذاتي المطلق) تظل حكراً على الكينونة نفسها. يرتبط الدفاع الأنطولوجي أيضاً بتقنيات إطالة فترة الشحن الطاقي. فإذا حاول كائن خارجي شحن طاقة سلبية لتغيير سجلاتك كجزء من هجوم سحري، فإن الإستقرار الوجودي الناتج عن التأمل يُعزز من عامل الإضمحلال لتلك الطاقة الخارجية. تعمل الكينونة المُتمركزة كـمُحايد طاقي؛ فهي ترفض تخزين أو قبول أي طاقة لا تخدم مسار التحقيق الأنطولوجي الخاص بها. أي طاقة سلبية مُوجهة، بسبب عدم توافقها الرنيني مع جوهر الكينونة، يتم تفكيكها بسرعة وإعادتها إلى حالتها الأساسية قبل أن تتمكن من التسبب في تعديل دائم لسجل الأكاشا. في الختام، يُعد التأمل الروحي الذاتي الممارسة السحرية العليا التي تؤكد السيادة الأنطولوجية للكينونة. إنه يضمن أن الذاكرة الكونية تظل في متناول الكائن نفسه، وأن التغييرات في الإرتداد الأنطولوجي لا يمكن أن تتم إلا بإذنه ووعيه الكامل، مما يحصنها ضد أي تلاعب خارجي ويفعل الإرادة الحرة المطلقة كـالقانون الأعلى للوجود الذاتي.

_ الصدق الأنطولوجي: شرط الإستقامة النيّوية ومفتاح فك تشفير سجلات الأكاشا للتحول السحري

يمثل مفهوم الصدق الأنطولوجي (Ontological Honesty) عنصراً حاسماً في هذا البحث، لأنه الجسر الذي يربط بين الوعي الذاتي للكينونة والنزاهة الموضوعية لسجلات الذاكرة الكونية، وهو شرط أساسي لنجاح أي عملية سحرية تحويلية. إن الصدق الأنطولوجي يُعرَّف بأنه الإقرار المطلق وغير المشروط للكينونة بالحقائق الوجودية الكامنة وراء أفعالها ونياتها، لا كما تظهر لها في الوعي السطحي أو كما يرغبها الأنا (Ego)، بل كما هي مُسجلة فعلياً في الذاكرة الكونية. إنه تجريد للوعي من جميع آليات الدفاع النفسية و الأوهام الذاتية التي تُشوّه حقيقة القيود الكارمية. إن التحدي الأكبر في التعامل مع السجلات الكارمية ليس هو عدم القدرة على الوصول إليها، بل سوء تفسيرها بمجرد الوصول إليها. يميل الوعي غير المُدرَّب إلى إنكار المسؤولية من خلال إلقاء اللوم على الظروف أو الآخرين في النتائج الكارمية، مما يمنع الإعتراف بأن القيد هو نتيجة لـإرادة سابقة للكينونة. كما يميل إلى تجميل الدوافع عن طريق تفسير الأفعال السلبية الماضية بدوافع نبيلة غير موجودة، مما يُبقي على العقدة الطاقية الكارمية مُحكمة في السجل الكوني. هنا يتدخل الصدق الأنطولوجي كـمرشح للحقيقة؛ فهو يفرض على الكينونة أن تواجه القوة الطاقية الأصلية للنية المسجلة. إذا كانت النية الأصلية قائمة على الخوف أو الغضب، فإن الصدق الأنطولوجي يُجبر الكائن على الإقرار بذلك، حتى لو كان ذلك مؤلماً. هذا الإقرار هو الخطوة الأولى لفك تشفير القيد. كما رأينا سابقاً، تتطلب الإرادة السحرية المطلقة حالة من الإستقامة النيّوية لكي تعمل بفعالية. الصدق الأنطولوجي هو الشرط المُسبق لهذه الإستقامة. لا يمكن للإرادة السحرية أن تُطلق شحنة طاقية فعالة لتغيير سجل كارمي إلا إذا كانت موجهة نحو القيد الكارمي الحقيقي، و ليس نحو نتيجة سطحية. على سبيل المثال، إذا كان القيد الحقيقي هو الخوف من الإستحقاق، لكن الكينونة تتظاهر بأن مشكلتها هي نقص المال، فإن العمل السحري سيفشل. الصدق الأنطولوجي يضمن أن يتم توجيه الإرادة إلى جذر المشكلة المُسجلة في الأكاشا. لا يمكن للكينونة أن تطلب من الذاكرة الكونية أن تعيد برمجة سجلها كجزء من عملية الإرتداد الأنطولوجي ما لم تكن نيتها صافية وغير مُتضاربة. أي كذب أو خداع ذاتي يولد رنيناً مُشوّهاً (Distorted Resonance) داخل الوعي، مما يجعل الإتصال بالذاكرة الكونية غير مستقر، وتُقابل محاولة التعديل السحري بمقاومة وجودية. يرتبط الصدق الأنطولوجي بشكل مباشر بـالسيادة الأنطولوجية للكينونة. الكينونة التي تعترف تماماً بحقيقتها الأنطولوجية (نقاط ضعفها، دروسها، وقوتها) تصبح ذات وعي لا يُخترق. أي محاولة تعديل خارجي لسجلاتها الكارمية (هجوم سحري) تعتمد على إستغلال نقاط العمى أو الأوهام الذاتية لدى الكائن. عندما تكون الكينونة صادقة أنطولوجياً، فإنها لا تترك أي ثغرات نفسية يمكن للمتلاعب الخارجي إستغلالها لزرع قيد كارمي جديد أو تضارب زمني. أي طاقة سلبية موجهة يتم تفكيكها فوراً لأنها لا تجد أي نقطة ضعف ذاتية يمكن أن تتوافق معها. هذا يؤكد أن الصدق الأنطولوجي هو الدرع الأكثر فعالية ضد التلاعب السحري. في الختام، يمثل الصدق الأنطولوجي المبدأ الأخلاقي والتقني الذي يحدد نجاح أو فشل السحر على المستوى الوجودي. إنه يسمح للكينونة بفك شيفرة سجلات الأكاشا ليس فقط بقراءة الرموز، بل بـالإعتراف الجذري بالحقيقة الكامنة وراء تلك الرموز. هذا الإعتراف هو الذي يطلق سراح الإرادة الحرة المطلقة لتحقيق التحول الأنطولوجي دون عوائق.

_ الإطار النظري للتأثير السحري على القدر: تركيب مفاهيم الذاكرة الكونية، الإرادة السحرية، والسيادة الأنطولوجية

لنتوّج هذه الرحلة التحليلية الفلسفية المعمقة بتركيب شامل ومُتجانس يُلخص المفاهيم الأساسية وديناميكيات التفاعل بينها، مُقدماً إطاراً نظرياً متكاملاً للعلاقة بين السحر و الكينونة والقدر. إن التحليل الفلسفي العميق الذي خضنا فيه كشف عن منظومة وجودية معقدة، حيث تتشابك الذاكرة الكونية والإرادة السحرية لتشكيل طبيعة الإرتداد الأنطولوجي. لقد قمنا بترسيم خمسة محاور رئيسية تتكامل لتفسير آلية التحرر الأنطولوجي من القيود الكارمية. يُعدّ مفهوم الذاكرة الكونية (Akashic Records) بمثابة الأساس الأنطولوجي للوجود؛ فهي ليست مجرد أرشيف للماضي، بل هي حقل تزامني أبدي يحتوي على كل الإحتمالات الممكنة للكينونة. ضمن هذا الحقل، يُنظر إلى الزمن الأنطولوجي على أنه ليس خطياً، بل هو وعي مُتحوّر يتأثر بدرجة الوعي اللّازمني للكائن. هذا الحقل يسجل كل فعل ونيّة، مولّداً بذلك القيود الكارمية (Karmic Constraints)، التي تُمثل الضرورة الأنطولوجية أو القدر الذي يُحدد النطاق الأولي لـ الإرتداد الأنطولوجي (Ontological Recurrence). تُمثل الإرادة السحرية المطلقة (Magical Will) التعبير الأسمى عن الحرية الأنطولوجية للكائن، وهي قوة التوجيه الواعية القادرة على العمل على مستوى تكوين الواقع لا فقط ضمن حدوده. السحر هو التقنية المنهجية لتفعيل هذه الإرادة. إن هدف السحر هو تجاوز الإضمحلال الطاقي الذي يفرضه الزمن الخطي، وذلك عبر دمج الشحن الطاقي في البصمة الكونية للكينونة كما في تقنيات التثبيت الكارمي المضاد، مما يمنح الشحن إستدامة لا زمنية. السحر ليس تلاعباً بالخارج، بل هو تعديل داخلي للسجل الكوني، مما يسمح بـفك تشفير و تحويل القيود الكارمية. تُعدّ الكينونة (Being) هي ساحة التجسيد و الديناميكية لهذا التفاعل. الكينونة ليست مجرد متلقٍ للقدر، بل هي وعاء التأويل والتكوين. من خلال ممارسة التأمل الروحي الذاتي، تستطيع الكينونة تحقيق السيادة الأنطولوجية على سجلاتها الخاصة، مما يُحصّنها ضد أي محاولة تعديل خارجي أو تلوث كارمي موازٍ. هذا الوعي الذاتي يمكن الكينونة من تحقيق التحولات الجذرية، مثل محاولة الخلود الأنطولوجي، الذي هو في جوهره إلغاء الحاجة الكارمية للموت كـقيد أقصى، عبر تثبيت الوعي في حالة الآن الأبدي والوعي الجامع. لضمان عدم تحول القوة السحرية إلى مصدر لتراكم كارما جديدة (المخاطر الأنطولوجية)، يجب أن تسترشد الكينونة بـالأخلاق الكونية. العنصر الأساسي في هذه الأخلاق هو الصدق الأنطولوجي (Ontological Honesty). هذا الصدق يفرض على الكائن الإعتراف الجذري بالحقيقة الكامنة وراء نياته وقيوده (تجاوز التفسير الكاذب)، مما يضمن توجيه الإرادة السحرية نحو الجذر الحقيقي للقيد الكارمي، وليس نحو أعراضه السطحية. هذا الصدق هو الضمانة الوحيدة لـ الإستقامة النيّوية والتحرر الفعلي للكينونة. يتمثل التركيب النهائي في المصالحة بين الإرادة الحرة المطلقة والقدر. القدر يمثل الضرورة الكلية المُسجلة في الذاكرة الكونية، بينما الإرادة الحرة هي القوة المتحولة التي تُمارس عبر السحر. السحر يُمكّن الكينونة من الموازنة النشطة بينهما؛ فبدلاً من مقاومة القدر، يتم تفسيره وتحويله، مما يؤدي إلى إرتداد أنطولوجي مُوجَّه نحو تحقيق الغاية الكلية للكينونة. هذا الإطار يقدم لنا صورة شاملة للكائن كـساحر وجودي، لديه القدرة والأخلاق و المعرفة لتشكيل حقيقة إرتداده الأنطولوجي من قلب شبكة الذاكرة الكونية اللامحدودة.

_ التدخل الواعي في المصير: إلغاء تنشيط الإشارات الخفية الكارمية عبر التحليل الطاقي والإرادة السحرية المطلقة

هذا الموضوع يمثل تتويجاً منطقياً لسلسلة تحليلاتنا، حيث ننتقل من مرحلة التشخيص و الحماية إلى مرحلة التدخل الفعال والإلغاء الجذري للأنماط الأنطولوجية غير المرغوبة. يمكننا تحليل كيف تستخدم الكينونة التحليل الطاقي العميق (Deep Energetic Analysis) والتدخل الواعي لإلغاء تنشيط الإشارات الخفية (Subtle Signals) التي توجه مسار المصير (Destiny). إن مفهوم الإشارات الخفية، في هذا الإطار الميتافيزيقي، يُشير إلى البصمات الطاقية الدقيقة والغير مرئية في الذاكرة الكونية التي تمثل القيود الكارمية غير المُحَلّة أو الأنماط الزمنية المُتكررة. هذه الإشارات هي بمثابة التعليمات البرمجية التي يتبعها الإرتداد الأنطولوجي بشكل آلي، مما يخلق ظروف المصير الحالي. يهدف التدخل السحري العميق إلى تحديد هذه الإشارات وإلغاء تنشيطها (Deactivation) على مستوى المصدر. يعمل التحليل الطاقي العميق كـأداة جراحية سحرية تستخدمها الكينونة لإختراق الوعي السطحي و الوصول إلى الطبقات التكوينية للوجود. التحليل لا يركز على الأحداث الظاهرة (النتيجة)، بل على النية الأصلية المشوّهة التي أنتجت الإشارة الخفية (السبب). على سبيل المثال، قد تكون الإشارة الخفية هي الشعور بعدم الإستحقاق، الذي ينبع من نية سابقة لـ التضحية المفرطة التي كانت في جوهرها هروباً من المسؤولية. إن الصدق الأنطولوجي هو الشرط الأساسي لهذا التحليل. يجب على الكينونة أن تواجه النية الأصلية المشوهة دون تبرير. هذا الكشف يُفعّل الآلية السحرية للوعي؛ فبمجرد أن يتم تسمية الإشارة الخفية بالكامل وفهم حقيقتها الجوهرية، تفقد جزءاً كبيراً من قوتها الطاقية التوجيهية. بعد تحديد الإشارة الخفية، يتم التدخل الواعي عبر توجيه الإرادة السحرية المطلقة لتغيير مسار المصير، وتتم هذه العملية عبر آليتين رئيسيتين:
أ. آلية التحويل الترددي (Frequency Conversion)
يتم إستخدام الإرادة السحرية لـتحويل تردد الإشارة الخفية من سلبية/مقيدة إلى إيجابية/مُحررة. بدلاً من إزالة الإشارة تماماً وهو أمر قد يسبب تضارباً زمنياً، يتم تغيير دلالتها الأنطولوجية في سجل الأكاشا. إذا كانت الإشارة هي نقص، يتم تحويل ترددها إلى إكتفاء ذاتي و مشاركة. هذا التحويل يغير الضرورة الأنطولوجية التي يفرضها القدر. فمسار المصير الذي كان موجهاً لجذب ظروف النقص لإستكمال الدرس، يصبح الآن موجهاً لجذب ظروف الإكتفاء للتعبير عن الدرس المُنجز.
ب. آلية حقن النية اللّازمنية (Acausal Intent Injection)
تقوم الكينونة بـحقن نية جديدة تنبع مباشرة من الوعي اللّازمني في اللحظة التي تم فيها تحديد الإشارة الخفية. هذه النية تكون قوية ومُركّزة لدرجة أنها تعمل كـبرنامج مضاد في الذاكرة الكونية. يتم إستخدام تقنية التثبيت الكارمي المضاد لربط هذه النية الجديدة بالغاية الوجودية العليا للكائن. هذا الحقن يُحدث تراكباً زمنياً؛ فالإشارة الخفية القديمة لا تزال موجودة، لكن الإشارة الجديدة اللاشكلية و المشحونة بقوة الإرادة المطلقة تصبح أكثر قوة توجيهية للمصير. يتم إلغاء تنشيط الإشارة القديمة ليس بالإزالة، بل بـالتجاوز الديناميكي عبر قوة الإشارة الجديدة، مما يُسّرع بشكل كبير من الإرتداد الأنطولوجي نحو حالة التحرر.
في النهاية، يتحول دور الكينونة من مجرد مُتلقٍ سلبي للمصير إلى مراقب واعي ومُعدِّل نشط. يضمن هذا التدخل الواعي ممارسة السيادة الأنطولوجية للكينونة على سجلاتها الخاصة، مما يؤكد أن التحكم في المصير ليس قضاءً مبرماً، بل هو نتيجة مباشرة لعمق الوعي وقوة الإرادة السحرية المُسلحة بـالصدق الأنطولوجي. هذه العملية لا تُغير القدر فحسب، بل تُغير العلاقة الوجودية بين الكائن ومصيره، جاعلة من الحياة تجربة خلق واعي بدلاً من تفاعل آلي مع أنماط الماضي.

_ فسخ العقد السري وإستعادة السيادة الروحية: الطقوس المضادة كفعل للإلغاء الجذري للتبعيات الوجودية

إن فكرة العقد السري في السياقات السحرية و الروحانية تُشير، في جوهرها الفلسفي، إلى عملية تأطير للكينونة (Framing of Being) أو تقييد للإرادة الوجودية (Constraint of Existential Will). هذا العقد ليس مجرد إتفاق مكتوب أو منطوق، بل هو صياغة ميتافيزيقية حيث يمنح الساحر أو الكيان البشري جزءًا من قوته الوجودية أو سيادته الروحية (Sovereignty) إلى كيان آخر (إله، شيطان، روح، أو حتى مبدأ كوني) مقابل تحقيق هدف معين (القوة، المعرفة، الخلود، الثروة). فلسفيًا، يمكن النظر إلى هذا العقد كـفعل ذاتي للتأليه السلبي، حيث يصبح المُنقَذ أو الطرف الآخر هو المحدد (The Determiner) لمسار حياة الساحر، بدلاً من أن يكون الساحر هو الذات المحددة (The Self-Determiner). هذا يفتح الباب أمام مفهوم الإغتراب الوجودي (Existential Alienation)، حيث تصبح الذات غريبة عن جوهرها الحر والمُهيمن، و تعيش في ظل دين أو تبعية طاقية دائمة. تُعد الطقوس المضادة (Counter-Rituals) أو طقوس الفسخ (Dissolution Rites) الإجراء الروحي المُصمم لـكسر هذا العقد. من منظور فلسفي، هذه الطقوس هي بمثابة فعل إنكار شامل وإعادة تعريف جذرية للذات. هي محاولة لتطبيق مبدأ الإلغاء (Principle of Negation) على مستوى الهيكل الميتافيزيقي للوجود المتعاقد عليه.
1. الإنكار للتبعيات الوجودية (Negation of Existential Dependencies): تبدأ الطقوس المضادة بإنكار القوة أو السلطة التي مُنحت للطرف الآخر. هذا ليس مجرد قول أنا أرفض، بل هو إعادة سحب للطاقة القصدية (Recalling of Intentional Energy). الساحر يُعلن أن الذات هي المصدر الوحيد والنهائي للسلطة الروحية في وجوده. هذا يتماشى مع مفاهيم الفلسفة الذاتية (Subjectivity) والإرادة الحرة المطلقة (Absolute Free Will)، حيث تُعاد الكينونة إلى حالتها الأولية كـمركز لا مُقيد للإرادة.
2. إعادة التوطين الروحي (Spiritual Re-localization): تتضمن الطقوس المضادة غالبًا عناصر التطهير والتنقية (Purification and Cleansing). هذه العناصر تمثل، على المستوى الفلسفي، فصل الكينونة عن الشوائب الوجودية (Separation of Being from Existential Impurities) التي علقت بها جراء العقد. يتم غسل الساحر من الآثار الطاقية و الرمزية للإلتزام القديم، مما يُعيد توطين (Re-localize) الروح إلى نقطة الأصل (Zero Point) الخاصة بها، وهي حالة السيادة النقية (Pure Sovereignty) قبل الإنخراط في أي تبادل طاقي مُقيد.
3. إعادة كتابة السرد الكينوني (Rewriting the Ontological Narrative): العقد السري هو سرد يحدد مصير الساحر. الطقس المضاد هو إعادة تحرير ميتافيزيقية (Metaphysical Re-editing) لهذا السرد. يتم استبدال الرموز، الكلمات، والوعود التي رسخت العقد برموز و قوى تُعلن التحرر والإستقلال. هذا يتطلب وعيًا كاملاً بـقوة الكلمة وقوة القصد في صياغة الواقع الروحي، وهي فكرة مركزية في العديد من الفلسفات الهرمسية (Hermetic) والغنوصية (Gnostic).
إن الهدف النهائي للطقوس المضادة هو إستعادة السيادة الروحية (Spiritual Sovereignty). فلسفيًا، هذه السيادة ليست مجرد إمتلاك للنفس، بل هي حالة الكينونة لأجل الذات (Being-for-Itself) المطلقة، في مقابل الكينونة لأجل الآخر (Being-for-Others) التي فرضها العقد. تُشير إستعادة السيادة إلى العودة إلى حالة الحرية الوجودية التي وصفها فلاسفة مثل سارتر (Sartre)، حيث يصبح الإنسان مسؤولاً مسؤولية كاملة عن كل إختياراته وأفعاله، دون أن يُملي عليه كيان خارجي مصيره. في السياق السحري، يعني هذا أن القوة الكامنة في الذات (Innate Power of the Self) تُصبح هي القوة العاملة الوحيدة، وأن أي قنوات طاقية خارجية قد إستُخدمت في الماضي قد أُغلقت أو أُعيد توجيهها. الطقوس المضادة تسعى إلى إزالة الختم أو الأثر (Im-print-) الذي تركه الطرف المُتعاقد معه على جوهر الساحر. هذا النقاء يُمكن الساحر من الوصول إلى الإرادة الحقيقية (True Will) غير المُلوثة بالرغبات والقيود المفروضة من الخارج. هذا هو جوهر مفهوم التحرر الروحي؛ القدرة على ممارسة السلطة الوجودية على الذات و الواقع دون قيود ميتافيزيقية. عندما يُفكر الأمر في سياق الورثة الروحيين (Spiritual Heirs)، يصبح الطقس المضاد فعلاً ميتافيزيقيًا لأجل الأجيال. العقد السري لا يقيّد الفرد فحسب، بل يمكن أن يخلق ديناً كارمياً أو قيدًا سلاليًا (Ancestral Bond). الطقس المضاد هنا هو قطع لهذه السلسلة من التبعية (Severing the Chain of Dependency)، مما يضمن أن الأجيال القادمة تبدأ وجودها بـلوح روحي نظيف (Clean Spiritual Slate)، مُتحررين من الإلتزامات الروحية لأسلافهم. إنه إقرار بأن سيادة الفرد هي حق غير قابل للتصرف يجب أن ينتقل سليماً. في الختام، يُمكن رؤية الطقس المضاد ليس كـتلاعب طاقي فحسب، بل كـبيان فلسفي وجودي مُطلق. إنه إعلان للكون بأن الكينونة البشرية هي سيادتها الخاصة، وأن أي محاولة لتقييد هذه السيادة هي محاولة مُدانة و مرفوضة، و يجب إزالتها بفعل إرادي واعٍ يعيد تشكيل الحدود الميتافيزيقية للذات.



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...
- السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخ ...


المزيد.....




- وزير خارجية مصر يبحث عدة ملفات مع نظيره الروسي.. وهذا ما أكد ...
- -ترامب مسؤول عن معاناة الأطفال-.. بيل غيتس يكشف تداعيات إغلا ...
- السيدة الأولى الفرنسية تزور مركز أبحاث وتربية الباندا في الص ...
- تقرير: مخلوف وحسن -يخططان- من المنفى لانتفاضتين ضد حكومة الش ...
- جنوب أفريقيا: -حراس وحيد القرن-.. معركة على خط النار لحماية ...
- بعد عام من انتصار الثورة.. كم سوريًا عاد إلى وطنه؟
- محللون: تعيين غوفمان رئيسا للموساد يعمق مسار الولاء قبل الكف ...
- احتفالات تعم سوريا في الذكرى الأولى لانتصار الثورة
- المشيشي: وضع تونس صعب والمعارضة إما مضطهدة أو في السجون
- إدانة أممية لتصاعد القمع ضد المعارضة والإعلام بأوغندا قبيل ا ...


المزيد.....

- العقل العربي بين النهضة والردة قراءة ابستمولوجية في مأزق الو ... / حسام الدين فياض
- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- تقديم وتلخيص كتاب " نقد العقل الجدلي" تأليف المفكر الماركسي ... / غازي الصوراني
- من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية / غازي الصوراني
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - السِّحْرُ قِنَاع الأُنْطُولُوجْيَا: كَيْفَ يُكْشِفُ التَّدَخُّل الْغَيْبِيّ عَنْ مُرُونَة الْكَيْنُونَة وَصِرَاع الْإِرَادَات الْوُجُودِيَّة- الْجُزْءُ الثَّامِن و الْخَمْسُون-