أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كيف سيتجاوز الأردن أزمة التّصنيف الأميركيّ - ازهر عبدالله طوالبه














المزيد.....

ازهر عبدالله طوالبه


كيف سيتجاوز الأردن أزمة التّصنيف الأميركيّ

الحوار المتمدن-العدد: 8543 - 2025 / 12 / 1 - 19:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في لحظة إقليمية مشبعة بالارتباك، يطلّ السؤال الأكثر حساسية على الواقع السياسي الأردني: ماذا لو مضت واشنطن في إدراج "جبهة العمل الإسلامي" ضمن موجة التصنيفات التي تطال جماعات الإخوان في الإقليم؟ هذا السؤال ليس ترفًا سياسيًا، ولا هو مجرد "تخمين بعيد". إنّه سؤالٌ عن عمق النظام السياسي الأردني حين يتعرض أحد مكوّناته -مهما اختلفت المواقف منه- لاهتزاز خارجي من العيار الثقيل.

المفارقة الجوهرية أنّ القرار الأميركي، رغم ثقله الدبلوماسي والمالي، لا يستطيع قانونيًّاا أن يهدم مقعدًا واحدًا في مجلس النواب الأردني. فالنظام الدستوري نصّ على شروط فقدان العضوية بشكل صارم، وأناط حلّ الأحزاب أو فصل الأعضاء بقرارات قضائية وإدارية محلية مكتملة المسار. بمعنى آخر: القانون الأردني لا يعرف "الفتوى الخارجية" ولا يعترف بردّات الفعل السياسية المنفلتة. لكنّه، مع ذلك، لا يمنع ارتدادات سياسية وأمنية واجتماعية عميقة قد تطال المشهد بأكمله.

إذا صُنِّفت الجبهة خارجيًا، فإنَّ الشرخ الأول سيظهر في المشهد الحزبي نفسه: الضغوط المالية، القُيود على النشاطات، والأعباء الأمنية ستتضاعف. بعض النواب في حزبِ جبهة العمَل الإسلامي قد يواجهون مساءلات على أساس الاشتباه أو الانتماء إن توفرت أدلة، لكن، المقعد البرلماني لا يسقط لأن واشنطن قالت ذلك، يسقط فقط عبر حكمٍ قضائي أو قرار حزبي نهائي يُفعّل معه قانون الانتخاب الذي يملأ مقعد القائمة بالمترشح التالي. هنا يكمن الهاجس: الخوف من أن تتحول الإجراءات الحزبية الداخلية أو التحركات الإدارية إلى أداة لخلق "شُغور سياسي" لا تُدرك عواقبه.

أمّا على مستوى الدولة، فالأردن -كما اعتاد- سيحاول الإمساك بالعصا من المنتصف. من جهة، لا يريد الدخول في مواجهةٍ مكلفة مع الولايات المتحدة، الحليف الأعمق أثرًا في الاقتصاد والأمن. ومن جهة أخرى، يعرف تمامًا أنَّ ضرب حزب له امتداد اجتماعي واسع قد يفتح باب احتقان شعبي في لحظة هي أصلاً مُثقلة بالأزمة الاقتصادية، والضيق المعيشي، والاستقطاب الإقليمي الذي يضغط بثقله على الداخل.

في السياق البرلماني، أي اهتزازٍ في الجبهة سينعكس فورًا على خريطة التحالفات داخل المجلس: كتل ستتقلّص، وأخرى ستتمدّد، وبعض النواب سيبحثون عن مظلات جديدة، بينما سيحاول آخرون إعادة تعريف هويتهم السياسية. لكن الحقيقة الأعمق أنّ البرلمان في الأردن ليس مجرد تجمّع مقاعد؛ إنّهُ مؤشر على "درجة حرارة" العلاقة بين الشارع والدولة. وأي فراغ مفاجئ، أو شعور بالإقصاء، أو تحميلٍ جماعي لمسؤولية سياسية، قد يدفع المزاج العام نحو مزيد من التوتر.

لكن، التحدي الحقيقي ليس قانونيًا بقدر ما هو سياسي: كيف تحافظ الدولة على استقرار المؤسسات في وقت تتعرض فيه أحد أكثر القوى السياسية تاريخًا للضغط الخارجي؟ وكيف تضمن أن لا يتحول السجال ضد حزب إلى أزمة ثقة أوسع بين المواطنين والمنظومة؟ وكيف تمنع القوى الإقليمية من الاستثمار في أي شرخ داخلي قد ينشأ؟

إنّ إدراج الجبهة على قوائم الإرهاب-لو حدث باعتِباره ذِراع من أذرُع الإخوان المسلمين-، لن يكون مجرد قرار تقني، بل اختبارٌ لقدرة الأردن على إدارة "الزلازل الصامتة" التي تأتي من الخارج وتترك ارتداداتها في الداخل. والنجاح هنا مشروط بقدرة الدولة على التفريق بين الأمني والسياسي، بين الحكم القضائي والفراغ الشعبي، وبين محاصرة المخاطر وحماية المجال العام من الانغلاق.

في النهاية، دونَ إفراطٍ بالقطعيّة، سيبقى البرلمان قائمًا، وبشكلٍ قطعيّ، سيبقى الدستور هو المرجعيّة، لكن، شكل الحياة السياسية هو الذي سيتغيّر. التغيير لن يكون في المقاعد بقدر ما سيكون في ميزان القوى، وطبيعة الخطاب، وحدود المسموح والممكن. ولذلك، فإنّ السؤال الحقيقي ليس: هل سيُحلّ مجلس النواب؟ بل: كيف سيحافظ الأردن على توازنه حين تهتزّ إحدى ركائز مشهده السياسي بقرارٍ صادرٍ من وراء المحيط؟






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيرباص تكتشف مشكلة جديدة في طائرات الركاب A320 الأكثر مبيعًا ...
- صانعا محتوى مصريان يثيران جدلاً بشأن سلامة بعض المنتجات الغذ ...
- البابا لاون يزور لبنان ويصلي في ضريح مار شربل
- ترامب يوجه إنذاراً نهائياً لمادورو: غادر البلاد الآن واترك ا ...
- الباحثة الإسرائيلية المُفرج عنها في العراق تثير الجدل.. ما ع ...
- -جيش بلا وجوه-.. إسرائيل تكشف كواليس -التحرك الخفي- لقواتها ...
- خلاف على ملكية وحق رعاية كلب تصل إلى القضاء الألماني
- معهد -سيبري-: شركات الأسلحة تجني أرباحًا طائلة من حرب أوكران ...
- الإنكارُ الغربيُّ لوجودِنا كشعوبٍ وأمّةٍ.
- فنزويلا: مكالمة بين ترامب ومادورو وغارات أمريكية مثيرة للجدل ...


المزيد.....

- اليسار الثوري في القرن الواحد والعشرين: الثوابت والمتحركات، ... / رياض الشرايطي
- رواية / رانية مرجية
- ثوبها الأسود ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كيف سيتجاوز الأردن أزمة التّصنيف الأميركيّ - ازهر عبدالله طوالبه