|
العرب امة تستبيح دم ابنائها
فالح الحمراني
الحوار المتمدن-العدد: 1837 - 2007 / 2 / 25 - 12:38
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
"لقي 56 شخصا على الاقل مصرعهم واصيب ما يزيد عن 120 بجراح نتيجة انفجار سيارتين مفخختين قرب سوق في حي بغداد الجديدة شرقي العاصمة العراقية. وقال مراسل للوكالة إن السيارتين انفجرتا عند مرور رتل امريكي بالقرب منهما. ولم يبلغ عن سقوط ضحايا في صفوف القوات الامريكية"( وكالات انباء) مثل هذه الانباء، وللفضاعة، اصبحت بالنسبة للمتلقي العربي خبرا غاية في العادية، كانه يسمع ان شجرة سقطت او نيزك تهاوى دون ان يرف له طرف عين. وابدى العربي الذي يزعم من اعماق لسانه( لاقلبه طبعا) ان العراق العربي عزيز عليه، لامبالاة مروعة حتى حينما يُعلن ان ضحايا الاعمال الارهابية كانوا بالمئات من الابرياء. وقبلها لم يرف له رمش عين ايضا حينما كانت تتوارد الانباء يوميا عن وقوع ضحايا القتل البشع لابناء الجزائر على يد قوى ظلامية ( العربية)كانت تتستر القوى الفاشية والارهابية اليوم في العراق بالدين والامة ومقاومة الاحتلال وكأن ابادة شعب العراق او جزء منه طريقا للتحرر وانتصارا للقومية العربية والدين الحنيف .لم نسمع ان العربي المعاصر اشهر سيفة تضامنا مع اخوته كما تفعل الامم الاخرى في مثل هذه الاحوال. لم نسمع حتى عن مظاهرات احتجاج اوتنديد من قبل نقابات او جمعيات مثقفين، على قتل الانسان العراقي او الجزائري او في لبنان او فلسطين و في غيرها من الدول العربية. دعونا نتساءل من يقتل من؟ العربي يقتل العربي اليس كذلك. ولكن العربي نفسه سيقيم الدنيا ولا يقعدها وسيتوجه للمنظمات الدولية ويلعن النظام الدولي ويدعو مجلس الامن لعقد جلسة طارئة ويشكل لجان تحقيق لو اقترف الاسرائيليون او غيرهم من الاجانب جرائم قتل ممثالة للعرب. العرب اذن تستبيح قتل ابنائها علي يد ابنائها وتحرمها على الاخر؟. ام ان العيون تغمض حينما تكون دوافع القتل طائفية. العرب وقفوا موقف المتفرج حينما اشتعلت الصدامات في اليمن وفي السودان وحينما كانت طاحونة القتل تمارس بعملها في شمال العراق ضد الاكراد الذين يتوجب على العرب حمايتهم لانهم يعيشون بكنفهم في اطار الدولة التي يديرونها اضافة لكونهم من المسلمين. وكم من العرب زعق حينما اعدم اعتى دكتاتور في العالم بعد محاكمة شفافة وعادلة وصمتوا على قتل المئات من الابرياء في عملية انتحارية جرت بسوق الصدرية. هل لان اغلبيته شيعية. ولكنهم من العرب. وحسب معطيات وسائل الاعلام فقد اسفر تقاتل الاخوة الاعداء في غزة عن سقوط مالايقل عن 90 شخصا بينهم ايضا اطفال ونساء ومدنين( تصورا ان اسرائيل قتلت في ايام معدودة 90 فلسطينيا ماذا سيكون الرد). ولم يحتج العرب على القتلة الاخوة. لم يطالبوا حتى بعقد اجتماع ولو على متسوى المندوبين للجامعة العربية لادانة قتل الفلسطيني لاخية الفلسطيني!. لم يعرفوا هويات الضحايا لقد تسامحوا لان القاتل عربي هذه المرة. وفي الذاكرة الكثير من المواجهات العربية ـ العربية التي سجلها التاريخ ولكن القلوب تعاملت ببرودة معها. فهل تتدهور قيمة الدم العربي حينما يقتل على يد اخية؟. لقد تخلت الامم المتحضرة بقوة عن التقاتل واستباحة دم القري وحتى غير القريب، ووضعت "تابو" على استباحة الدم . قتل الانسان.وذهبت دون رجعة خاصة نزعة ممارسة القتل الجماعي ( التي يمارسها العرب ضد اخوتهم العرب في العراق يوميا) ضد ابناء الشعب الواحد، لتحقيق اهداف سياسية او طائفية او منفعة شخصية. ان أي هدف لايسوغ قتل الانسان واقرت بهذا كافة العقائد السامية. ولكن العرب يمارسون القتل يوميا دون تانيب ضمير، وندخل يوميا في سجالات ونسمع ونقرأ يوميا ونتصفح وجوه تبدو انيقة من على الفضائيات العربية التي تبارك استباحة الدم العربي على يد العربي. ويبرر كل هؤلاء القتل الجماعي او يصمتون عليه من منطلقات يعتقدون بها قومية او وطنية او طائفية. وكثير ما يدعموها بمصطلحات غامضة جدا بالدفاع عن الهوية والاصول او تاريخ قائم على الخرافة. او مكافحة المحتل والتصدي للثقافة الوافدة. ويتناسون عن عمد وبقصد ان القتل يطول ابناء جلدتهم الذين لايملكون القرار ولايشاركون في صنعه. وتتوارد للذهن التجربة الروسية. فبعد الحرب الاهلية التي صاحبت ثورة اكتوبر البلشفية، وممارسات القتل الجماعي ضد الابرياء في عصر ستالين ومن ثم الحرب العالمية الثانية والغزو السوفياتي لافغانستان، باتت روسيا تنفر من رائحة الدم البشري المسفوح وهدر دم الاخ لاخيه،وربما هذا هو السبب الرئيسي الذي حال دون وقوع حرب اهلية جديدة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كانت مقدماتها قد نضجت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. لقد تراجع الجميع عن التقدم في معركة في اكتوبر 1993 حينما لاحت في الافق نذر حرب اهلية واراقة دماء ابناء الامة الواحدة، وغمد كل واحد غدراته في حزامه وراح بعيدا عن جبهة الاقتتال لانه ادرك ان ضحيته سيكون من مواطنيه. ولذلك رفض سكان روسيا حرب الشيشان وقبلها افغانستان ولم يتعاطفوا باغلبهم مع المشاركين فيها ولعنوا الساسة الذين اشعلوها وينظرون الان باسى لما يجري في بعض الدول العربية. لقد تنامت في العالم المتحضر النزعة الرافضة لقتل الاخ لاخيــه بالانسانية بالوطن بالدين لابن حارته. ويبدو ان العرب لم يرتقوا بعد لهذا المستوى، رغم الحروب الطاحنة التي عرفها تاريخهم منذ الفتنة الكبرى. او انهم لم يعرفوا تاريخهم ليتجاوزا سلبياته. ان بشرا فاقدون لروح الانتماء وحدهم القادرون على استباحة قتل الاخ. الاخ الذي لم يعرفوه بالوجه ولم يتنازعوا معه على مال او يختلفوا على قضية انه اخ بالانسانية والتطلع والارض والنهر الواحد والسماء، اخ ربما هو بائع في ساحة التحرير او سوق الشورجة ببغداد او خرج للتبضع في شوارع غزة او كان يغط بنوم في قرية نائية من قرى الجزائر. لماذا يبارك او في افضل الحالات يقف العربي صامتا امام اعمال القتل الجماعي حينما تطال ابناء جلدته الذين يشاركونه اللغة والمعتقد الديني والتاريخ والمشاعر والقيم والارض؟.اين اذن القيم والاصول والهوية التي يجري التباكي عليها يوميا؟ام ان الحقد التاريخي الدفين من مخلفات العصور القديمة ينتعش من حين الى اخر. هل انها يد الماضي جاثمة على ذهنية العربي المعاصر لحد انه لم يستوعب قيم العصر؟. ام انها ظاهرة انحراف نفساني نتركه لاطباء النفس وعلماء الاجتماع؟ دعونا نقرر.ان الصمت حيال القتل الجماعي الذي ياخذ ابشع صوره اليوم في العراق وفي فلسطين وفلسطين والاغتيالات السياسية المجرمة بلبنان وربما ينتشر في لقطار اخرى،حالة رديئة للغاية تبرهن على تخلف الذهنية العربية وتشهد على انها لم تتعلم ولم تتعض من دروس وتجارب التاريخ الماضية وتتناسى انها تهدد وجودهم ككيان وكامة ان كنا فعلا بعد امة. تؤكد ان هاجس النفور من رائحة الدم البشري المستباح لم ينضج عند قطاع واسع من العرب. وان حياة الانسان مازالت كما كانت في عصور الظلام التي مروا بها، رخصية جدا. وهذا بحد ذاته خيانة للانسانية، يمارسها الذين يبررون القتل للعربي على يد العربي ويصمتون عليه وتتعالى اصواتهم حينما يسفح هذا الدم على يد الغريب. ان الدم العربي واحد سواء سفح على يد اجنبي ام على يد عربي، فلترفع الاصوات لادانته وادانة القتل بكل اشكاله.
#فالح_الحمراني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بين اعدام صدام واعدام اخر قياصرة روسيا
-
نهاية الطاغية:يوم العراق
-
محاولة تقويم: بوتين رجل عام 2006 لروسيا
-
نيازوف : دكتاتور خارج دائرة النقد
-
بعد 15عاما: الخاسرون والرابحون من انهيار الاتحاد السوفياتي
-
العراق: مسرح العبث
-
نهاية دكتاتور.او العالم سيكون افضل من دون الطغاة
-
روسيا بين الغرب والثلاثي : حماس وايران وكوريا الشمالية
-
وثيقة مكة المكرمة وافق خروج العراق من محنته
-
جورجيا والصراع على القوقاز
-
تفكك العراق حالة موضوعية. ولكن
-
الحادي عشر من سبتمبر وانعكاساته على روسيا الاتحادية
-
الحرب في لبنان وافاق التسوية في المنطقة
-
روسيا من انذار خروشوف الى برغماتية بوتين
-
رغم عدالة قضيته. لماذا أشاح الغرب بوجهه عن لبنان؟
-
هولوكوست صنعتموه بأيديكم
-
الكسندر بلوك وقصيدته -الغريبة
-
لمصلحة من اختطاف الدبلوماسيين الروس ببغداد؟
-
روسيا تقترب من المياه الدافئة
-
على انقاض الوطن العراقي
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|