أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!














المزيد.....

لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!


علا مجد الدين عبد النور
كاتبة

(Ola Magdeldeen)


الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 02:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لا يزال المشهد الثقافي والإعلامي في عالمنا العربي يدور في دائرة الصراع نفسها، صراع بين المبدع الحر، وبين أولئك الذين نصبوا أنفسهم حرّاساً على الدين، يحتكرون تفسيره ويُقصون كل من يخرج عن حدود تأويلهم الضيق. هؤلاء الذين أطلقت عليهم المجتمعات اسم المتأسلمين؛ أي الذين جعلوا من التدين شكلاً بلا روح، ومن الوصاية سُلطة، ومن التكفير سلاحاً جاهزاً لكل مختلف.

وقد تجدد هذا الصراع مؤخراً مع الجدل المثار حول الإعلامية آية عبد الرحمن مقدمة برنامج «دولة التلاوة». فمع عرض الحلقتين الأخيرتين، ارتفعت أصوات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإقصائها واستبدالها بمذيع رجل، بحجة أنها متبرجة!، و أن “طبيعة البرنامج الدينية” تتطلب مقدِّماً ذكراً، وكأنّ صوت المرأة ونقاءها وكفاءتها منقوصة بطبيعتها!

البرنامج وجوهر الأزمة

برنامج «دولة التلاوة» ليس درساً في الفقه ولا منبراً للوعظ التقليدي، بل هو مسابقة فنية وقرآنية تعتمد على تقييم الأداء الصوتي والإبداعي للمشاركين. هذا ما أكده القائمون عليه منذ البداية. ومع ذلك، تجاهل المنتقدون طبيعة البرنامج، وانصرفوا إلى جنس المذيع، وكأنّ المرأة لا تصلح لتقديم محتوى يتعلق بالقرآن، مهما بلغت كفاءتها.

الدولة ترد: الكفاءة لا تُستبدل بالجنس

وزيرة التضامن الاجتماعي، الدكتورة مايا مرسي، دخلت على خط الجدل بقوة، وأكدت أن وجود آية عبد الرحمن هو رسالة بالقوة الناعمة، وأن المرأة شريك أصيل في صناعة الوعي الديني والثقافي. وشددت على أن استبدالها برجل فقط لأنها امرأة “خطوة إلى الوراء”، وشكرت وزير الأوقاف على اختياره المستنير.

هذه الرسالة البسيطة—أن الكفاءة هي المعيار—كانت كافية لإشعال المزيد من الغضب لدى التيارات المتشددة التي ترى أن الدين ملكية خاصة لهم، وأن المرأة تظل “غير لائقة” للمجال الديني مهما قدمت.

منع الفن… قبل مشاهدته!

وما يحدث مع آية عبد الرحمن ليس حادثاً منفصلاً، بل هو جزء من سلسلة طويلة من محاولات خنق الإبداع وقتل الفن قبل أن يُولد.
من ذلك ما حدث عام 2024 مع فيلم «الملحد»، وهو من تأليف الكاتب الكبير إبراهيم عيسى الذي أثير حوله ضجة عارمة ودعوات لوقف عرضه قبل حتى أن يشاهده أحد ، بحجة أنه “يروج للإلحاد”، رغم أنه حصل على موافقات الرقابة، ورغم أن تقرير جهاز الرقابة أكد بوضوح أن الفيلم لا يسيء للدين إطلاقاً، بل يناقش أزمة فكرية يمر بها شباب كثيرون.

لكن المتأسلمين لا ينتظرون مشاهدة العمل… يكفي سماع اسمه ليصدروا الحكم. فالمعركة عندهم ليست مع الإبداع ذاته، بل مع الخيال والأسئلة والحرية.

مشهد قديم يتكرر… القضاء يرفض الوصاية

هذا المشهد ليس جديداً على الإطلاق.
في عهد الإخوان عام 2012، رفعت قضايا ضد الفنان عادل إمام وعدد من كبار المخرجين والكتّاب بتهمة "ازدراء الأديان". ورغم الضجيج، قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، مؤكدة أن انتقاد التيارات الفكرية ليس جريمة، وأن من يرفعون مثل هذه القضايا يريدون اختزال الدين في فهمهم الضيق.

وأوضحت المحكمة أن الدين لدى الشعب المصري أقوى وأعمق من أن تهزه رواية أو فيلم، وإن الخطر الحقيقي يكمن في الجهل والظلام، لا في الفن.

حتى الاختلاط… لم يسلم من الفتاوى

ولم تسلم الحياة اليومية من الوصاية أيضاً؛ فهناك دعوات متكررة من بعض القيادات السلفية لإلغاء التعليم المختلط في المدارس والجامعات. ورغم تجاهل الدولة لهذه الدعوات، فإن مجرد إطلاقها يكشف عقلية تريد فرض رؤية واحدة على المجتمع كله، حتى في أبسط تفاصيل حياته.

حين يتحول التكفير إلى رصاص

أخطر ما في الفكر المتأسلم أنه لا يكتفي بالمنع والوصاية… بل يتحوّل في كثير من الأحيان إلى الإرهاب.

رواية أحلّت دماً..

لم تكن رواية «أولاد حارتنا» سوى عمل أدبي، لكن فتاوى التكفير ضد نجيب محفوظ أدت إلى طعنه ومحاولة اغتياله. المفارقة أن منفذ العملية—مثل كثيرين غيره—اعترف بأنه لم يقرأ الرواية أصلاً، بل اكتفى بالفتوى.


حين يُقتل المفكر لأنه يفكر

وفي 8 يونيو 1992، اغتيل المفكر فرج فودة أمام مكتبه في مصر الجديدة.
قتله شابان من الجماعة الإسلامية، أحدهما أمّي لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك كان مقتنعاً بأنه ينفذ “حكماً شرعياً” صادرًا عن فتوى تكفيرية.

كانت إغتيال فودة مثالاً صارخاً على أن الفكر المتأسلم لا يكتفي بملاحقة الفكرة… بل يلاحق المفكر أيضاً.
إن القاسم المشترك في كل هذه الحوادث واحد، وهو أن هؤلاء لا يدافعون عن الدين، بل عن صورتهم الخاصة للدين.
لا يخافون على العقيدة، بل يخافون من الأسئلة التي تهزّ سلطتهم.
لا يكرهون الفن لأنه يسئ للدين… بل لأنه يحرّر العقل من وصايتهم.

إنهم يريدون مجتمعاً على شكل واحد، وصوت واحد، ولون واحد… وإلا فالسيف جاهز:
مرة باسم “الهيبة الدينية”، مرة باسم “الأمن الأخلاقي”، ومرة باسم “حماية العقيدة”.

لكن الحقيقة التي يهربون منها أن الدين لا يهدده الفن… بل يهدده الجمود.
وأن الجمال لا يقتله إلا الخوف.
وأن الإبداع لا يهزمه إلا الجهل.

الخاتمة

سيظل المتأسلمون يرفضون كل صوت مختلف، وكل امرأة قوية، وكل كتاب يفتح بصيرة، وكل فيلم يطرح سؤالاً، وكل مبدع يضيء عتمة.
وسيبقى شعارهم واحداً:
لن نرضى حتى تتبعوا ملّتنا الصغيرة التي صنعناها، لا دين الله الواسع.

لكن المجتمعات لا تتقدم بالمنع… ولا بالأبواب المغلقة… ولا بالصوت الواحد.
إنما تتقدم بحرية الفكر، وبالإبداع، وبالمساحة التي تتيح للكل أن يشارك دون وصاية، ودون خوف، ودون تكفير.



#علا_مجد_الدين_عبد_النور (هاشتاغ)       Ola_Magdeldeen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجديّة السياسة: لماذا يجب أن نفهم السياسة؟
- بين الجهل و التجهيل ,,متى ننضج ديمقراطياً؟!
- ولنا في الخيال حب ...حين تلمع الاغنية ويبهت الفيلم!!
- الخروج من اللعبة_ الأخيرة
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية_ سيدات السلطة2
- المرأه المصريه و حقوقها السياسيه_ (سيدات السلطة)
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية (2)
- الخروج من اللعبة (5)
- بين استعراض الإيمان واستعراض الجسد… مصر تدفع ثمن التريند
- المرأة المصرية وحقوقها السياسية
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! - الجزء الثالث والاخير
- انتخبوني وستجدون ما يسركم! (الجزء الثاني)
- -انتخبوني وستجدون ما يسركم-
- مدينة بلا آلهه _ الجزء السادس و الأخير
- مدينة بلا آلهه - الفصل الخامس
- مدينة بلا آلهه _ الجزء الرابع
- مدينة بلا آلهه - الجزء الثالث
- مدينة بلا آلهه -الجزء الثاني
- مدينة بلا آلهة
- اول مفاوض في التاريخ


المزيد.....




- الأردن: مقتل شقيقين من -حملة الفكر التكفيري- في -مداهمة- بال ...
- فخري كريم: أزمة الشرعية الطائفية.. مستقبل الإقليم.. و«ما يكس ...
- الداخلية السورية: جريمة زيدل جنائية وفشل محاولات إشعال الفتن ...
- مستشار الرئيس الإماراتي: تحرك ترامب لتصنيف الإخوان كمنظمة إر ...
- رأي.. بشار جرار يكتب عن قرار ترامب بحظر -أفرع- لجماعة -الإخو ...
- قرقاش يعلق لـCNN على قرار ترامب تصنيف جماعة الإخوان كمنظمة إ ...
- ماذا بعد بدء واشنطن خطوات تصنيف الإخوان المسلمين منظمة -إرها ...
- -ضربة مالية-.. كيف يؤثر قرار ترامب على اقتصاد الإخوان؟
- خطة ترامب للسودان.. بولس يرفض “الشروط المسبقة” وقرقاش يهاجم ...
- تحويل سيارة استخدمها بابا الفاتيكان الراحل إلى عيادة متنقلة ...


المزيد.....

- رسالة السلوان لمواطن سعودي مجهول (من وحي رسالة الغفران لأبي ... / سامي الذيب
- الفقه الوعظى : الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- نشوء الظاهرة الإسلاموية / فارس إيغو
- كتاب تقويم نقدي للفكر الجمهوري في السودان / تاج السر عثمان
- القرآن عمل جماعي مِن كلام العرب ... وجذوره في تراث الشرق الق ... / مُؤْمِن عقلاني حر مستقل
- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علا مجد الدين عبد النور - لن يرضى عنك المتأسلمون حتى تتبع ملتهم!!